أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 1007

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي، أحمد أبو الحجاج وعبد المعين فراج.

(213)
الطعن رقم 452 لسنة 54 القضائية

(1) حيازة "دعاوى الحيازة". ملكية "حق الانتفاع: أملاك الدولة الخاصة".
صاحب حق الانتفاع. حقه في حماية حيازته بدعاوى الحيازة. شرطه. إثبات اكتساب حقه استناداً إلى أي من الأسباب المقررة في المادة 985 مدني.
مثال بصدد أراضي الدولة التي تزرع خفية.
(2) حيازة "دعاوى الحيازة: دعوى منع التعرض". إيجار "إيجار الأرض الزراعية".
دعوى منع التعرض. وجوب توافر نية التملك لدى المدعي فيها. لازم ذلك أن يكون العقار محل الحيازة جائزاً تملكه بالتقادم. عدم قبول الدعوى من الحائز للأموال العامة أو الخاصة للدولة. م 970 مدني المعدلة بق 147 لسنة 1957.
(3) حيازة. حجز "الحجز الإداري". إيجار "إيجار الأراضي الزراعية".
استغلال الأراضي الزراعية المملوكة للحكومة بطريق الخفية. ماهيته.
1 - المنتفع وإن جاز له في القانون أن يحمي حيازته لحق الانتفاع بدعاوى الحيازة، إلا أنه يتعين أن يثبت بداءة أن العقار المطلوب دفع العدوان عن حيازته مثقل بحق عيني اكتسبه رافع الدعوى بسبب من الأسباب المقررة بالمادة 985 من القانون المدني لاكتساب حق الانتفاع، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أن الأرض محل التداعي من أملاك الدولة الخاصة التي تزرع خفية وأثبت الخبير في تقريره أن الطاعن ليس إلا مجرد واضع يد عليها وقيد اسمه بسجلات مصلحة أملاك باعتباره مستغلاً للأرض بطريق الخفية، وكان الطاعن لم يقدم إلى محكمة الموضوع ثمة دليل يفيد حصول تصرف من الحكومة في أرضها اكتسب بمقتضاه حقاً عينياً بالانتفاع، فإنه لا يكون صحيحاً ما يثيره في النعي من الادعاء بحيازتها على سند من قيام هذا الحق.
2 - الحيازة التي تبيح رفع دعوى منع التعويض ليست هي مجرد السيطرة المادية على العقار فحسب بل يجب أن يكون ذلك مقترناً بنية التملك، لازم هذا أن يكون العقار من العقارات التي يجوز تمليكا بالتقادم فيخرج منها العقار الذي يعد من الأموال العامة أو الخاصة للدولة إذ هي أموال غير جائز تمليكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم إعمالاً لنص المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقانون رقم 147 لسنة 1975 أما ما أجازه هذا القانون في المادة 575 للمستأجر - وهو حائز عرضي - من رفع دعاوى الحيازة فإنما جاء استثناء من الأصل فلا يجوز التوسع في تفسيره ويلزم قصره على المستأجر الذي يثبت أن حيازته وليدة عقد الإيجار.
3 - المقصود باستغلال الأراضي الزراعية المملوكة للحكومة بطريق الخفية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ما كان بغير عقد إيجار حتى لو كان الحائز يؤدي عنها للحكومة مقابلاً للاستغلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 644 سنة 1980 مدني كلي على المطعون ضده أمام محكمة الإسماعيلية الابتدائية طالباً الحكم بمنع تعرضه له في حيازته للأرض الزراعية المبينة بالصحيفة وقال بياناً لدعواه أنه يضع يده على أرض مساحتها 21 ط 10 ف بضواحي الإسماعيلية وقيد انتفاعه بها في سجلات مصلحة الأملاك الأميرية وقد تعرض له المطعون ضده في حيازته لجزء منها مساحته 18 ط وباشرت الشرطة تحقيقاً عن هذه الواقعة في المحضر رقم 831 سنة 1979 قسم أول الإسماعيلية وإذ كان التعرض لا يزال قائماً فقد أقام الدعوى ليحكم بمطلبه منها. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 30/ 6/ 1982 بالطلبات. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية بالاستئناف رقم 189 س 97 ق طالباً إلغاءه ورفض الدعوى وبتاريخ 15/ 1/ 1974 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن في السببين الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى تأسيساً على انتفاء نية التملك في حيازته للأرض موضوع التداعي باعتبارها من أملاك الدولة الخاصة التي لا يجوز تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم في حين أنه صاحب حق عيني على هذه الأرض هو حق الانتفاع فيكون له على سند من هذا الحق الذي يختلف عن حق الملكية أن يلجأ إلى حمايته بدعاوى الحيازة ومنها دعوى منع التعرض ولا يكون صائباً ما ذهب إليه الحكم من اشتراط توافر نية التملك في هذه الحالة طالما أن التعرض الذي يراد منعه لم يستطل إلى حق الملكية بل اقتصر على حماية حق الانتفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المنتفع وإن جاز له في القانون أن يحمي حيازته لحق الانتفاع بدعاوى الحيازة إلا أنه يتعين أن يثبت بداءة أن العقار المطلوب دفع العدوان عن حيازته مثقل بحق عيني اكتسبه رافع الدعوى بسبب من الأسباب المقررة بالمادة 985 من القانون المدني لاكتساب حق الانتفاع. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أن الأرض محل التداعي من أملاك الدولة الخاصة التي تزرع خفية وأثبت الخبير في تقريره أن الطاعن ليس إلا مجرد واضع يد عليها وقيد اسمه بسجلات مصلحة الأملاك باعتباره مستغلاً للأرض بطريق الخفية وكان الطاعن لم يقدم إلى محكمة الموضوع ثمة دليل يفيد حصول تصرف من الحكومة في أرضها اكتسب بمقتضاه حقاً عينياً بالانتفاع فإنه لا يكون صحيحاً ما يثيره في النعي من الادعاء بحيازتها على سند من قيام هذا الحق.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أنه وإن لم يكن صاحب حق عيني بالانتفاع للأرض محل النزاع فهو يعتبر مستأجراً لها وأن ذلك لا يحول دون قبول دعوى منع التعرض التي أقامها بوصفه مستأجراً يجوز له وفقاً لنص المادة 575 من القانون المدني رفع دعاوى الحيازة جميعها وإذ لم يفطن الحكم إلى هذا النظر فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الحيازة التي تبيح رفع دعوى منع التعرض ليست هي مجرد السيطرة المادية على العقار فحسب بل يجب أن يكون ذلك مقترناً بنية التملك ولازم هذا أن يكون العقار من العقارات التي يجوز تملكها بالتقادم فيخرج منها العقار الذي يعد من الأموال العامة أو الخاصة للدولة إذ هي أموال غير جائز تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم إعمالاً لنص المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقانون رقم 147 سنة 1957 أما ما أباحه هذا القانون في المادة 575 للمستأجر - وهو حائز عرضي - من رفع دعاوى الحيازة فإنما جاء استثناء من الأصل فلا يجوز التوسع في تفسيره ويلزم قصره على المستأجر الذي يثبت أن حيازته وليدة عقد الإيجار، وإذا كان الحكم المطعون فيه ما يورد بمدوناته أن الطاعن مستأجراً لأرض النزاع بل أن البين من هذه المدونات وتقرير الخبير الذي اتخذه الحكم عماداً لقضائه أن الطاعن لم يقدم دليلاً على قيام علاقة إيجاريه انعقدت بينه وبين الحكومة في شأن أرض النزاع والتي ثبت أنها من أملاك الدولة الخاصة وحصرت في سجلات مصلحة الأملاك على أنها من الأراضي التي تزرع خفية لما كان ذلك وكان المقصود باستغلال الأراضي الزراعية المملوكة للحكومة بطريق الخفية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ما كان بغير عقد إيجار حتى لو كان الحائز يؤدي عنها للحكومة مقابلاً للاستغلال ومن ثم لا يكون الطاعن مستأجراً ولا ينطبق على دعواه الاستثناء المقرر بالمادة 575 من القانون المدني ويكون الحكم المطعون فيه قد وافق صحيح القانون إذ حمل قضاءه برفض الدعوى على انتفاء نية التملك في حيازة الطاعن للأرض التي ثبت أنها من أملاك الدولة الخاصة المحظور تملكها بالتقادم ويضحي النعي الذي يثيره الطاعن في هذا الصدد على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.