أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 1025

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ سعيد صقر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الحسيني الكناني، عبد النبي خمخم، محمد عبد البر حسين وكمال مراد.

(217)
الطعن رقم 2351 لسنة 51 القضائية

(1) عقد "عيوب الرضا". بطلان "بطلان التصرفات". محكمة الموضوع.
التدليس الذي يجيز إبطال العقد. استقلال محكمة الموضوع باستخلاص عناصره وتقدير ثبوته.
(2) إثبات "إجراءات الإثبات".
طلب إجراء التحقيق. رخصة لمحكمة الموضوع. لا عليها أن رفضت أجابته.
(3) إثبات "طرق الإثبات: الإقرار". نظام عام. إيجار "إيجار الأماكن".
إقرار المتنازل إليها عن الإيجار بأن التنازل تم على خلاف شروط العقد. لا مخالفة فيه للنظام العام. إعمال الحكم أثره. صحيح.
(4) حكم "تسبيب الحكم الاستئنافي". استئناف "سلطة محكمة الاستئناف".
محكمة الاستئناف. لها أن تقيم قضاءها على أسباب خاصة غير تلك التي اعتمد عليها الحكم المستأنف.
1 - استخلاص عناصر التدليس الذي يجيز إبطال العقد من وقائع الدعوى وتقدير ثبوته أو عدم ثبوته - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ما دام قضاؤها مقاماً على أسباب سائغة.
2 - طلب إجراء التحقيق ليس حقاً للخصوم يعين إجابتهم إليه وإنما هو من الرخص التي يجوز لمحكمة الموضوع عدم الاستجابة إليها متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
3 - إذ كان طلب المطعون ضدها إخلاء شقة النزاع يقوم على تنازل المطعون ضده الثاني عنها إلى الطاعنة بالمخالفة لشروط عقد الإيجار، وكان إقرار الطاعنة بتسليمها بحق المطعون ضدها الذي أخذ به الحكم المطعون فيه هو إقرار منها بأن التنازل الصادر إليها عن شقة النزاع قد تم بالمخالفة لأحكام العقد مما يحق معه للمطعون ضدها الأولى طلب إخلاء الشقة، وكان هذا الإقرار بالحق المدعى به لا مخالفة فيه لقواعد النظام العام الواردة في قوانين الإيجارات، فإن الحكم إذ أعمل أثر هذا الإقرار يكون قد التزم صحيح القانون.
4 - لمحكمة الاستئناف أن تقيم قضاءها على أسباب خاصة غير تلك التي اعتمد عليها الحكم المستأنف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 5017 لسنة 1978 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية على الطاعنة والمطعون ضده الثاني وطلبت الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة، وقالت بياناً لدعواها أن الأخير كان يستأجر شقة النزاع بموجب عقد مؤرخ 16/ 5/ 1975 من المالكة السابقة للعقار الذي آلت إليها ملكيته وحول إليها هذا العقد، وقد علمت بتنازله عن الشقة إلى الطاعنة بالمخالفة لشروط العقد مما يحق لها معه إقامة الدعوى بطلباتها سالفة البيان قضت المحكمة بإخلاء الطاعنة والمطعون ضده الثاني من الشقة محل التداعي وتسليمها للمطعون ضدها الأولى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2895 لسنة 97 قضائية، وتقدمت المطعون ضدها الأولى بإقرار مؤرخ 6/ 6/ 1981 صادر من الطاعنة ومصدق على توقيعها فيه يتضمن تسليمها بحق الأولى في طلباتها وتعهدها بتنفيذ الحكم الابتدائي بوصفه نهائياً واجب النفاذ، وبتاريخ 29/ 11/ 1981 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع ببطلان الاتفاق المؤرخ 6/ 6/ 1981 المتضمن تسليمها بالحق المدعى به واستعدادها لتنفيذ الحكم الصادر من محكمة أول درجة بالإخلاء، وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات التدليس الذي دفعها إلى تحرير هذا الاتفاق المتمثل في استغلال المطعون ضدها الأول لخلافها مع زوجها وإيهامها بتحرير عقد إيجار لها عن الشقة محل التداعي إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع والتفتت عن طلبها إحالة الدعوى إلى التحقيق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كانت المادة 125 من القانون المدني تنص على إنه "يجوز إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل التي لجأ إليها أحد المتعاقدين أو نائب عنه من الجسامة
بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثاني العقد". إلا أن استخلاص عناصر التدليس الذي يجيز إبطال العقد من وقائع الدعوى وتقدير ثبوته أو عدم ثبوته - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المسائل التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ما دام قضاؤها مقاماً على أسباب سائغة وكان طلب إجراء التحقيق ليس حقاً للخصوم يتعين إجابتهم إليه وإنما هو من الرخص التي يجوز لمحكمة الموضوع عدم الاستجابة إليه متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها - لما كان ذلك وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعنة الوارد بوجه النعي مقرراً أن الثابت من الاتفاق المؤرخ 6/ 6/ 1981 والمصدق على توقيع الطاعنة عليه أنها أقرت للمطعون ضدها الأولى بالحق وتعهدت بتسليم الشقة محل النزاع إليها عند تنفيذ الحكم الابتدائي بوصفه نهائياً واجب النفاذ وأنه طبقاً لمبدأ سلطان الإرادة المنصوص عليه في المادة 147 من القانون المدني تلتزم الطاعنة بتنفيذ ما التزمت بإنهاء عقد الإيجار محل النزاع وألا تنازع المطعون ضدها الأولى في ذلك باعتبار ما تقدم حقاً للأخيرة والتزاماً على الأولى يجب عليها تنفيذه ولا يؤثر في ذلك طعن الطاعنة بالتدليس على الاتفاق المذكور إذ أن هذا الطعن على غير أساس سليم من الواقع والقانون لأنه قول مرسل لا دليل عليه وكان يتعين على الطاعنة إن صح قولها وقد حررت هذا الاتفاق. أن تحصل في نفس الوقت على ما يفيد ما زعمته من وعدها بتحرير عقد جديد عن الشقة موضوع النزاع وهي لم تفعل ذلك مما يدل على عدم صحة ادعائها، وكان هذا الذي أورده الحكم سائغاً وكاف لحمل قضائه ومؤدياً إلى النتيجة التي خلص إليها من نفي وقوع تدليس على الطاعنة فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني وبالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وبياناً لذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه على إقرارها بترك الخصومة في الاستئناف مع أن هذا الترك كان معلقاً على شرط هو تحرير عقد إيجار لها وقد عدلت عنه فضلاً عن أن تنازلها عن حقها في الامتداد القانوني لعقد إيجار شقة النزاع لا يصح قانوناً لوروده على حق متعلق بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود بأن الحكم المطعون فيه قد أقام قضائه على ما ورد بإقرار الطاعنة من تسليمها بحق المطعون ضدها الأولى في طلب الإخلاء الشقة محل النزاع وأعمل مقتضى هذا الإقرار بحسبانه دليلاً مطروحاً عليه ومن ثم قضى في موضوع الدعوى دون أن يأخذ بما ينطوي عليه هذا الإقرار من عبارات تحمل عبارات تحمل مدلول ترك الخصومة في الاستئناف مما يكون معه النعي بهذا الشق لا يصادف محلاً في قضاء الحكم. والنعي في شقه الثاني في غير محله ذلك أنه لما كان طلب المطعون ضدها إخلاء شقة النزاع يقوم على تنازل المطعون ضده الثاني عنها إلى الطاعنة بالمخالفة لشروط عقد الإيجار وكان إقرار الطاعنة بتسليمها بحق المطعون ضدها الذي أخذ به الحكم المطعون فيه هو إقرار منها بأن التنازل الصادر إليها عن شقة النزاع قد تم بالمخالفة لأحكام العقد مما يحق معه للمطعون ضدها الأولى طلب إخلاء الشقة وكان هذا الإقرار بالحق المدعى به لا مخالفة فيه لقواعد النظام العام الواردة في قوانين الإيجارات فإن الحكم إذا أعمل أثر هذا الإقرار يكون قد التزام صحيح القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه التناقص والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، دون أن يتعرض في أسبابه لموضوع الدعوى أو يحيل في شأنه إلى أسباب الحكم الابتدائي مما يجعل قضاءه ذاك خلواً من الأسباب المتسقة مع منطوقه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان لمحكمة الاستئناف أن تقيم قضاءها على أسباب خاصة غير تلك التي اعتمد عليها الحكم المستأنف، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أخذ الطاعنة بإقرارها بالحق المدعى به للمطعون ضدها الأولى مما يعد تسليماً منها بطلب الأخيرة إخلاء شقة النزاع لتنازل المطعون ضده الثاني عنها إلى الطاعنة دون إذن كتابي من المؤجر، وكان ذلك من الحكم كافياً لحمل قضائه برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف في نتيجته فإن النعي عليه بهذا سبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.