مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1321

(143)
جلسة 28 من إبريل سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ د. أحمد مدحت حسن علي وعوعبد الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال ود. محمد عبد البديع عسران - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1700 لسنة 34 القضائية

( أ ) دعوى - إجراءاتها - إعلان - ما لا يبطل الإعلان - الخطأ في تاريخ جلسة التحضير - الخطأ في تاريخ الجلسة المعلن إليها أثناء تحضير الدعوى بهيئة مفوضي الدولة لا يبطل الإعلان - أساس ذلك: أنه كان بوسع المدعى عليه التعرف على تاريخ الجلسة من هيئة مفوضي الدولة أو قلم كتاب المحكمة التي نظرت الدعوى بعد ذلك - تطبيق.
(ب) عقد إداري - توريد - التنفيذ على حساب المتعهد المقصر - مصاريف إدارية المادة (105) من لائحة المناقصات والمزايدات الملغاة.
عند شراء الأصناف على حساب المتعهد المقصر فإن لجهة الإدارة أن تخصم من التأمين المودع من المتعهد أو من مستحقاته لدى المصلحة أو أية مصلحة حكومية أخرى قيمة الزيادة في الثمن مضافاً إليها مصروفات إدارية بواقع 5% من قيمة الأصناف المشتراة على حسابه - رفض الحكم بالمصاريف الإدارية مخالف للقانون - ولا وجه للقول بعدم تحقق مناط استحقاق المصروفات الإدارية وهو تحمل الإدارة لتلك المصروفات وهي بسبيل إعادة طرح العملية في مناقصة عامة - أساس ذلك: أن تلك المصروفات مقررة بقوة القانون ولم يربط المشرع بين استحقاقها وتحمل الإدارة نفقات أو تكاليف أخرى عند شراء الأصناف على حساب المتعهد المقصر - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 13/ 4/ 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائباً عن وزير التربية والتعليم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1700 لسنة 34 القضائية ضد...... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 16/ 2/ 1986 في الدعوى رقم 3066 لسنة 37 ق والذي قضى بإلزام المدعى عليه (المطعون ضده) بأن يؤدي للمدعي مبلغ 4382 جنيه وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده بمبلغ 4382 مضافاً إليه قيمة المصاريف الإدارية بواقع 5% من المبلغ المشار إليه والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية والمصاريف وقد أعلن المطعون ضده في محل إقامته بتقرير الطعن بتاريخ 24/ 11/ 1991.
أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى وإلزام الإدارة مصروفات الطعن وإبقاء الفصل في المصروفات وفي الدعوى لمحكمة الموضوع وبجلسة 5/ 12/ 1990 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 8/ 1/ 1989 وتدوول أمامها على النحو الوارد بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 25/ 2/ 1992 حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمستندات وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 16/ 2/ 1986 وأودعت هيئة قضايا الدولة تقرير الطعن الماثل بتاريخ 13/ 4/ 1986 مستوفياً سائر أوضاعه الشكلية ومن ثم يكون الطعن مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه بالنسبة لموضوع النزاع تتحصل واقعاته في أنه بتاريخ 2/ 4/ 1983 أودعت هيئة قضايا الدولة عريضة الدعوى رقم 3066 لسنة 37 ق ضد المطعون ضده أمام محكمة القضاء الإداري طلبت في ختامها الحكم إلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي بصفته مبلغ 4382 جنيهاً والمصاريف الإدارية بواقع 5% والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام سداد المصروفات وذكرت الجهة الإدارية المدعية أن المبلغ المطالب به هو فروق أسعار حيث كان المدعى عليه قد تقدم المناقصة العامة لتوريد أغذية جافة للمدارس الابتدائية بالريف في العام 81/ 1982 وقد رست على المدعى عليه عملية التوريد بسعر الوجبة لكل من المدارس الثلاث التالية على النحو الموضح قرينها من مؤسسة عرب الاطاولة 33 مليماً، مؤسسة الحواويش البحرية 36 مليماً مؤسسة الصوامع شرق بسعر 35 مليماً وصدر للمدعى عليه أمر التوريد رقم 530 المؤرخ 29/ 6/ 1981 وبمطالبته بسداد باقي التأمين النهائي وقدره 2600 جنيه والحضور للتوقيع على العقد على أن يكون التوريد وفقاً للبند 25 من كراسة الشروط امتنع عن استلام الأمر كما امتنع عن سداد التأمين النهائي وإزاء امتناع المدعى عليه عن الاستجابة لطلبات الجهة الإدارية المشار إليها على الرغم من تكرار إنذاره فقد قامت بالتنفيذ على حسابه وذلك من خلال ممارسة الجمعية التعاونية المركزية الاستهلاكية بسوهاج على العملية مما ترتب عليه فروق الأسعار محل المطالبة.
وبتاريخ 16/ 2/ 1986 صدر الحكم المطعون فيه بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي مبلغ 4382 جنيه وفوائده القانونية من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد وألزمته المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها في ضوء ارتأته من أن امتناع المدعي عن سداد باقي قيمة التأمين بعد أن رست عليه عملية التوريد يخول للجهة الإدارية أن تقوم بتنفيذ أعمال التوريد على حسابه.
أما بالنسبة للمصروفات الإدارية فقد رأت المحكمة أن مناط استحقاقها هو أن تكون الجهة الإدارية قد تحملت المصروفات عن طريق طرح العملية في مناقصة عامة وهو ما لم يتوفر في الدعوى من ثم رفضت المحكمة الحكم بالمصاريف الإدارية.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون استناداً إلى أن التوريد لم يسند إلى المتعهد التالي في ترتيب العطاءات المقدمة وإنما طرحت عملية التوريد في مناقصة جديدة تكلفت مصروفات إضافية تحملتها جهة الإدارة ومن ثم يحق لها المطالبة بها. وتعقيباً على ما انتهى إليه تقرير هيئة مفوضي الدولة من بطلان الحكم المطعون فيه وطلب الحكم بإلغائه وإعادة الدعوى مرة أخرى للمحكمة مصدرة الحكم في ضوء ما أشار إليه التقرير من عدم تحقيق دفاع ودفوع المدعى عليه في الدعوى أبدت الجهة الإدارية أنه لا يجوز أن يضار الطاعن بطعنه وأن الطعن مقدم من الجهة الإدارية الصادر لصالحها الحكم المطعون فيه ولا يجوز أن تضار بإلغائه.
ومن حيث إنه عما أثير عن بطلان الحكم المطعون فيه لعدم إخطار المدعى عليه المطعون ضده بمعرفة قلم كتاب المحكمة بالجلسات المحددة لتحضير الدعوى وكذلك جلسات المرافعة أمام محكمة القضاء الإداري فإن هذا الإجراء لا يعتبر إجراءاً جوهرياً يترتب على إغفاله بطلان الحكم الصادر في الدعوى وذلك لأن الثابت أن المدعى عليه قد أعلن بصحيفة الدعوى في 12/ 11/ 1985 إبان نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري أما الخطأ الذي ورد بتاريخ الجلسة المعلن إليها وهي جلسة سابقة على الإعلان فإنه لا يؤدي إلى بطلان الإعلان إذ كان بوسع المدعى عليه أن يتعرف على تاريخ الجلسة من هيئة مفوضي الدولة أو قلم كتاب المحكمة التي نظرت الدعوى بعد هذا التاريخ أمام المحكمة وصدر الحكم المطعون فيه وبجلسة 16/ 2/ 1986 ومن ثم فقد كان بوسع المدعى عليه الحضور أمام المحكمة بجلسة 9/ 2/ 1986 وهي تالية لتاريخ إعلانه بصحيفة الدعوى في 12/ 11/ 1985 وكان بوسعه إبداء ما لديه من دفاع لو أنه تابع نظر الدعوى بعد إعلانه وكانت لديه فسحة كافية من الوقت. ومن حيث إنه فضلاً عن ذلك فإن المدعى عليه لم يطعن على الحكم الصادر ضده وقد أعلن بصحيفة الطعن ولم يحضر أمام المحكمة الإدارية العليا ولما كان الطعن مقاماً من الجهة الإدارية لطلب الحكم لها بالمصاريف الإدارية إلى جانب ما قضى لها به من أصل المبلغ المطالب به وفوائده ولما كانت القاعدة الأصولية أن الطاعن لا يضار بطعنه فإن ما يثار عن بطلان الحكم يكون لا سند له من وقائع الدعوى أو من القانون ويغدو جديراً بالالتفات عنه.
ومن حيث إن أساس مطالبة الطاعن الحكم له بالمصاريف الإدارية بواقع 5% من المبلغ المقضى به لصالحه هو أن المطعون ضده امتنع عن تنفيذ عقد التوريد فقامت الجهة الإدارية بالتنفيذ على حسابه والتزم بفروق الأسعار التي قضت بها في الحكم المطعون فيه وقدرها 4382 جنيهاً.
ومن حيث إن المادة 105 من لائحة المناقصات والمزايدات تنص على أن: (...... للوزارة أو المصلحة أو السلاح في حالة عدم قيام المتعهد بالتوريد في الميعاد المحدد بالعقد أو خلال المهلة الإضافية أن تتخذ أحد الإجراءين التاليين وفقاً لما تقتضيه مصلحة العمل:
(1) شراء الأصناف التي لم يقم المتعهد بتوريدها من غيره على حسابه سواء بالممارسة أو بمناقصات محلية أو عامة بنفس الشروط والمواصفات المعلن عنها والمتعاقد عليها.
ويخصم من التأمين المودع من المتعهد أو من مستحقاته لدى المصلحة أو أية مصلحة حكومية أخرى قيمة الزيادة في الثمن مضافاً إليها مصروفات إدارية بواقع 5% من قيمة الأصناف المشتراة على حسابه وما يستحق من غرامة عن مدة التأخير في التوريد....).
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وكان أساس الحكم للطاعن بصفته بالمبلغ المقضى به في الحكم المطعون فيه وقدره 4382 جنيهاً هو امتناع المطعون ضده عن تنفيذ عقد التوريد واضطرار الجهة الإدارية لتنفيذ عقد التوريد على حسابه مما كبدها فروق أسعار بمقدار المبلغ المحكوم به الأمر الذي يتعين معه - تطبيقاً لنص لائحة المناقصات والمزايدات المشار إليها القضاء للطاعن بصفته بالمصاريف الإدارية بواقع 5% من قيمة الأصناف المشتراة على حسابه وإذ رفضت محكمة القضاء الإداري الحكم بهذه المصاريف الإدارية فإن حكمها في هذه الخصوصية يكون مخالفاً لهذا النص ولا وجه لما ذهب إليه من أن مناط استحقاق الجهة الإدارية لتلك المصاريف الإدارية هو أن تتحمل عن طريق طرح العملية في مناقصة عامة مصروفات إدارية تقتضيها الإجراءات التي قامت بها الأمر المتخلف في الدعوى لا وجه لذلك لأن النص المشار إليه وهو واجب التطبيق على وقائع النزاع لم يربط استحقاق تلك المصاريف وبين تحمل نفقات أو تكاليف وإنما قرر استحقاقها عند شراء الأصناف التي لم يتم توريدها على حسابه عن طريق الممارسة أو المناقصة المحلية أو العامة وهو ما تحقق في حالة النزاع الراهن مما لم ينشط المطعون ضده إلى نفيه أو إثبات غيره وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون في هذا الخصوص.
ومن حيث إنه ولئن كان نص اللائحة الآنف بيانه يحمل المتعاقد مع الإدارة بمصاريف إدارية بواقع 5% من قيمة الأصناف المشتراة على حسابه وليس من قيمة فروق الأسعار التي يلتزم بها إلا أنه كانت الجهة الإدارية الطاعنة قد حددت طلباتها في الطعن صراحة بتعديل الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده بمبلغ 4382 جنيهاً الذي يمثل فروق الأسعار مضافاً إليها قيمة المصاريف الإدارية بواقع 5% من المبلغ المشار إليه وليس من قيمة الأصناف المشتراة على حسابه فإن المحكمة تجيب الجهة الإدارية إلى ذلك حيث لا يتأتى القضاء لها بأكثر مما قصرت طلباتها عليه ولا يصح إلزام المطعون ضده بما يجاوز هذا الطلب الأمر الذي يتعين معه القضاء بتعديل الحكم المطعون فيه في حدود ذلك الطلب بإجابته باعتباره مما يستحق للجهة الإدارية قانوناً وفي حدود هذا الاستحقاق.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي إلى الجهة الإدارية الطاعنة مبلغ أربعة آلاف وثلاثمائة واثنين وثمانين جنيهاً ومصاريف إدارية بواقع 5% من هذا المبلغ والفوائد القانونية بنسبة 4% من تاريخ المطالبة القضائية وألزمت المطعون ضده المصروفات.