مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1387

(150)
جلسة 12 من مايو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ مصطفى الفاروق محمد الشامي ود. أحمد مدحت علي وعويس عبد الوهاب عويس وأحمد أمين حسان محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3046 لسنة 32 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - الإشكال في التنفيذ - الاختصاص بنظره.
الإشكال في تنفيذ أحكام مجلس الدولة - تختص بنظر الإشكال المحكمة التي أصدرت الحكم - صدور الحكم المستشكل فيه من محكمة القضاء الإداري يجعلها هي المختصة بنظر الإشكال في هذا الحكم - أثر ذلك: لا اختصاص لجهة القضاء العادي بنظر المنازعة - خروج المنازعة الموضوعية عن ولاية جهة القضاء العادي يترتب عليه أن شقها المستعجل يخرج بالتالي عن اختصاصه بحسبانه فرعاً يتبع الأصل - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 17/ 7/ 1986 أودع الأستاذ/ غبريال إبراهيم غبريال المحامي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل بصفته وكيلاً عن الطاعنين بموجب التوكيلات أرقام 1465، 1608 أ، 1609 أ، 1484 لسنة 1986 مكتب توثيق سمالوط ضد المطعون ضدهم في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 18/ 5/ 1986 في الدعوى رقم 1788 لسنة 39 قضائية المقامة من الطاعنين والذي قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإلزام المدعين المصروفات.
وطلب الطاعنون في ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة به (الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإعادة الدعوى (الإشكال) إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيه مجدداً من دائرة مغايرة مع إلزام المطعون ضدهم (المذكورين تحت بند 1، 2، 3) بمصروفات الطعن.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في موضوعها مع إبقاء الفصل في المصروفات ثم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 16/ 1/ 1991 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 26/ 2/ 1991 وقد تدوول نظر الطعن بعد ذلك أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 8/ 10/ 1991 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 3/ 12/ 1991 حيث أعيد للمرافعة لجلسة 17/ 12/ 1991 إلى أن قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 24/ 3/ 1992 ثم مد أجل النطق به إلى جلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية، فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يستفاد من الأوراق في أنه بتاريخ 16/ 4/ 1983 أقام الطاعنون الدعوى رقم 300 لسنة 1983 مدني جزئي سمالوط وذلك إشكالاً في تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم 1349 لسنة 29 قضائية والمؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 841 لسنة 26 قضائية - وطلب المدعون في ختام دعواهم الحكم بقبولها شكلاً وبإيقاف تنفيذ الحكم المشار إليه.
وبجلسة 28/ 2/ 1984 قضت المحكمة المذكورة بقبول الإشكال شكلاً وفي الموضوع بوقف تنفيذ الحكم المستشكل في تنفيذه - وإذ لم يرتض المدعى عليهم هذا الحكم فقد طعنوا عليه بالاستئناف رقم 58 لسنة 1984 أمام محكمة المنيا الابتدائية طالبين الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه واعتباره كأن لم يكن والقضاء برفض الإشكال والاستمرار في تنفيذ الحكم رقم 1349 لسنة 19 قضائية الصادر من محكمة القضاء الإداري والمؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 841 لسنة 26 قضائية وإلزام المستأنف ضدهم بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
وبجلسة 13/ 5/ 1984 قضت محكمة المنيا الابتدائية بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بأسيوط وأبقت الفصل في المصروفات وذلك تأسيساً على أن الحكم المستشكل في تنفيذه صادر من مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ومن ثم تكون محكمة القضاء الإداري هي المختصة وحدها بالفصل في تلك المنازعة.
وتنفيذاً للحكم المشار إليه أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية بأسيوط وبجلسة 6/ 11/ 1984 قضت بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة حيث قيدت بجدولها برقم 1788 لسنة 29 ق - وتداولت نظرها على النحو المبين بمحاضر جلستها وبجلسة 18/ 5/ 1986 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وألزمت المدعين بالمصروفات وأقامت قضاءها على أنه ولئن كانت الدعوى الماثلة قد أحيلت إليها على أنها إشكال في تنفيذ حكم صادر من محكمة القضاء الإداري بناءً على حكم صادر من محكمة المنيا الابتدائية الدائرة الاستئنافية إلا أن هذه الإحالة لا تخل طبقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا بحق المحكمة في عدم الالتزام بالإحالة للأسباب التي بنيت عليها بحيث إذ رأت أنها على الرغم من الإحالة غير مختصة بنظر الدعوى وجب عليها الحكم بعدم الاختصاص - ولما كان الإشكال الماثل يعتبر في حقيقته إشكالاً في تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 841 لسنة 26 قضائية وليس في حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1394 لسنة 29 قضائية - ذلك لأن حكم المحكمة الإدارية العليا له كيانه المستقل وذاتيته الخاصة وليس مجرد امتداد وتأييد لحكم محكمة القضاء الإداري بالنظر إلى دور المحكمة الإدارية العليا في الطعون المنظورة أمامها ووزنها لها بميزان القانون بما قد يستتبعه ذلك من إعادة النظر في الحكم برمته - لذا فإن الإشكال في حقيقته هو إشكال في تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا وهو ما لا يجوز معه لهذه المحكمة الفصل فيه إذ ينعقد الاختصاص بنظره للمحكمة التي أصدرته، ولما كان المستقر أنه لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تحيل الدعوى إلى محكمة الطعن - فإنه يتعين أن تقصر الحكم على القضاء بعدم الاختصاص فقط.
وإذ لم يرتض الطاعنون ما انتهت إليه المحكمة بقضائها السابق فقد أقاموا الطعن الماثل تأسيساً على مخالفته حكم القانون ذلك لأن ما انتهت إليه المحكمة في قضائها في الطعن من أن الإشكال يعتبر إشكالاً في تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا وليس إشكالاً في تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري ينطوي على تحوير لطلبات المستشكلين فهم يطلبون وقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم 1394 لسنة 29 قضائية ولم يطلبوا وقف تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا المؤيد له وعلى أية حال فإنه لما كانت المحكمة الدارية العليا لم تقض بقضاء مغاير لما قضت به محكمة القضاء الإداري وإنما هو تأييد له - فإن الإشكال الذي يرفع بقصد وقف التنفيذ إنما ينصب على الحكم الأساسي وهو حكم محكمة القضاء الإداري لكونه حكما واجب التنفيذ مشمولاً بالصيغة التنفيذية وطبقاً لما يجرى عليه العمل فإن التنفيذ يتم بناءً على حكم محكمة أول درجة إذا تأيد من المحكمة الأعلى أي أن التنفيذ لا يجرى في هذه الحالة بحكم محكمة الطعن، فضلاً عما تقدم فإنه بالنسبة لأحكام مجلس الدولة فإن التنفيذ يجرى بحكم محكمة القضاء الإداري ولو طعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا فالطعن لا صلة له بقوة الحكم التنفيذية اللهم إلا إذا حكمت دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذه والثابت في الحالة المعروضة أن المحكمة الإدارية العليا أبدت حكم محكمة القضاء الإداري أي أيدت قوته التنفيذية وأبقت عليها - ولذلك انصب إشكال الطاعنين على القوة التنفيذية لحكم محكمة القضاء الإداري - وخلص الطاعنون إلى الطلبات المبينة بصدر هذا التقرير.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 300 لسنة 1982 أمام محكمة سمالوط الجزئية وذلك إشكالاً في تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم 1349 لسنة 29 قضائية والمؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 841 لسنة 26 ق وطلبوا في ختام صحيفة دعواهم قبول الإشكال شكلا وإيقاف تنفيذ الحكم المشار إليه ولقد أحيلت هذه الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري حيث قيدت بسجلاتها برقم 1788 لسنة 39، وبجلسة 18/ 5/ 1986 حكمت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وألزمت المدعين المصروفات وأقامت قضاءها على الأسباب المبينة سلفاً ومن حيث إن الفقه والقضاء مستقران على أن الإشكال في تنفيذ أحكام مجلس الدولة إنما تختص بنظره المحكمة التي أصدرت الحكم - وأنه لا اختصاص لجهة القضاء العادي فإذ خرجت المنازعة الموضوعية عن ولاية جهة القضاء العادي فإن شقها المستعجل يخرج وبالتالي عن اختصاصها بحسبانه فرعاً يتبع الأصل.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن الطاعنين أقاموا الإشكال سالف الإشارة بغية إيقاف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1349 لسنة 29 ق - فمن ثم تكون محكمة القضاء الإداري هي المختصة بنظر هذا الإشكال بحسبانها المحكمة التي أصدرت الحكم المستشكل في تنفيذه ولا يؤثر في ذلك صدور حكم من المحكمة الإدارية العليا بتأييد ذلك الحكم لأن صدور حكم المحكمة الإدارية العليا بتأييد الحكم المستشكل في تنفيذه لا يخل بكون هذا الحكم حائزاً لحجية الأمر المقضي طبقاً لحكم المادة 50 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 - وبالتالي يجوز الاستشكال في تنفيذه - ومتى كانت محكمة القضاء الإداري قد ذهبت في حكمها المطعون فيه غير هذا المذهب وقضت بعدم اختصاصها بنظر الإشكال المقام أمامها واختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظره فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق حكم القانون - مما يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في موضوعها مع إبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في موضوعها بهيئة أخرى مع إبقاء الفصل في المصروفات.