أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 1062

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد لطفي السيد نائب رئيس المحكمة، وأحمد زكي غرابه، طه الشريف وشكري عبد العظيم.

(224)
الطعن رقم 1856 لسنة 52 القضائية

اختصاص "اختصاص ولائي". قضاة "مخاصمة القضاة". دعوى "دعوى المخاصمة".
الأحكام الصادرة من مجلس الدولة في حدود اختصاصه المقرر قانوناً. انعدام ولاية المحاكم العادية في التعقيب عليها أو إبطالها أو التعويض عنها. مؤداه. لا ولاية لها في الفصل في دعاوى المخاصمة التي تقام ضد أعضاء مجلس الدولة. علة ذلك.
من المقرر على ما جاء بنص المادة 172 من الدستور أن "مجلس الدولة هيئة مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى" وهو ما مؤداه ما يصدره من أحكام في حدود اختصاصه المقرر قانوناً يكون بمنأى عن ولاية القضاء العادي وهو ما تنعدم معه ولاية المحاكم العادية في التعقيب على هذه الأحكام أو إبطالها أو التعويض عنها لما كان ذلك وكانت دعوى المخاصمة هي في حقيقتها دعوى مسئولية وجزاؤها التعويض ومن آثارها في القانون بطلان تصرف المخاصم فيها ومن ثم فإن الاختصاص بنظرها لا يكون لجهة القضاء العادي متى كان المخاصم فيها أحد أعضاء مجلس الدولة، ولا يغير من ذلك ما ورد في المادة الثالثة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 من وجوب تطبيق أحكام قانون المرافعات على ما لم يرد به نص في قانون مجلس الدولة لأن ذلك لا يحمل معنى تخويل المحاكم العادية ولاية الفصل في دعاوى المخاصمة التي تقام ضد أعضاء مجلس الدولة باعتبار أن قانون المرافعات قد نظم إجراءات هذه الدعوى وأحكامها بالنسبة لرجال القضاء العادي في الوقت الذي خلا فيه قانون مجلس الدولة من ذلك إذ أن الهدف من تلك المادة هو مجرد تحديد القواعد الإجرائية التي تطبقها محاكم مجلس الدولة وهي بصدد الدعاوى المطروحة عليها فيما لم يرد به نص خاص في قانون مجلس الدولة وفي حدود ما يتسق وأصول القضاء الإداري وطبيعة الدعوى أمامه، وذلك حتى يصدر في هذا الشأن قانون بالإجراءات الخاصة التي تتبع أمام محاكم مجلس الدولة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الاطلاع على سائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي خاصم المدعى عليهم الخمسة الأول (أعضاء الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا) بتقرير أودع قلم كتاب هذه المحكمة في 20/ 6/ 1982 بطلب الحكم - بعد الفصل في جواز قبول المخاصمة وإحالة موضوعها إلى دوائر هذه المحكمة مجتمعة - بإلزامهم متضامنين والمدعى عليهما السادس والسابع (السيد المستشار رئيس مجلس الدولة بصفته والسيد المستشار وزير العدل بصفته) بأن يدفعوا له مبلغ ثلاثين ألف جنيه، وبطلان الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 30/ 6/ 1979 في الطعنين رقمي 688، 716 سنة 20 ق وما يترتب على ذلك من آثار، وقال بياناً لذلك أنه كان قد أقام أمام المحكمة التأديبية المختصة الدعاوى أرقام 237, 276, 296 سنة 7 ق. بطلب الحكم بإلغاء القرارات الصادرة ضده من السيد رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لتجاره الكيماويات والمتضمنة توقيع جزاءات الخصم وتخفيض الوظيفة التي يشغلها إلى الفئة الرابعة وخفض مرتبه إلى أول مربوط المستوى الأول، فضلاً عن ندبه للعمل بالإدارة القانونية بالشركة المصرية للطباعة والنشر، وهي القرارات أرقام 29, 57, 134, 174, 177 سنة 1973 بالاستناد إلى الأسباب التي ساقها في هذا الخصوص في الدعاوى آنفة الذكر. وبعد أن أمرت المحكمة بضم الدعاوى الثلاث آنفة الذكر قضت في 19/ 11/ 1973 بعدم اختصاصها بنظر الطعن في قرار ندب المدعي وبعدم قبول الطعن في القرار رقم 29 سنة 1973 وبإلغاء القرارات أرقام 57, 134, 174 ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، طعن الطاعن في هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 688 سنة 20 ق كما طعنت عليه الشركة المصرية لتجارة الكيماويات بالطعن رقم 617 سنة 20 ق، وعرض الطعنان على الدائرة الرابعة بالمحكمة المشار إليها والتي كانت مشكلة من المدعى عليهم الخمسة الأول وبعد أن أمرت هذه المحكمة بضم الطعنين حكمت بتاريخ 20/ 6/ 1979 بإلغاء القرار 174 سنة 1973 وبرفض دعاوى المدعي المتعلقة بطلب إلغاء القرارات سالفة الذكر. ولما كان المدعى عليهم قد تردوا في أخطاء مهنية جسيمة عند إصدارهم هذا الحكم وخالفوا القانون وأخطأوا في تطبيقه وأخلو بحق الدفاع كما شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وقد تسببوا بخطئهم هذا في إلحاق الضرر به ومن ثم فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان، وإذ نظرت الدعوى في غرفة مشورة دفع المدعى عليهما الأول والخامس بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر دعوى المخاصمة، كما قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بذلك.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم اختصاص هذه المحكمة ولائياً بنظر الدعوى أن مؤدى مبدأ استقلال مجلس الدولة، أن ما يصدره من أحكام في حدود اختصاصه المقرر له قانوناً يتعين أنه يكون بمنأى عن ولاية القضاء العادي، الذي لا يجوز إبطال أحكامه أو التعويض عنها، وأن القضاء بغير ذلك فيه إهدار للمبدأ سالف الذكر بما يخالف القانون والدستور.
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك أن المقرر على ما جاء بنص المادة 172 من الدستور أن "مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى". وهو ما مؤداه أن ما يصدره من أحكام في حدود اختصاصه المقرر قانوناً يكون بمنأى عن ولاية القضاء العادي وهو ما تنعدم معه ولاية المحاكم العادية في التعقيب على هذه الأحكام أو إبطالها أو التعويض عنها لما كان ذلك وكانت دعوى المخاصمة هي في حقيقتها دعوى مسئولية وجزاؤها التعويض ومن أثارها في القانون بطلان تصرف المخاصم فيها ومن ثم فإن الاختصاص بنظرها لا يكون لجهة القضاء العادي متى كان المخاصم فيها أحد أعضاء مجلس الدولة، ولا يغير من ذلك ما ورد في المادة الثالثة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 من وجوب تطبيق أحكام قانون المرافعات على ما لم يرد به نص في قانون مجلس الدولة لأن ذلك لا يحمل معنى تخويل المحاكم العادية ولاية الفصل في دعاوى المخاصمة التي تقام ضد أعضاء مجلس الدولة باعتبار أن قانون المرافعات قد نظم إجراءات هذه الدعوى وأحكامها بالنسبة لرجال القضاء العادي في الوقت الذي خلا فيه قانون مجلس الدولة من ذلك إذ أن الهدف من تلك المادة هو مجرد تحديد القواعد الإجرائية التي تطبقها محاكم مجلس الدولة وهي بصدد الدعاوى المطروحة عليها فيما لم يرد به نص خاص في قانون مجلس الدولة وفي حدود ما يتسق وأصول القضاء الإداري وطبيعة الدعوى أمامه، وذلك حتى يصدر في هذا الشأن قانون بالإجراءات الخاصة التي تتبع أمام محاكم مجلس الدولة.
ولما تقدم يتعين القضاء بعدم اختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى وبإحالتها إلى مجلس الدولة للاختصاص بنظرها. وأبقت الفصل في المصروفات حتى يصدر في الدعوى حكم منه للخصومة.