أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 1074

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ سعيد صقر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الحسيني الكناني، عبد النبي خمخم، محمد عبد البر حسين وكمال مراد.

(227)
الطعن رقم 1201 لسنة 50 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن: المنشآت الآيلة للسقوط". عقد "انفساخ العقد".
خلو قوانين الإيجار من تنظيم حالة معينة. وجوب الرجوع إلى أحكام القانون المدني. الحكم نهائياً بإزالة العين المؤجرة. هلاك قانوني في حكم الهلاك المادي. أثره. انفساخ العقد. م 569 مدني.
(2) محكمة الموضوع "مسائل الواقع" "سلطتها في تقدير الأدلة".
تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها. من سلطة قاضي الموضوع. عدم التزامه بالرد استقلالاً على كل ما يثيره الخصوم.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا خلا قانون إيجار الأماكن من تنظيم حالة معينة، تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون المدني، وكان القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر الذي يحكم واقعة الدعوى قد خلا من تنظيم خاص عن أثر حكم إزالة العين المؤجرة على عقد الإيجار الوارد عليها بما يتعين معه الرجوع في هذا الشأن إلى أحكام القانون المدني، وكانت الفقرة الأولى من المادة 569 من القانون المدني تنص على أن "إذا هلكت العين المؤجرة أثناء الإيجار هلاكاً كلياً انفسخ العقد من تلقاء نفسه" وكان الهلاك القانوني للعين المؤجرة بصدور حكم نهائي بإزالتها بأخذ حكم الهلاك المادي لها، فينفسخ العقد من تلقاء نفسه لاستحالة التنفيذ الذي يرجع إلى انعدام المحل.
2 - لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه، وهو غير ملزم بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولا عليه أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم، ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام أن في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 2316 سنة 1978 أمام محكمة طنطا الابتدائية، بطلب الحكم بتمكينه من الشقة المبينة بالصحيفة واستمرار العلاقة الإيجارية بينهما بالعقد المؤرخ 31/ 5/ 1964 بشأنها. وقال بياناً لها أنه استأجر من المطعون ضده بموجب العقد سالف الذكر، الشقة الشرقية من الطابق الثاني بالعقار المملوك له والذي صدر بشأنه قرار هندسي بترميمه ترميماً شاملاً تعدل بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 2476 سنة 1971 مدني كلي طنطا، والمؤيد بالحكم الاستئنافي رقم 132 سنة 25 ق طنطا، إلى إزالة الدورين الأول والثاني وترميم الدور الأرضي، وقد قام بإخلاء الشقة محل النزاع نفاذاً لهذا الحكم، إلا أن المطعون ضده لم يقم بتنفيذ حكم الإزالة واكتفى بترميم العقار، ومن ثم أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. حكمت المحكمة بإجابة الطاعن إلى طلباته. استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 571 سنة 29 قضائية، وبتاريخ 19/ 3/ 1980 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد المؤدي إلى مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن إخلاءه للشقة محل النزاع كان نفاذاً للحكم النهائي الصادر في الاستئناف رقم 132 سنة 25 قضائية طنطا بإزالة الدورين الأول والثاني من العقار - ومن ثم يكون من حقه طبقاً للمادة 38 من القانون 52 سنة 1969 أن يعود إلى شقته بعد ترميمها بغير حاجة إلى موافقة المالك المطعون ضده - لأن مؤدى الإخلاء المؤقت الذي اقتضته أعمال الصيانة والترميم أن يظل حائزاً للعين المؤجرة. كما تخوله - المادة 39 من ذات القانون في الحالات التي يتم فيها هدم العقار طبقاً لأحكام الباب الثاني منه الحق في شغل وحدة بالعقار بعد إعادة بنائه، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى برفض دعواه على سند من هلاك العين المؤجرة هلاكاً كلياً بصدور الحكم بإزالتها وبانفساخ عقد الإيجار الصادر له طبقاً لنص المادة 569 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا خلا قانون إيجار الأماكن من تنظيم حالة معينة، تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون المدني وكان القانون رقم 49 سنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر الذي يحكم واقعة الدعوى قد خلا من تنظيم خاص عن أثر حكم إزالة العين المؤجرة على عقد الإيجار الوارد عليها بما يتعين معه الرجوع في هذا الشأن إلى أحكام القانون المدني، وكانت الفقرة الأولى من المادة 569 من القانون المدني تنص على أن إذا هلكت العين المؤجرة أثناء الإيجار هلاكاً كلياً انفسخ العقد من تلقاء نفسه "وكان الهلاك القانوني للعين المؤجرة بصدور حكم نهائي بإزالتها بأخذ حكم الهلاك المادي لها، فيفسخ العقد من تلقاء نفسه لاستحالة التنفيذ الذي يرجع إلى انعدام المحل، وإذ كان الثابت في الدعوى الثابت في الدعوى أن العين المؤجرة إلى الطاعن حكم نهائياً بإزالتها بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 132 سنة 25 قضائية طنطا وكان الطاعن يذهب إلى أن المطعون ضده لم ينفذ هذا الحكم وقام بترميم العين، مما يخوله الحق في العودة إلى شغلها وتمكينه منها، واعتبار عقد إيجارها الصادر إليه مستمراً، وكان لا محل في هذه الحالة للاستناد إلى أحكام المادتين 38, 39 من القانون رقم 52 سنة 1959 لاختلاف الحالة التي يحكمها كل منهما عن حالة العين محل النزاع - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من المادة 569 من القانون المدني لانفساخ عقد الإيجار نتيجة لهلاك العين المؤجرة هلاكاً كلياً بموجب الحكم النهائي الصادر بإزالتها، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحي النعي على بسبب الطعن في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول أن الثابت من تقريره الخبير في الدعوى المستعجلة رقم 16 سنة 1979 طنطا أن المطعون ضده يقيم بالشقة محل النزاع بعد ترميمها مما يقطع بعدوله عن تنفيذ حكم الإزالة والاكتفاء بالترميم الذي أجراه وهي وقائع جديدة تخالف تلك التي قام عليها حكم الإزالة النهائي، ومن ثم تزول حجيته بزوال دواعيه، وهو ما يخوله إعادة شغل الشقة المؤجرة بعد ترميمها إذ أصبح حكم الإزالة غير ذي موضوع بعد القيام بالترميمات اللازمة - إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عما جاء بتقرير الخبير وأخذ بحجية الحكم النهائي الصادر بالإزالة، ولم يحقق دفاعه المستمد من هذا التقرير.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه، وهو غير ملزم بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها، وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولا عليه أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم، ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام أن في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات. وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على أن العين المؤجرة له قد هلكت هلاكاً كلياً بإزالتها بمقتضى الحكم النهائي الصادر في الاستئناف رقم 142 سنة 25 ق طنطا، وأن عقد الإيجار الصادر عنها بتاريخ 31/ 5/ 1964 قد انفسخ من تلقاء نفسه بالهلاك الكلي للعين قانوناً، وكان انفساخ العقد يترتب عليه ما يترتب على الفسخ من أثر بالنسبة لعودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، بما مؤداه زوال عقد الإيجار منذ صدور ذلك الحكم النهائي بإزالة العين المؤجرة لأيلولتها إلى السقوط، والذي حاز قوة الأمر المقضي فيه، بما لا تجوز معه إعادة المجادلة بشأنه ولو بأدلة أخرى جديدة، وكان ما قدره الحكم له أصله الثابت في الأوراق ويتفق وصحيح القانون ويكفي لحمل قضائه فإن الطعن عليه بسببي الطعن يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.