أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 652

جلسة 5 من يونيه سنة 1986

برياسة السيد المستشار: الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح ومحمد نبيل رياض وعبد الوهاب الخياط وصلاح عطية.

(124)
الطعن رقم 1796 لسنة 56 القضائية

(1) دعوى مدنية "تحريكها". دعوى جنائية "تحريكها". إعلان. دعوى مباشرة.
رفع الدعوى المدنية بالطريق المباشر. أثره. تحريك الدعوى الجنائية.
تمام الادعاء المباشر. بحصول التكليف بالحضور.
(2) قانون "تفسيره" "تطبيقه". دعوى مدنية.
وجوب التحرز في تفسير القوانين الجنائية. والتزام الدقة في ذلك. وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل.
صياغة النص في عبارات واضحة جلية. اعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع. عدم جواز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل.
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دعوى مدنية "إجراءاتها" "نظرها والحكم فيها".
خضوع الدعوى المدنية للإجراءات المقررة في قانون الإجراءات الجنائية. متى رفعت تبعاً للدعوى الجنائية أمام القاضي الجنائي. المادة 266 إجراءات.
قبول المحكمة الجنائية الادعاء المدني. يجعل المدعي المدني خصماً في الدعوى المدنية. له جميع الحقوق المقررة لباقي الخصوم.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
طلب ضم قضية بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة. عدم التزامها بإجابته.
(5) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعي أمام محكمة النقض. غير جائز.
(6) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. إجراءات "إجراءات المحاكمة".
بدء سقوط الدعوى الجنائية. من يوم وقوع الجريمة.
(7) جريمة "تعيين تاريخ وقوعها". إثبات "بوجه عام".
تعيين تاريخ وقوع الجرائم. موضوعي.
(8) بلاغ كاذب. دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". إثبات "بوجه عام".
متى يبدأ سريان التقادم في جريمة البلاغ الكاذب؟
(9) دعوى مدنية. دعوى جنائية. نيابة عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدعوى المدنية التي ترفع للمحكمة الجنائية هي دعوى تابعة للدعوى الجنائية أمامها.
القضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لواقعة معينة. يستوجب عدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها.
1 - من المقرر أن رفع الدعوى المدنية بطريق الادعاء المباشر أمام المحكمة الجنائية يرتب تحريك الدعوى الجنائية تبعاً لها وأن التكليف بالحضور هو الإجراء الذي يتم به الادعاء المباشر ويرتب كافة الآثار القانونية.
2 - من المقرر أنه يتعين التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث في ذلك ولا الخروج عن النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه.
3 - لما كان الشارع قد نظم الدعوى المدنية وإجراءاتها في المواد 251 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية وكانت المادة 266 منه تنص على أنه يتبع في الفصل فإن الدعوى المدنية التي ترفع بطريق التبعية أمام القاضي الجنائي تخضع للقواعد الواردة في قانون الإجراءات فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها ما دام يوجد في ذلك القانون نصوص خاصة بها فإذا قبلت المحكمة الجنائية الادعاء المدني أصبح المدعي بالحقوق المدنية خصماً في الدعوى المدنية له جميع الحقوق المقررة للخصوم أمام المحكمة من حيث الإعلان وإبداء الطلبات شأنه في ذلك شأن المتهم.
4 - إن طلب ضم قضية بقصد إثارة الشك في أدلة الثبوت وهو طلب لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة لا على المحكمة إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته وما يثيره الطاعن في هذا الشأن إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع.
5 - من المقرر أن ما يثيره الطاعن بشأن إغفال الحكم المطعون فيه لما تضمنته مذكرة وحافظة مستنداته المقدمة للمحكمة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أن القاعدة العامة في سقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية هي أن يكون مبدأ هذا السقوط تاريخ وقوع الجريمة والمقصود بذلك. هو تاريخ تمامها وليس تاريخ ارتكاب السلوك الإجرامي.
7 - إن تعيين تاريخ وقوع الجرائم عموماً مما يستقل به قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض.
8 - من المقرر أن التقادم المسقط في دعوى البلاغ الكاذب يبدأ من اليوم التالي للإبلاغ الكاذب وبوقف سريان هذا التقادم إذا أوقف نظر دعوى البلاغ الكاذب لقيام دعوى بشأن صحة الواقعة موضوع البلاغ ويستمر وقف التقادم خلال مدة الإيقاف.
9 - من المقرر أن الدعوى المدنية التي ترفع للمحاكم الجنائية هي دعوى تابعة للدعوى الجنائية أمامها والقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لواقعة ما يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر ضد المطعون ضده بوصف أنه: أبلغ كذباً إلى السلطات الرسمية الوقائع المذكورة بالمحضر رقم... إداري الظاهر والذي حفظ بمعرفة النيابة ودعوى الجنحة المباشرة رقم... التي حكم بالبراءة. وطلب عقابه بالمادة 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وادعى المتهم قبل المدعي بالحق المدني مدنياً بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام (أولاً) بتغريم المتهم خمسين جنيهاً. (ثانياً) وفي الدعوى المدنية المرفوعة من المدعي بالحق المدني بإلزام المتهم بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. (ثالثاً) وفي الدعوى المدنية المرفوعة من المتهم ضد المدعي بالحق المدني برفضها. استأنف المحكوم عليه ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بشأن الدعوى الجنائية والمدنية المقامة من المدعي بالحق المدني بطريق الادعاء المباشر وبعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن المدعي بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع كما شابه قصور في التسبيب ذلك أنه قد فات الحكم المطعون فيه أن دعوى التعويض المقامة من الطاعن لم ترفع عن دعوى بلاغ المطعون ضده الكاذب إلى شرطة الظاهر يوم... فقط وإنما رفعت عن تهمة البلاغ الكاذب المقدمة إلى السلطات القضائية في صورة جنحة مباشرة أقامها المطعون ضده أمام الظاهر ذلك أن العبرة ليست بالواقعة المبلغ عنها وإنما بواقعة التبليغ ذاتها وكل واقعة مستقلة بذاتها كما أن الحكم المطعون ضده أغفل إيراد دفاع الطاعن والرد عليه من طلب ضم القضية رقم 125 سنة 80 جنح الظاهر والرد على حافظة المستندات المقدمة منه هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه على أن خصومة الادعاء المباشر لا تنعقد إلا بتكليف المتهم بالحضور ولا عبرة بتقديم الصحيفة لقلم الكتاب على خلاف ما تنص به المادة 63 من قانون المرافعات هذا فضلاً عن أن مدة التقادم لا تسري بالنسبة لدعوى البلاغ الكاذب إلا من تاريخ الحكم بالبراءة مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن رفع الدعوى المدنية بطريق الادعاء المباشر أمام المحكمة الجنائية يرتب تحريك الدعوى الجنائية تبعاً لها وأن التكليف بالحضور هو الإجراء الذي يتم به الادعاء المباشر ويرتب كافة الآثار القانونية ولما كان يتعين التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث في ذلك ولا الخروج عن النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه ولما كان المشرع قد نظم الدعوى المدنية وإجراءاتها في المواد 251 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية وكانت المادة 266 منه تنص على أنه يتبع في الفصل فإن الدعوى المدنية التي ترفع بطريق التبعية أمام القاضي الجنائي تخضع للقواعد الواردة في قانون الإجراءات فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها ما دام يوجد في ذلك القانون نصوص خاصة بها فإذا قبلت المحكمة الجنائية الادعاء المدني أصبح المدعي بالحقوق المدنية خصماً في الدعوى المدنية له جميع الحقوق المقررة للخصوم أمام المحكمة من حيث الإعلان وإبداء الطلبات شأنه في ذلك شأن المتهم. لما كان ذلك، فإن منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه لم يعمل المادة 63 مرافعات يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان طلب ضم قضية بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت وهو طلب لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة لا على المحكمة إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته وما يثيره الطاعن في هذا الشأن إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن بشأن إغفال الحكم المطعون فيه لما تضمنته مذكرة وحافظة مستنداته المقدمة للمحكمة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القاعدة العامة في سقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية هي أن يكون مبدأ السقوط تاريخ وقوع الجريمة والمقصود بذلك. هو تاريخ تمامها وليس تاريخ ارتكاب السلوك الإجرامي وكان تعيين تاريخ وقوع الجرائم عموماً مما يستقل به قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التقادم المسقط في دعوى البلاغ الكاذب يبدأ من اليوم التالي للإبلاغ الكاذب وبوقف سريان هذا التقادم إذا أوقف نظر دعوى البلاغ الكاذب لقيام دعوى بشأن صحة الواقعة موضوع البلاغ ويستمر وقف التقادم خلال مدة الإيقاف. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن الدعوى رقم.... لم تكن أساساً لدعوى الطاعن وإنما أساس دعواه البلاغ المقدم من المطعون ضده في... ومن ثم فإن التقادم يسري من اليوم التالي للإبلاغ وهو تاريخ وقوع الجريمة ولا يؤثر في ذلك إقامة المطعون ضده للدعوى رقم... سالفة الذكر لأنها لم تكن إلا ترديداً لذات البلاغ ذلك أن العبرة في بدء التقادم بتاريخ الواقعة لا بما اتخذ فيها من إجراءات. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بانقضاء الدعوى الجنائية لمضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الجريمة ولم يكن ثمة سبب لانقطاع هذا التقادم أو وقفه يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدعوى المدنية التي ترفع للمحاكم الجنائية هي دعوى تابعة للدعوى الجنائية أمامها والقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لواقعة ما يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، يكون الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة.