أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 1135

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ زكي المصري نائب رئيس المحكمة، منير توفيق، عبد المنعم إبراهيم ومحمد السكري.

(238)
الطعن رقم 1605 لسنة 53 القضائية

(1) حكم "الطعن في الحكم". استئناف "الأحكام غير الجائز استئنافها".
قبول الحكم المانع من استئنافه. جواز أن يكون ضمنياً يستفاد من كل فعل أو عمل قانوني ينافي الرغبة في رفع الاستئناف.
(2، 3) الأمر على عريضة.
(2) الأوامر على العرائض. ماهيتها. صدورها بإجراء وقتي أو تحفظي دون مساس بأصل الحق. مؤدى ذلك. عدم حيازتها للحجية وجواز مخالفتها بأمر جديد مسبب.
(3) الأمر الوقتي بتسوية الرسوم الجمركية على أساس السعر الرسمي التشجيعي. ماهيته. قضاء فاصل في أصل الحق يخرج عن ولاية قاضي الأمور الوقتية.
(4) دعوى "المسائل التي تعترض سير الخصومة: وقف الدعوى".
الوقف التعليقي للدعوى. م 129 مرافعات. جوازي للمحكمة حسبما تستبينه من جدية المنازعة في المسألة الأولية الخارجة عن اختصاصهما أو عدم جديتها.
1 - قبول الحكم المانع من استئنافه كما يكون صريحاً يكون ضمنياً يستفاد من كل فعل أو عمل قانوني ينافي الرغبة في رفع الاستئناف ويشعر بالرضا بالحكم والتخلي عن حق الطعن فيه.
2 - الأوامر على العرائض وعلى ما يبين من نصوص الباب العاشر من الكتاب الأول من قانون المرافعات هي الأوامر التي يصدرها قضاة الأمور الوقتية بما لهم من سلطة ولائية وذلك بناء على الطلبات المقدمة إليهم من ذوي الشأن على عرائض وتصدر تلك الأوامر في غيبة الخصوم ودون تسبيب بإجراء وقتي أو تحفظي في الحالات التي تقتضي بطبيعتها السرعة أو المباغتة دون مساس بأصل الحق المتنازع عليه، ولذا لا تحوز تلك الأوامر حجية ولا يستنفد القاضي الآمر سلطته بإصدارها إذ يجوز له مخالفتها بأمر جديد مسبب.
3 - الأمر الوقتي - المتظلم منه - والصادر للطاعن من قاضي الأمور الوقتية بمحكمة عابدين بتسوية الرسوم الجمركية المستحقة على البضاعة الواردة له على أساس السعر الرسمي للعملة الأجنبية وبصرف الفرق المترتب على احتسابها بالسعر التشجيعي لم يكن بإجراء وقتي أو تحفيظي بل كان في حقيقته قضاء فاصلاً في أصل الحق المتنازع عليه وهو ما يخرج عن ولاية قاضي الأمور الوقتية.
4 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الوقف التعليقي للدعوى - طبقاً لنص المادة 129 من قانون المرافعات - هو أمر جوازي متروك لمطلق تقدير المحكمة حسبما تستبينه من جدية المنازعة في المسألة الأولية الخارجة عن اختصاصها أو عدم جديتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن مصلحة الجمارك - المطعون ضدها - أقامت على الطاعن الدعوى رقم 474 لسنة 1978 مدني عابدين بطلب الحكم بإلغاء الأمر الوقتي رقم 103 لسنة 1977 عابدين وبياناً لذلك قالت إنه بتاريخ 20/ 12/ 1977 استصدر الطاعن أمراً على عريضة من قاضي التنفيذ بمحكمة عابدين بتسوية الرسوم الجمركية المستحقة على البضاعة التي استوردها على أساس السعر الرسمي للعملة الأجنبية ويصرف الفرق المترتب على احتسابها بالسعر التشجيعي ولما كان قاضي التنفيذ غير مختص بإصدار مثل هذا الأمر فإنها تتظلم منه بهذه الدعوى وبتاريخ 15/ 3/ 1981 حكمت محكمة عابدين بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية حيث قيدت بجدولها تحت رقم 3314 لسنة 1981 مدني كلي وبتاريخ 14/ 4/ 1981 حكمت تلك المحكمة برفض التظلم وتأييد الأمر المتظلم منه استأنفت مصلحة الجمارك هذا الحكم بالاستئناف رقم 4147 لسنة 98 ق القاهرة - وبتاريخ 18/ 4/ 1983 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف وبجوازه (ثانياً) بقبول الاستئناف شكلاً (ثالثاً) برفض طلب وقف السير في الاستئناف (رابعاً) بإلغاء الحكم المستأنف وبإلغاء الأمر المتظلم منه - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وقد عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أنه دفع بعدم جواز الاستئناف لقبول المطعون ضدها الحكم المستأنف بتنفيذها الأمر المتظلم منه غير أن الحكم انتهى إلى رفض هذا الدفع على سند من القول بأن قيام مصلحة الجمارك بتنفيذ الأمر المتظلم منه لم يكن اختياراً بل كان امتثالاً للنفاذ المعجل المشمول به ذلك الأمر توقياً من ارتكاب الجريمة المعاقب عليها بالمادة 123 من قانون العقوبات وإذ كان الثابت في الدعوى أن تنفيذ مصلحة الجمارك للأمر المذكور قد تم طواعية واختياراً وبدون تحفظ قبل قيامها بالتظلم منه وكانت أركان الجريمة المشار إليها بنص المادة 123 من قانون العقوبات غير متوافرة فإن الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدفع السابق يكون قد شابة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في غير محله - ذلك أن البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف على أن تنفيذ الأمر المتظلم منه والذي قامت مصلحة الجمارك بتنفيذه قد تم امتثالاً لشمول الأمر بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وتقديم صورة تنفيذية للمصلحة ودون مساس بالتظلم المقام من المصلحة على الأمر محل النزاع ومنعاً من الوقوع تحت طائلة المادة 123 من قانون العقوبات ولذلك فلا يعتبر تنفيذ الأمر الحالي قد تم عن قبول له أو للحكم، لما كان ذلك وكانت المادة 211 من قانون المرافعات تقضي بأنه لا يجوز الطعن في الأحكام ممن قبلها - وكان قبول الحكم المانع من استئنافه كما يكون صريحاً يكون ضمنياً يستفاد من كل فعل أو عمل قانوني ينافي الرغبة في رفع الاستئناف ويشعر بالرضا بالحكم والتخلي عن حق الطعن فيه وكانت الأسباب التي أوردها الحكم المطعون فيه على النحو السالف كافية ولها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني - على الحكم المطعون فيه - مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أنه لما كانت المادة 22 من القانون رقم 66 لسنة 1963 لم تحدد سعر الصرف الذي يعتد به عند تقرير القيمة للأغراض الجمركية وكان الأصل في حساب هذه القيمة هو السعر الرسمي للعملة الأجنبية ومن ثم فإن ما ورد بقرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1976 من حساب قيمة البضائع الواردة على أساس السعر التشجيعي للعملة الأجنبية يكون مخالفاً لقانون الجمارك المشار إليه مما كان يقتضي عدم تطبيقه وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك واعتد بالقرار المذكور وطبقه على النزاع المعروض فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك إنه لما كانت الأوامر على العرائض وعلى ما يبين من نصوص الباب العاشر من الكتاب الأول من قانون المرافعات هي الأوامر التي يصدرها قضاة الأمور الوقتية بما لهم من سلطة ولائية وذلك بناء على الطلبات المقدمة إليهم من ذوي الشأن على عرائض، وتصدر تلك الأوامر في غيبة الخصوم ودون تسبيب بإجراء وقتي أو تحفيظي في الحالات التي تقتضي بطبيعتها السرعة أو المباغتة دون مساس بأصل الحق المتنازع عليه - ولذا لا تحوز تلك الأوامر حجية ولا يستنفد القاضي الآمر سلطته بإصدارها إذ يجوز له مخالفتها بأمر جديد مسبب - وكان الأمر الوقتي المتظلم منه - والصادر - للطاعن على قاضي الأمور الوقتية لمحكمة عابدين بتسوية الرسوم الجمركية المستحقة على البضاعة الواردة له على أساس السعر الرسمي للعملة الأجنبية وبصرف الفرق المترتب على احتسابها بالسعر التشجيعي لم يكن بإجراء وقتي أو تحفظي بل كان في حقيقته قضاء فاضلاً في أصل الحق المتنازع عليه - وهو ما يخرج عن ولاية قاضي الأمور الوقتية - وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إلغائه فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون ولا يبطله ما ساقه تبريراً لقضائه من تعرضه للموضوع عند نظر التظلم من الأمر الوقتي وهو غير جائز - إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ دون أن تنقض الحكم - ومن ثم يكون ما ورد بسبب الطعن أياً كان وجه الرأي فيه غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه طلب وقف السير في الاستئناف حتى تفصل المحكمة الدستورية في الطعن بعدم دستورية قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1976 وقد رفض الحكم هذا الطلب على أساس أنه غير جدي لأن القرار المذكور صدر في حدود التفويض المشار إليه بنص المادة 22 من القانون رقم 66 لسنة 1963 - وإذ كان ذلك الأمر - وعلى ما سلف بيانه في السبب الثاني من أسباب الطعن - مجاوزاً حدود التفويض فإن رد الحكم على الدفاع السابق يكون غير سائغ مما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله - ذلك أنه لما كان مؤدى نص المادة 29 فقرة ب من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا أن لمحكمة الموضوع - إذا أثير أمامها دفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة السلطة التقديرية بشأنه فإن هي قدرت جديته وضرورة حسم النزاع على الدستورية قبل الحكم في الدعوى كان عليها أن تؤجل نظر الدعوى وتحدد أجلاً لصاحب الدفع لرفع الدعوى خلاله أمام المحكمة الدستورية العليا أما إذا رأت عدم جدية الدفع أغفلته وحكمت في موضوع الدعوى وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن الوقف التعليقي للدعوى - طبقاً لنص المادة 129 من قانون المرافعات - هو أمر جوازي متروك لمطلق تقدير المحكمة حسبما تستبينه من جدية المنازعة في المسألة الأولية الخارجية عن اختصاصها أو عدم جديتها - لما كان ذلك وكانت المحكمة قد انتهت - وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الثاني من أسباب الطعن إلى أن الأمر الوقتي المتظلم منه قد صدر خارجاً عن اختصاص قاضي الأمور الوقتية لمساسه بأصل الحق المتنازع عليه ومن ثم يكون النزاع حول عدم دستورية قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1976 - غير مؤثر ولازم للفصل في الدعوى - ولا على الحكم المطعون فيه إن هو رفض طلب وقف السير في الاستئناف لحين الفصل في عدم دستورية القرار المذكور - ويكون ما ورد بسبب الطعن على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.