مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1486

(162)
جلسة 23 من مايو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي عبد الله مليحي - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب ود. علي شحاته وحسني سيد محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 283 لسنة 34 القضائية

( أ ) الاتحاد الاشتراكي العربي - الندب لعضوية تنظيماته - صرف الحوافز والمكافآت للعاملين المنتدبين إليه خلال فترة الندب والمقررة من جهاتهم الأصلية. (الهيئة العامة للصرف الصحي).
المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 1968 بشأن تحمل دوائر الحكومة والهيئات العامة والشركات التابعة لها كامل رواتب وتعويضات وأجور ومكافآت وبدلات وكافة المميزات الأخرى للمنتدبين منها لعضوية تنظيمات الاتحاد الاشتراكي أو العمل بها طوال مدة انتدابهم.
العامل الذي يندب للعمل بتنظيمات الاتحاد الاشتراكي العربي السابق من مصالح الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة أو الشركات التابعة لها يستحق من الجهة المنتدب منها كامل ما يصدق عليه وصف رواتب أو تعويضات أو أجور أو مكافآت أو بدلات أو أية ميزة وظيفية أخرى وذلك على وجه العموم دون تخصيص في ذلك فيستحق هذه المميزات أياً كان نوعها - لا ينال من هذا الاستحقاق أن الحوافز والمكافآت التي تقررت بقرار رئيس مجلس إدارة هيئة الصرف الصحي رقم 25 لسنة 1974 للعاملين بها اقتصر منحها على العاملين الفعليين بالهيئة دون المنتدبين منها - أساس ذلك: قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة ليس من شأنه تعديل أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 1968 - تطبيق.
(ب) دعوى - التسليم بطلبات المدعي - مدى الاعتداد به. (مرافعات).
لا يعتد بتسليم الجهة الإدارية بطلبات المدعي بل دفاعها عن وجهة نظره منذ نشوب المنازعة - ما دام لم يتم صرف المبالغ المطالب بها في الدعوى للمدعي فإن المنازعة حولها لم تنته - الحقوق الوظيفية أياً كان نوعها إنما يستمدها العامل من أحكام القوانين واللوائح وليس من مصدر آخر كتسليم الجهة الإدارية بطلباته مثلاً - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 26/ 12/ 1987 أودعت هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الصادر بجلسة 19/ 11/ 1987 في الدعوى رقم 1070 لسنة 36 ق والقاضي برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات، وطلبت في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام الهيئة العامة للصرف الصحي بالإسكندرية بأن تؤدي إلى المدعي قيمة الحوافز والمكافآت المستحقة له عن الفترة من 4/ 2/ 1971 حتى 17/ 1/ 1977 ومقدارها 625.46 جنيهاً وإلزام الإدارة المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه لما أبدته من أسباب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بأحقية المدعي في مبلغ 625.46 جنيهاً قيمة الحوافز والمكافآت التي صرفت لزملائه بالهيئة العامة للصرف الصحي بالإسكندرية خلال فترة انتدابه بالاتحاد الاشتراكي العربي من 4/ 2/ 1971 حتى 17/ 1/ 1977 وإلزام جهة الإدارة المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن قانوناً إلى طرفي الخصومة.
وحدد لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 28/ 10/ 1991 وبجلسة 10/ 2/ 92 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 14/ 3/ 1992 وقد تدوول الطعن أمام المحكمة ابتداء من جلسة 14/ 3/ 1992 والجلسات التالية حيث حضر طرفا الخصومة وقرر الحاضر عن الهيئة المطعون ضدها أنه يسلم بطلبات المدعي بأحقيته في الطلبات الواردة بأصل الطعن ورأي هيئة مفوضي الدولة، وقررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية، ومن ثم فهو مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن السيد/ محمد محمود محمد أقام الدعوى رقم 1070 لسنة 36 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بعريضة أودعها قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 24/ 6/ 1982 طلب في ختامها الحكم بإلزام الهيئة العامة للصرف الصحي بالإسكندرية المدعى عليها بصرف الحوافز والمكافآت التي صرفت لأقرانه العاملين بالهيئة بمقتضى قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 25 لسنة 1974 عن مدة انتدابه للعمل بالاتحاد الاشتراكي العربي تطبيقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 48 لسنة 68 وقال في بيان دعواه إنه يعمل بالهيئة المدعى عليها وقد انتدب للعمل بالاتحاد الاشتراكي العربي في المدة من 4/ 2/ 71 حتى 17/ 1/ 1977 وقد تقدم أكثر من مرة لصرف الحوافز والمكافآت التي صرفت لزملائه العاملين بالهيئة بموجب قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 25 لسنة 74 خلال فترة انتدابه ابتداء من شهر فبراير 1974 وهو تاريخ تطبيق نظام الحوافز الشهرية على العاملين بالهيئة وحتى تاريخ انتهاء ندبه في 17/ 1/ 1977 استناداً إلى أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 1968 ولما رفضت الهيئة إجابته إلى طلبه أقام هذه الدعوى، وفي رد الجهة الإدارية على الدعوى قدم الحاضر عنها كتاب إدارة الشئون المالية بالهيئة إلى إدارة الشئون القانونية بها متضمناً بياناً بالحوافز والمكافآت التي صرفت لأقران المدعي من المدة من سنة 1972 حتى 1976 ومقدارها 625.46 جنيهاً، كما قدم مذكرة طلب فيها الحكم للمدعي بطلباته.
وبجلسة 19/ 11/ 1987 حكمت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات، وأقامت قضاءها على أن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 1968 تنص على أن تتحمل كل من دوائر الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها كل رواتب وتعويضات وأجور وبدلات وكافة المميزات الأخرى للمنتدبين منها لعضوية تنظيمات الاتحاد الاشتراكي العربي أو للعمل بها طوال مدة انتدابهم، وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القرار أنه لا يجوز أن يكون ندب الموظفين لعضوية أو العمل بالاتحاد الاشتراكي العربي سبباً في حرمانهم من أي تعويض أو بدل أو مكافأة أو ميزة كانوا يتقاضونها في جهاتهم الأصلية التي ندبوا منها، وواضح من ذلك أن المقصود من القرار الجمهوري سالف الذكر هو تأكيد حق العامل المنتدب في الحصول على كافة المزايا التي يحصل عليها قبل ندبه للعمل بالاتحاد الاشتراكي العربي حتى لا يضار الموظف من ندبه وإذ كان الثابت في الحالة المعروضة أن الحوافز والمكافآت التي يطالب بها المدعي قررت بعد ندبه للعمل بالاتحاد الاشتراكي العربي وذلك بمقتضى قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 15 لسنة 1974 اعتباراً من أول فبراير سنة 1974 وعليه فلم تكن هذه الحوافز والمكافآت من المزايا التي كان يحصل عليها المدعي قبل ندبه ومن ثم لا حق له فيها ويكون طلب أحقيته فيها على غير سند صحيح من القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن المستفاد من نص المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 48 لسنة 68 أنه أكد أحقية العامل الذي يندب للاتحاد الاشتراكي العربي في تقاضي كافة المرتبات والبدلات والأجور الإضافية وكافة المزايا السارية التي كان يتقاضاها العامل لو بقي في وظيفته الأصلية حرصاً على المساواة بين العامل المنتدب بالاتحاد الاشتراكي العربي وأقرانه الذين يتساوون معه في الوضع الوظيفي والمراكز القانونية وحتى لا يكون الندب سبباً في الانتقاص من المرتبات والمزايا المادية التي يتقاضاها العامل في وظيفته الأصلية، ويكون ما ذهبت إليه محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية من قصر هذه المزايا على تلك التي كانت مقررة قبل الندب متنافياً مع الحكمة من تقرير أحقية العامل في تقاضي كافة المزايا التي تتقرر لأقرانه خلال ندبه للعمل بالاتحاد الاشتراكي العربي قد جانبه الصواب خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 1968 بشأن تحمل دوائر الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها كامل رواتب وتعويضات وأجور ومكافآت وبدلات وكافة المميزات الأخرى للمنتدبين منها لعضوية تنظيمات الاتحاد الاشتراكي أو العمل بها طوال مدة انتدابهم تنص على أن: تتحمل كل دوائر الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها كامل رواتب وتعويضات وأجور ومكافآت وبدلات وكافة المميزات الأخرى، للمنتدبين منها لعضوية تنظيمات الاتحاد الاشتراكي العربي أو للعمل بها مدة انتدابهم".
ومفاد هذا النص أن العامل الذي يندب للعمل بتنظيمات الاتحاد الاشتراكي العربي السابق من مصالح الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة أو الشركات التابعة لها يستحق من الجهة المنتدب منها كامل ما يصدق عليه وصف رواتب أو تعويضات أو أجور أو مكافآت أو بدلات أو أية ميزة وظيفية أخرى وذلك على وجه العموم دون تخصيص في ذلك فيستحق هذه المميزات أياً كان نوعها وسواء كانت مقررة عند إجراء الندب أو أثناءه ولا ينال من هذا الاستحقاق في الحالة المعروضة أن الحوافز والمكافآت التي تقررت بقرار رئيس مجلس إدارة هيئة الصرف الصحي رقم 25 لسنة 1974 للعاملين بها اقتصر منحها على العاملين الفعليين بالهيئة دون المنتدبين منها لأن قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة المشار إليه ليس من شأنه تعديل أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 1968 سالف الإشارة.
وإذ كان الثابت من الأوراق أن المدعي كان قد ندب من الهيئة العامة للصرف الصحي للعمل بالاتحاد الاشتراكي العربي السابق في الفترة من 4/ 2/ 1971 حتى 17/ 1/ 1977 وقد استحق نظراؤه من العاملين بالهيئة المشار إليها من هذه الفترة حوافز ومكافآت بلغ مجموعها 625.46 جنيهاً ومن ثم فإن المدعي يستحق هذا المبلغ عملاً بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 1968 سالف الإشارة، ومتى كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد جانبه الصواب حقيقاً بالإلغاء وهو ما يتعين القضاء به ولا محاجة في هذا الصدد بأن الجهة الإدارية على لسان محاميها قد سلمت بطلبات المدعي بل قد دافعت عن وجهة نظره منذ نشوب المنازعة أمام محكمة أول درجة وأمام هذه المحكمة إذ إنه ما دام لم يتم صرف المبالغ المطالب بها في الدعوى للمدعي فإن المنازعة حولها لم تنته هذا فضلاً عن أن الحقوق الوظيفية أياً كان نوعها إنما يستمدها العامل من أحكام القوانين واللوائح وليس من مصدر آخر كتسليم الجهة الإدارية بطلباته مثلاً.
ومن حيث إن المدعي وإن أقام دعواه للمطالبة بهذه المبالغ بتاريخ 24/ 6/ 1982 إلا أنه كان دائم المطالبة بها قبل رفع الدعوى فلا يسمح للتقادم الخمسي أن يزحف إليها فقد تقدم بطلب صرف هذه الحوافز بالطلب المرفق لكتاب أمين الاتحاد الاشتراكي العربي لمحافظة الإسكندرية بتاريخ 2/ 11/ 1974 كما تقدم بمطالبة أخرى بتاريخ 22/ 2/ 1975 كما طالب بصرفها أيضاً بالطلب المقدم بتاريخ 5/ 1/ 1980 ثم أقام دعواه في 24/ 6/ 1982 وبذلك فإن مدة التقادم الخمسي لم تكتمل بالنسبة إلى هذه المبالغ ومن ثم فإنه يتعين القضاء بها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام الهيئة العامة للصرف الصحي بأن تؤدي إلى المدعي مبلغ 625.46 جنيهاً (ستمائة وخمسة وعشرين جنيهاً وستة وأربعين قرشاً) وإلزامها المصروفات.