مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1528

(167)
جلسة 30 من مايو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد المنعم عبد العظيم جيره - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد مجدي محمد خليل وجوده عبد المقصود فرحات وأحمد إبراهيم عبد العزيز - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1460 لسنة 37 القضائية

حانوتية وتُربية - تأديبهم - (اختصاص) (مجلس التأديب).
اختصاص المحكمة التأديبية بالقرارات الصادرة من اللجنة المختصة بتأديب الحانوتية والتربية.
القانون رقم 5 لسنة 1966 في شأن الجبانات - المادة 41 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 5 لسنة 1966 - تشكل بقرار من المحافظ المختص لجنة في كل مجلس محلي - تختص هذه اللجنة باختبار الحانوتية والتربية ومساعديهم وتقرير صلاحيتهم وتوقيع الجزاءات على من يثبت عدم صلاحيته - الجزاءات التي توقعها اللجنة - لا تعد هذه اللجنة من مجالس التأديب - أساس ذلك: - القانون رقم 5 لسنة 1966 لم يقرر لها هذا الوصف كما أنها غير مشكلة تشكيلاً خاصاً على غرار المحاكم التأديبية كما لا يتبع أمام هذه اللجنة الإجراءات المتبعة أمام المحاكم التأديبية ولا تصدر قرارات على النمط الذي تصدر به الأحكام القضائية.
وإن كان القانون ناط باللجنة إصدار قرارات لها طبيعة تأديبية إلا أن ذلك لا يؤدي إلى إضفاء صفة المجالس التأديبية عليها - هذه الجنة لا تخرج عن كونها سلطة من السلطات الإدارية التي تختص بتوقيع بعض القرارات التأديبية والتي تكون محلاً للطعن فيها أمام المحكمة التأديبية المختصة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 20/ 3/ 1991 أودع الأستاذ مصطفى عشوب المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن سكرتارية هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل طعناً في القرار الصادر من لجنة الحانوتية والتربية بمحافظة القاهرة الصادر بجلسة 1/ 3/ 1990 فيما قضى به من فصله وسحب ترخيصه وفتح باب الترشيح للمنطقة رقم 33 بجبانة التونسي - وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أعلن الطعن على النحو المقرر قانوناً وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى لفحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 4/ 11/ 1991 والتي قررت إحالته إلى الدائرة الرابعة لفحص الطعون أمامها بجلسة 25/ 12/ 1991 وجرى تداوله أمامها ثم قررت بجلسة 11/ 3/ 1992 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره موضوعاً أمامها (الدائرة الرابعة) بجلسة 8/ 4/ 1992 وفي هذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن وقائع هذا الطعن تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 24/ 3/ 1990 أقام الطاعن الدعوى رقم 155 لسنة 37 ق أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزارات الخارجية والداخلية والعدل والحكم المحلي والطيران المدني طالباً الحكم أولاً بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار لجنة الحانوتية والتربية بمحافظة القاهرة فيما تضمنه من فصله والإعلان عن خلو المنطقة 33 وتحديد جلسة 1/ 4/ 1990 لشغلها وما يترتب على ذلك من آثار - ثانياً - وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال شرحاً للدعوى أنه بتاريخ 19/ 10/ 1988 حصل على ترخيص بمزاولة مهنة تربي بالمنطقة 33 التونسي التابعة لقسم الخليفة بالقاهرة وصدر قرار تعيينه رقم 7 بتاريخ 19/ 10/ 1988 ومنذ هذا التاريخ لم يقع منه أي تقصير في مزاولة المهنة، وأنه بمناسبة إحالة بعض الموظفين بالمحافظة للنيابة العامة بتهمة التزوير في ترخيص بعض المقابر بالمحضر الإداري رقم 2348 عابدين والذي قيد برقم 155 لسنة 88 جنح عابدين صدر قرار إحالته إلى اللجنة المنصوص عليها بالمادة 41 من القانون رقم 5 لسنة 66 بشأن الجبانات بتهمة أنه المقاول الذي قام بتنفيذ وتشييد المقابر التي صدرت بشأنها هذه التراخيص وأصدرت اللجنة المذكورة بناء على ما تقدم قرارها المطعون فيه بجلسة 1/ 3/ 1990.
وبجلسة 20/ 1/ 1991 حكمت المحكمة الإدارية المذكورة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وألزمت المدعي المصروفات وأقامت قضاءها على أنه يبين من استقراء أحكام القانون رقم 5 لسنة 1966 في شأن الجبانات ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الصحة رقم 418 لسنة 1970 أن المادة 30 من اللائحة التنفيذية قد حددت الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على الحانوتية والتربية ومساعديهم وأن من بين تلك الجزاءات سحب الترخيص كما أناطت المادة 41 من هذه اللائحة باللجنة التي يرأسها أحد قضاة المحاكم الابتدائية وعضوية آخرين سلطة توقيع الجزاءات المنصوص عليها بالمادة 40 كما تصدر اللجنة قراراتها بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، ولم يعلق المشرع سريان قراراتها على تصديق سلطة رئاسية أي أن قراراتها تعتبر نافذة بمجرد صدورها أي أن تلك اللجنة تعد بمثابة مجلس تأديب وقراراته لا تخضع لتصديق سلطة رئاسية أخرى.
وخلصت المحكمة من ذلك إلى أن القرار المطعون فيه هو في حقيقته قرار تأديبي صادر من مجلس تأديبي يتعلق بموظف عام، وأن ذلك القرار لا يخضع لتصديق سلطة رئاسية أخرى وبناء عليه تكون المحكمة غير مختصة بنظر الدعوى.
كما أوضحت المحكمة في حكمها بأن المحكمة المختصة بنظر الدعوى، هي المحكمة الإدارية العليا استناداً إلى ما قضت به الدائرة المنصوص عليها بالمادة 54 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984 في الطلب رقم 5 لسنة 1 بالطعن رقم 28 لسنة 29 ق.
وقد أقام الطاعن طعنه الماثل موضحاً فيه بأنه استرشاداً بما أورده الحكم المطعون فيه فإنه يقيم هذا الطعن لوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه علماً بأنه قد طعن في الحكم سالف الذكر أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الاستئنافية).
وذكر الطاعن في تقرير الطعن بأن اللجنة التي أصدرت القرار المطعون فيه هي لجنة إدارية شأنها شأن أي سلطة إدارية أخرى، ولا تعتبر من قبيل مجالس التأديب سواء من حيث التشكيل أو من حيث القرارات التي تصدرها وبالتالي فإنه يطعن على القرارات الصادرة منها بتوقيع العقوبات التأديبية أمام المحكمة التأديبية المختصة ودلل الطاعن على ذلك بما أوردته المادة 41 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 5 لسنة 1966 سالف الذكر من اختصاصات لهذه اللجنة وجميعها تندرج في عداد الاختصاصات الإدارية.
كما ذكر الطاعن أن القرار المطعون فيه قد خالف القانون لأنه استند إلى اتهامات لم يثبت نسبتها إلى الطاعن أو أنه كان يعلم بأن التراخيص التي قيل بأنه قام بتنفيذها وتشييد المقابر استناداً لها كانت تراخيص مزورة وإلا لو كان قد ثبت ذلك لأحيل الطاعن إلى المحكمة الجنائية وهو ما لم يحدث، ومن ثم فإذا ما قررت اللجنة فصل الطاعن لهذا السبب فإن قرارها يكون قد استند إلى افتراض علم الطاعن بتزوير هذه التراخيص وهو افتراض غير صحيح واقعاً أو قانوناً الأمر الذي يصيب القرار المطعون فيه بالانعدام.
وقدم الطاعن مذكرة بدفاعه بجلسة 22/ 11/ 1992 معقباً على تقرير مفوض الدولة وأرفق بالمذكرة حافظة مستندات.
وحيث إنه ولئن كانت الدائرة الخاصة بالمحكمة الإدارية العليا المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984 قد انتهت بجلسة 15/ 12/ 1985 بحكمها في الطعن رقم 28 لسنة 29 ق إلى اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعون في قرارات مجالس التأديب التي لا تخضع للتصديق من جهات إدارية إلا أنه ينبغي لتأكيد هذه الاختصاص أن تكون القرارات المطعون فيها صادرة من مجالس تأديب مشكلة تشكيلاً خاصاً وفقاً لأوضاع وإجراءات معينة رسمها القانون وتقوم أساساً على إعلان المتهم بالتهمة المنسوبة إليه وتمكينه من الدفاع عن نفسه على غرار ما هو متبع أمام المحاكم التأديبية المنصوص عليها في القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية وفي قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وتفصل هذه المجالس في ذات المنازعات التي تفصل فيها المحاكم التأديبية. وتسير في إجراءاتها وإصدار قراراتها بمراعاة أحكام القوانين المنظمة لها وفي كنف قواعد أساسية كلية هي تحقيق ضمانات الدفاع وتوفير الاطمئنان للمتهم في درء الاتهامات المنسوبة إليه بحيث تكون قرارات هذه المجالس أقرب في طبيعتها إلى الأحكام التأديبية منها إلى القرارات الإدارية.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على القانون رقم 5 لسنة 1966 في شأن الجبانات أنه ينص في المادة 7 منه على أنه: "لا يجوز لأي شخص أن يزاول مهنة حانوتي أو تربي أو مساعد لأيهما إلا بترخيص من المجلس المحلي المختص.
وتحدد اللائحة التنفيذية الشروط الواجب توافرها فيهم وواجباتهم والإجراءات الخاصة بتعيينهم وفصلهم والجزاءات التي توقع عليهم والجهة التي تقوم بتوقيعها.
وقد نصت المادة 40 من اللائحة المشار إليها على أن "الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على الحانوتية والتربية ومساعديهم هي: - ( أ ) الإنذار (ب) الوقف عن العمل مدة لا تزيد على ستة أشهر (ج) سحب الترخيص. كما نصت المادة 41 من اللائحة المذكورة على أنه: - "تشكل بقرار من المحافظ المختص لجنة في كل مجلس محلي من:
( أ ) قاضِ يندبه رئيس المحكمة الابتدائية رئيساً (ب) ممثل وزارة الصحة بالمجلس المحلي (ج) عضوين من الأعضاء المنتخبين بالمجلس المحلي (د) ممثل وزارة الإسكان بالمجلس المحلي (هـ) عضوين من أعضاء الاتحاد الاشتراكي (و) سكرتير المجلس المحلي المختص.
وفي حالة غياب واحد أو أكثر من الأعضاء تنعقد اللجنة بأغلبية أعضائها وتصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين وإذا تساوت الأصوات يرجح الجانب الذي فيه الرئيس.
وتختص اللجنة بالآتي:
(1) اختبار الحانوتية والتربية ومساعديهم لتقرير صلاحيتهم.
(2) تقرير قبول من ثبتت صلاحيته.
(3) توقيع الجزاءات المشمولة في المادة السابقة.
ويبين من الاطلاع على محضر اجتماع لجنة شئون الحانوتية والتربية المشكلة بمحافظة القاهرة بجلسة 1/ 3/ 1990 التي أصدرت القرار المطعون فيه أنها انعقدت برئاسة المستشار عبد المجيد محمد النظامي رئيس محكمة جنوب القاهرة وعضوية (9) أعضاء آخرين من الموظفين وتخلف عن الحضور قائد شرطة المرافق وقررت اللجنة بإجماع الآراء في البند رقم (1) فصل.... مع إخطار الإدارة الهندسية للجبانات وشرطة المرافق سحب الترخيص وفتح باب الترشيح لهذه المنطقة من 15/ 3 إلى 30/ 3/ 1990.
وحيث إنه يبين مما سلف أن اللجنة المشار إليها لا تعد من مجالس التأديب إذ لم يقرر القانون رقم 5 لسنة 1966 لها هذا الوصف بل وصفها أنها لجنة كما أنها ليست مشكلة تشكيلاً خاصاً على غرار المحاكم التأديبية ولا يتبع أمامها ذات الإجراءات المتبعة أمام هذه المحاكم، ولا تصدر قراراتها على النمط الذي تصدر به الأحكام القضائية وعلى الأخص إصدار أحكام أو قرارات أو على أسباب موضحة فيها وأنه وإن ناط بها القانون إصدار قرارات لها طبيعة تأديبية فإن ذلك لا يؤدي إلى إضفاء صفة مجالس التأديب عليها ولا يعتبر ما تصدره من قرارات من الأحكام التأديبية ولا تخرج عن كونها سلطة من السلطات الإدارية التي تختص بتوقيع بعض القرارات التأديبية والتي تكون محلاً للطعن أمام المحكمة التأديبية المختصة.
ومتى كان ذلك فإنه يتعين الحكم بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الطعن وإحالته إلى المحكمة التأديبية المختصة برئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزارات الخارجية والداخلية والعدل والحكم المحلي والطيران المدني وذلك وفقاً لحكم المادة 110 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الطعن وأمرت بإحالته إلى المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزارات الخارجية والداخلية والعدل والحكم المحلي والطيران المدني للفصل فيه.