أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 1184

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد المنعم أحمد بركة نائب رئيس المحكمة والسادة المستشارين/ محمد فؤاد بدر نائب رئيس المحكمة، فهمي الخياط، محمد مصباح ويحيى عارف.

(247)
الطعن رقم 151 لسنة 54 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن" "تمليك المساكن الشعبية". قانون. "سريان القانون".
تمليك المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها المحافظات وتم شغلها قبل العمل بالقانون 49 لسنة 1977. قصره على ما كان مؤجراً منها بغرض السكن. علة ذلك. م 72 ق 49 لسنة 1977 وقرار رئيس الوزراء 110 لسنة 1978 شغل المكان بقصد استعماله عيادة طبية. أثره. عدم أحقية شاغله في تملكه.
1 - يبين من استقراء نصوص القانون رقم 49 لسنة 1977 - في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر أن المشرع يطلق لفظ المكان كلما أراد ألا يعتد بالغرض من الاستغلال أما إذا نحى إلى قصر الحكم على ما يستغل في غرض السكني استعمل لفظ مسكن، يدل على ذلك أنه في المادة الأولى من القانون المذكور نص على سريان أحكامه على الأماكن وأجزائها على اختلاف أنواعها وتنوع الغرض من استغلالها ولما أراد أن يخضع الأماكن المستغلة لغرض السكنى لقواعد خاصة على نحو ما جرت به المواد 2، 7، 8 من ذات التشريع عرفها بالمسكن. وإذ كان ذلك وكان نص المادة (72) من القانون المشار إليه - يدل أنها تقرر الحق لمستأجري الوحدات المؤجرة لغرض السكنى دون غيرها مما هو مؤجر لأغراض أخرى - في تملك الوحدات التي يستأجرونها، إذ أن البين من دلالة صراحة النص أنه يعالج حالات تملك المساكن الموصوفة به والتي تم شغلها قبل تاريخ العمل بالقانون - أي تاريخ 9/ 9/ 1977 - وأوردت المذكورة الإيضاحية لمشروع القانون المذكور هذا النعي. كما يؤكد هذا المعنى أن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 بشأن تمليك المساكن الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها أو تقيمها المحافظات، والصادر تنفيذاً لحكم القانون رقم 49 لسنة 1977 سالف الذكر، أورد حكماً مغايراً بالنسبة لوحدات المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها المحافظات وشغلت قبل 9/ 9/ 1977 فنص في المادة الأولى منه تحت البند (أولاً) على أن تمليكها يتم وفقاً لأحكام المادة (72) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه وطبقاً للقواعد والشروط والأوضاع الموضحة بالملحق رقم (1) المرفق للقرار - أما بالنسبة لوحدات المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها أو تقيمها المحافظات ويتم شغلها بعد 9/ 9/ 1977. فقد تضمن البند (ثانياً) النص على أن يكون تمليكها طبقاً للقواعد والشروط والأوضاع الموضحة بالملحق رقم (2) المرافق للقرار. ويبين من نصوص الملحق رقم (1) أنها نظمت إجراءات وشروط تمليك وحدات المساكن الشعبية (الاقتصادية والمتوسطة) الخاضعة لأحكام القرار، أما الملحق رقم (2) والخاص بقواعد تمليك المساكن الاقتصادية والمتوسط التي أقامتها وتقيمها المحافظات وتشغل بعد 9/ 9/ 1977 فبين في البند (أولاً) نسب التوزيع وكيفية تملك المساكن المذكورة أما في البند (ثانياً) فقد خصصه للمحال الموجودة في مباني الوحدات الاقتصادية والمتوسطة وبين كيفية بيعها لما كان ذلك فإن المغايرة في الأحكام المشار إليها وقصر التملك في نص المادة (72) من القانون رقم 49 لسنة 1977 على المساكن الشعبية (الاقتصادية والمتوسطة) التي أقامتها المحافظات وتم شغلها قبل تاريخ العمل بالقانون المذكور، دون ذكر لغيرها من المباني المؤجرة لأغراض أخرى غير السكن، وأن يجئ قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 سالف البيان ويكشف عن قصد المشرع ويخصص الملحق رقم (1) منه لقواعد تمليك المساكن المذكورة، ثم يخصص الملحق رقم (2) منه لبيان قواعد تمليك المساكن التي أقامتها وتقيمها المحافظات وتشغل بعد 9/ 9/ 1977 وهو تاريخ العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 - ويورد القرار في الملحق الأخير قواعد تمليك المحال الموجودة في مباني الوحدات الاقتصادية والمتوسطة، دون أن يورد حكماً مماثلاً في الملحق رقم (1) فإن هذا يكشف بجلاء عن أن التمليك المقصود في المادة (72) سالفة البيان خاص بالمساكن ولا يتعدى حكمها إلى تمليك غيرها من الأماكن التي تستغل في أغراض أخرى غير السكن لما كان ما تقدم، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المكان موضوع النزاع أقامته محافظة كفر الشيخ وشغلته المطعون ضدها منذ التعاقد بتاريخ 1/ 3/ 1970 لاستعماله عيادة طبية، ولا تنتفع به كوحدة سكنية، فلا يحق لها تملك المكان المؤجر طبقاً لنص المادة (72) آنفة البيان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 65 لسنة 1982 مدني كلي كفر الشيخ على الطاعن بطلب الحكم بأحقيتها في تملك الشقة الموضحة بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1970. وقالت بياناً لذلك إنها بموجب هذا العقد استأجرت عين النزاع بغرض استغلالها عيادة طبية وقد توافرت لها شروط تملكها طبقاً للمادة 72 من القانون 49 لسنة 1977 وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 إلا أن الطاعن - امتنع عن تحرير عقد بتمليكها لها فأقامت دعواها، وبتاريخ 22/ 11/ 1982 حكمت المحكمة بتطبيق أحكام المادة 72 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بتمليك المطعون ضدها شقة النزاع استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 271 لسنة 15 ق طنطا "مأمورية كفر الشيخ" وبتاريخ 21/ 11/ 1983 قضت المحكمة الاستئنافية بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم إذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن المشرع يستعمل لفظ المكان في الدلالة على تلك المؤجرة لغرض السكنى أو خلافها ولفظ المسكن للدلالة على ما هو مخصص منها للسكنى فقط وإذ أورد نص المادة 72 من القانون رقم 49 لسنة 1977 مستعملاً لفظ الوحدات السكنية فإن دلالة ذلك أن حكمها لا ينصرف إلى الوحدات المبنية التي تستغل في أغراض أخرى ويؤيد ذلك أن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 وضع قواعد تملك الوحدات السكنية ثم حدد قواعد أخرى لتملك المحال الموجودة في مباني الوحدات الاقتصادية والمتوسطة وهي المشغولة لغير أغراض السكنى وذلك في الملحق رقم 2 من القرار المذكور وإذ قضى الحكم المطعون فيه بأحقية المطعون ضدها في تلك الوحدة التي تستغلها عيادة طبية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عما شابه من فساد في الاستدلال إذ استدل من لفظ "مستأجريها" الوارد بنص المادة 72 من القانون 49 لسنة 1977 على أنها تشمل الأماكن المؤجرة لغرض السكن أو غيره فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون مما يستوجب نقضه.
حيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من استقراء نصوص القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر أن المشرع يطلق لفظ المكان كلما أراد ألا يعتد بالغرض من الاستغلال أما إذا نحى إلى قصر الحكم على ما يستغل في غرض السكنى استعمل لفظ مسكن، يدل على ذلك أنه في المادة الأولى من القانون المذكور نص على سريان أحكامه على الأماكن وأجزائها على اختلاف أنواعها وتنوع الغرض من استغلالها ولما أراد أن يخضع الأماكن المستغلة لغرض السكنى لقواعد خاصة على نحو ما جرت به المواد 2، 7، 8 من ذات التشريع عرفها بالمساكن. وإذ كان ذلك وكانت المادة (72) من القانون المشار إليه نصت على أن "تملك المسكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها المحافظات وتم شغلها قبل تاريخ العمل بهذا القانون نظير أجرة تقل عن الأجرة القانونية، إلى مستأجريها على أساس سداد الأجرة المخفضة لمدة خمس عشرة سنة وذلك وفقاً للقواعد والشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء" فإنما يدل ذلك أنها تقرر الحق لمستأجري الوحدات المؤجرة لغرض السكنى دون غيرها مما هو مؤجر لأغراض أخرى - في تملك الوحدات التي يستأجرونها، إذ أن البين من دلالة صراحة النص أنه يعالج حالات تملك المساكن الموصوفة به والتي تم شغلها قبل تاريخ العمل بالقانون أي تاريخ 9/ 9/ 1977، وأوردت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المذكور هذا المعنى. حينما عرضت للباب الثالث من القانون في شأن تمليك العقارات كشفت عن أن التمليك المقصود - المنصوص عليه بالمادة (72) وهو تمليك المساكن، ذلك أنها بعد أن أشارت إلى أن الدستور يعترف بالملكية الخاصة ويكفل الحماية لها، وإلى صدور القوانين المتتالية لمنع الملاك من أن يتخذوا من الملكية وسيلة لاستغلال المستأجرين، أوردت "غير أنه من الملاحظ أن البعض قد سلك سبيل التمليك تجنباً لقواعد تحديد الأجرة، واستطاع تحت وطأة الحاجة إلى المسكن وقصور المعروض منه عن ملاحقة الطلب عليه أن يفرض ما يشاء من ثمن للبيع وأن يتجه إلى التمليك أو الإيجار بإرادته المنفردة دون تدخل من جانب الدولة التي تبذل الكثير من الجهد في سبيل النهوض بمرفق الإسكان والخروج بأوضاعه الحالية تخفيفاً عن المواطنين" واستطردت المذكرة: ونظراً لأن أجهزة الدولة ووحدات الحكم المحلي وشركات القطاع العام والجمعيات التعاونية لبناء المساكن وصناديق التأمين الخاصة توجد بها من أساليب الرقابة والضمانات التي تكفل البعد عن الانحراف، لذلك فقد أجازت لها المادة (72) إنشاء المباني بقصد تمليك كل أو بعض وحداتها السكنية." كما يؤكد هذا المعنى أن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 بشأن تمليك المساكن الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها أو تقيمها المحافظات، والصادر تنفيذاً لحكم القانون رقم 49 لسنة 1977 سالف الذكر، أورد حكماً - بالنسبة لوحدات المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها المحافظات وشغلت قبل 9/ 9/ 1977 فنص في المادة الأولى منه تحت البند (أولاً) على أن تمليكها يتم وفقاً لأحكام المادة (72) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه وطبقاً للقواعد والشروط والأوضاع الموضحة بالملحق رقم (1) المرافق للقرار، أما بالنسبة لوحدات المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها أو تقيمها المحافظات ويتم شغلها بعد 9/ 9/ 1977 فقد تضمن البند (ثانياً) النص على أن يكون تمليكها طبقاً للقواعد والشروط والأوضاع الموضحة بالملحق رقم (2) المرافق للقرار. ويبين من نصوص الملحق رقم (1) أنها نظمت إجراءات وشروط تمليك وحدات المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة الخاضعة لأحكام القرار، أما الملحق رقم (2) والخاص بقواعد تمليك المساكن الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها وتقيمها المحافظات وتشغل بعد 9/ 9/ 1977 فبين في البند (أولاً) نسب التوزيع وكيفية تملك المساكن المذكورة أما في البند (ثانياً) فقد خصصه للمحال الموجودة في مباني الوحدات الاقتصادية والمتوسطة وبين كيفية بيعها، لما كان ذلك فإن المغايرة في الأحكام المشار إليها وقصد التملك في نص المادة (72) من القانون رقم 49 لسنة 1977 على المساكن الشعبية (الاقتصادية والمتوسطة) التي أقامتها المحافظات وتم شغلها قبل تاريخ العمل بالقانون المذكور دون ذكر لغيرها من المباني المؤجرة لأغراض أخرى غير السكن وأن يجئ قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 سالف البيان ويكشف عن قصد المشرع ويخصص الملحق رقم (1) منه لقواعد تمليك المساكن المذكورة، ثم يخصص الملحق رقم (2) منه لبيان قواعد تمليك المساكن التي أقامتها وتقيمها المحافظات وتشغل بعد 9/ 9/ 1977 وهو تاريخ العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 ويورد القرار في الملحق الأخير قواعد تمليك المحال الموجودة في مباني الوحدات الاقتصادية والمتوسطة، دون أن يورد حكماً مماثلاً في الملحق رقم (1) فإن هذا يكشف بجلاء عن أن التمليك المقصود في المادة (72) سالفة البيان خاص بالسكن ولا يتعدى حكمها إلى تمليك غيرها من الأماكن التي تستغل في أغراض أخرى غير السكن، لما كان ما تقدم، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المكان موضوع النزاع أقامته محافظة كفر الشيخ وشغلته المطعون ضدها منذ التعاقد بتاريخ 1/ 3/ 1970 لاستعماله عيادة طبية ولا تنتفع به كوحدة سكنية، فلا يحق لها تملك المكان المؤجر طبقاً لنص المادة (72) آنفة البيان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 371 لسنة 15 ق طنطا "مأمورية كفر الشيخ" بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المطعون ضدها.