أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 688

جلسة 2 من أكتوبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة ومصطفى طاهر وحسن عميره وصلاح البرجي.

(130)
الطعن رقم 724 لسنة 56 القضائية

(1) تفتيش "التفتيش بغير إذن" "التفتيش بقصد التوقي". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تفتيش الضابط للأشخاص المغادرين للبلاد بحثاً عن الأسلحة والذخائر والمفرقعات تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب. يعتبر إجراء إدارياً وقائياً وليس من أعمال التحقيق.
جواز التعويل على ما يسفر عنه هذا التفتيش من أدلة كاشفه عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام. التزام الحكم هذا النظر ورفضه الدفع ببطلان التفتيش. صحيح.
(2) مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". تفتيش "تفتيش بغير إذن". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ثبوت أن الرضاء بالتفتيش كان صريحاً غير مشوب وأنه سبق إجراء التفتيش مع العلم بظروفه. استناد الحكم إلى الدليل المستمد منه لا محل للنعي عليه.
(3) مواد مخدرة. قصد جنائي. تصدير. جلب. قانون "تفسيره".
جلب المخدر أو تصديره في مفهوم القانون 182 لسنة 1960. ماهيته؟
(4) مواد مخدرة. جلب. تصدير. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث عن القصد من جلب المخدر أو تصديره.
استخلاص المحكمة من كبر كمية المخدر المضبوط أن الشروع في تصديرها كان بقصد الاتجار صحيح. الجدل في ذلك موضوعي. لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - لما كانت الواقعة على الصورة التي أثبتها الحكم المطعون فيه يبين منها أن التفتيش الذي أجراه الضابط إنما كان بحثاً عن أسلحة أو مفرقعات تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب وخطف الطائرات إبان أو بعد إقلاعها فإن ذلك التفتيش لا مخالفة فيه للقانون إذ هو من الواجبات التي تمليها عليه الظروف التي يؤدى فيها هذا الواجب بناء على التعليمات الصادرة إليه في هذا الشأن فهو بهذه المثابة لا يعد تفتيشاً بالمعنى الذي قصد الشارع اعتباره عملاً من أعمال التحقيق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة ولا تملكه إلا سلطة التحقيق أو بإذن سابق منها وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق ولا تلزم صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه فإذا أسفر هذا التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رفض الدفع ببطلان التفتيش يكون قد أصاب صحيح القانون.
2 - لما كانت المحكمة قد استخلصت في حدود السلطة المخولة لها ومن الأدلة السائغة التي أوردتها أن رضاء الطاعن بالتفتيش كان غير مشوب وأنه سبق إجراء التفتيش وكان الطاعن يعلم بظروفه ومن ثم فإن تفتيش الضابط للطاعن وضبط المخدر معه يكون صحيحاً ومشروعاً ويكون الحكم إذ اعتبره كذلك ودان الطاعن استناداً إلى الدليل المستمد منه لم يخالف القانون في شيء ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله.
3 - إن الجلب أو التصدير في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها يمتد إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها أو تصديرها المنصوص عليها في الفصل الثاني من القانون المذكور في المواد من 3 إلى 6، إذ يبين من استقراء هذه النصوص أن الشارع اشترط لجلب الجواهر المخدرة أو تصديرها الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للفئات المبينة في المادة الرابعة ولا تسلم الجواهر المخدرة التي تصل إلى الجمارك إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله وأوجب على مصلحة الجمارك في حالتي الجلب والتصدير تسليم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى الجهة الإدارية المختصة وفقاً لنص المادة 33 من ذات القانون.
4 - لما كانت المحكمة غير مكلفة أصلاً بالتحدث عن قصد الجاني من فعل الجلب أو التصدير فإن الحكم وقد عرض مع ذلك على القصد واستدل من ضخامة الكمية المضبوطة على أن الشروع في تصديرها كان بقصد الاتجار فيها فإن ما يثيره الطاعن في شأن القصد من التصدير لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: شرع في تصدير جوهر مخدر "حشيش" دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبساً بها. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 3، 33 أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه خمسة آلاف جنيه وبمصادرة الجوهر المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الشروع في تصدير جواهر مخدرة بغير ترخيص قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان التفتيش لحصوله من ضابط الأمن داخل الدائرة الجمركية وفي غير حالات التلبس غير أن الحكم رفض هذا الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون، كما اعتبر الواقعة المنسوبة إلى الطاعن شروعاً في تصدير المخدر في حين أن هذا الفعل لا يتحقق إلا بالنسبة للفئة المبينة بالمادة الرابعة من القانون رقم 182 لسنة 1960 في حالة مخالفة أحكام القانون المنظمة لتصدير المخدرات وأخصها الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة الذي لا يمنح إلا لهذه الفئة والطاعن ليس من بينها هذا فضلاً عن انتفاء قصد الاتجار أو التعاطي لدى الطاعن مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه أثناء وجود المقدم.... الضابط بإدارة العمليات بشرطة ميناء القاهرة الجوي بصالة السفر رقم 2 للإشراف على الجهاز الخاص بتفتيش الأشخاص المغادرين للبلاد وأمتعتهم بحثاً عن الأسلحة والذخائر والمفرقعات تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب تقدم إليه الطاعن بعد إنهاء الإجراءات الجمركية للمرور خلال الجهاز تمهيداً لمغادرته على متن الطائرة المتجهة إلى السعودية فقام بتفتيش حقيبته ولم يعثر بها على ممنوعات ثم تقدم الطاعن إلى أمين الشرطة..... على الجهاز لتفتيش الأشخاص ذاتياً تحت إشراف الضابط فلاحظ وجود جسم صلب أسفل جلبابه وإذ استفسر منه الضابط عن كنه هذا الجسم بدت عليه علامات الارتباك الشديد وأقر له بأنه يخفي بين طيات ملابسه كمية من المواد المخدرة فقام الضابط وأمين الشرطة باصطحابه إلى غرفه بصالة السفر وخلع الطاعن ملابسه وأخرج للضابط خمس عشرة قطعة من مخدر الحشيش مغلفة بأكياس من القماش ومثبتة حول خصره برباط ضاغط وبلغ وزن المخدر المضبوط ثلاثة كيلوا جرامات ومائة جرام، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال الضابط وأمين الشرطة ومن تقرير التحليل وهي أدلة سائغة تتوافر بها كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها لما كان ذلك وكانت الواقعة على الصورة التي أثبتها الحكم المطعون فيه يبين منها أن التفتيش الذي أجراه الضابط إنما كان بحثاً عن أسلحة أو مفرقعات تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب وخطف الطائرات إبان أو بعد إقلاعها فإن ذلك التفتيش لا مخالفة فيه للقانون إذ هو من الواجبات التي تمليها عليه الظروف التي يؤدي فيها هذا الواجب بناء على التعليمات الصادرة إليه في هذا الشأن فهو بهذه المثابة لا يعد تفتيشاً بالمعنى الذي قصد الشارع اعتباره عملاً من أعمال التحقيق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة ولا تملكه إلا سلطة التحقيق أو بإذن سابق منها وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق ولا تلزم صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه فإذا أسفر هذا التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رفض الدفع ببطلان التفتيش يكون قد أصاب صحيح القانون، هذا بالإضافة إلى أن الحكم استخلص سائغاً - في رده على الدفع - رضاء الطاعن بالتفتيش، وإذ كانت المحكمة قد استخلصت في حدود السلطة المخولة لها ومن الأدلة السائغة التي أوردتها أن رضاء الطاعن بالتفتيش كان غير مشوب وأنه سبق إجراء التفتيش وكان الطاعن يعمل بظروفه ومن ثم فإن تفتيش الضابط للطاعن وضبط المخدر معه يكون صحيحاً ومشروعاً ويكون الحكم إذ اعتبره كذلك ودان الطاعن استناداً إلى الدليل المستمد منه لم يخالف القانون في شيء ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله، لما كان ذلك، وكان الجلب أو التصدير في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها يمتد إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها أو تصديرها المنصوص عليها في الفصل الثاني من القانون المذكور في المواد من 3 إلى 6، إذ يبين من استقراء هذه النصوص أن الشارع اشترط لجلب الجواهر المخدرة أو تصديرها الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للفئات المبينة في المادة الرابعة ولا تسلم الجواهر المخدرة التي تصل إلى الجمارك إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله وأوجب على مصلحة الجمارك في حالتي الجلب والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى الجهة الإدارية المختصة. مفاد ذلك أن تخطى الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط التي نص عليها القانون والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الإدارية المنوط بها منحه يعد جلباً أو تصديراً محظوراً وإذ كان ذلك وكان ما أورده الحكم فيما تقدم تتوافر به أركان جريمة الشروع في تصدير الجواهر المخدرة كما هي معرفة به في القانون وكافياً في الدلالة على ثبوت الواقعة في حق الطاعن، ولا وجه للتحدي بما خاض فيه الطاعن من أن لفظ "التصدير" لا يصدق إلا على الأفعال التي ترتكب من الفئة المبينة بالمادة الرابعة من القانون رقم 182 لسنة 1960 ذلك بأنه ولئن كان الشارع قد اشترط لجلب الجواهر المخدرة أو تصديرها الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التي بينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الإلزام والوجوب فإن العقاب واجب في كل حالة يتم فيها نقل المخدر المؤثم من تلك الفئات التي أفردها الشارع بالحصول على ترخيص الجلب أو التصدير أو وقع من أشخاص غير مصرح لهم أصلاً بالحصول على هذا الترخيص دلالة ذلك أن المادة 33 من القانون سالف الذكر التي تعاقب على فعل الجلب أو التصدير جاءت عامة النص وينبسط حكمها على كل من صدر أو جلب جواهر مخدرة قبل الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة الثالثة من هذا القانون ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير مكلفة أصلاً بالتحدث عن قصد الجاني من فعل الجلب أو التصدير فإن الحكم وقد عرض مع ذلك على القصد واستدل من ضخامة الكمية المضبوطة على أن الشروع في تصديرها كان بقصد الاتجار فيها فإن ما يثيره الطاعن في شأن القصد من التصدير لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.