مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1599

(174)
جلسة 31 من مايو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمد زكي فرغلي وفريد نزيه تناغو وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 222 لسنة 36 القضائية

تراخيص - منشآت سياحية وفندقية - حدود اختصاص وزارة السياحة بشأنها (محال عامة).
المواد 1، 2، 3 من القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة - المادتان 1، 2 من القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن المنشآت الفندقية والسياحية - المادة (27) من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 والمادة (16) من لائحته التنفيذية.
تخضع المنشآت السياحية لإشراف وزارة السياحة دون وحدات الإدارة المحلية - لا يجوز إنشاء أو إدارة هذه المنشآت إلا بترخيص من وزارة السياحة - ممارسة وزارة السياحة هذا الاختصاص يتم في حدود التنظيم القانوني للمحال العامة - سلطة وزارة السياحة في هذا الشأن لا تمتد إلى تحديد مواقع الأحياء والشوارع التي يجوز الترخيص فيها بأنواع معينة من الحال العامة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء 13/ 12/ 1989 أودع الأستاذ فؤاد محمد عبد الهادي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ...... والسيدة/ ...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 222 لسنة 36 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 23/ 11/ 1989 في الدعوى رقم 3447 لسنة 43 قضائية والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعيين بمصروفاته. وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه.
وقد أودع مفوض الدولة الأستاذ المستشار/ عادل الشربيني تقرير هيئة مفوضي الدولة الذي انتهى للأسباب الواردة فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين بالمصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19/ 3/ 1990 والجلسات التالية لها حيث حضر محامي الطاعنين ومحامي هيئة قضايا الدولة عن الجهات الإدارية المطعون ضدها وقدم كل منهما مذكرة بدفاعه ومستنداته، وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 5/ 10/ 1991 والجلسات التالية لها حسبما هو مبين بمحاضر جلساتها حيث حضر محامي الطاعنين ومحامي هيئة قضايا الدولة واستمعت المحكمة إلى مرافعتهما وقدم كل منهما مذكرة بدفاعه ومستنداته، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 31/ 5/ 1992 وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة توجز في أنه بتاريخ 7/ 3/ 1989 أقام المدعيان (الطاعنان) هذه الدعوى بالصحيفة المودعة بقلم كتاب القضاء الإداري التي طلبا في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار إدارة تنشيط السياحة بمحافظة القاهرة وحي مصر الجديدة بعدم الموافقة على الترخيص لهما بإقامة المنشأة السياحية الخاصة بهما بشارع الحجاز متضمناً الترخيص بجلوس الرواد بها وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات وقال المدعيان شرحاً للدعوى أنهما اشتريا محلاً بالدور الأرضي بالعقار رقم 27 أ بشارع الحجاز بمصر الجديدة ومساحته 320 متراً مربعاً بغرض إقامة مشروع سياحي عبارة عن مطعم وكافتيريا على أحدث مستوى سياحي وذلك بالتعاون مع شركة شيبا مصر صاحبة امتياز مطاعم ماك برجر الأمريكية، ويتضمن المشروع مطعماً حديثاً للعائلات من الدرجة الأولى يسمح فيه بجلوس العملاء وصالة كبيرة لتقديم الوجبات والخدمات السريعة للرواد وعرض المشروع على وزارة السياحة التي عاينت الموقع وأبلغت محافظة القاهرة بموافقتها وطلبت منها اتخاذ إجراءات الترخيص وقامت إدارة تنشيط السياحة بمحافظة القاهرة بإرسال خطاب في 10/ 11/ 1988 إلى حي مصر الجديدة بالموافقة على الترخيص بشرط عدم الجلوس ثم قامت إدارة التراخيص بوزارة السياحة بإخطار المدعيين بذلك بكتابها المؤرخ 21/ 12/ 1988 طالبة تعديل الرسومات بحيث لا تتضمن جلوساً استناداً إلى قرار حي مصر الجديدة رغم أنهما كانا قد انتهيا من كافة التجهيزات التي كلفتهما مبلغ سبعمائة ألف جنيه، ونعى المدعيان على هذا القرار مخالفته للقانون وإساءة استعمال السلطة نظراً لأنه سبق لحي مصر الجديدة أن صرح بفتح عدد من المنشآت السياحية بذات الشارع مثل "حديقة ومطعم اندليسة ومطعم شاميات ومطعم غرناطه، ومطعم تيكا وبتسيريا وحاتي بيشو وحلواني بريوس ومطعم المظ" وهذه المطاعم مصرح فيها بجلوس العملاء وكذلك "مطعم وحديقة مريلاند وملهى شولاند" كما أضاف المدعيان أن تنفيذ القرار المطعون فيه يلحق بهما أضراراً جسيمة لا يمكن تداركها للتكاليف الضخمة التي تكبداها في شراء المحل وتجهيزه والتعاقد مع شركة ماك برجر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفعها أشارت فيها إلى أن قرار محافظ القاهرة رقم 2261 لسنة 1963 حظر فتح محال من النوع الأول المنصوص عليها في القانون رقم 371 لسنة 1956 بشأن المحال العامة بشارع الحجاز ولا وجه للاحتجاج بأن هناك محال رخص لها بالجلوس في ذات الشارع إذ لا ينال من مشروعية القرار المطعون فيه أن تنهض جهة الإدارة إلى تطبيق حكم القانون ومواجهة المخالفات فضلاً عن أن المدعيين تقدما بطلب لتعديل المشروع ليصبح كافتيريا دون الجلوس وتمت الموافقة على ذلك من محافظة القاهرة ووزارة السياحة ومن ثم انتهت مذكرة هيئة قضايا الدولة إلى طلب الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري واحتياطياً رفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعي.
وبجلسة 23/ 11/ 1989 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المدعيين بمصروفاته وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها، وأسست المحكمة حكمها على أن الدفع الذي أبدته هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري غير سديد لأن الثابت أن الطلب المقدم لتعديل المشروع لم يقدم من المدعيين ولم يثبت أن مقدمه له علاقة بهما هذا فضلاً عن أن محافظة القاهرة إدارة تشيط السياحة أخطرت المدعيين بعدم الموافقة على فتح محال من النوع الأول المنصوص عليه في القانون رقم 371/ 1956 بشأن المحال العامة بشارع الحجاز ولم تقدم الجهة الإدارية دليلاً يفيد علمهما به أو وصول الخطاب إليهما في تاريخ سابق على إقامة الدعوى مما تكون معه الدعوى مقامه في الميعاد ومقبولة شكلاً.
وأضافت محكمة القضاء الإداري أنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإن البادي من ظاهر الأوراق أن المدعيين تقدما بطلب إلى وزارة السياحة للترخيص لهما بإقامة مشروع سياحي باسم "كافتيريا ماك برجر" بشارع الحجاز بمصر الجديدة فأفادت إدارة تنشيط السياحة بمحافظة القاهرة بأن هذا الشارع غير مصرح فيه بفتح هذا النوع من المحلات وأنه مصرح فيه فقط بمحلات تحضير وبيع المأكولات دون جلوس الرواد وأن حي مصر الجديدة يوافق على المشروع بشرط عدم الجلوس. وأضافت المحكمة أن القانون رقم 1 لسنة 1973 أو كل إلى وزارة السياحة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة بالنسبة إلى المحال ذات الطابع السياحي التي يسري عليها القانون رقم 1 لسنة 1973، وبصدور قانون الإدارة المحلية رقم 34 لسنة 1979 أصبح الاختصاص مشتركاً بين وزارة السياحة والمحافظات فيما يتعلق بتحديد المناطق السياحية وتطبيق القوانين واللوائح الخاصة باستغلالها لأغراض سياحية، أما منح التراخيص لإقامة وإنشاء المنشآت الفندقية والسياحية فقد أصبح من اختصاص المحافظات طبقاً للشروط والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير السياحة. والبادي من ظاهر الأوراق أن سبب عدم منح المدعيين الترخيص المطالب به أن هناك قراراً من محافظ القاهرة رقم 2261 لسنة 1963 بحظر فتح محلات من النوع الأول (مقاهٍ ومطاعم) بشارع الحجاز بمصر الجديدة ومن ثم فإن الجهة الإدارية قد أعملت صحيح حكم القانون عندما رفضت منح الترخيص المذكور ويكون قرارها المطعون فيه متفقاً ونص المادة الثانية من القانون رقم 371 لسنة 1956 وهو ما يتخلف معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ وينتفي مناط الحكم بوقف التنفيذ دون حاجة للبحث في ركن الاستعجال لعدم جدواه. وانتهت محكمة القضاء الإداري بذلك إلى الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المدعيين بمصروفاته.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله ذلك أنه من المقرر قانوناً أن إعمال مبدأ المساواة يقتضي أن يكون القانون واحد بالنسبة لجميع الأفراد الذين تتوافر فيهم الشروط التي يقررها سواء للتمتع بالحق أو الالتزام بالواجب أي أن القانون ينطبق بطريقة واحدة على الأفراد ذوي المراكز المتماثلة دون تفرقة بينهم لأسباب تتعلق بأشخاصهم فإذا اتجهت الإدارة إلى التمييز بين الأفراد في المعاملة فإن قرارها يكون مشوباً بإساءة استعمال السلطة وقد سبق لمحكمة القضاء الإداري أن قضت بأنه لا يكون هناك للإدارة أدنى مبرر لرفض الترخيص بمحل في حي كائن به كثير من المحال المشابهة، وعلى ذلك فإن القرار المطعون فيه برفض الترخيص للطاعنين بالمنشأة موضوع النزاع يكون مشوباً بإساءة استعمال السلطة نظراً لأنه قد صدرت العديد من التراخيص بإنشاء المحلات السياحية من نوع المحل المذكور في ذات الشارع طوال الأعوام السالفة ثم تمسكت الإدارة فجأة بقرار مهجور يخالف ذلك فضلاً عن أن قيام جهة الإدارة بمنح التراخيص السالفة لمحال يصرح فيها بالجلوس في الشارع المذكور يعد عدولاً عن تطبيق قرار محافظ القاهرة رقم 2261 لسنة 1963 الذي يمنع إقامة مثل هذه المنشآت في هذا الشارع ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه مخطئاً في القانون والواقع مما يتعين معه إلغاؤه. وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بالطلبات السالفة.
ومن حيث إن الطعن الماثل ينحصر في الشق المستعجل من الدعوى المتعلق بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن سلطة وقف التنفيذ مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها ومردهما إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري المطعون فيه على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية، وعلى ذلك فإن مناط الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه توافر ركنين مجتمعين أولهما ركن الجدية بأن يكون طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قائماً على أسباب ومطاعن جدية يرجح معها بحسب الظاهر من الأوراق إلغاء القرار المطعون فيه عند الحكم في الموضوع وثانيهما ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها، وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تتقيد بها سلطة القاضي الإداري وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن القانون رقم 371/ 1956 في شأن المحال العامة ينص في المادة الأولى منه على أن تسري أحكامه على نوعي المحال العامة الآتي بيانهما:
(1) النوع الأول ويشمل المطاعم والمقاهي وما يماثلها من المحال المعدة للبيع أو تقديم المأكولات أو المشروبات بقصد تناولها في ذات المحال (2) النوع الثاني: ويشمل الفنادق والوكائل والبنسيونات والبيوت المفروشة وما يماثلها من المحال المعدة لإيواء الجمهور على اختلاف أنواعها وينص هذا القانون في المادة الثانية منه على أنه لا يجوز في المدن فتح محال عامة من النوع الأول إلا في الشوارع أو الأحياء التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الشئون البلدية والقروية بناء على اقتراح المجالس البلدية المختصة بعد حصولها على موافقة المحافظ أو المدير..... ويستثنى من حكم هذه المادة المحال العامة من النوع الأول والملحق بمحال عامة من النوع الثاني أو بملاهٍ إذا كانت مخصصة بصفة أصلية لخدمة رواد هذه المحال الأخيرة وكانت بذات المكان وينص هذا القانون في المادة الثالثة منه على أنه لا يجوز فتح أي محل عام إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك.
وقد نص القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن المنشآت الفندقية والسياحية في المادة الأولى منه على سريان أحكامه على المنشآت الفندقية والسياحية وتعتبر منشأة سياحية في تطبيق أحكام هذا القانون الأماكن المعدة أساساً لاستقبال السياح لتقديم المأكولات والمشروبات إليهم لاستهلاكها في ذات المكان كالملاهي والكازينوهات والمطاعم التي يصدر بتحديدها قرار من وزير السياحة وينص في المادة الثانية منه على أنه لا يجوز إنشاء أو إقامة المنشآت الفندقية والسياحية أو استغلالها أو إدارتها إلا بترخيص من وزارة السياحة طبقاً للإجراءات والشروط التي يصدر بها قرار من وزير السياحة وتئول إلى وزارة السياحة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة والقانون رقم 372 لسنة 1956 في شأن الملاهي بالنسبة إلى تلك المنشآت.
وقد نص قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1981 والقانون رقم 145/ 1988 على أن تتولى وحدات الإدارة المحلية إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها كما تتولى هذه الوحدات كل في نطاق اختصاصها جميع الاختصاصات التي تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها وذلك فيما عدا المرافق القومية أو ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية وتبين اللائحة التنفيذية ما تباشره كل من المحافظات وباقي الوحدات من الاختصاصات المنصوص عليها في هذه المادة وينص هذا القانون في المادة 27 منه على أن يتولى المحافظ بالنسبة إلى جميع المرافق العامة التي تدخل في اختصاص وحدات الإدارة المحلية وفقاً لأحكام هذا القانون جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح.
وتنص المادة 16 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707/ 1979 على أن تتولى كل محافظة بالاشتراك مع وزارة السياحة تحديد المناطق السياحية التي تقع بدائرتها وتطبيق القوانين واللوائح الخاصة باستغلال تلك المناطق لأغراض السياحة.
وقد نص قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1714 لسنة 1985 الصادر بناء على التفويض الوارد في قرار رئيس الجمهورية رقم 378/ 1985 على أن يعتبر مرفق السياحة من المرافق ذات الطبيعة الخاصة في تطبيق قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43/ 1976 مع عدم الإخلال بقرار رئيس الجمهورية رقم 691/ 1957 وهو القرار المعدل بالقرار رقم 191 لسنة 1959 بشأن إنشاء هيئات إقليمية لتنشيط السياحة.
ومن حيث إن المستخلص من النصوص التشريعية السالفة أن أحكام القانون رقم 1 لسنة 1973 بشأن المنشآت الفندقية والسياحية نأت بالاختصاص بمنح تراخيص المنشآت السياحية عن الاختصاص العام المخول لوحدات الإدارة المحلية طبقاً لأحكام قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 المشار إليه، فناطت الأمر فيه بوزارة السياحة كما اعتبر مرفق السياحة من المرافق ذات الطبيعة الخاصة في مفهوم المادة الثانية من قانون نظام الإدارة المحلية التي خولت وحدات الإدارة المحلية إنشاء إدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها عدا المرافق القومية أو ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية. ومقتضى ذلك ولازمه خضوع المنشآت السياحية لاختصاص وإشراف وزارة السياحة دون وحدات الإدارة المحلية فتئول إلى وزارة السياحة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة والقانون رقم 372 لسنة 1956 في شأن الملاهي بحيث لا يجوز إنشاء أو إدارة هذه المنشآت إلا بترخيص من وزارة السياحة وهو ما نصت عليه صراحة المادة الثانية من القانون رقم 1/ 1973 المشار إليه.
ومن حيث إنه ولئن كان اختصاص وزارة السياحة في شأن المنشآت السياحية مقرر لها طبقاً للتشريعات السالفة إلا أن ممارسة هذا الاختصاص إنما يجري في حدود نطاق التنظيم القانوني العام للمحال ذلك أن ما آل إلى وزارة السياحة بالنسبة إلى هذه المنشآت هو الاختصاص المخول لوحدات الإدارة المحلية في إصدار التراخيص بالإنشاء أو الإدارة أو الاستغلال وهو ما لا يتأتى إلا في الشوارع أو الأحياء التي يجوز فيها إصدار هذه التراخيص طبقاً لما تحدده السلطات ذات الشأن أي تلك التي تحدد بناء على اقتراح المجالس المحلية وبموافقة المحافظ المختص وفقاً لنص المادة (2) من القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة فإن لم يصدر القرار على هذا النحو بإجازة فتح محال عامة في شوارع أو أحياء معينة فلا يجوز لوحدات الإدارة المحلية الترخيص بإنشاء أي محال في هذا الشارع أو ذاك الحي.
وما ينطبق على وحدات الإدارة المحلية يشمل أيضاً وزارة السياحة إذ أن المنشآت السياحية هي في الأصل محال عامة رأى المشرع بالقانون رقم 1 لسنة 1973 آنف الذكر بهدف تنمية السياحة وتنشيطها تنظيمها ووضع تعاريف محددة لها وتشجيع إقامتها ومن غير المستساغ في المنطق والتطبيق القانوني الصحيح أن يكون أحد الشوارع أو الأحياء غير مصرح فيه السلطة المختصة بفتح المحال العامة من النوع الأول كالمطاعم والمقاهي المعدة لبيع أو تقديم المأكولات والمشروبات بقصد تناولها في ذات المحال - وذلك تطبيقاً للنص الوارد في المادة الثانية من القانون رقم 371 لسنة 1956 لعدم صدور قرار من السلطة ذات الشأن المشار إليها بإجازة فتح هذا النوع من المحال في الشارع أو الحي المذكور - ثم يصرح في ذات الوقت من وزارة السياحة بفتح هذا النوع من المحال ذاتها التي تتوافر فيها الصفة السياحية وهي صفة إضافية في هذه المحال ولا تغير من طبيعتها وكونها من المحال العامة من النوع الأول المشار إليها ومن ثم فالأولى بالصحة أن فتح المطاعم والمقاهي وما يماثلها من محال النوع الأول الواردة في المادة الأولى من قانون المحال العامة سواء كانت مجرد محال عامة أو مضافة لها صفة المنشأة السياحية إنما يحكمه أصل عام واحد يستهدف حماية النظام العام والتخطيط الإسكاني والسكينة العامة والصحة العامة في بعض الشوارع والأحياء التي يقتضي اعتبار دواعي المصلحة العامة للمواطنين عدم فتح هذا النوع من المحال فيها، وهذا الأصل يظل لا يغير منه أن هذه المحلات العامة قد يتوافر بها وصف المنشأة السياحية إذ إن هذا الوصف للمحل ليس بديلاً يجب اشتراط أن يكون موقع الترخيص به في شارع يجوز قانوناً صدور هذه التراخيص لهذا النوع من المحال فيها وبناء على ذلك فإنه لا يجوز لوزارة السياحة قانوناً إصدار تراخيص إنشاء واردة المحال المشار إليها إلا في الشوارع والأحياء التي صدر قرار من المحافظ المختص بإجازة فتح المحال العامة من النوع الأول فيها طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم 371/ 1956 بشأن المحال العامة فسلطة وزارة السياحة في التراخيص تتعلق بالتحقق من توافر اشتراطات ووصف المنشأة السياحية في المحال العامة وليس تحديد مواقع الأحياء والشوارع التي يجوز الترخيص فيها أصلاً بهذه المحال العامة سياحية أو غير سياحية.
ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق والمستندات أنه لم يصدر قرار من المحافظ المختص بإجازة فتح محلات عامة من النوع الأول كالمطاعم والمقاهي المعدة لبيع وتقديم المأكولات أو المشروبات بقصد تناولها في ذات المحل في الشارع المذكور ومن ثم فإنه لا يجوز قانوناً الترخيص بفتح هذا النوع من المحال حتى لو توافرت فيه صفة المنشأة السياحية بذات الشارع ويكون القرار المطعون فيه بحسب ظاهر الأوراق والمستندات ودون مساس بأصل الإلغاء والصادر برفض الترخيص للمنشأة موضوع الدعوى بجلوس العملاء فيها لتناول الأطعمة والمشروبات في ذات المحل قراراً صحيحاً ومطابقاً للقانون.
ومن حيث إنه لا يقدح في ذلك ما أشار إليه الطاعنان من أن الجهة الإدارية قد رخصت بفتح محلات أخرى من ذات النوع في ذات الشارع مصرح فيها بالجلوس لتناول الأطعمة والمشروبات بداخلها لأنه مع افتراض صحة هذا الادعاء فإن مشروعية القرار الإداري المطعون فيه والذي صدر سليماً ومطابقاً للقانون تظل لصيقة به حتى لو كانت الإدارة قد أصدرت قرارات أخرى غير مشروعة وبالمخالفة للقانون بشأن المحلات الأخرى المشار إليها. ولا وجه أيضاً لاحتجاج الطاعنين بمبدأ المساواة ذلك أنه طبقاً للمادة 40 من الدستور فإن المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة ولا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة كما أنه طبقاً للمادتين 64، 65 من الدستور فإن سيادة القانون هي أساس الحكم في الدولة وتخضع الدولة للقانون فالمساواة كما يعرفها الدستور والقانون هي المساواة بين المواطنين دون تميز في الحقوق والواجبات العامة أي المساواة طبقاً لأحكام الدستور والقانون وخضوعاً لمبدأ سيادة القانون حاكمين ومحكومين وليست المساواة في مخالفة وإهدار أحكام القانون فالدولة والأفراد يخضعون على حد سواء لسيادة أحكام القانون وقواعد المشروعية وهي التي توجب عليهم جميعاً طاعة أحكام الدستور والقانون واحترامها وتنفيذها وبهذه المثابة فإنه لا يجوز استناداً إلى مخالفة أحكام القانون أو الاجتراء على انتهاكه ومخالفته من جهة الإدارة وهو أمر يحقق مسئولية مرتكبيه الجنائية والتأديبية والمدنية معاً وطلب المساواة في الانتفاع بمزايا تراخيص تصدر غير مشروعة إذا صح صدورها على هذا الوجه والتعلل بحجة ساقطة في طلب المساواة في الحصول على مزايا غير مشروعة لسبق وقوع مخالفات لأحكام القانون بل يتخيل عدم الاستناد إلى اللاشرعية والخطأ وإعلاء لمبدأ سيادة الدستور والقانون وإعمالاً لقواعد المشروعية.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم فإن الطعن الماثل يكون غير مستند لأساس صحيح من الواقع والقانون الأمر الذي يتعين معه رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين بالمصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً، وألزمت الطاعنين بالمصروفات.