أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 699

جلسة 5 من أكتوبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: جمال الدين منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: صلاح خاطر ومحمد عباس مهران ومسعود السعداوي وطلعت الاكيابى.

(132)
الطعن رقم 729 لسنة 56 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". "التحقيق بمعرفة المحكمة". استجواب. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاستجواب المحظور في مرحلة المحاكمة. ماهيته؟
حظر الاستجواب مقرر لمصلحة المتهم. له التنازل عنه صراحة أو ضمناً. عدم اعتراضه على الأسئلة التي وجهت إليه وإجابته عليها. يعد تنازلاً.
مثال لما لا يعد استجواباً.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال.
1 - لما كان الاستجواب المحظور قانوناً في طور المحاكمة وفقاً لنص المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية هو مناقشة المتهم على وجه مفصل في الأدلة القائمة في الدعوى إثباتاً ونفياً في أثناء نظرها - سواء أكان ذلك من المحكمة أم من الخصوم أو من المدافعين عنهم - لما له من خطورة ظاهرة وهو لا يصح إلا بناء على طلب من المتهم نفسه يبديه في الجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته - أما مجرد الاستيضاح كما هو واقع الحال في الدعوى - حين استفسرت المحكمة من الطاعن دوره في ارتكاب الجريمة المسندة إليه - فليس فيه أي خروج على محارم القانون ولا مساس فيه بحق الدفاع - ومع ذلك فإن هذا الحظر إنما قصد به مصلحة المتهم وحده فله أن يتنازل عنه صراحة أو ضمناً إما بطلبه صراحة من المحكمة أن تستجوبه أو بعدم اعتراضه هو أو المدافع عنه على الاستجواب وإجابته على الأسئلة التي توجهها إليه المحكمة. ولما كان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه قد اعترض على هذا الإجراء، فإن ذلك يدل على أن مصلحة الطاعن - في تقديره - لم تضار بهذا الاستجواب ومن ثم فلا يجوز له من بعد أن يدعي بطلان الإجراءات.
2 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل في حق الطاعن بقوله "وحيث إن قصد القتل ثابت في حق المتهم ثبوتاً كافياً من ظروف الواقعة وملابساتها ومن استخدامه آلة من شأنها إحداث القتل انهال بها طعناً على المجني عليه في أجزاء متعددة من جسمه بعضها في مقاتل وقد بلغت هذه الطعنات من الشراسة والضراوة حداً كبيراً إذ كانت بعض الجروح يصل طولها إلى عشرة سنتيمترات ومن اعتراف المتهم بالتحقيقات بأنه قتل المجني عليه لما فشل في إجراء الصلح معه". وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام نية القتل هو مما يكفي ويسوغ به الاستدلال عليها ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخرين قضي ببراءتهما - بأنهم قتلوا.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك آلات صلبة حادة (مطاوي) واستدرجوه إلى منزل المتهمة الثالثة وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه طعناً قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته وأحالتهم إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وببراءة الآخرين.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد قد بني على إجراءات باطلة وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن المحكمة استجوبت الطاعن بغير موافقته أو موافقة الدفاع. واستندت في إدانته إلى تحريات الشرطة وأقوال الصغيرة ابنة المجني عليه وهي أدلة فاسدة لا تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها، ولم تدلل تدليلاً كافياً على توافر نية القتل وظروف سبق الإصرار لديه مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من اعترافه وما قررته المتهمتان الثانية والثالثة وابنة المجني عليه ومن تقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الاستجواب المحظور قانوناً في طور المحاكمة وفقاً لنص المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية هي مناقشة المتهم على وجه مفصل في الأدلة القائمة في الدعوى إثباتاً ونفياً في أثناء نظرها - سواء أكان ذلك من المحكمة أم من الخصوم أو من المدافعين عنهم - لما له من خطورة ظاهرة وهو لا يصح إلا بناء على طلب من المتهم نفسه يبديه في الجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته - إما مجرد الاستيضاح - كما هو واقع الحال في الدعوى - حين استفسرت المحكمة من الطاعن دوره في ارتكاب الجريمة المسندة إليه - فليس فيه أي خروج على محارم القانون ولا مساس فيه بحق الدفاع - ومع ذلك فإن هذا الحظر إنما قصد به مصلحة المتهم وحده فله أن يتنازل عنه صراحة أو ضمناً إما بطلبه صراحة من المحكمة أن تستجوبه أو بعدم اعتراضه هو أو المدافع عنه على الاستجواب وإجابته على الأسئلة التي توجهها إليه المحكمة. ولما كان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه قد اعترض على هذا الإجراء، فإن ذلك يدل على أن مصلحة الطاعن - في تقديره - لم تضار بهذا الاستجواب ومن ثم فلا يجوز له من بعد أن يدعي بطلان الإجراءات. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق الطاعن بقوله "وحيث إن قصد القتل ثابت في حق المتهم ثبوتاً كافياً من ظروف الواقعة وملابساتها ومن استخدامه آلة من شأنها إحداث القتل انهال بها طعناً على المجني عليه في أجزاء متعددة من جسمه بعضها في مقاتل وقد بلغت هذه الطعنات من الشراسة والضراوة حداً كبيراً إذ كانت بعض الجروح يصل طولها إلى عشرة سنتيمترات ومن اعتراف المتهم بالتحقيقات بأنه قتل المجني عليه لما فشل في إجراء الصلح معه". وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام نية القتل هو مما يكفي ويسوغ به الاستدلال عليها ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون قد استبعد ظرف سبق الإصرار ودان الطاعن بجريمة القتل العمد مجردة من أي ظرف مشدد وأوقع عليه عقوبتها ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الصدد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.