مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1663

(180)
جلسة 20 من يونيه سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي عبد الله مليحي - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب وعلي شحاته محمد وحسني سيد محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعنان رقما 2389/ 2412 لسنة 31 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - تسوية حالة وفقاً للقانون رقم 11 لسنة 1975 - صرف الفروق المالية. (إصلاح ورسوب وظيفي).
المادة (12) من القانون رقم 11 لسنة 1975 بإصدار قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام. القرارات التي يصدرها وزير التنمية الإدارية استناداً إلى المادة 12 من القانون رقم 11 لسنة 1975 تعتبر كاشفة للحق وليست منشئة له - يستمد العامل حقه في التسوية التي تتم بناء على تلك القرارات من أحكام القانون - أثر ذلك: يرتد أثر هذه التسوية إلى تاريخ العمل بالقانون المشار إليه وتصرف الفروق المالية من التاريخ الذي حدده هذا القانون وهو 1/ 7/ 1975 وليس من التاريخ الذي تحدده هذه القرارات - أساس ذلك: نطاق هذه القرارات يقف عند حد السلطة المخولة لوزير التنمية الإدارية بمقتضى المادة 12 من القانون وهي بيان المؤهلات التي توقف منحها والمعادلة للشهادات المحددة بالجدول المرفق بالقانون رقم 83 لسنة 1973 - تطبيق.
(ب) تقادم - المرتبات والأجور وما في حكمها.
المادة (29) من القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية. (محاسبة حكومية).
تؤول إلى الخزانة العامة مرتبات العاملين بالدولة وكذلك المكافآت والبدلات التي تستحق لهم بصفة دورية إذا لم يطالب بها صاحب الحق خلال خمس سنوات من تاريخ الاستحقاق - الاعتبارات التي يقوم عليها حكم المادة 29 هي اعتبارات تنظيمية تتعلق بالمصلحة العامة وتهدف إلى استقرار الأوضاع الإدارية وعدم تعرض الميزانية للمفاجآت والاضطراب - نتيجة ذلك: القاعدة التي قررتها هذه المادة هي قاعدة تنظيمية عامة يتعين على وزارات الحكومة ومصالحها التزامها وتقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها باعتبارها قاعدة قانونية واجبة التطبيق في علاقة الحكومة بموظفيها وهي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 30/ 5/ 1985 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2389/ 31 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 4/ 4/ 1985 في الدعوى رقم 1014 لسنة 38 ق المقامة من/ ......... ضد محافظ الإسكندرية ووكيل وزارة التربية والتعليم ومدير عام إدارة وسط الإسكندرية التعليمية والذي قضى بأحقية المدعية في صرف الفروق المالية المترتبة على تسوية حالتها طبقاً لقرار وزير التنمية الإدارية رقم 623 لسنة 1978 اعتباراً من 1/ 7/ 1975 وإلزام الجهة الإدارية - المصروفات وطلب السيد/ رئيس هيئة مفوضي الدولة في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المدعية المصروفات.
وبتاريخ 2/ 6/ 1985 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن محافظ الإسكندرية ووزير التربية والتعليم ووزير المالية ووكيل وزارة التربية بمحافظة الإسكندرية ومدير عام إدارة وسط الإسكندرية التعليمية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2412/ 31 ق في ذات الحكم المشار إليه طلبت فيه الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدها مصروفات هذا الطلب ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرين مسببين ارتأت في كل منهما الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية المدعية في صرف الفروق المالية المترتبة على تسوية حالتها طبقاً لقرار نائب رئيس الوزراء رقم 623/ 1978 اعتباراً من 1/ 7/ 1975 مع مراعاة أحكام التقادم الخمسي وإلزام الإدارة المصروفات.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلسة 10/ 12/ 1990 ضمهما للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد وبجلسة 10/ 2/ 1992 قررت إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" لنظرهما أمامها بجلسة 14/ 3/ 1992 وقد تدوول نظر الطعنين على النحو الثابت بالمحاضر وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 16/ 5/ 1992 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 4/ 2/ 1984 أقامت السيدة/ ...... الدعوى رقم 1014/ 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية طلبت فيها الحكم بأحقيتها في صرف الفروق المالية المترتبة على تسوية حالتها طبقاً للقانون رقم 11/ 1975 وقرار وزير التنمية الإدارية رقم 623 لسنة 1978 اعتباراً من 1/ 7/ 1975 بدلاً من 7/ 2/ 1978 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقالت شرحاً لدعواها أنها حاصلة على دبلوم المعلمات العامة سنة 1959 والتحقت بخدمة وزارة التربية والتعليم في 12/ 9/ 1959 وقد طبق عليها القانون رقم 11/ 1975 الخاص بتصحيح أوضاع العاملين المدنيين وسويت حالتها طبقاً لقرار وزير التنمية الإدارية رقم 623/ 1978 إلا أن الإدارة صرفت الفروق المالية المستحقة اعتباراً من 7/ 2/ 1978 في حين أنها تستحقها اعتباراً من 1/ 7/ 1975 طبقاً لأحكام القانون رقم 11/ 1975 الذي تستمد حقها منه.
ورداً على الدعوى أفادت الجهة الإدارية بأنها قصرت صرف الفروق المالية للمدعية اعتباراً من 7/ 2/ 1978 تنفيذاً لكتاب وزارة المالية الدوري رقم 58/ 1978 الذي تضمن عدم صرف أية فروق مالية سابقة على صدور قرار وزير التنمية رقم 623/ 1978 في 7/ 2/ 1978.
وبجلسة 4/ 4/ 1985 حكمت المحكمة بأحقية المدعية في صرف الفروق المالية المترتبة على تسوية حالتها طبقاً لقرار وزير التنمية الإدارية رقم 623/ 1978 اعتباراً من 1/ 7/ 1975 وإلزام الإدارة المصروفات وأسست قضاءها على أن التسوية التي تجرى لحملة الشهادات المنصوص عليها في المادة 12 من القانون رقم 11/ 1975 إنما يستمد العامل حقه فيها من أحكام القانون المذكور مباشرة ومن ثم فإنه أياً كان التاريخ الذي صدر فيه القرار رقم 623/ 1978 أو التاريخ الذي نص على تنفيذه فيه فإن ذلك ليس من شأنه أن يمس المركز القانوني لأرباب هذه المؤهلات التي يقتصر دور القرار المشار إليه على مجرد الكشف عن تعادلها مع الشهادات الواردة بالقانون رقم 83/ 1973 ومن ثم فإن التسوية التي تجرى للعامل على مقتضاها يرتد أثرها إلى تاريخ العمل بالقانون رقم 11/ 1975 كما تصرف الفروق المالية من التاريخ الذي حدده هذا القانون وهو 1/ 7/ 1975.
ومن حيث إن الطعنين يقومان على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لأن القرار رقم 623/ 1978 إنما صدر من وزير شئون التأمينات الاجتماعية وليس الوزير المختص بالتنمية الإدارية ومن ثم يكون قد انطوى على غصب للسلطة فيكون قد صدر معدوماً لا يولد أي أثر قانوني ولا يكون لحملة الشهادات الواردة فيه أصل حق في المطالبة بتسوية حالاتهم بالتطبيق لأحكام القانون رقم 83/ 1973 إلا أنه لما كان المشرع قد أصدر القانون رقم 135/ 1980 وبمقتضاه تم ضم المؤهلات التي شملها القرار رقم 623/ 1978 إلى تلك الواردة بالجدول الملحق بالقانون رقم 83/ 1973 ومقتضى ذلك ولازمه أن القانون المذكور هو الذي أضفى شرعية على القرار المشار إليه ومن ثم فإن استحقاق المدعية للفروق المالية لا يكون إلا اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون المذكور في 1/ 7/ 1980.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن القرارات التي يصدرها وزير التنمية الإدارية استناداً إلى المادة 12 من قانون تصحيح أوضاع العاملين بالدولة تعتبر كاشفة للحق وليست منشئة فيستمد العامل حقه في التسوية التي تتم بناء على تلك القرارات من أحكام قانون تصحيح أوضاع العاملين بالدولة فيرتد أثر هذه التسوية إلى تاريخ العمل بهذا القانون كما تصرف الفروق المالية من التاريخ الذي حدده هذا القانون وهو 1/ 7/ 1975 وليس من التاريخ الذي تحدده هذه القرارات إذ أن نطاقها يقف عند حد السلطة المخولة لوزير التنمية الإدارية بمقتضى المادة 12 من القانون وهي بيان المؤهلات التي توقف منحها والمعادلة للشهادات المحددة بالجدول المرفق بالقانون رقم 83/ 1973 على أن يعمل به اعتباراً من 31/ 12/ 1974 وهو بذلك لا يضيف جديداً إذ أنه - أياً كان الرأي في شرعيته عند صدوره - ما هو إلا تنفيذ للمادة 12 من القانون رقم 11/ 1975 وبهذه المثابة لا يعتبر منشئاً للمراكز القانونية وإنما كاشفاً لها وبالتالي يرتد أثر التسوية المترتبة عليه إلى تاريخ العمل بالقانون رقم 11/ 1975 مع صرف الفروق المستحقة بناء على التسوية اعتباراً من التاريخ الذي حدده هذا القانون وهو 1/ 7/ 1975 وهو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه ويكون الطعن عليه في هذا الخصوص غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إن المادة 29 من القانون رقم 127/ 1981 بشأن المحاسبة الحكومية تنص على أن تئول إلى الخزانة العامة مرتبات العاملين بالدولة وكذلك المكافآت والبدلات التي تستحق لهم بصفة دورية إذا لم يطالب بها صاحب الحق خلال خمس سنوات من تاريخ الاستحقاق.
ومن حيث إن الاعتبارات التي يقوم عليها حكم المادة 29 من القانون رقم 127/ 1981 المشار إليه هي اعتبارات تنظيمية تتعلق بالمصلحة العامة وتهدف إلى استقرار الأوضاع الإدارية وعدم تعرض الميزانية للمفاجآت والاضطراب ومن ثم فإن القاعدة التي قررتها هي قاعدة تنظيمية عامة يتعين على وزارات الحكومة ومصالحها التزامها وتقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها باعتبارها قاعدة واجبة التطبيق في علاقة الحكومة بموظفيها وهي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح.
ومن حيث إن الأوراق قد خلت مما يدل على أن المدعية قد قدمت أية طلبات سابقة على رفع الدعوى للمطالبة بالفروق المالية المترتبة على تسوية حالتها طبقاً لقرار وزير التنمية الإدارية رقم 623/ 1978 ومن ثم فإن حقها في صرف هذه الفروق تسقط فيما مضى عليه خمس سنوات سابقة على 4/ 2/ 1984 وهو تاريخ رفع الدعوى وكان على المحكمة أن تقضي بمراعاة التقادم الخمسي في استحقاق هذه الفروق.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يقض بمراعاة التقادم الخمسي عند حساب الفروق المالية المستحقة على تسوية حالتها طبقا لقرار وزير التنمية الإدارية رقم 623/ 1978 المشار إليه مما يتعين معه تعديل الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية المدعية في صرف الفروق المالية المترتبة على هذه التسوية اعتباراً من 1/ 7/ 1975 مع مراعاة التقادم الخمسي في حساب الفروق المالية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وأحقية المدعية في صرف الفروق المالية المترتبة على تسوية حالتها طبقاً لقرار وزير التنمية الإدارية رقم 623/ 1978 اعتباراً من 1/ 7/ 1975 مع مراعاة التقادم الخمسي وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.