مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1772

(192)
جلسة 7 من يوليو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عويس عبد الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وأحمد أمين حسان محمد والدكتور/ محمد عبد البديع عسران - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1219 لسنة 33 القضائية

عقد إداري - تنفيذه - الجزاءات التي يجوز توقيعها على المتعاقد المقصر - مصادرة التأمين المؤقت.
قبول جهة الإدارة للعرض الذي تقدم به المتعاقد - إخطاره بتكملة قيمة التأمين حسب شروط المزايدة - أثر ذلك: التعاقد يكون قد تم بين جهة الإدارة والمدعى عليه - تراضي المدعى عليه في أداء باقي قيمة التأمين أو تخلفه عن سداده لا يؤثر في صحة انعقاد العقد من تاريخ إخطاره بقبول عطائه - حق جهة الإدارة في التنفيذ على حساب المتعاقد معها - مصادرة التأمين المؤقت - مؤدى ذلك: لا يوجد ما يحول دون مصادرة التأمين عند تقصير المتعاقد مع الإدارة في تنفيذ التزام من التزامات العقد وبين إلزامه بالفروق التي تحملتها جهة الإدارة نتيجة للتنفيذ على حسابه - المقصود من مصادرة التأمين مواجهة الأضرار التي لحقت بالإدارة من جراء خطأ المتعاقد معها إذ هو بمثابة تعويض لها عن تلك الأضرار - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 4/ 3/ 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1219 لسنة 33 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة العقود والتعويضات بجلسة 4/ 1/ 1987 في الدعوى رقم 2315 لسنة 39 ق - والذي قضى بإلزام المدعى عليه (المطعون ضده) بأن يؤدي للمدعي مبلغ 18455 والمصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة فيه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام المطعون ضده بأن يدفع للطاعن بصفته مبلغ 19455 جنيهاً ومقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن للمطعون ضده بتاريخ 17/ 3/ 1987.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي مبلغ 19455 جنيهاً والمصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 15/ 5/ 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 9/ 7/ 1991 وتدوول نظره بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر إلى أن قررت المحكمة في مايو سنة 1992 حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً، فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل وقائعها حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 2315 لسنة 39 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 9/ 2/ 1985 طالباً الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي له بصفته مبلغ 19455 جنيهاً والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه أنه أعلن عن مزاد استغلال سوق بندر ناصر وبجلسة 7/ 3/ 1984 تم إرساء المزاد على المدعى عليه باعتباره صاحب أكبر عطاء مقدم ومقداره عشرون ألف جنيه وتم إخطاره بقبول العطاء والحضور لديوان عام الوحدة لتوريد التأمين النهائي إلا أنه لم يحضر ولم يلتزم بتنفيذ شروط العطاء وتم ترسية العطاء بعد ذلك على صاحب العطاء الثاني له بمبلغ 13515 جنيهاً وهو السيد/ ....... وتسبب ذلك في خسارة الوحدة المحلية بمبلغ 19455 جنيهاً وهي فروق الأسعار بين العطاء المقدم منه والعطاء التالي له وذلك عن مدة سريان العطاء وهي ثلاث سنوات بواقع 6485 جنيهاً سنوياً يلتزم المدعى عليه بسدادها.
وبجلسة 4/ 1/ 1987 أصدرت محكمة القضاء الإداري الحكم المطعون فيه وشيدت قضاءها على أن المدعي بصفته أنذر المدعى عليه بضرورة سداد سبعة عشر ألف جنيه تكملة التأمين إلى 30% كشروط المزايدة وإلا اتخذت في شأنه الإجراءات القانونية بإرساء العطاء على الذي يليه مع تحميله بفروق الأسعار فضلاً عن 10% مصاريف إدارية بالإضافة إلى غرامة تأخير ليبلغ المستحق عليه 13455 جنيهاً لكن المدعى عليه لم يرد فقامت جهة الإدارة بالتنفيذ على حسابه عملاً بنص المادتين 74، 120 من قرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات وترتب على التنفيذ على حساب المدعى عليه فارق في الأسعار نتيجة التعاقد مقداره 6485 جنيهاً سنوياً عن ثلاث سنوات بما مجموعه 19455 جنيهاً يلتزم بها المدعى عليه ويخصم من قيمة التأمين المؤقت ومقداره ألف جنيه ومن ثم يلتزم المدعى عليه بأداء مبلغ 18455 جنيهاً للمدعي بصفته.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله حين استنزل قيمة التأمين المؤقت وقدره ألف جنيه السابق إيداعه من المطعون ضده ذلك أن المادة 30 من لائحة الأسواق العمومية تنص على أن في جميع الأحوال التي يسحب فيها الالتزام يصادر التأمين بأكمله وتستولي الإدارة على الأسواق بالطريق الإداري وقد أخل المطعون ضده بالتزامه بتنفيذ العقد وتم سحب الالتزام منه وبذلك يحق للإدارة مصادرة التأمين بالإضافة لاستحقاقها فرق السعر بين عطائه والعطاء الذي رسا عليه التنفيذ على الحساب حسبما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا بعدم وجود ثمة ما يمنع بين مصادرة التأمين والرجوع على المتعاقد بالتنفيذ على الحساب ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه بخصم قيمة التأمين من إجمالي المبلغ المطالب به قد ورد بالخلاف للقانون وحقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الوحدة المحلية لمركز ناصر بمحافظة بني سويف سبق أن أعلنت في 1/ 3/ 1984 عن مزاد منح استغلال سوق بندر ناصر لمدة ثلاث سنوات ابتداء من 8/ 4/ 1984 حتى 7/ 4/ 1987 وتحدد يوم 7/ 3/ 1984 موعداً لفتح المظاريف واشترط للدخول في المزايدة أداء تأمين ابتدائي مقداره ألف جنيه يكمل إلى 30% من القيمة الإيجارية لمدة الالتزام عند رسو المزاد وفي خلال عشرة أيام وجاء في شروط المزاد خضوع خصم استغلال السوق للائحة المناقصات والمزايدات فيما لم يرد بشأنه نص في العقد، وقد تقدم المطعون ضده بعطائه في المزايدة على أساس عشرين ألف جنيه في السنة وانتهت لجنة المزايدة بقبول عطائه بوصفه أعلى سعر في المزاد وبمطالبة المطعون ضده بتكملة التأمين بالكتاب رقم 1063 المؤرخ في 8/ 3/ 1984 وبالكتاب رقم 1161 المؤرخ في 9/ 3/ 1984 فلم يرد فتم إنذاره بالكتاب الموصى عليه رقم 12944 في 27/ 3/ 1984 وقامت الإدارة بالتنفيذ على حسابه بإرساء المزاد على صاحب العطاء التالي له بمبلغ 13515 جنيهاً بفارق قدره 6485 عن كل سنة من سنوات الاستغلال المتعاقد عليها وهي ثلاث سنوات.
ومن حيث إن المستفاد من استقراء الأوراق وعلى ما سلف البيان أن جهة الإدارة قبلت العرض الذي تقدم به المدعى عليه (المطعون ضده) وأخطرته بتكملة قيمة التأمين حسب شروط المزايدة ومن ثم فإن التعاقد يكون قد تم بين جهة الإدارة والمدعى عليه وأن تراخي المدعى عليه في أداء باقي قيمة التأمين أو تخلفه عن سداده لا يؤثر في صحة انعقاد العقد من تاريخ إخطاره بقبول عطائه. إذ كل ما يترتب على عدم تكملة التأمين طبقاً لشروط المزايدات والعقد - أن يكون للجهة الإدارية التنفيذ على حساب المتعاقد معها ومصادرة التأمين المؤقت وأنه لا يوجد ما يحول دون مصادرة التأمين عند تقصير المتعاقد مع الإدارة في تنفيذ التزام من التزامات العقد وبين إلزامه بالفروق التي تحملتها الإدارة نتيجة للتنفيذ على حسابه. إذ المقصود بها مواجهة الأضرار التي لحقت بالإدارة من جراء خطأ المتعاقد معها وهو بمثابة تعويض لها عن تلك الأضرار ولما كان الحكم المطعون فيه قضى بغير هذا النظر وخصم قيمة التأمين المؤقت المدفوع من المطعون ضده من المبالغ المستحقة عليه فإنه يكون قد خالف القانون. وبالتالي يتعين الحكم بتعديله والقضاء بإلزام المطعون ضده بأداء مبلغ 19455 جنيهاً للطاعن بصفته.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعن بصفته مبلغ 19455 (تسعة عشر ألفاً وأربعمائة وخمسة وخمسون جنيهاً) وألزمت المطعون ضده المصروفات.