أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 760

جلسة 15 أكتوبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي (نواب رئيس المحكمة) وعلي الصادق عثمان.

(146)
الطعن رقم 2766 لسنة 56 القضائية

(1) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. بياناته". نيابة عامة. إجراءات "إجراءات التحقيق". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- ذكر الاختصاص الوظيفي لمصدر الإذن بالتفتيش. غير لازم. العبرة في ذلك بحقيقة الواقع وإن تراخى ظهوره إلى وقت المحاكمة.
- مثال لتسبيب سائغ لرفض الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم بيان الاختصاص الوظيفي والمكاني لمصدره.
(2) تفتيش "إذن التفتيش. بياناته. تنفيذه". إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
- النص في الإذن الصادر بتفتيش أنثى على تفتيشها بمعرفة أنثى. غير واجب. أساس ذلك؟
- إيجاب تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى. مجاله: أن يكون إجراؤه في المواضع الجسمانية التي تعد من العورات.
- عدم التزام الحكم بالرد على الدفاع القانوني. ظاهر البطلان.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". إجراءات "إجراءات التحقيق". مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم". مواد مخدرة.
- طريقة تنفيذ إذن التفتيش. موكولة لرجل الضبط المأذون له. حقه أن يستعين في تنفيذه بأعوانه أو غيرهم من رجال السلطة العامة بحيث يكونون على مرأى منه وتحت بصره.
(4) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- إحالة الحكم في بيان شهادة الشاهد إلى ما أورد من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. متى كانت متفقه مع ما استند إليه منها.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "شهود".
- تعييب التحقيق السابق على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. أساس ذلك؟
- العبرة عند المحاكمة بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- تقدير قيمة الشهادة. مرجعه لمحكمة الموضوع. مصادرتها في الأخذ بها. غير جائزة.
(7) إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
- وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً محدداً.
(8) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "خبرة". نيابة عامة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره" مواد مخدرة.
- حق عضو النيابة في الاستعانة بأهل الخبرة. بغير حلف يمين. أساس ذلك؟
- لمحكمة الموضوع الأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان من محاضر جمع الاستدلالات.
1 - ليس في القانون ما يوجب على مصدر إذن التفتيش أن يبين فيه اختصاصه الوظيفي والمكاني، إذ العبرة في ذلك عند المنازعة، تكون بحقيقة الواقع وإن تراخى ظهوره إلى حين المحاكمة والحكم، وإذ كان الحكم قد استظهر - على السياق المتقدم - اختصاص وكيل النيابة العامة مصدر الإذن بالتفتيش وظيفياً ومكانياً بإصداره فإن النعي عليه في هذا الشأن، يكون على غير أساس.
2 - لما كان القانون لا يوجب أن ينص في الإذن الصادر بتفتيش أنثى على أن يكون تفتيشها بمعرفة أنثى، بل أن خطاب الشارع في ذلك، سواء أكان التفتيش بغير إذن في الحالات التي يجوز فيها ذلك، أم في حالة صدور إذن من الجهة القضائية المختصة موجه إلى القائم بتنفيذ الإذن، ومجال إعمال الفقرة الثانية من المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية، الواجبة الإعمال في حالة تنفيذ إذن النيابة العامة بالتفتيش عملاً بالمادتين 94، 199 من قانون الإجراءات الجنائية، إنما يكون عند تفتيش الأنثى فعلاً في المواضع الجسمانية التي تعد من العورات التي لا يجوز للقائم بتنفيذ الإذن الاطلاع عليه لما في ذلك من خدش لحياء الأنثى العرضي، وإذ كانت الطاعنة لا تدعي أن العثور معها على المخدر المضبوط، كان وليد تفتيش كشفت فيه عورة من عوراتها، فإن منعاها في هذا الصدد، يكون غير سديد، ولا على الحكم إن أغفل الرد عليه، لأنه - في صورة الدعوى - دفاع قانوني ظاهر البطلان لا يستأهل رداً.
3 - من المقرر أن طريقة تنفيذ الإذن موكولة إلى مأمور الضبط القضائي المأذون له بالتفتيش يجريها تحت إشراف سلطة التحقيق ورقابة محكمة الموضوع، فله أن يتخذ من وسائل التحوط ما يمكنه من تحقيق الغرض من التفتيش المأذون له به، وأن يستعين في ذلك بأعوانه من مأموري الضبط القضائي أو غيرهم من رجال السلطة العامة، بحيث يكونون على مرأى منه وتحت بصره.
4 - لما كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر، ما دامت أقوالهما متفقه مع ما استند إليه الحكم منها، وكانت الطاعنة لا تجادل في أن أقوال الشاهدين.... و.... في التحقيقات متفقه مع أقوال الشاهد الأول التي أحال إليها الحكم، فإن منعى الطاعنة في هذا الشأن يكون في غير محله.
5 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنة وإن أشار إلى أن أقوال الشهود سمعت في غيبة المتهم ولم تواجه بهم، إلا أنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فإن ما أثارته الطاعنة بوجه طعنها لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة ولا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، لما هو مقرر من أن تعييب التحقيق الذي تجريه سلطة التحقيق الابتدائي، لا تأثير له على سلامة الحكم فإذا أجرت النيابة تحقيقاً في غيبة المتهم، فذلك من حقها ولا بطلان فيه، والأصل أن العبرة عند المحاكمة بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها، وما دام لم يطلب الدفاع منها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب، فليس له أن يتخذ من ذلك سبباً لطلب نقض الحكم.
6 - المرجع في تقدير قيمة الشهادة، هو إلى محكمة الموضوع وحدها، فمتى كانت قد استرسلت بثقتها إليها واطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة، فلا تصح مصادرتها في الأخذ بها والتعويل عليها.
7 - لما كان من المقرر إنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يذكر في طعنه ما إذا كانت النيابة قد عهدت بإجراء وزن المخدر إلى غيرها من عدمه، بل ساق نعيه عاماً مرسلاً، فإن نعيه، يكون غير مقبول.
8 - أنه وإن أوجب القانون على الخبراء أن يحلفوا يميناً أمام سلطة التحقيق، بأن يبدوا رأيهم بالذمة، وأن يقدموا تقريرهم كتابه، إلا أن من المقرر كذلك أن عضو النيابة العامة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية، له من الاختصاص، ما خوله قانون الإجراءات الجنائية لسائر مأموري الضبط القضائي، في الفصلين الأول والثاني من الباب الثاني منه، بما في ذلك ما تجيزه لهم المادة 29 من هذا القانون أثناء جمع الاستدلالات، من الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفاهه أو كتابة بغير حلف يمين، ولما كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان ذلك من محاضر جمع الاستدلالات، ما دامت مطروحة على بساط البحث أمامها، فإنه لا على المحكمة - وقد أجرت النيابة تحقيق الواقعة بوصفها جناية فتحقق بذلك ما يشترطه القانون في مواد الجنايات من إيجاب تحقيقها قبل المحاكمة - إن هي أخذت بوزن المخدر إذا ما قام به من عهدت إليه النيابة بذلك، ولو لم يحلف يميناً قبل مباشرة مأموريته، بحسبانه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة لها، وعنصراً من عناصرها، وما دام كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة ولا عليها أيضاً إن هي لم تعرض في حكمها لدفاع الطاعنة في هذا الشأن، لأنه دفاع ظاهر البطلان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها: (أولاً): أحرزت وحازت بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح قانوناً (ثانياً): أحرزت سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال) بدون ترخيص في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتها إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37/ 1 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 57 من الجدول رقم واحد المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1/ 1 و25/ 1 مكرراً و30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 10 من الجدول رقم واحد الملحق بمعاقبتها بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وتغريمها خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر والمطواة المضبوطة باعتبارها حازت بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً "حشيش" وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانها بجريمتي إحراز جواهر مخدرة بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وإحراز مطواة قرن غزال بدون ترخيص، قد شابه البطلان والفساد في الاستدلال والخطأ في القانون، ذلك بأن الدفاع عن الطاعنة دفع ببطلان القبض والتفتيش وما أسفر عنهما، تأسيساً على انعدام إذن النيابة العامة لخلوه من بيان اختصاص مصدره الوظيفي والمكاني، ولأنه لم ينص فيه على تفتيش الطاعنة بمعرفة أنثى، ولأن من صدر له الإذن لم يندب كتابه من قام بتنفيذه، وقد رد الحكم على الشق الأول من الدفع بما لا يصلح رداً، وأغفل الرد على شقه الثاني، ورد على شقه الأخير بأدلة ليس لها أصل في الأوراق، وأحال في أقوال الشاهدين..... و....، إلى أقوال الشاهد الأول، كما أن أقوال الشاهدين المذكورين سمعت في غيبة الطاعنة، وهو ما يوهن من الدليل المستمد منها، وأخيراً فقد أغفل الحكم دفاع الطاعن أن وزن المخدر إجراء من إجراءات التحقيق فإذا عهد وكيل النيابة العامة إلى غيره القيام به تعين تحليفه اليمين، وإلا ترتب على ذلك عدم إمكان نسبة المخدر إلى الطاعنة. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم بيان الاختصاص الوظيفي والمكاني لمصدره في قوله "إنه عن الدفع الأول ببطلان إذن التفتيش لكون وكيل النيابة مصدر الإذن لم يحدد اختصاصه الوظيفي أو المكاني، فإنه من المقرر أن صفة مصدر الإذن ليست من البيانات الجوهرية اللازمة لصحة الإذن بالتفتيش ما دام أن المحكمة قد أوضحت أن من أعطى الإذن كان مختصاً بإصداره والعبرة في ذلك إنما تكون بالواقع، وإن تراخى ظهوره إلى وقت المحاكمة، ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق، أن الرائد..... رئيس مباحث منوف سطر محضر تحرياته المؤرخ..... والذي أورد فيه أن تحرياته قد أسفرت عن أن المتهمة تتجر في المواد المخدرة، وتذيل هذا المحضر بإذن من السيد وكيل النيابة، وكان الذي تولى التحقيق في هذه الدعوى هو السيد.... وكيل نيابة منوف وذلك حسب الثابت في محضر التحقيق بالنيابة، ومن ثم يكون قد ثبت للمحكمة وتحقق لها أن السيد وكيل النيابة مصدر إذن التفتيش هو وكيل نيابة منوف المختصة مكانياً بإصدار الإذن، ومن ثم يضحى الدفع غير قائم على سند ويتعين رفضه". وهو من الحكم كاف لحمل قضائه برفض هذا الدفع، ذلك بأنه ليس في القانون ما يوجب على مصدر إذن التفتيش أن يبين فيه اختصاصه الوظيفي والمكاني، إذ العبرة في ذلك عند المنازعة، تكون بحقيقة الواقع وإن تراخي ظهوره إلى حين المحاكمة والحكم، وإذ كان الحكم قد استظهر - على السياق المتقدم - اختصاص وكيل النيابة العامة مصدر الإذن بالتفتيش وظيفياً ومكانياً بإصداره فإن النعي عليه في هذا الشأن، يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان القانون لا يوجب أن ينص في الإذن الصادر بتفتيش أنثى على أن يكون تفتيشها بمعرفة أنثى، بل إن خطاب الشارع في ذلك، سواء أكان التفتيش بغير إذن في الحالات التي يجوز فيها ذلك، أم في حالة صدور إذن من الجهة القضائية المختصة، موجه إلى القائم بتنفيذ الإذن، ومجال إعمال الفقرة الثانية من المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية، الواجبة الإعمال في حالة تنفيذ إذن النيابة العامة بالتفتيش عملاً بالمادتين 94، 199 من قانون الإجراءات الجنائية، إنما يكون عند تفتيش الأنثى فعلاً في المواضع الجسمانية التي تعد من العورات التي لا يجوز للقائم بتنفيذ الإذن الاطلاع عليها لما في ذلك من خدش لحياء الأنثى العرضي، وإذ كانت الطاعنة لا تدعي أن العثور معها على المخدر المضبوط، كان وليد تفتيش كشفت فيه عورة من عوراتها، فإن منعاها في هذا الصدد، يكون غير سديد، ولا على الحكم إن أغفل الرد عليه، لأنه - في صورة الدعوى - دفاع قانوني ظاهر البطلان لا يستأهل رداً. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه، استمداداً من أقوال شهود الإثبات التي اطمأن إليها، أن الضابط الذي صدر له الإذن بالتفتيش، قد اصطحب معه عند تنفيذه اثنين من زملائه وأنه قام بنفسه بضبط المخدر محل التهمة الأولى، بينما قام زميله الضابط.... بضبط السلاح الأبيض محل التهمة الثانية. وكان ذلك على مرأى منه، وكان من المقرر أن طريقة تنفيذ الإذن موكولة إلى مأمور الضبط القضائي المأذون له بالتفتيش يجريها تحت إشراف سلطة التحقيق ورقابة محكمة الموضوع، فله أن يتخذ من وسائل التحوط ما يمكنه من تحقيق الغرض من التفتيش المأذون له به، وأن يستعين في ذلك بأعوانه من مأموري الضبط القضائي أو غيرهم من رجال السلطة العامة، بحيث يكونون على مرأى منه وتحت بصره، وكان الحكم قد أثبت - بما لا تماري فيه الطاعنة - أن واقعة ضبط المطواة محل التهمة الثانية قد تمت على مرأى ممن صدر له الإذن وتحت بصره، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر، ما دامت أقوالهما متفقه مع ما استند إليه الحكم منها، وكانت الطاعنة لا تجادل في أن أقوال الشاهدين.... و.... في التحقيقات متفقة مع أقوال الشاهد الأول التي أحال إليها الحكم، فإن منعى الطاعنة في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن وإن أشار إلى أن أقوال الشهود سمعت في غيبة المتهمة ولم تواجه بهم، إلا أنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فإن ما أثارته الطاعنة بوجه طعنها لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة ولا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، لما هو مقرر من أن تعييب التحقيق الذي تجريه سلطة التحقيق الابتدائي، لا تأثير له على سلامة الحكم فإذا أجرت النيابة تحقيقاً في غيبة المتهم، فذلك من حقها ولا بطلان فيه، والأصل أن العبرة عند المحاكمة بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها، وما دام لم يطلب الدفاع منها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب، فليس له أن يتخذ من ذلك سبباً لطلب نقض الحكم، إذ المرجع في تقدير قيمة الشهادة، هو إلى محكمة الموضوع وحدها، فمتى كانت قد استرسلت بثقتها إليها واطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة، فلا تصح مصادرتها في الأخذ بها والتعويل عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يذكر في طعنه ما إذا كانت النيابة قد عهدت بإجراء وزن المخدر إلى غيرها من عدمه، بل ساق نعيه عاماً مرسلاً، فإن نعيه، يكون غير مقبول. فضلاً عن أنه، بفرض صحة أن من قام بوزن المخدر بتكليف من النيابة العام، لم يحلف اليمين، فلا بطلان في عمله، لما هو مقرر من أنه وإن أوجب القانون على الخبراء أن يحلفوا يميناً أمام سلطة التحقيق، بأن يبدوا رأيهم بالذمة، وأن يقدموا تقريرهم كتابة، إلا أن من المقرر كذلك أن عضو النيابة العامة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية، له من الاختصاص، ما خوله قانون الإجراءات الجنائية لسائر مأموري الضبط القضائي، في الفصلين الأول والثاني من الباب الثاني منه، بما في ذلك ما تجيزه لهم المادة 29 من هذا القانون أثناء جمع الاستدلالات، من الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفاهة أو كتابة بغير حلف يمين، ولما كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان ذلك من محاضر جمع الاستدلالات، ما دامت مطروحة على بساط البحث أمامها، فإنه لا على المحكمة - وقد أجرت النيابة تحقيق الواقعة بوصفها جناية فتحقق بذلك ما يشترطه القانون في مواد الجنايات من إيجاب تحقيقها قبل المحاكمة - إن هي أخذت بوزن المخدر إذا ما قام به من عهدت إليه النيابة بذلك، ولو لم يحلف يميناً قبل مباشرة مأموريته، بحسبانه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة لها، وعنصراً من عناصرها، ومادام كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة ولا عليها أيضاً إن هي لم تعرض في حكمها لدفاع الطاعنة في هذا الشأن، لأنه دفاع ظاهر البطلان. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.