مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1851

(201)
جلسة 19 من يوليو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغني حسن وأحمد شمس الدين خفاجي وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 116 لسنة 34 القضائية

دعوى - الحكم فيها - طرق الطعن - التماس إعادة النظر - عدم جواز الجمع بين الالتماس والطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا.
المادة 241 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - المادة (44) من قانون الإجراءات الجنائية.
المادة 51 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
التماس إعادة النظر هو طريق طعن غير عادي يرفع إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم الملتمس فيه إذا توافرت إحدى الحالات التي أوردها القانون على سبيل الحصر - لا يجوز اللجوء إلى التماس إعادة النظر إذا تيسر سلوك طريق الطعن العادي - أساس ذلك: أنه يجب استيفاء طرق الطعن العادية قبل اللجوء إلى طرق الطعن غير العادية - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 18/ 11/ 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 116 لسنة 34 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 15/ 10/ 1987 في الدعوى رقم 629 لسنة 41 ق.
وطلب الأستاذ المستشار رئيس هيئة قضايا الدولة - للأسباب التي أوردها بتقرير طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبصفة أصلية بعدم جواز الالتماس وبصفة احتياطية بعدم قبول الالتماس مع إلزام المطعون ضدها المصروفات.
وفي يوم الاثنين 23/ 11/ 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السادة: (1) محافظ الإسكندرية (2) رئيس حي وسط الإسكندرية (3) مراقب عام الإسكان بحي وسط الإسكندرية (4) مدير التنظيم بحي وسط الإسكندرية (5) مهندس التنظيم بحي وسط الإسكندرية (بصفاتهم) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن في ذات الحكم المشار إليه قيد بجدولها برقم 124 لسنة 34 ق. عليا ضد الأستاذة أميرة فخري المحامية، وطلب الطاعنون للأسباب التي وردت بتقرير طعنهم الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء هذا الحكم وأصلياً بعدم قبول الالتماس، ومن باب الاحتياط الكلي برفض الالتماس مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه للأسباب المشار إليها به إلى طلب الحكم:
أولاً: بضم الطعن رقم 124 لسنة 34 ق إلى الطعن رقم 116 لسنة 34 ق عليا ليصدر فيهما حكم واحد.
ثانياً: الحكم بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول التماس إعادة النظر وتغريم الملتمسة ثلاثين جنيهاً وإلزامها المصروفات.
ونظر الطعن رقم 124 لسنة 34 ق أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 7/ 11/ 1988 وبجلسة 5/ 6/ 1989 قررت الدائرة ضم هذا الطعن إلى رقم 116 لسنة 34 ق ليصدر فيهما حكم واحد وبجلسة 2/ 10/ 1989 حضرت المطعون ضدها ودفعت بعدم قبول الطعن الأول رقم 116 لسنة 34 ق لعدم إعلانها به وقدمت حافظة مستندات.
وبجلسة 15/ 10/ 1990 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة وحددت لنظره جلسة 17/ 2/ 1990 وحضرت المطعون ضدها جلسة 31/ 3/ 1990 وفي هذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 19/ 5/ 1990 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال ثلاثة أسابيع ثم بهذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 16/ 6/ 1990 وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن إلى المرافعة لمناقشة الطرفين وتدوول الطعن أمام المحكمة حيث قررت بجلسة 24/ 5/ 1992 إصدار الحكم فيه بجلسة 21/ 6/ 1992 وفيها قررت مد أجل النطق إلى جلسة اليوم 19/ 7/ 1992 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن رقم 124 لسنة 34 ق قد استوفى إجراءات قبوله شكلاً فإنه يكون من المتعين قبوله شكلاً.
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 116 لسنة 34 ق فقد أقيم خلال المواعيد القانونية المقررة ولا ينال ما دفعت به المطعون ضدها من بطلانه لعدم إعلانها به ذلك أن الإعلان باعتباره إجراءاً جوهرياً يترتب على إغفاله بطلان الحكم ما لم يثبت تحقق الغاية منه وهو علم صاحب الشأن بالطعن المقام ضده، والثابت من الأوراق أنه تم إعلان المطعون ضدها على محل إقامتها المبين بعريضة الدعوى وهو (24 شارع محطة مصر قسم العطارين بالإسكندرية) وثبت للمحضر أن المسكن مغلق، وسلم صورة التقرير بالطعن إلى قسم شرطة العطارين ووجه إلى المطعون ضدها في عنوانها كتاباً مسجلاً بذلك إلا أن المطعون ضدها قد حضرت بنفسها أمام دائرة فحص الطعون وأبدت دفاعها وأودعت حوافظ مستندات في الطعن وهو الأمر الذي تتحقق به الغاية التي استهدفتها المادة (20) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وحيث إنه ويضاف إلى ما تقدم أن الإجراءات التي قام بها المحضر لإعلانها توافق صحيح الإجراءات التي تطلبها قانون المرافعات في المادة (11) منه، ومن ثم يكون الدفع المثار من المطعون ضدها بعدم إعلانها قد قام على غير سند يبرره جديراً برفضه، ويكون الطعن والحالة هذه استوفي أوضاع قبوله
الشكلية، ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإنه يبين من الأوراق أن المطعون ضدها أقامت بتاريخ 3/ 5/ 1986 دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية قيدت أمامها برقم 1132 لسنة 40 ق وطلبت في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن تسليمها ترخيص البناء الصادر لها في 15/ 3/ 1986 وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وبجلسة 27/ 11/ 1986 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام المطعون ضدها المصروفات وشيدت قضاءها على سند من تخلف ركن الاستعجال لأن وقف إجراءات ترخيص البناء لا يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها بالنظر إلى أن إصلاح هذه النتائج يتأتى عن طريق التعويض.
وبتاريخ 6/ 1/ 1987 أقامت المطعون ضدها الالتماس رقم 692 لسنة 41 ق بإعادة نظر الحكم الصادر من ذات المحكمة بجلسة 27/ 11/ 1986 في الدعوى رقم 1132 لسنة 40 ق المشار إليها فيما قضى به من رفض طلب وقف التنفيذ واستندت في طلب قبول الالتماس إلى أن الحكم الملتمس إعادة نظره قد بني على أساس من غش أدخلته جهة الإدارة على المحكمة بإخفاء مستندات هامة هي أن الترخيص المطلوب تسليمه لها قد صدر فعلاً بتاريخ 15/ 3/ 1986 وأن الإدارة أخفته عن المحكمة ورفضت تقديمه إليها ولو قدم إلى المحكمة لتغيَّر وجه الحكم في الدعوى لما لهذا المستند من تأثير إيجابي على طلب المدعية ويؤيد ذلك أنها تمكنت من الحصول على شهادة من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية ثابت بها صدور هذا الترخيص لها برقم 58/ 1986 بتاريخ 15/ 3/ 1986 من منطقة وسط الإسكندرية وهو ما يتطلب قبول الالتماس وفقاً للمادة 241/ 1 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وذلك كله يقتضي إعادة نظر الحكم والحكم لها بطلباتها بالنظر إلى حاجتها إلى سرعة البناء لصدور قرار بهدم المكتب الذي تقيم فيه.
وقد طلبت هيئة قضايا الدولة الحكم بعدم قبول الالتماس وبإلزام الملتمسة المصروفات لأنه لم يقع غش من جانب الإدارة ولأن جهة الإدارة لم تحل دون حصول المطعون ضدها قبل صدور الحكم الشهادة الصادرة من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الالتماس شكلاً ورفضه موضوعاً.
وبجلسة 15/ 10/ 1987 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والذي قضى بقبول الالتماس شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الملتمس فيه، وبوقف تنفيذ القرار السلبي المطعون فيه بامتناع جهة الإدارة عن تسليم المطعون ضدها - الملتمسة - الرخصة موضوع النزاع وإلزام الإدارة المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على سند من أن الملتمسة تحصلت بعد صدور الحكم الملتمس إعادة نظره على ما يفيد أن الإدارة الهندسية بحي وسط الإسكندرية قد أصدرت فعلاً الترخيص رقم 58 لسنة 1986 بتاريخ 15/ 3/ 1986 ولم تقدم الجهة الإدارية هذا الترخيص في الدعوى رقم 1132 لسنة 40 ق التي أقامتها الملتمسة في 3/ 5/ 1986 وصدر فيها الحكم محل الالتماس في 27/ 11/ 1986 وحالت الجهة الإدارية دون تقديم الملتمسة لهذا الترخيص قبل صدور الحكم.
ولا شك أن عدم تقديم المستند من جانب الإدارة كان من شأنه التأثير فيما انتهي إليه الحكم الملتمس فيه من أن القرار المطعون فيه إنما هو قرار وقف إجراءات الترخيص لتبين للمحكمة استكمالها للإجراءات بصدوره، وهو الأمر الذي كان يغير وجه الحكم في الدعوى، ومن ثم تتوافر بشأنه إحدى الحالات المشار إليها بالمادة (4) من قانون المرافعات المدنية والتجارية ويلزم الحكم للمدعية بطلباتها.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المشار إليه يقوم على سند من أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتفسيره وذلك لأن:
1) التماس إعادة النظر إنما يكون وفقاً لنص المادة (24/ 4) من قانون المرافعات المدنية والتجارية في الأحكام النهائية التي أغلق أمامها باب الطعن في الحكم الصادر فيها والحكم المطعون فيه لم يستغلق أبواب الطعن فيه لأن الالتماس أقيم خلال المواعيد المقررة للطعن فيه وكان يجدر بالمطعون ضدها ولوج طريق الطعن في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا.
2) أن الفقه والقضاء قد استقر على عدم جواز التماس إعادة النظر في الطلبات المستعجلة باعتبارها بحسب طبيعتها أحكاماً وقتية ليس من شأنها حسم المنازعة.
3) أن الالتماس غير مقبول أيضاً لأن المستند الذي تدعي الملتمسة حصولها عليه بعد الحكم لم يكن أمراً جديداً بالنسبة لها بل توافر علمها اليقيني به قبل صدور الحكم حيث أشارت إلى صدور الترخيص لها بتاريخ 15/ 3/ 1986 وحجب الجهة الإدارية له وامتناعها عن تسليمه لها، ولم يكن تقديم الترخيص إلى المحكمة ليغير وجه الحكم في الدعوى.
4) أن الملتمسة في التماسها لم تأت بجديد يستأهل أو يوفر تحقق ركن الاستعجال أو الجدية المبرر للحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن المادة (13) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة تجيز الطعن أمام محكمة القضاء الإداري في الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية، كما أن المادة (23) من ذات القانون تشير إلى جواز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري ومن المحاكم التأديبية كما أن المادة (51) من ذات القانون المشار إليه تنص على أن (يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية بطريق التماس إعادة النظر في المواعيد والأحوال المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية أو قانون الإجراءات الجنائية حسب الأحوال وذلك بما لا يتعارض مع طبيعة المنازعة المنظورة أمام هذه المحاكم، ولا يترتب على الطعن وقف تنفيذ الحكم إلا إذا أمرت المحكمة بغير ذلك، وإذا حكم بعدم قبول الطعن أو برفضه جاز الحكم على الطاعن بغرامة لا تتجاوز ثلاثين جنيهاً فضلاً عن التعويض إذا كان له وجه).
ومفاد ما تقدم أن قانون مجلس الدولة نظم الطعن في أحكام المحاكم الإدارية أمام محكمة القضاء الإداري، كما نظم الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم القضاء الإداري سواء بوصفها درجة ثانية من درجات التقاضي أو بوصفها محكمة أول درجة في غير تلك الحالة أمام المحكمة الإدارية العليا والتي تنبسط رقابتها على الحكم المطعون فيه لتنزل على المنازعة موضوعه صحيح حكم القانون وهذا هو الطريق العادي للطعن في الأحكام أمام محكمة أعلى.
أما التماس إعادة النظر فهو طريق من الطرق غير العادية للطعن، ويرفع إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم الملتمس فيه ولا يقبل إلا في حالات أوردها القانون على سبيل الحصر في المادة (241) مرافعات باعتباره إحدى طرق الطعن غير العادي في الأحكام لا يجوز ولوجه واستخدامه حيث يتيسر سلوك طريق الطعن العادي، لأن القاعدة هي وجوب استيفاء المحكوم ضده جميع الطرق الأصلية والعادية للطعن على الحكم من قبل أن يركن إلى طريق بديل هو التماس إعادة النظر الذي شرع استثناء في حالات محددة تشفع في معاودة المحكمة النظر في حكم أصدرته واستنفذت به ولايتها وهو استثناء يقدر بقدره على نحو لا يبسط معه إلا حيث تستنفذ بولوج الطرق الأصلية أولاً.
وبناء عليه فإذا كان الحكم صادراً من محكمة القضاء الإداري كما في الحالة موضوع الطعن فإنه يمتنع على المحكوم ضده التماس إعادة النظر فيه أمام ذات المحكمة التي أصدرته حيث إن باب الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يظل مفتوحاً طوال المواعيد المقررة لقبول الطعن وهذه المحكمة هي التي تملك دون غيرها وزن وجه الطعن في الحكم وتحديد وقائع المنازعة بشتى مناحيها وإنزال صحيح حكم القانون عليها.
وينبني على ما تقدم أنه إذا لم يرتضِ المحكوم ضده الحكم الصادر ضده مبتغياً تعديله لصالحه، فإنه لا مندوحة له من أن يطعن فيه بالطريق المقرر أصلاً أمام المحكمة الأعلى من المحكمة التي أصدرته وأن يوالي الخصومة ويتابعها حتى يخفق في الطعن، ولا يجوز له أن يبادر إلى الطعن بطريق التماس إعادة النظر ما دام باب الطعن ما زال مفتوحاً أمامه لرفع الطعن الأصيل، أو أن يفوت على نفسه هذا الميعاد أو يقعد عن موالاة ذلك الطعن حتى يزول قانوناً ثم يطعن في الحكم بالتماس إعادة النظر، وإلا كان التماساً غير جائز في هذه الحالات صدوراً عن انفتاح في طريق طعن أصيل في الحكم بما يغني عن سلوك طريق الطعن البديل سواء ابتداءً من خلال الميعاد أو بعد زوال هذا الطعن وهو ما يصدق، ولا ريب على جميع الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية ومن بينها تلك الصادرة في الطلبات المستعجلة بوقف تنفيذ القرارات المطعون فيها بدعاوى الإلغاء حيث وردت نصوص المواد 13، 34، 51 من قانون مجلس الدولة على النحو المبين آنفاً في صيغة عامة تغمر جميع تلك الأحكام سواء كانت عاجلة أو موضوعية.
ومن حيث إنه بإنزال ما سبق على وقائع الدعوى الماثلة يبين أن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية أصدرت حكمها بجلسة 27/ 11/ 1986 برفض طلب المطعون ضدها وقف القرار السلبي بالامتناع عن تسليمها رخصة البناء الصادرة لها، ولم تطرق المطعون ضدها طريق الطعن العادي بالالتجاء إلى المحكمة الإدارية العليا خلال المدة المقررة قانوناً للطعن في الحكم المشار إليه، وآثرت ولوج طريق التماس إعادة النظر أمام ذات المحكمة مصدرة الحكم وبالمخالفة للشروط والضوابط التي وصفتها أحكام المادة (241) من قانون المرافعات المدنية والتجارية مما كان يوجب في القضاء بعدم جواز التماس إعادة النظر المقدم منها وهو الأمر الذي التفت عنه الحكم موضوع الطعن، إذ خاض مباشرة في مدى قبول التماس إعادة النظر في الحكم موضوع الالتماس وبادر إلى القضاء بقبوله ووقف تنفيذ الحكم الملتمس إعادة نظره، على سند من اتفاقه مع طبيعة المنازعة الإدارية كما اتبع ببحث توافر إحدى حالات التماس إعادة النظر في الحكم محل الالتماس أياً كان صحيح الرأي في مدى توافرها، ثم انتهى إلى توافر ركن الجدية، وكذا ركن الاستعجال في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبغض النظر عن مدى صحة ذلك أيضاً أو توافره.
ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه والحال هذه قد خالف صحيح حكم القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله إذ لم يقض بعدم جواز نظر الالتماس مما كان يغنيه عن التطرق إلى ما يلي ذلك من بحث مدى توافر أي من ركني الجدية أو الاستعجال المتطلب توافرهما للقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وكان يجدر بالحكم أن يلتزم أحكام القانون وأن يلتزم بأحكام المادة (241) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الواجبة التطبيق فيما جاء بها من أن تفصل المحكمة أولاً في جواز قبول التماس إعادة النظر ثم تجدد جلسة للمرافعة في الموضوع دون حاجة إلى إعلان جديد على أنه يجوز لها أن تحكم في قبول الالتماس وفي الموضوع بحكم واحد إذا كان الخصوم قدموا أمامها طلباتهم في الموضوع وإذ لم يلتزم الحكم الطعين بصحيح أحكام القانون ولم يتقيد في قضائه بما تحكمه الشرعية وسيادة القانون ومن ثم فقد صدر معيباً متعيناً القضاء بإلغائه مع الحكم بعدم جواز التماس إعادة النظر.
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإنه يتعين الحكم على المطعون ضدها بوصفها الملتمسة بغرامة وفقاً للمادة (246) من قانون المرافعات المدنية والتجارية والتي نصت على أنه إذا حكم برفض الالتماس في الحالات المنصوص عليها في الفقرات الست الأولى من المادة (241) يحكم على الملتمس بغرامة لا تقل عن ثلاثة جنيهات ولا تجاوز عشرة جنيهات، وباعتبار أن التفسير الصحيح للمادة (246) المشار إليها ليس فقط رفض الالتماس بل الإخفاق فيه وهو يعني الرفض ويحمل معناه سواء كان هذا الإخفاق شكلاً أو موضوعاً ومن ثم يشمل حالة الحكم بعدم نظر الالتماس.
وحيث إن من خسر الدعوى يلزم مصروفاتها وفقاً للمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم جواز نظر الالتماس وبتغريم المطعون ضدها عشرة جنيهات مع إلزامها بالمصروفات.


[(1)] راجع الأحكام الآتية الصادرة من المحكمة الإدارية العليا في مجال التماس إعادة النظر:
1 - جلسة 26/ 6/ 1988 طعن رقم 2455 لسنة 33 ق وتضمن مبدأ عدم جواز الطعن على أحكام المحكمة الإدارية العليا بطريق التماس إعادة النظر.
2 - جلسة 26/ 11/ 1977 طعن رقم 448 لسنة 20 ق وتضمن نطاق تطبيق قواعد المرافعات وقواعد الإجراءات في مجال الدعاوى التأديبية.
3 - جلسة 10/ 5/ 1986 طعن رقم 1102 لسنة 28 ق وتضمن مبدأ عدم انفراد النيابة الإدارية بالتماس إعادة النظر في الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية.
4 - جلسة 24/ 2/ 1984 طعن رقم 88 لسنة 25 ق وتضمن مبدأ جواز الجمع بين الالتماس والطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية باعتبار أن كل طريق له شروطه وحالاته.