مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1895

(206)
جلسة 25 من يوليو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد المنعم عبد العظيم جيرة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد مجدي محمد خليل وجوده عبد المقصود فرحات وأحمد إبراهيم عبد العزيز - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1431 لسنة 34 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - التحقيق. (النيابة الإدارية).
إقرار العامل في تحقيقات النيابة الإدارية بصحة توقيعاته بدفتر الحضور والانصراف خلال المدة التي تقع خلال الفترة التي قام فيها بصرف بدل السفر ومصروفات انتقاله عن بعض المأموريات مما يفيد قيامه بصرف مبالغ دون وجه حق عن هذه المأموريات - لا يجوز للعامل في هذه الحالة إنكار اعترافه والادعاء بعدم صحة هذا الإقرار لجهله القراءة والكتابة - أساس ذلك: النيابة الإدارية هيئة قضائية محايدة ليس لها مصلحة في إثبات أقوال غير حقيقية تنسبها للطاعن - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 30/ 3/ 1988 أودع الأستاذ/ بشري جبران لوقا المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن سكرتارية هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان في الدعوى رقم 204 لسنة 29 ق جلسة 31/ 1/ 1988 فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالحرمان من نصف العلاوة الدورية المقررة - وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم ببراءة الطاعن مما نسب إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبعد إعلان الطعن على الوجه المقرر قانوناً أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة (الدائرة الرابعة) جلسة 27/ 11/ 1991 وقررت الدائرة بجلسة 12/ 2/ 1992 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره موضوعاً أمامها بجلسة 29/ 6/ 1992 حيث جرى تداوله على النحو المبين بمحاضر الجلسات وقررت المحكمة بجلسة 27/ 6/ 1992 إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن مقدم خلال المواعيد القانونية واستوفى أوضاعه الشكلية، ومن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن وقائع الطعن تتحصل في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى رقم 204 لسنة 29 ق أمام المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان متضمنة تقريراً باتهام كل من:
1 - ..... العامل بمركز صحة البيئة بإمبابة التابع لوزارة الصحة (درجة ثالثة).
2 - ....... الكيميائي بمركز صحة البيئة التابع لوزارة الصحة (درجة أولى).
لأنهما خلال الفترة من 11/ 8/ 1984 إلى 17/ 10/ 1984 خرجا على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤديا العمل المنوط بهما بدقة وأمانة وسلكا مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب بكرامة الوظيفة ولم يحافظا على أموال وممتلكات الجهة التي يعملان بها وخالفا ما تنص عليه القواعد المالية المعمول بها وأتيا ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن:
الأول - ...... حصل على بدل سفر بالزيادة عن مأموريتين من القاهرة إلى المنصورة ودمياط وأسيوط خلال الفترة من 11/ 8/ 1984 إلى 24/ 8/ 1984، ومن 6/ 10/ 1984 إلى 27/ 10/ 1984 رغم قيامه بالتوقيع في دفتر الحضور والانصراف خلال الفترة من 11/ 8/ 1984 إلى 17/ 8/ 1984 والفترة من 6/ 10/ 1984 إلى 19/ 10/ 1984 وذلك على النحو الموضح بالأوراق.
الثاني - ...... اعتمد استمارتي بدل السفر الخاصة بالمخالف الأول بما يفيد الموافقة على صرف قيمتها رغم ما بها من مخالفات على النحو الموضح بالأوراق.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهما طبقاً لمواد القوانين الواردة بتقرير الاتهام.
ونظرت المحكمة التأديبية الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 31/ 1/ 1988 قضت بمجازاة الطاعن بالجزاء المطعون فيه وأقامت قضاءها على أساس أن الثابت من الأوراق والتحقيقات أن المذكور بوصفه عاملاً بمركز صحة البيئة بإمبابة وضمن العاملين بمشروع مسح مجرى نهر النيل قد تقدم إلى جهة عمله باستمارات بدل سفر وانتقال وإقامة عن مأموريات إلى المنصورة ودمياط ورشيد وأسيوط وأسوان عن المدة من 16/ 8 إلى 24/ 8/ 1984، ومن 26/ 8 إلى 3/ 9/ 1984، ومن 6/ 10 إلى 27/ 10/ 1984 وتم صرف البدل بواقع 211.950 جنيهاً وذلك في حين أنه كان موجوداً بجهة عمله في الفترة من 11/ 8 إلى 17/ 8/ 1984 والفترة من 6/ 10/ 1984 وبذلك يكون قد حصل على بدل السفر والإقامة والانتقال عن مأموريات وهمية، الأمر الذي يتعين معه مجازاته عن هذه المخالفات ولا يغير من ذلك ما يشير إليه من أن توقيعه كان نتيجة لجهله بالقراءة والكتابة إذ أن ذلك لا يؤدي إلى هذا اللبس وقد ثبت بدفتر الحضور والانصراف الإشارة إلى المأموريات الصحيحة التي قام بها وأجازاته العارضة مما يقطع بأن ما يدعيه لا أساس له من الصحة لعدم توافر صحة مأمورية أسوان إلا عن المدة من 20/ 10 إلى 15/ 11/ 1984 وعدم قيامه بمأمورية أسيوط واستعداده لرد مبلغ 61.950 جنيهاً قيمة هذه المأمورية.
ومن حيث إن الطعن في هذا الحكم يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً: أخطأ الحكم المطعون فيه إذ استند إلى شهادة........ مراقب عام الحسابات بوزارة الصحة دون اعتبار ما ورد بدفاع الطاعن من مسئولية السيدة المذكورة عن جميع الأعمال المالية والحسابية، وأنها أرادت من هذه الشهادة أن تدرأ عن نفسها المسئولية.
ثانياً: كما أخطأ الحكم المطعون فيه لإغفاله ما أثاره دفاع الطاعن من أنه لا يوجد للمركز هيكل وظيفي وأنه ترتب على ذلك أن دفتر الحضور والانصراف كان بلا موظف مسئول عنه ويتم القيد فيه بطريقة عشوائية.
ثالثاً: أن ما نسب إلى الطاعن في التحقيقات من إقراره بعدم قيامه بمأمورية أسيوط واستعداده لرد المبلغ الخاص بها ليس صحيحاً وقد قام المحقق بنسبة هذه الأقوال للطاعن وهو يجهل القراءة والكتابة.
رابعاً: أن الطاعن عضو في فريق العمل الخاص بمشروع مسح مجرى نهر النيل مما يسمح بقيامه بهذه المأموريات.
وقدم الطاعن مذكرة بدفاعه بجلسة 18/ 4/ 1992 وحافظة مستندات بجلسة 27/ 6/ 1992 وجاء في المذكرة المشار إليها أن المحكمة الإدارية العليا أصدرت بجلسة 8/ 6/ 1991 حكمها في الطعن رقم 3846 لسنة 35 ق عليا المقدم من الكيميائية..... والكيميائي........ بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان في الدعوى رقم 9 لسنة 30 ق وببراءتهما مما هو منسوب إليهما، وأضاف الطاعن بأنه كان مشاركاً للكيميائية...... طوال مدة قيامها بأبحاثها عن تلوث مجرى نهر النيل العام 1984.
ومن حيث إن الطاعن قد أقر في التحقيقات بصحة توقيعاته بدفتر الحضور والانصراف بالمركز خلال الأيام المشار إليها التي تقع خلال الفترة التي قام فيها بصرف بدل سفر ومصروفات انتقال وإقامة عن بعض المأموريات مما يعني قيامه بصرف هذه المبالغ بدون وجه حق وأن هذه المأموريات لم تكن حقيقية وقد أقر الطاعن نفسه ببعض هذه المخالفات ومن بينها عدم قيامه بمأمورية أسيوط واستعداده لرد المبالغ الخاصة بها وأنه كان يستعمل سيارة تابعة للمركز في مأموريتي المنصورة ودمياط ورشيد في حين أنه مدون باستمارات السفر أنه استخدم تاكسي بيجو في الذهاب والعودة.
ومن حيث إنه لا وجه لما يثيره دفاع الطاعن بشأن عدم صحة هذا الإقرار المنسوب إلى الطاعن لأنه يجهل القراءة والكتابة، ذلك أن هذا الادعاء مردود عليه بأن النيابة الإدارية هيئة قضائية محايدة ليس لها مصلحة في إثبات أقوال غير حقيقية ونسبتها إلى الطاعن.
كما أنه لا وجه لما جاء بدفاع الطاعن بشأن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3846 لسنة 35 ق عليا والذي قضى ببراءة الكيميائية.......... من الاتهامات المنسوبة إليها في الدعوى رقم 9 لسنة 30 ق، حيث إنه قد تبين من الاطلاع على هذا الحكم أن وقائع الطعن وأشخاصه تختلف عن الطعن الماثل، ولم يتضمن الحكم من قريب أو من بعيد ما يشير إلى الاتهامات المنسوبة إلى الطاعن في الطعن الماثل.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص استخلاصاً سائغاً من الأوراق والتحقيقات، ومن ثم يضحى الطعن عليه غير قائم على أساس صحيح من الواقع والقانون مما يتعين معه القضاء برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.