أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 783

جلسة 21 من أكتوبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الرحيم نافع نائب رئيس المحكمة ومحمود البارودي ومحمد أحمد حسن ومحمود رضوان.

(150)
الطعن رقم 1941 لسنة 56 القضائية

(1) هتك عرض. جريمة "أركانها". إكراه.
- ركن القوة والتهديد في جريمة هتك العرض. تحققه بكافة صور انعدام الرضا لدى المجني عليه. تمامه بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص بقصد تعطيل قوة المقاومة عندهم. سواء بوسائل مادية تقع على أجسامهم أو بالتهديد باستعمال السلاح.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "اعتراف" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". هتك عرض.
- للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهم ولو كان وارداً بمحضر الشرطة. متى اطمأنت إلى صدقه.
مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة في جريمة هتك عرض.
(3) إثبات "بوجه عام" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- ثبوت أن سن المجني عليه كانت دون السادسة عشرة. عدم جدوى قول الطاعن بأنه كان يجهل سن المجني عليه الحقيقية. أساس ذلك؟
1 - من المقرر أن ركن القوة والتهديد في جريمة هتك العرض يتحقق بكافة صور انعدام الرضا لدى المجني عليه فهو يتم بكل وسيله قسرية تقع على الأشخاص بقصد تعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة، وكان يصح أن يكون تعطيل مقاومة المجني عليه بالوسائل المادية التي تقع مباشرة على جسمه فإنه يصح أيضاً أن يكون بالتهديد باستعمال السلاح.
2 - من المقرر كذلك أن لمحكمة الموضوع أن تعول في قضائها على أقوال المتهم ولو كانت واردة في محضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة، فإن منعى الطاعن على الحكم اعتباره الواقعة جناية وتعويله على اعترافه بمحضر الضبط يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لركن القوة في الجريمة واستظهره بما ثبت للمحكمة من ارتكاب الطاعن فعلته بغير رضاء المجني عليه مهدداً إياه بالمدية، وهو ما يكفي للتدليل عليه وأن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح دفاع الطاعن بنفي ركن القوة مردود "بما هو ثابت بمحضر الضبط بل واعتراف المتهم الماثل في صراحة ووضوح يبعث على الارتياح والاطمئنان إليه بما مفاده أنه قارف جناية هتك عرض المجني عليه بتخويفه وتهديده إياه بالمطواة التي كان يحملها أي هذا المتهم - الطاعن قد ارتكب هذا الفعل ضد إرادة المجني عليه وبغير رضاءه الصحيح به." وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً للرد على ما يثيره الطاعن من عدم حمله للسلاح وارتكابه الفعل برضاء المجني عليه فإن منعاه في شأن ذلك لا يكون له وجه.
3 - لما كان الحكم قد أثبت نقلاً عن التقرير الطبي الشرعي أن سن المجني عليه كانت دون السادسة عشرة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون إذ دان الطاعن على الوجه الذي خلص إليه، ولا يقبل من الطاعن - من بعد القول بأنه كان يجهل سن المجني عليه الحقيقية، ذلك بأن كل من يقدم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة في ذاتها أو التي تؤثمها قواعد الآداب وحسن الأخلاق يجب عليه أن يتحرى بكل الوسائل الممكنة حقيقة جميع الظروف المحيطة قبل أن يقدم على فعله، فإذا هو أخطأ التقدير حق عليه العقاب ما لم يقم الدليل على أنه لم يكن في مقدوره بحال أن يعرف الحقيقة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه هتك عرض...... الذي لم يبلغ عمره ست عشرة سنة كاملة بالقوة والتهديد بأن اقتاده عنوه إلى مكان خال من المارة وهدده بمدية كان يحملها لإجباره على خلع ملابسه عنه كاشفاً بذلك عن عورته وجثم فوقه مولجاً قضيبه في دبره وأمنى فيه، وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمادة 268/ 1 - 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك عرض صبي لم يبلغ ست عشرة سنة بالقوة والتهديد فقد أخطأ في تطبيق القانون، وانطوى على فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، ذلك بأنه اعتبر الواقعة جناية رغم انتفاء ركن القوة بما تضحى معه جنحه منطبقة على المادة 269 من قانون العقوبات. وعول على ما أسنده للطاعن من اعتراف بمحضر جمع الاستدلالات مع أنه لم يصدر أمام السلطة القضائية، ولم يستظهر توافر ركن القوة خاصة في ضوء ما تضمنه التقرير الطبي من تكرار استعمال المجني عليه. كما أن الحكم لم يعرض لدفاع الطاعن القائم على تكذيب ما قرره المجني عليه من أن الطاعن كان يحمل مطواة وهدده بها، والتفت كذلك عن دفاع الطاعن بتحقيق النيابة العامة بأن ما أتاه إنما تم بناء على طلب المجني عليه الذي أقر بمحضر جمع الاستدلالات بسبق ارتكابه هذا الفعل لقاء أجر هذا إلى أن الحكم قد غفل عن التدليل على علم الطاعن بسن المجني عليه - الذي كان قد قارب السادسة عشرة من عمره - أو يرد على دفاعه في هذا الخصوص. وكل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دانه بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة استمدها من أقوال كل من المجني عليه والشاهد.... والطاعن، وما ثبت من التقرير الطبي الشرعي. لما كان ذلك، وكان الحكم، سواء في معرض تكييفه للواقعة بأنها جناية أو في التدليل على ثبوتها في حق الطاعن، قد استند - ضمن ما استند إليه - إلى أقوال الطاعن في كل من محضر جمع الاستدلالات وتحقيق النيابة العامة، وحصل أقوال الطاعن في أنه أجبر المجني عليه على السير معه قسراً عنه مهدداً إياه بمدية كان يحملها حتى وصل به إلى مكان مظلم بمنطقة مقابر باب الوزير حيث أرغمه، تحت تهديد السلاح، على خلع سرواله وهتك عرضه بغير رضاه، وكان من المقرر أن ركن القوة والتهديد في جريمة هتك العرض يتحقق بكافة صور انعدام الرضا لدى المجني عليه فهو يتم بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص بقصد تعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة، وكما يصح أن يكون تعطيل مقاومة المجني عليه بالوسائل المادية التي تقع مباشرة على جسمه فإنه يصح أيضاً أن يكون بالتهديد باستعمال السلاح، وإذ كان من المقرر كذلك أن لمحكمة الموضوع أن تعول في قضائها على أقوال المتهم ولو كانت واردة في محضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة، فإن منعى الطاعن على الحكم اعتباره الواقعة جناية وتعويله على اعترافه بمحضر الضبط يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لركن القوة في الجريمة واستظهره بما ثبت للمحكمة من ارتكاب الطاعن فعلته بغير رضاء المجني عليه مهدداً إياه بالمدية، وهو ما يكفي للتدليل عليه وأن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح دفاع الطاعن بنفي ركن القوة بقوله أنه مردود "بما هو ثابت بمحضر الضبط بل واعتراف المتهم الماثل في صراحة ووضوح يبعث على الارتياح والاطمئنان إليه بما مفاده أنه قارف جناية هتك عرض المجني عليه بتخويفه وتهديده إياه بالمطواة التي كان يحملها أي هذا المتهم - الطاعن قد ارتكب هذا الفعل ضد إرادة المجني عليه وبغير رضاءه الصحيح به". وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً للرد على ما يثيره الطاعن من عدم حمله للسلاح وارتكابه الفعل برضاء المجني عليه فإن منعاه في شأن ذلك لا يكون له وجه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت نقلاً عن التقرير الطبي الشرعي أن سن المجني عليه كانت دون السادسة عشرة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون إذ دان الطاعن على الوجه الذي خلص إليه، ولا يقبل من الطاعن - من بعد القول بأنه كان يجهل سن المجني عليه الحقيقية، ذلك بأن كل من يقدم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة في ذاتها أو التي تؤثمها قواعد الآداب وحسن الأخلاق يجب عليه أن يتحرى بكل الوسائل الممكنة حقيقة جميع الظروف المحيطة قبل أن يقدم على فعله، فإذا هو أخطأ التقدير حق عليه العقاب ما لم يقم الدليل على أنه لم يكن في مقدوره بحال أن يعرف الحقيقة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.