أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 788

جلسة 21 من أكتوبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الرحيم نافع رئيس المحكمة ومحمود البارودي ومحمد أحمد حسن ومحمود رضوان .

(151)
الطعن رقم 3298 لسنة 56 القضائية

(1) قبض. تلبس. استيقاف. مأمورو الضبط القضائي. دفوع "الدفع ببطلان القبض". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بدون وجه حق. يضير العدالة.
التلبس حالة تلازم الجريمة. لا شخص مرتكبها.
مجرد معرفة رجل الشرطة أن المتهم من المتجرين في المخدرات أو محاولته الفرار عند رؤيته له أو في حالة ارتباك. لا يعتبر دليلاً كافياً على وجود اتهام يبرر القبض عليه وتفتيشه.
(2) إثبات "بوجه عام". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟.
1 - من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بدون وجه حق، وكان من المقرر أيضاً أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وكان مؤدى الواقعة التي أوردها الحكم ليس فيه ما يدل على أن المتهم قد شوهد في حالة من حالات التلبس المبينة حصراً بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، والتي لا يوفرها مجرد معرفة رجل الشرطة الذي ألقى القبض عليه بأنه يعمل في الاتجار في المواد المخدرة أو محاولته الفرار عند رؤيته له كما أن مجرد ما يبدو على الشخص من مظاهر الحيرة والارتباك مهما بلغا لا يمكن اعتباره دلائل كافيه على وجود اتهام يبرر القبض عليه وتفتيشه. لما كان ذلك فإن ما وقع على الطاعن هو قبض صريح ليس له ما يبرره ولا سند له في القانون. ذلك بأن المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 لا تجيز لمأمور الضبط القضائي - فضلاً عن أن رجل السلطة العامة - القبض على المتهم إلا في أحوال التلبس بالجريمة وبالشروط المنصوص عليها فيها.
2 - إن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا بطل أحدها تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه (أولاً): أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (عقار الكودينال اموزين والفانودورم وعقار الألفاكافين وعقار اليدوكوردين) وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. (ثانياً): اتجر في العقاقير الطبية بدون ترخيص. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات... قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبنود 2، 3، 5 من الجدول الأول الملحق والقرار رقم 295 لسنة 1976 والمواد 7، 83 من القانون رقم 127 لسنة 1955 والمادة 2/ 2 - جـ من القرار رقم 301 لسنة 1976 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة العقاقير المخدرة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بتهمتي الاتجار في العقاقير المخدرة والأدوية بدون ترخيص فقد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن محاميه دفع ببطلان القبض والتفتيش وما بني عليهما من إقرار أمام الشرطة مستنداً إلى أن مجرد معرفة الشرطي السري للطاعن ومحاولته الفرار لا يتوافر بهما في حقه حالة التلبس التي تبيح القبض والتفتيش، إلا أن المحكمة ردت دفعه بما لا يسوغ به رده، وعولت على إقراره أمام الشرطة مع أنه وليد قبض وتفتيش باطلين الأمر الذي يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الشرطي السري..... كان يتفقد أحوال الأمن فشاهد الطاعن المعروف باتجاره في الأقراص المخدرة حاملاً وعاء، وما إن أبصره حتى حاول الفرار إلا أنه لم يتمكن من إيقافه وشاهد أدوية كثيرة في الوعاء بحالة ظاهرة فسأله عنها فأجابه بأنها أدوية، فاقتاده إلى مكتب مباحث مركز صدفا وأخبر رئيس المباحث بما حدث فقام هذا الأخير بفض الوعاء وتبين أنه يحتوي على عقاقير وأدوية، وأقر له الطاعن بأنه يتعيش من الاتجار فيها وقد ثبت من تحليلها أنها عقاقير مخدرة وأدوية، وبعد أورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدله مستمدة من أقوال الشرطي السري والضابط ومن تقرير التحليل عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش وإطراحه في قوله "وحيث إن الدفع ببطلان القبض والتفتيش مردود، ذلك لأن الثابت من الأوراق أن المتهم معروف لدى الشاهد الأول باتجاره في العقاقير المخدرة فضلاً عن محاولته الفرار بالكرتونة.... فتمكن منه واستوقفه وأبصر الأدوية بحالة ظاهرة داخل الكرتونة لكثرتها وأخبره المتهم أن محتويات الكرتونة أدوية فأقتاده إلى حيث الشاهد الثاني الذي تولى فض الكرتونة فأسفر التفتيش عن عقاقير مخدرة ومن ثم جاء القبض والتفتيش بعد إجراءات صحيحة في القانون". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بدون وجه حق، وكان من المقرر أيضاً أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وكان مؤدى الواقعة التي أوردها الحكم ليس فيه ما يدل على أن المتهم قد شوهد في حالة من حالات التلبس المبينة حصراً بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، والتي لا يوفرها مجرد معرفة رجل الشرطة الذي ألقى القبض عليه بأنه يعمل في الاتجار في المواد المخدرة أو محاولته الفرار عند رؤيته له كما أن مجرد ما يبدو على الشخص من مظاهر الحيرة والارتباك مهما بلغا لا يمكن اعتباره دلائل كافية على وجود اتهام يبرر القبض عليه وتفتيشه. لما كان ذلك فإن ما وقع على الطاعن هو قبض صريح ليس له ما يبرره ولا سند له في القانون. ذلك بأن المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 لا تجيز لمأمور الضبط القضائي - فضلاً عن أن رجل السلطة العامة - القبض على المتهم إلا في أحوال التلبس بالجريمة وبالشروط المنصوص عليها فيها لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وكان ما أورده تبريراً لإطراح دفع الطاعن ببطلان إجراءات القبض لا يتفق مع صحيح القانون ولا يؤدي إلى ما رتبه عليه فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن تقدير أدلة الدعوى ومنها إقرار الطاعن أمام ضابط المباحث، ولا يغني عن ذلك ما ذكره الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا بطل أحدها تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.