مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 2017

(218)
جلسة 28 من يوليو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ أحمد مدحت حسن علي وعويس عبد الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وأحمد أمين حسان محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2846 لسنة 35 القضائية

أ - إصلاح زراعي - اللجان القضائية للإصلاح الزراعي - ميعاد الاعتراض أمامها.
ميعاد الاعتراض أمام اللجان القضائية يبدأ من تاريخ نشر قرار الاستيلاء الابتدائي بالجريدة الرسمية - شرط ذلك: يجب لكي ينتج النشر أثره القانوني أن يتم بالطريق الذي رسمته المادة 26 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 178 لسنة 1952 - عدم قيام الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالنشر حسب ما هو مستقر - أثر ذلك: بقاء ميعاد الطعن على القرار مفتوحاً - العلم الذي يقوم مقام النشر في الجريدة الرسمية لابد أن يكون علماً يقينياً لا ظنياً افتراضياً شاملاً لجميع محتويات القرار جامعاً لكل العناصر التي يستطيع على هداها صاحب الشأن أن يتبين طريقه إلى الطعن فيه - تطبيق.
ب - إصلاح زراعي - قواعد الاعتداد بالتصرفات.
المادة الثانية من القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها - لا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكامه ما لم تكن صادرة إلى أحد المتمتعين بجنسية الجمهورية العربية المتحدة وثابتة التاريخ قبل يوم 23 من ديسمبر سنة 1961 - مؤدى ذلك: يتعين للاعتداد بتصرف المالك الخاضع للقانون المذكور أن يكون التصرف ثابت التاريخ قبل 23/ 12/ 1961 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق السادس من يونيه عام 1989 أودعت الأستاذة سلوى محمد يوسف المحامية المقبولة أمام المحكمة الإدارية العليا تقرير هذا الطعن، نيابة عن السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته، بموجب القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية، ضد ورثة المرحوم محمد محمود علي أحمد في القرار الصادر من اللجنة القضائية الثانية للإصلاح الزراعي بجلسة 19/ 4/ 1989 في الاعتراض رقم 325 لسنة 1986 والذي قضى بقبول الاعتراض شكلاً وفي الموضوع بالاعتداد بعقد البيع المؤرخ 7/ 1/ 1960 - وباستبعاد مساحة الاعتراض البالغ قدرها أربعة قراريط من الاستيلاء.
وطلبت الهيئة الطاعنة في ختام تقرير الطعن، للأسباب الواردة به، الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وباستمرار الاستيلاء على أرض الاعتراض وبإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه للأسباب المبينة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه بشقيه العاجل والموضوعي وبإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التي قررت بجلسة 6/ 3/ 1991 إحالة الطعن إلى الدائرة الثلاثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 2/ 4/ 1991 ثم تدوول نظر الطعن بعد ذلك أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 10/ 3/ 1992 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 19/ 5/ 1992 وبهذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل الحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن ورثة المرحوم محمد محمود علي أحمد أقاموا الاعتراض رقم 325 لسنة 1986 بصحيفة قدمت للسيد المستشار رئيس اللجان القضائية للإصلاح الزراعي بتاريخ 15/ 4/ 1986 ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي جاء بها أنه بتاريخ 7/ 1/ 1960 اشترى المرحوم محمد محمود علي قطعة أرض مساحتها أربعة قراريط بناحية نفيشة محافظة الإسماعيلية وذلك بعقد عرفي صادر من السيد/ بنايوتي جورجي اكسنارس الخاضع للقانون رقم 15 لسنة 1963، وأضاف المعترضون أن العقد العرفي المؤرخ 7/ 1/ 1960 ثابت التاريخ وأن مساحة العقد من أراضي البناء الداخلة كردون المدينة، وأنه سبق استبعاد مساحة ملاصقة لأرض الاعتراض من الاستيلاء وبرغم ذلك استولى الإصلاح الزراعي على أرض الاعتراض قبل الخاضع المذكور طبقاً للقانون رقم 15 لسنة 1963 وخلص المعترضون إلى طلب إصدار القرار بالاعتداد بالعقد سند الاعتراض وبإلغاء الاستيلاء الموقع على مساحة الاعتراض.
وقدم المعترضون تأييداً لاعتراضهم العقد سند الاعتراض، وهو ممهور بخاتم تفتيش زراعة الإسماعيلية وموقع عليه فوق هذا الخاتم من الموظف المسئول بتاريخ 14/ 10/ 1961 بكلمة نظر، وتوقيع آخر بالمداد الأحمر في 16/ 10/ 1961 كما قدم المعترضون صورة طبق الأصل من إعلام الوراثة المتضمن إثبات وفاة مورثهم وانحصار إرثه فيهم وصور لبعض الأوراق والمكاتبات.
وبجلسة 20/ 12/ 1987 قررت اللجنة قبل الفصل في شكل الاعتراض وموضوعه ندب مكتب خبراء وزارة العدل بالإسماعيلية لأداء المأمورية الموضحة بمنطوق القرار وأودع مكتب خبراء وزارة العدل بالإسماعيلية تقريراً مؤرخاً 20/ 3/ 1988 تضمن الآتي:
(1) أرض الاعتراض مساحتها 4 ط تقع بالقطعة رقم 41 جـ بالمنطقة رقم 56 مدن الإسماعيلية طبقاً للحدود والمعالم الواردة بالتقرير.
(2) تم الاستيلاء على أرض الاعتراض قبل الخاضع بنايوتي جورجي اكسنارس طبقاً للقانون رقم 15 لسنة 1963 - والاستيلاء ابتدائي مؤرخ 14/ 2/ 1965 وقد تم تعديل هذا الاستيلاء قبل الخاضع المذكور بموجب محضر تعديل الاستيلاء المؤرخ 24/ 12/ 1975، ولم تتم إجراءات النشر واللصق عن هذا الاستيلاء.
(3) لم يسبق رفع اعتراضات عن ذات الأرض محل الاعتراض إلا أن السيد/ عبد الغني محمد محمود أحد المعترضين تقدم للسيد مدير الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بتاريخ 26/ 3/ 1986 بطلب التمس فيه الإفراج عن أرض الاعتراض، وتم تحويل هذا الطلب إلى لجان بحث التصرفات في 28/ 1/ 1987.
(4) أرض الاعتراض مملوكة أصلاً للخاضع الأجنبي، وقد تصرف فيها بالبيع إلى مورث المعترضين بعقد ابتدائي مؤرخ 7/ 1/ 1960 والعقد ممهور بخاتم تفتيش زراعة الإسماعيلية بأنه نظر في 14/ 10/ 1961، 16/ 10/ 1961.
(5) أرض الاعتراض في وضع يد المعترضين من تاريخ الشراء وحتى الآن، ولم يتقدم الخاضع الأجنبي بأي إقرار للهيئة العامة للإصلاح الزراعي طبقاً للقانون رقم 15/ 63.
(6) أرض الاعتراض تقع داخل كردون مدينة الإسماعيلية ومربوطة بضريبة الأطيان الزراعية ولم يصدر مرسوم بتقسيمها ولم تجزأ إلى قطع ولكنها تقع ضمن منطقة سكنية بالإسماعيلية.
وقد قدم المعترضون مذكرة بدفاعهم التمسوا فيها الحكم بالطلبات، قدمت الهيئة المعترض ضدها مذكرة بدفاعها التمست فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الاعتراض شكلاً لرفعه بعد الميعاد، واحتياطياً، برفض الاعتراض موضوعاً.
وبجلسة 19/ 4/ 1989 أصدرت اللجنة قرارها سالف البيان، واستندت في القضاء بقبول الاعتراض شكلاً إلى الهيئة المعترض ضدها لم تقم بإجراءات اللصق والنشر فضلاً عن أنه لا يوجد علم يقيني بقرار الاستيلاء ومن ثم يكون ميعاد الطعن على قرار الاستيلاء مفتوحاً واستندت في القضاء بالإفراج عن مسطح الاعتراض إلى أن العقد سند الاعتراض ثابت التاريخ بالتأشير عليه، من موظفين عامين بتفتيش زراعة الإسماعيلية في 14، 16 من أكتوبر عام 1961 وذلك قبل 23/ 12/ 1961 تاريخ الاعتداد بالتصرفات عملاً بأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963.
ومن حيث إن تقرير الطعن يستند إلى أن القرار المطعون فيه قد خالف القانون ذلك أن الاعتراض محل الطعن غير مقبول شكلاً لأن المطعون ضدهم علموا بقرار الاستيلاء في 27/ 3/ 1986 وأقاموا الاعتراض بعد مضي الميعاد المقرر قانوناً، فضلاً عن أن الاعتراض مقام بعد العمل بالقانون رقم 3 لسنة 1986 ومن ناحية أخرى، فإن أرض الاعتراض ليست من أراضي البناء، كما أن العقد سند الاعتراض غير ثابت التاريخ للشك في سلامة خاتم تفتيش زراعة الإسماعيلية المثبت على العقد سند الاعتراض.
ومن حيث إنه عن النعي بعدم قبول الاعتراض شكلاً، فإن المقرر أن ميعاد الاعتراض أمام اللجان القضائية يبدأ من تاريخ نشر قرار الاستيلاء الابتدائي بالجريدة الرسمية، وإنه لكي ينتج النشر أثره القانوني يجب أن يتم بالطريق الذي رسمته المادة 26 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 178 لسنة 1952 فإذا ثبت أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لم تقم بالنشر عن قرار الاستيلاء طبقاً للمرسوم قانوناً، فإن ميعاد الطعن على قرار الاستيلاء بحسب ما هو مستقر يكون مفتوحاً كما أن المقرر في هذا الخصوص أيضاً أنه وإن كان علم ذوي الشأن بقرار الاستيلاء يقوم مقام النشر في الجريدة الرسمية، إلا أنه يجب أن يكون العلم يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً شاملاً لجميع محتويات القرار جامعاً لكل العناصر التي يستطيع على هداها صاحب الشأن أن يتبين طريقه إلى الطعن فيه.
وبتطبيق ما تقدم على واقعة النزاع، فإن الهيئة الطاعنة لم تتخذ إجراءات النشر واللصق بصدد الاستيلاء الابتدائي على أرض النزاع، كما أن الأوراق خلت من دليل يفيد علم الورثة المطعون ضدهم بقرار الاستيلاء علماً يقينياً في تاريخ معين، وأنه عن القول بأن أحد المطعون ضدهم تقدم للهيئة الطاعنة بتاريخ 27/ 3/ 1986 طالباً الإفراج عن مسطح النزاع ومن ثم يكون المطعون ضدهم على علم بالاستيلاء في 27/ 3/ 1986، فهذا القول جدير بالالتفات عنه، لأن الطلب المقدم من أحد المطعون ضدهم (عبد الغني محمد محمود) لا يحمل في مضمونه توافر العلم اليقيني بقرار الاستيلاء من جانب الورثة المطعون ضدهم جميعاً فعبارات هذا الطلب لا تفيد أن مقدمه قد أحاط بجوانب الاستيلاء، ومن ناحية أخرى فإنه لا يجوز افتراض العلم اليقيني بقرار الاستيلاء بمجرد أن أحد المعترضين يطلب الإفراج عن مسطح النزاع، فضلاً عن أن باقي المعترضين ليسوا على علم بهذا الاستيلاء ولا يمكن افتراض ذلك لمجرد أن أحد - الورثة تقدم بطلب للهيئة الطاعنة للإفراج عن مسطح النزاع، إذ لا يفترض علم الآخرين لمجرد علم أحدهم، والذي ثبت أنه ليس بالعلم اليقيني.
ومن حيث إنه عن استناد الهيئة الطاعنة إلى القانون رقم 3 لسنة 1986 في شأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعي، فإن المادة الأولى من القانون المذكور تقضي بأن الأراضي التي مضى خمس عشرة سنة على الاستيلاء الابتدائي عليها وفقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 - لسنة 1952 والقانون رقم 127 لسنة 1961 والقانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية، وما في حكمها والقانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد ولم تقدم عنها اعتراضات أو طعون أو قدمت عنها ورفضت بصفة انتهائية حتى تاريخ العمل بهذا القانون يعتبر مستولى عليها وفقاً لأحكام هذه القوانين، وتقضي المادة الأولى من قرار وزير الزراعة رقم 877 لسنة 1986 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 3 لسنة 1986 بأن (..... تحسب مدة الخمس عشرة سنة المشار إليها اعتباراً من تاريخ محضر الاستيلاء الابتدائي أو من تاريخ تعديله طبقاً لبحث الملكية وذلك بالنسبة إلى المساحة التي تم التعديل في شأنها" بتطبيق أحكام تلك النصوص على واقعة النزاع، فان الواضح من الأوراق أنه تم تعديل الاستيلاء بالنسبة لمسطح النزاع في 24/ 12/ 1975 ومن ثم لا تكون مدة الخمسة عشر عاماً قد انقضت بمراعاة أن حساب المدة المشار إليها يبدأ من تاريخ تعديل الاستيلاء وذلك دون الحاجة إلى إثبات عدم توافر باقي الشروط الأخرى الأمر الذي ترى معه المحكمة عدم انطباق أحكام المادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 1986 على النزاع الماثل.
وترتيباً على كل ما تقدم يكون الاعتراض محل الطعن مقاماً في الميعاد المقرر قانوناً ومقبولاً شكلاً.
وإذ انتهى القرار المطعون فيه إلى ذلك، فإنه يكون متفقاً مع القانون، وبالتالي يكون النعي بعدم قبول الاعتراض شكلاً جديراً بالالتفات عنه.
ومن حيث إنه بالنسبة لموضوع الاعتراض، فإن المادة الثانية من القانون رقم 15 لسنة 63 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها تقضي بأن..." ولا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكامه ما لم تكن صادرة إلى أحد المتمتعين بجنسية الجمهورية العربية المتحدة وثابتة التاريخ قبل يوم 23 ديسمبر 1961 والمستفاد من النص المذكور أنه يتعين للاعتداد بتصرف المالك الخاضع للقانون المذكور أن يكون التصرف ثابت التاريخ قبل 23/ 12/ 1961 ومن المقرر أن طرق إثبات التاريخ التي ساقها نص المادة (15) من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 جاءت على سبيل المثال.
وبتطبيق ما تقدم على واقعة النزاع، فإن الواضح من مطابقة الأوراق أن الموظف المسئول بتفتيش زراعة الإسماعيلية قد أشر على العقد سند الاعتراض في تاريخ سابق على 23/ 12/ 1961 ولذا يكون هذا العقد ثابت التاريخ قبل 23/ 12/ 1961 ولا وجه للتعلل بالشك في خاتم التفتيش لعدم وجود دليل يفيد تزوير التوقيع المذكور وإذ انتهى القرار المطعون فيه إلى الاعتداد بالعقد سند الاعتراض وإلغاء الاستيلاء الموقع على مسطح النزاع فإنه يكون متفقاً مع القانون الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الطعن الماثل وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات عملاً بنص المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً وبإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.