أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 818

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: محمد يونس ثابت نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم البنا ومسعد الساعي نائبي رئيس المحكمة وأحمد سعفان والصاوي يوسف.

(158)
الطعن رقم 2805 لسنة 56 القضائية

(1) تزوير "الاشتراك في التزوير". اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام".
جرائم التزوير لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً. الاشتراك في التزوير. تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يكفي لثبوته اعتقاد المحكمة بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها اعتقاداً سائغاً.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
أخذ محكمة الموضوع بأقوال شاهد. دلالته؟
(3) تزوير. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
مجادلة محكمة الموضوع في عقيدتها أمام النقض غير جائز.
(4) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العبرة في المسائل الجنائية باقتناع قاضي الموضوع بأن إجراء من الإجراءات يصح أو لا يصح أساساً لكشف الحقيقة.
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
(5) جريمة "أركانها". باعث. تزوير. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الباعث ليس ركناً من أركان جريمة التزوير.
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. التفاتها عن أي دليل آخر. مفاده. إطراحه.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير التعويض".
تقدير التعويض من سلطة محكمة الموضوع وحدها حسبما تراه مناسباً وفق ما تتبينه من ظروف الدعوى.
1 - لما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم.
2 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد دل ذلك على إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
3 - لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدتي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة، فلا تجوز مجادلتها في ذلك، أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض، ومن ثم فلا محل لما تثيره الطاعنة في شأن استناد الحكم في إدانتها على أقوال شاهدتي الإثبات وإطراح ما ساقته من دفاع بغية التشكيك في هذه الأقوال إذ أنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كانت العبرة في المسائل الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بأن إجراء من الإجراءات يصح أو لا يصح أن يتخذ أساساً لكشف الحقيقة وكانت المحكمة قد رأت أن الأوراق التي اتخذت أساساً للمضاهاة هي أوراق تؤدي هذا الغرض وأن المضاهاة التي تمت صحيحة اطمأنت إليها المحكمة للأسباب الواردة بتقرير الخبير فإن تعييب الطاعنة لأوراق المضاهاة ولإجرائها على بصمة مجهلة ورمى تقرير المضاهاة بالتجهيل بناء على ذلك لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من ذلك التقرير هذا إلى أن النعي بأن النيابة العامة لم تحدد البصمة التي طلبت إجراء المضاهاة عليها لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة ومن ثم لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
5 - من المقرر أنه متى وقع التزوير أو استعمال المحرر المزور فإن الباعث على ارتكاب جريمة التزوير لا أثر له على وقوع الجريمة وليس ركناً من أركانها، ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم تعرضه للمستندات المقدمة من الطاعنة إثباتاً لملكيتها للعقار موضوع المحرر - بغرض تقديمها - لاتصال ذلك بالباعث على ارتكاب الجريمة، إذ أن المحكمة في أصول الاستدلال لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه.
6 - لما كان تقدير مبلغ التعويض من سلطة محكمة الموضوع وحدها حسبما تراه مناسباً وفق ما تبينته هي من ظروف الدعوى، فإنه لا يقبل من الطاعنة منازعتها في سلامة هذا التقدير ما دام قد اكتمل للحكم بالتعويض عناصره القانونية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها بصفتها ليست من أرباب الوظائف العمومية اشتركت مع آخر مجهول بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة وبالاشتراك مع موظف حسن النية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو عقد البيع رقم..... لسنة 77 وذلك بأن حرضت ذلك المجهول واتفقت معه على بصم عقد البيع سالف الذكر ببصمة نسبتها زوراً إلى..... وساعدته في ذلك بأن أمدته بالمعلومات اللازمة وقد وقعت الجريمة بناء على هذا التحريض والاتفاق وتلك المساعدة. وأحالتها إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وقد ادعت..... مدنياً قبل الطاعنة بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض النهائي ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 1 - 2 - 3، 41، 211، 212، 225 من قانون العقوبات وتطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمة بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وإيقاف تنفيذ العقوبة وبإلزامها بأن تدفع للمدعية بالحق المدني مبلغ ألف وخمسمائة جنيه ومصاريف الدعوى المدنية.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة الاشتراك في التزوير في محرر رسمي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في القانون ذلك بأنه عول في الإدانة على أقوال شاهدتي الإثبات وتقريري قسمي الأدلة الجنائية وأبحاث التزييف والتزوير ولم تعن المحكمة بتمحيص هذه الأدلة وصولاً إلى وجه الحقيقة فيها، كما لم تأبه بما أثارته الطاعنة - بجلسة المحاكمة - من أن أخواتها الثلاث حضرن عند توثيق عقد البيع مع شاهدين للتعريف بهن، ولا يسوغ عقلاً وجود سيدة غريبة معهن، هذا إلى أن النيابة العامة حين طلبت إلى قسم الأدلة الجنائية إجراء المضاهاة لم تحدد البصمة المطلوب مضاهاتها من بين البصمات الموجودة بالعقد الأمر الذي جاء معه تقرير المضاهاة مجهلاً، والتفتت المحكمة - كذلك - عن مستندات قدمتها الطاعنة إثباتاً لملكيتها للعقار موضوع المحرر المنسوب إليها الاشتراك في تزويره، وأخيراً فقد تجاوز التعويض المقضى به قيمة حصة المدعية بالحق المدني في العقار موضوع المحرر، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة مستمدة من أقوال شاهدتي الإثبات - المجني عليها وشقيقتها..... - ومن تقريري أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي والأدلة الجنائية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، مما يكون معه منعى الطاعنة في هذا الصدد ولا محل. لما كان ذلك، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم. كما أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد دل ذلك على إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدتي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة، فلا تجوز مجادلتها في ذلك، أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض، ومن ثم فلا محل لما تثيره الطاعنة في شأن استناد الحكم في إدانتها على أقوال شاهدتي الإثبات وإطراح ما ساقته من دفاع بغية التشكيك في هذه الأقوال إذ أنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت العبرة في المسائل الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بأن إجراء من الإجراءات يصح أو لا يصح أن يتخذ أساساً لكشف الحقيقة وكانت المحكمة قد رأت أن الأوراق التي اتخذت أساساً للمضاهاة هي أوراق تؤدي هذا الغرض وأن المضاهاة التي تمت صحيحة اطمأنت إليها المحكمة للأسباب الواردة بتقرير الخبير فإن تعييب الطاعنة لأوراق المضاهاة ولإجرائها على بصمة مجهلة ورمى تقرير المضاهاة بالتجهيل بناء على ذلك لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من ذلك التقرير هذا إلى أن النعي بأن النيابة العامة لم تحدد البصمة التي طلبت إجراء المضاهاة عليها لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة ومن ثم لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم. الأمر الذي يكون معه النعي في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى وقع التزوير أو استعمال المحرر المزور فإن الباعث على ارتكاب جريمة التزوير لا أثر له على وقوع الجريمة وليس ركناً من أركانها، ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم تعرضه للمستندات المقدمة من الطاعنة إثباتاً لملكيتها للعقار موضوع المحرر - بفرض تقديمها - لاتصال ذلك بالباعث على ارتكاب الجريمة، إذ أن المحكمة في أصول الاستدلال لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه. ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان تقدير مبلغ التعويض من سلطة محكمة الموضوع وحدها حسبما تراه مناسباً وفق ما تبينته هي من ظروف الدعوى، فإنه لا يقبل من الطاعنة منازعتها في سلامة هذا التقدير ما دام قد اكتمل للحكم بالتعويض عناصره القانونية. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.