أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 827

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي نواب رئيس المحكمة وسري صيام.

(160)
الطعن رقم 3351 لسنة 56 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "اعتراف". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم في تسمية أقوال المتهم اعترافاً. لا يعيبه ما دام لم يرتب عليها وحدها الأثر القانوني للاعتراف.
(2) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى تؤيد ذلك لديها.
(3) تعذيب. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
لم يشترط القانون لتوافر جريمة التعذيب بقصد حمل المتهم على الاعتراف أن يترك ذلك أثراً بالمجني عليه.
إيثاق يدي المجني عليه خلف ظهره وتعليقه في صيوان ورأسه مدلى لأسفل. تعذيب.
(4) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني ليس بلازم كفاية أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني. تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
- مثال
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق المحكمة في الالتفات عن الدفاع القانوني. ظاهر البطلان.
- مثال
1 - لا يعيب الحكم تسمية أقوال المتهم اعترافاً ما دامت المحكمة لم ترتب على هذه الأقوال وحدها الأثر القانوني للاعتراف وهو الاكتفاء به والحكم على الطاعن بغير سماع الشهود. فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد.
2 - لما كان البين من تقرير الصفة التشريحية - على ما يبين من المفردات المضمومة - أن الطبيب الشرعي قد اطلع على أوراق علاج المجني عليه في مستشفى أحمد ماهر والتي أثبت فيها "أنه أثناء الكشف على الظهر لوحظ وجود آثار إصابية على شكل جروح بالظهر" وكان الحكم قد دلل على أن إصابات المجني عليه قد حدثت نتيجة التعذيب من أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبي المشار إليه. وكان لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقرير متى كانت وقائع الدعوى حسبما كشفت عنها قد أيدت ذلك وأكدته لديها فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
3 - إن القانون لم يشترط لتوافر أركان جريمة تعذيب متهم بقصد حمله على الاعتراف المنصوص عليها في المادة 126 من قانون العقوبات، أن يكون التعذيب قد أدى إلى إصابة المجني عليه، فمجرد إيثاق يديه خلف ظهره وتعليقه في صيوان ورأسه مدلى لأسفل - وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن من أقوال زوجة المجني عليه - يعد تعذيباً ولو لم يتخلف عنه إصابات.
4 - ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال زوجة المجني عليه من وجود رزقه وتورم بمعصمي زوجها أثر إخلاء سبيله لا يتعارض وما نقله عن التقرير الطبي من وجود جروح سطحية بظهر المجني عليه لأن ما أورده الحكم في مقام تحصيل أقوال الشاهدة لا ينفي بالضرورة ما ورد بالتقرير الطبي من وجود إصابات بالظهر.
5 - لما كان الثابت من المفردات المضمومة أن كتاب منطقة تجنيد القاهرة الذي قدمه الطاعن إلى المحكمة تبريراً لحجزه المجني عليه - والمشار إليه في أسباب طعنه - هو مجرد استعلام من قسم الشرطة - عما ينبغي اتخاذه من إجراءات حيال شاب من مواليد سنة 1950 لم يتحدد موقفه من التجنيد وقد تحرر كتاب الشرطة لمنطقة التجنيد بتاريخ...... - بعد وفاة المجني عليه - وقد خلا كتاب الشرطة ورد منطقة التجنيد كلاهما من اسم المجني عليه أو أنه مطلوب لأداء الخدمة العسكرية، فإنه لا على الحكم إن هو التفت عن دفاع الطاعن في هذا الخصوص لأنه دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1 - بصفته موظفاً عاماً (ضابط شرطة) بوحدة مكافحة سرقة المساكن بمديرية أمن القاهرة عذب وأمر بتعذيب..... فانهال وآخرون مجهولون من رجال الشرطة عليه ضرباً بالسياط بعد شد وثاق يديه خلف ظهره وتعليقه بصيوان في الحائط فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وكان ذلك بقصد حمله على الاعتراف بإخفاء المسروقات المبينة بالتحقيقات. 2 - قبض على المجني عليه سالف الذكر واحتجزه بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً في..... عملاً بالمادتين 126/ 1، 280 من قانون العقوبات والمادتين 55/ 1، 56/ 1 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث شهور تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً.
فطعن الأستاذ.... المحامي عن الأستاذ.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذا دان الطاعن بجريمتي تعذيب متهم بقصد حمله على الاعتراف والقبض عليه بدون أمر من أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخالف الثابت في الأوراق، ذلك بأنه عول - من بين ما عول عليه في إدانته - على ما عزاه إليه من اعتراف برغم أن ما ورد بأقواله في التحقيقات ليس نصاً من اقتراف الجريمتين، وتمسك الدفاع بعدم وجود إصابات بالمجني عليه وهو دفاع يظاهره ما شهد به الطبيب.... بجلسة المحاكمة أنه لم تكن ثمة إصابات بالمجني عليه عند دخوله المستشفى وأن ما أثبته في التقرير الطبي من إصابات. قد اتضح له بعد وفاة المجني عليه إلا أن الحكم أطرح دفاعه في هذا الشأن بما لا يسوغ إطراحه وكان من بين ما عول عليه في هذا الإطراح أن ثمة تقريراً طبياً أثبتت فيه إصابات بظهر المجني عليه وهو ما لا أصل له في الأوراق، وعول الحكم على الدليلين القولي والفني برغم ما بينهما من تعارض إذ حصل أقوال زوجة المجني عليه بما مؤداه أنها شاهدت زرقة وتورماً بمعصمي زوجها ثم حصل التقرير الطبي بما مؤداه أن بالمجني عليه إصابات بالظهر، ولم يدلل على أن هذه الإصابات نتيجة اعتداء الطاعن، وأخيراً فقد تمسك الدفاع بأن القبض على المجني عليه واحتجازه كان بسبب تخلفه عن أداء الخدمة العسكرية وقدم تأييداً لدفاعه هذا كتاباً من منطقة تجنيد القاهرة مؤرخاً.... بطلب ترحيل المجني عليه إلا أن الحكم رد على دفاعه بما لا يصلح رداً. وكل هذا يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وما قرره الطاعن في التحقيقات وما ورد بدفتر الحجز الإداري بمديرية أمن القاهرة ومن التقرير الطبي الابتدائي. لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم تسمية أقوال المتهم اعترافاً ما دامت المحكمة لم ترتب على هذه الأقوال وحدها الأثر القانوني للاعتراف وهو الاكتفاء به والحكم على الطاعن بغير سماع الشهود. فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعن في قوله "وتلتفت المحكمة عما أثاره الدفاع الحاضر بعد أن اطمأنت إلى أقوال الشهود والتقرير الطبي الابتدائي على النحو المساق فيما تقدم خاصة وأن الطبيب الكشاف أثبت بتقريره إصابات بظهر المجني عليه ثم طلب بنهاية التقرير إجراء رسم قلب له وأوصى بعلاج آخر الأمر الذي يقطع بأن هذا الطبيب شاهد تلك الإصابات بالمجني عليه فور توقيع الكشف الطبي عليه وليس بعد وفاته" وكان البين من تقرير الصفة التشريحية - على ما يبين من المفردات المضمومة - أن الطبيب الشرعي قد اطلع على أوراق علاج المجني عليه في مستشفى أحمد ماهر والتي أثبت فيها "أنه أثناء الكشف على الظهر لوحظ وجود آثار إصابية على شكل جروح بالظهر" وكان الحكم قد دلل على أن إصابات المجني عليه قد حدثت نتيجة التعذيب من أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبي المشار إليه. وكان لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقرير متى كانت وقائع الدعوى حسبما كشفت عنها قد أيدت ذلك وأكدته لديها فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. هذا فضلاً عن أن القانون لم يشترط لتوافر أركان جريمة تعذيب متهم بقصد حمله على الاعتراف المنصوص عليها في المادة 126 من قانون العقوبات، أن يكون التعذيب قد أدى إلى إصابة المجني عليه، فمجرد إيثاق يديه خلف ظهره وتعليقه في صيوان ورأسه مدلى لأسفل - وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن من أقوال زوجة المجني عليه - يعد تعذيباً ولو لم يتخلف عنه إصابات. لما كان ذلك وكان الأصل ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال زوجة المجني عليه من وجود زرقة وتورم بمعصمي زوجها أثر إخلاء سبيله لا يتعارض وما نقله عن التقرير الطبي من وجود جروح سطحية بظهر المجني عليه لأن ما أورده الحكم في مقام تحصيل أقوال الشاهدة لا ينفي بالضرورة ما ورد بالتقرير الطبي من وجود إصابات بالظهر فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يضحى غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن كتاب منطقة تجنيد القاهرة الذي قدمه الطاعن إلى المحكمة تبريراً لحجزه المجني عليه - والمشار إليه في أسباب طعنه - هو مجرد استعلام من قسم الشرطة - عما ينبغي اتخاذه من إجراءات حيال شاب من مواليد سنة 1950 لم يتحدد موقفه من التجنيد وقد تحرر كتاب الشرطة لمنطقة التجنيد بتاريخ..... - بعد وفاة المجني عليه - وقد خلا كتاب الشرطة ورد منطقة التجنيد كلاهما من اسم المجني عليه أو أنه مطلوب لأداء الخدمة العسكرية، فإنه لا على الحكم إن هو التفت عن دفاع الطاعن في هذا الخصوص لأنه دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.