أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 833

جلسة 6 من نوفمبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة ومصطفى طاهر وصلاح البرجي وحسام الغرياني.

(161)
الطعن رقم 8249 لسنة 54 القضائية

(1) معارضة "نظرها والحكم فيها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز الحكم في المعارضة بغير سماع دفاع المعارض. ما لم يكن تخلفه بغير عذر ثبوت أن تخلفه كان لعذر قهري. يعيب إجراءات المحاكمة. محل نظر العذر وتقديره يكون عن الطعن في الحكم. أساس ذلك؟
(2) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(3) ضرب. جريمة "أركانها". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التسبيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة الضرب المنصوص عليها في المادة 242 عقوبات. لا يلزم لتوافرها. حدوث جرح أو نشؤ مرض أو عجز نتيجة له.
بيان حكم الإدانة موقع الإصابات أو أثرها أو درجة جسامتها. غير لازم لصحته.
(4) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(5) إثبات "بوجه عام". صلح. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الصلح بين المجني عليه والمتهم قول جديد. حق المحكمة في تقديره.
(6) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها".
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها متعلق بالنظام العام. إثارته لأول مرة أمام النقض. جائزة. شرط ذلك؟
(7) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تخلف المتهم أو مثوله أمام محكمة الموضوع. مرده إليه. قعوده عن إبداء دفاعه أمامها. يحول دون إبدائه أمام النقض. علة ذلك؟
1 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه لا يصح الحكم في المعارضة باعتبارها كأن لم تكن أو برفضها بغير سماع دفاع المعارض إلا إذا كان تخلفه عن الحضور بالجلسة حاصلاً بدون عذر، وأنه إذا كان هذا التخلف يرجع إلى عذر قهري فإن الحكم يكون غير صحيح لقيام المحاكمة على إجراءات معيبة من شأنها حرمان المعارض من استعمال حقه في الدفاع ومحل النظر في هذا العذر يكون عند استئناف الحكم أو عند الطعن فيه بطريق النقض ولا يغير من ذلك عدم وقوف المحكمة وقت إصدار الحكم على ذلك العذر لأن المتهم وقد استحال عليه الحضور أمهامها لم يكن في مقدوره إبداؤه لها مما يجوز التمسك به لأول مرة لدى محكمة النقض واتخاذه وجهاً لطلب نقض الحكم. ولما كان الطاعن لم يقدم لهذه المحكمة - محكمة النقض - الدليل على عذر المرض الذي يقرر بأسباب طعنه أنه منعه من حضور جلسة المعارضة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه فإن منعاه في هذا الشأن يكون على غير سند.
2 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها كان ذلك محققاً لحكم القانون.
3 - من المقرر أنه لا يشترط لتوافر جنحة الضرب التي تقع تحت نص المادة 242 من قانون العقوبات أن يحدث الاعتداء جرحاً أو ينشأ عنه مرض أو عجز بل يعد الفعل ضرباً ولو حصل باليد مره واحده سواء ترك أثراً أو لم يترك وعلى ذلك فلا يلزم لصحة الحكم بالإدانة بمقتضى تلك المادة أن يبين موقع الإصابات التي أنزلها المتهم بالمجني عليه ولا أثرها ولا درجة جسامتها. ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون سديداً.
4 - لما كان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى، وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة التي أوردتها في حكمها إلى أن الطاعن ارتكب الجريمة التي دانته بها وفي اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليه ما يفيد ضمناً أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع فإن ما يثيره الطاعن من اعتماد الحكم على أقوال المجني عليه رغم عدم كفايتها لا يعدو أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
5 - لما كان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليه وبين الطاعن في معرض نفي التهمة عنه إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من المجني عليه يتضمن عدوله عن اتهامه وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى إطراح الصلح ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
6 - لما كان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وإن كان متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه لا يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض - ولما كان البين من مطالعة محضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن لم يثر أنه سبق صدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى عن الجريمة محل الدعوى الماثلة وأصبح هذا الأمر نهائياً، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه فإن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة.
7 - من المقرر أنه ولئن كان تخلف المتهم أو مثوله أمام محكمة الموضوع لإبداء دفاعه الأمر فيه مرجعه إليه إلا أن قعوده عن إبداء دفاعه أمامها يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحدث عمداً بـ..... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً وطلبت عقابه بالمادة 242/ 1 - 3 من قانون العقوبات ومحكمة جنح القناطر الخيرية الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة قليوب الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فعارض المحكوم عليه وقضى في معارضته باعتبار المعارضة كأن لم تكن.
فطعن الأستاذ...... نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب البسيط باستعمال أداه قد انطوى على بطلان في الإجراءات وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأنه تخلف عن حضور الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه لعذر قهري هو المرض، كما أن الحكم لم يبين مضمون الأدلة التي استند إليها في قضائه وعول على أقوال المجني عليه وهي لا تكفي للاستناد إليها في الإدانة وأعرض عن محضر الصلح الذي عدل فيه المجني عليه عن اتهام الطاعن كما التفت عن قرار النيابة بإقامة الدعوى الجنائية على المجني عليه بجريمة البلاغ الكاذب بعد أن تبين لها عدم صحة الواقعة وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الاطلاع على محضر جلسة المعارضة الاستئنافية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن تخلف عن الحضور فيها ولم يحضر عنه محام في الدعوى يوضح عذره في ذلك فقضت المحكمة باعتبار المعارضة كأن لم تكن. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه لا يصح الحكم في المعارضة باعتبارها كأن لم تكن أو برفضها بغير سماع دفاع المعارض إلا إذا كان تخلفه عن الحضور بالجلسة حاصلاً بدون عذر، وأنه إذا كان هذا التخلف يرجع إلى عذر قهري فإن الحكم يكون غير صحيح لقيام المحاكمة على إجراءات معيبة من شأنها حرمان المعارض من استعمال حقه في الدفاع ومحل النظر في هذا العذر يكون عند استئناف الحكم أو عند الطعن فيه بطريق النقض ولا يغير من ذلك عدم وقوف المحكمة وقت إصدار الحكم على ذلك العذر لأن المتهم وقد استحال عليه الحضور أمهامها لم يكن في مقدوره إبداؤه لها مما يجوز التمسك به لأول مرة لدى محكمة النقض واتخاذه وجهاً لطلب نقض الحكم. ولما كان الطاعن لم يقدم لهذه المحكمة - محكمة النقض - الدليل على عذر المرض الذي يقرر بأسباب طعنه أنه منعه من حضور جلسة المعارضة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه فإن منعاه في هذا الشأن يكون على غير سند. لما كان ذلك وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها كان ذلك محققاً لحكم القانون، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بالإدانة إلى أقوال المجني عليه التي سردها في بيان كاف لتفهم الواقعة وإلى التقرير الطبي الموقع عليه وكان لا يعيب الحكم إن هو لم يبين مضمون هذا التقرير من وصف الإصابات التي لحقت بالمجني عليه لما هو مقرر من أنه لا يشترط لتوافر جنحة الضرب التي تقع تحت نص المادة 242 من قانون العقوبات أن يحدث الاعتداء جرحاً أو ينشأ عنه مرض أو عجز بل يعد الفعل ضرباً ولو حصل باليد مرة واحدة سواء ترك أثر أو لم يترك وعلى ذلك فلا يلزم لصحة الحكم بالإدانة بمقتضى تلك المادة أن يبين موقع الإصابات التي أنزلها المتهم بالمجني عليه ولا أثرها ولا درجة جسامتها. ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدله وعناصر في الدعوى، وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة التي أوردتها في حكمها إلى أن الطاعن ارتكب الجريمة التي دانته بها وفي اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليه ما يفيد ضمناً أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع فإن ما يثيره الطاعن من اعتماد الحكم على أقوال المجني عليه رغم عدم كفايتها لا يعدو أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليه وبين الطاعن في معرض نفي التهمة عنه إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من المجني عليه يتضمن عدوله عن اتهامه وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى إطراح الصلح ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان منعى الطاعن على الحكم التفاته عن قرار النيابة العامة بإقامة دعوى البلاغ الكاذب على المجني عليه بعد أن تبين لها عدم صحة الواقعة موضوع الدعوى الماثلة - بفرض صحة ما يدعيه الطاعن - لا يعدو في حقيقته أن يكون تعييباً للحكم بمخالفته حجية أمر النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى عن جريمة الضرب لعدم الصحة المستفاد ضمناً من تصرفها بإقامة الدعوى الجنائية على المجني عليه بجريمة البلاغ الكاذب عن الواقعة محل الدعوى الماثلة وأن هذا الأمر يقيد المحكمة التي تفصل في الدعوى، وإذ كان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وإن كان متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض - ولما كان البين من مطالعة محضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن لم يثر أنه سبق صدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى عن الجريمة محل الدعوى الماثلة وأصبح هذا الأمر نهائياً، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه فإن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة، ولا يغير من ذلك أن إجراءات المحاكمة قد تمت في غيبة الطاعن ذلك أنه من المقرر أنه ولئن كان تخلف المتهم أو مثوله أمام محكمة الموضوع لإبداء دفاعه الأمر فيه مرجعه إليه إلا أن قعوده عن إبداء دفاعه أمامها يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.