أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 44 - صـ 782

جلسة 12 من أكتوبر سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة وعبد الرحمن أبو سليمه.

(120)
الطعن رقم 19524 لسنة 59 القضائية

(1) دعوى جنائية "تحريكها". موظفون عموميون. دعوى مباشرة "تحريكها". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
عدم جواز تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر عن الجرائم التي يرتكبها الموظف أو المستخدم العام أو أحد رجال الضبط أثناء تأدية وظيفته أو بسببها. قصر حق إقامة الدعوى الجنائية في هذه الحالة على النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة. أساس ذلك؟
(2) دعوى جنائية "تحريكها". دعوى مباشرة. محكمة استئنافية "الإجراءات أمامها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". موظفون عموميون.
إقامة الدعوى الجنائية ممن لا يملك رفعها قانوناً خلافاً لأحكام المادة 63 إجراءات. أثره: انعدام اتصال المحكمة بها.
وجوب أن يقتصر حكم المحكمة الاستئنافية على القضاء ببطلان الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى باعتبار أن باب المحاكمة موصد دونها.
(3) دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها من غير ذي صفة. دفاع جوهري. التفات المحكمة عنه. يعيب الحكم بالقصور.
جواز إبداء الدفع في أي مرحلة من مراحل الدعوى وعلى المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها.
1 - من المقرر أن المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثالثة على أنه "فيما عدا الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات لا يجوز لغير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجناية أو جنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها"، كما أن المادة 232 من ذات القانون لم تجز للمدعي بالحقوق المدنية أن يرفع الدعوى إلى المحكمة بتكليف خصمه مباشرة بالحضور أمامها في الحالة المبينة في المادة 63 سالفة البيان.
2 - من المقرر أنه إذا أقيمت الدعوى الجنائية ممن لا يملك رفعها قانوناً وعلى خلاف ما تقضى به المادتان 63 و232 من قانون الإجراءات الجنائية فإن اتصال المحكمة بهذه الدعوى يكون معدوماً قانوناً ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها فإن فعلت فإن حكمها وما بني عليه من الإجراءات يكون معدوم الأثر ولا تملك المحكمة الاستئنافية عند رفع الأمر إليها أن تتصدى لموضوع الدعوى وتفصل فيه بل يتعين عليها أن تقصر حكمها على القضاء ببطلان الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى باعتبار أن باب المحاكمة موصد دونها إلى أن يتوافر لها الشروط التي فرضها الشارع لقبولها.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يعرض للدفع المبدى من الطاعن رغم تعلقه بتحقيق دفاع جوهري يتصل بمدى صحة اتصال المحكمة بالدعوى وما إذ كان يحق لها أن تتعرض لموضوعها وتفصل فيه، بحيث إن صح هذا الدفع تغير وجه الرأي فيها، فقد كان على المحكمة أن تعرض في حكمها لهذا الدفع وتمحصه وأن تبين العلة في عدم إجابته إن هي رأت إطراحه، أما وأنها لم تفعل والتفتت عنه مقتصرة على تأييد الحكم الاستئنافي لأسبابه فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله. لما كان ذلك، ولئن كان الدفع المشار إليه يجوز إبداؤه في أي مرحلة من مراحل الدعوى لاتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى ولصحة اتصال المحكمة بالواقعة ويتعين على المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها، إلا أن ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته - على السياق السالف بيانه - لا يكفي للجزم بأن الطاعن ارتكب الجريمة المسندة إليه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها، ومن ثم فإنه لا يكون فيما أورده قد بين العناصر الكافية والمقودة به إلى قبول الدفع أو عدم قبوله مما يؤدي إلى عجز هذه المحكمة - محكمة النقض - عن التقرير برأي في شأن ما أثير من خطأ في تطبيق القانون بما يعيبه أيضاً بالقصور.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن بوصف أنه أبلغ كذباً ضده إلى أحد الحكام عن أمور لو ثبتت صحتها لأوجبت عقابه وذلك بسوء نية وبقصد الإضرار به وطلب عقابه بالمادة 305 من قانون العقوبات وبإلزامه بأن يدفع له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهم خمسين جنيهاً وبإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف. ومحكمة شمال سيناء الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة البلاغ الكاذب قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أنه دفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها عليه ممن لا يملك رفعها وعلى خلاف ما تقضى به المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية، فقد أقامها المدعي بالحق المدني ضده بالطريق المباشر على أمور إن صحت فإنها تكون قد وقعت منه باعتباره موظفاً بهيئة التليفونات أثناء تأدية وظيفته وبسببها غير أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لدفعه إيراداً له ورداً عليه مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية في..... أن المدافع عن الطاعن دفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها من غير ذي صفة. وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أفصح في مدوناته عن أن الطاعن أساء إلى رئيسه المدعي بالحق المدني مدير منطقة هيئة التليفونات بـ...... بأن أرسل شكاوى إلى الجهات الإدارية المختصة بالهيئة المذكورة يتهمه فيها بالتزوير والرشوة والاختلاس والإضرار بالمال العام، وبعد أن بوشر التحقيق الإداري بشأنها انتهى إلى مجازاة الطاعن بخصم يومين من راتبه فأقام المدعي بالحق المدني دعواه الحالية بالطريق المباشر ضد الطاعن عن جريمة البلاغ الكاذب. لما كان ذلك، وكانت المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثالثة على أنه "فيما عدا الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات لا يجوز لغير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجناية أو جنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها"، كما أن المادة 232 من ذات القانون لم تجز للمدعي بالحقوق المدنية أن يرفع الدعوى إلى المحكمة بتكليف خصمه مباشرة بالحضور أمامها في الحالة المبينة في المادة 63 سالفة البيان لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا أقيمت الدعوى الجنائية ممن لا يملك رفعها قانوناً وعلى خلاف ما تقضى به المادتان 63 و232 من قانون الإجراءات الجنائية فإن اتصال المحكمة بهذه الدعوى يكون معدوماً قانوناً ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها فإن فعلت فإن حكمها وما بني عليه من الإجراءات يكون معدوم الأثر ولا تملك المحكمة الاستئنافية عند رفع الأمر إليها أن تتصدى لموضوع الدعوى وتفصل فيه بل يتعين عليها أن تقصر حكمها على القضاء ببطلان الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى باعتبار أن باب المحاكمة موصد دونها إلى أن يتوافر لها الشروط التي فرضها الشارع لقبولها لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض للدفع المبدى من الطاعن رغم تعلقه بتحقيق دفاع جوهري يتصل بمدى صحة اتصال المحكمة بالدعوى وما إذ كان يحق لها أن تتعرض لموضوعها وتفصل فيه، بحيث إن صح هذا الدفع تغير وجه الرأي فيها، فقد كان على المحكمة أن تعرض في حكمها لهذا الدفع وتمحصه وأن تبين العلة في عدم إجابته إن هي رأت إطراحه، أما وأنها لم تفعل والتفتت عنه مقتصرة على تأييد الحكم الاستئنافي لأسبابه فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله. لما كان ذلك، ولئن كان الدفع المشار إليه يجوز إبداؤه في أي مرحلة من مراحل الدعوى لاتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى ولصحة اتصال المحكمة ما بالواقعة ويتعين على المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها، إلا أن ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته - على السياق السالف بيانه - لا يكفي للجزم بأن الطاعن ارتكب الجريمة المسندة إليه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها، ومن ثم فإنه لا يكون فيما أورده قد بين العناصر الكافية والمقودة به إلى قبول الدفع أو عدم قبوله مما يؤدى إلى عجز هذه المحكمة - محكمة النقض - عن التقرير برأي في شأن ما أثير من خطأ في تطبيق القانون بما يعيبه أيضاً بالقصور. ويتعين لذلك نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.