أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 44 - صـ 790

جلسة 12 من أكتوبر سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة ومصطفى عبد المجيد.

(122)
الطعن رقم 46343 لسنة 59 القضائية

(1) عقوبة. مصادرة. غش.
المصادرة المذكورة في المادة 30 عقوبات بفقرتيها. طبيعتها وحكمها؟
(2) عقوبة. مصادرة. غش.
المصادرة المنصوص عليها في المادة 7 من القانون 48 لسنة 1941. طبيعتها؟
(3) غش. عقوبة. مصادرة.
اعتبار الأشياء المضبوطة مغشوشة أو غير صالحة للاستهلاك. مناطه. النظر إليها وقت ضبطها. علة ذلك؟
(4) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. أثر ذلك؟
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية إيراد الحكم الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه. تعقب كل جزئيه من جزئيات دفاع المتهم. لا يلزم. مفاد التفاته عنها. أنه أطرحها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - من المقرر أن المادة 30 من قانون العقوبات بما نصت عليه في فقرتها الأولى قد دلت على أن المصادرة عقوبة اختيارية تكميلية لا يجوز الحكم بها إلا على شخص ثبت إدانته وقضى عليه بعقوبة أصلية وهي بهذه المثابة عقوبة شخصية لا يجوز الحكم بها على الغير حسن النية - أما ما أشارت إليه المادة المذكورة في فقرتها الثانية فهو مصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وهي على هذا الاعتبار إجراء لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة.
2 - لما كان الحكم الابتدائي قضى بمصادرة المضبوطات إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون العقوبات، إلا أن الحكم المطعون فيه عاد فقضى بالمصادرة إعمالاً للمادة المذكورة في فقرتها الأولى باعتبارها عقوبة اختيارية تكميلية بما يتفق والمصادرة المنصوص عليها في المادة السابعة من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش - سواء قبل تعديلها أو بعد تعديلها بالقانونين رقمي 80 لسنة 1961، 106 لسنة 1980 وهي تدبير عيني وقائي ينصب على الشيء المغشوش في ذاته لإخراجه من دائرة التعامل لأن الشارع الصق به طابعاً جنائياً يجعله في نظره مصدر ضرراً وخطر عام الأمر الذي لا يتحقق رفعه أو دفعه إلا بمصادرته، ومن ثم فإنها تكون واجبة في جميع الأحوال أياً كان نوع الجريمة، ولو كانت مخالفة استثناء في هذا من الأحكام العامة للمصادرة في المادة 30 من قانون العقوبات، يقضى بها سواء كان الحائز مالكاً للبضاعة أو غيرها مالك حسن النية أو سيئها قضى بإدانته أو ببراءته، رفعت الدعوى الجنائية عليه أو لم ترفع.
3 - إن النظر إلى الأشياء المضبوطة وكونها مغشوشة أو غير صالحة للاستخدام الذي صنعت من أجله إنما ينظر إليه وقت ضبطها فإن ثبت أنها كانت كذلك وقت الضبط كان الحكم بمصادرتها صحيحاً في القانون لأن الحكم بالمصادرة إنما ينعطف على حالة السلعة وقتذاك.
4 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من الأدلة التي أوردها الحكم والتي من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما رتبه عليها.
5 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من عدم صلاحية المضبوطات للاستخدام في الأغراض التي خصصت لها ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من قول بأن المحكمة لم تعرض لما ساقه من قرائن على سلامة المضبوطات وعدم صحة التقارير المقدمة في الدعوى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما أولاً: قلدا واستعملاً علامة مقلدة لإحدى الشركات "....." مع علمهما بتقليدها على الوجه المبين بالأوراق. ثانياً: قلدا علامة تم تسجيلها طبقاً للقانون بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور. ثالثاً: حازا بقصد البيع منتجات عليها علامة "....." موضوعة بغير حق مع علمهما بذلك. رابعاً: وضعا بياناً تجارياً غير مطابق للحقيقة "صنع في فرنسا" وذلك على الوجه المبين بالأوراق. خامساً: شرعا في أن يخدعا المتعاقد معهما في نوع البضاعة ومصدرها وذلك على الوجه المبين بالتحقيقات. وطلبت عقابهما بالمواد 1، 2، 3، 4، 15، 16، 26، 27، 33/ 1، 3، 34/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1939 المعدل بالقانونين رقمي 205 لسنة 1956، 69 لسنة 1959 والمادتين 1/ 4، 7 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 106 لسنة 1980. وادعت شركة "...." مدنياً قبل المتهمين بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنح مركز أبو كبير قضت حضورياً ببراءة المتهمين مما أسند إليهما ومصادرة المضبوطات وإحالة الدعوى المدنية إلى محكمة الإسماعيلية الابتدائية لنظرها. استأنف ومحكمة الإسماعيلية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 13 من يونيه سنة 1989 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من مصادرة.
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى ببراءة الطاعن والمتهم الآخر مما أسند إليهما تأسيساً على بطلان إجراءات الضبط والتفتيش لعدم اختصاص مصدر الإذن مكانياً إذ أن المتهمين يقيمان في نطاق محافظة الشرقية بينما إذن النيابة العامة صدر من نيابة التل الكبير المختصة في نطاق محافظة الإسماعيلية، كما قضى بمصادرة قطع غيار السيارات المضبوطة إعمالاً لحكم المادة 7 من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش وقال مقدماً لقضائه في شأن المصادرة "أن الحكم المستأنف قد بني قضاؤه بالمصادرة على أساس الاطمئنان بغش البضاعة من واقع تقرير لجنة الغش التجاري المقدم بالأوراق وعليه لما كانت البضاعة محل المصادرة ليست من الأشياء التي لا يجوز إحرازها أو حيازتها بانطباق قوانين الأسلحة والذخائر أو المخدرات أو الأغذية الفاسدة أو غيرها مما يعد استعمالها أو عرضها أو حيازتها جريمة في حد ذاتها وعليه فلا انطباق لحكم الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون العقوبات عليها بمعنى وجوبية مصادرتها ولو قضى ببراءة المتهمين...... وعليه فإن الأمر يدور حول تطبيق المادة 7 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل على الواقعة بمعنى أنه إذا ثبت غش السلعة أو فسادها يجب القضاء بمصادرتها باعتبار أن ذلك تدبيراً عينياً وقائياً ينصب على الشيء المغشوش لإخراجه من دائرة التعامل.... ولما كان الثابت من تقرير لجنة وزارة التموين والتجارة أن المضبوطات قد اضطربت البيانات المثبتة لذاتية البضاعة فتارة يثبت أنها قطع غيار أصلية وأخرى ثبت أنها صناعة كورية وكراتين غير مدون عليها أية بيانات وأثبت على العلب بداخلها أنها صناعة ألمانيا الغربية وفي البعض توضع عليها العلامات والبعض الآخر خلا من البيانات والبعض عبأ بأجولة من الخيش وأخرى بأجولة من البلاستيك إلى آخر ما جاء بتقرير اللجنة. وإذ توافق ذلك التقرير مع ما أثبت بتقرير لجنة الرقابة الصناعية فإذا ما أضيف ذلك إلى ما تم ضبطه من أحبار وورق مقوى طبع عليه علامة..... وأخرى في طريقها للطبع على نحو ما جاء بتقرير إدارة تداول السلع ومكافحة الغش التجاري إلى جانب ما ضبط من أدوات طباعة فضلاً عما جاء بالتحريات فإن المحكمة تطمئن إلى أن ما تم ضبطه من سلع تنتفي معها حقيقة البضاعة وطبيعتها وصفتها الجوهرية مما يعد مخالفاً لأحكام القانون 48 لسنة..... 1941" وما انتهى إليه الحكم في هذا الشأن صحيح في القانون ذلك أن المادة 30 من قانون العقوبات بما نصت عليه في فقرتها الأولى قد دلت على أن المصادرة عقوبة اختيارية تكميلية لا يجوز الحكم بها إلا على شخص ثبت إدانته وقضى عليه بعقوبة أصلية وهي بهذه المثابة عقوبة شخصية لا يجوز الحكم بها على الغير حسن النية - أما ما أشارت إليه المادة المذكورة في فقرتها الثانية فهو مصادرة وجوبيه يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وهي على هذا الاعتبار إجراء لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة وإذ كان الحكم الابتدائي قضى بمصادرة المضبوطات إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون العقوبات، إلا أن الحكم المطعون فيه عاد فقضى بالمصادرة إعمالاً للمادة المذكورة في فقرتها الأولى باعتبارها عقوبة اختيارية تكميلية بما يتفق والمصادرة المنصوص عليها في المادة السابعة من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش - سواء قبل تعديلها أو بعد تعديلها بالقانونين رقمي 80 لسنة 1961، 106 لسنة 1980 وهي تدبير عيني وقائي ينصب على الشيء المغشوش في ذاته لإخراجه من دائرة التعامل لأن الشارع الصق به طابعاً جنائياً يجعله في نظره مصدر ضرر وخطر عام الأمر الذي لا يتحقق رفعه أو دفعه إلا بمصادرته، ومن ثم فإنها تكون واجبة في جميع الأحوال أياً كان نوع الجريمة، ولو كانت مخالفة استثناء في هذا من الأحكام العامة للمصادرة في المادة 30 من قانون العقوبات، يقضى بها سواء كان الحائز مالكاً للبضاعة أو غيرها مالك حسن النية أو سيئها قضى بإدانته أو ببراءته، رفعت الدعوى الجنائية عليه أو لم ترفع. لما كان ذلك، وكان النظر إلى الأشياء المضبوطة وكونها مغشوشة أو غير صالحة للاستخدام الذي صنعت من أجله إنما ينظر إليه وقت ضبطها فإن ثبت أنها كانت كذلك وقت الضبط كان الحكم بمصادرتها صحيحاً في القانون لأن الحكم بالمصادرة إنما ينعطف على حالة السلعة وقتذاك، فمن ثم لا يجدي الطاعن الجدل في عدم وجود تعاقدات على بيعها أو مكان ضبطها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قضى بمصادرة قطع غيار السيارات المضبوطة للأدلة المستمدة من تقرير لجنة وزارة التموين والتجارة ومما جاء بتقرير لجنة الرقابة الصناعية وتقرير إدارة تداول السلع ومكافحة الغش التجاري وما تم ضبطه من أدوات طباعة وأحبار وملصقات وتأيد بالتحريات أن السلعة المضبوطة لم تصدر من الجهات التي تحملها الملصقات، وكان الطاعن لا يماري في أن ما حصله الحكم منها له أصله الثابت في الأوراق فإن التفات الحكم عن الرد على مطاعن الطاعن بشأن تلك التقارير وعدم رده على دفاعه بعدم ارتكابه الجريمة لا يعيبه، لما هو مقرر من أن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من الأدلة التي أوردها الحكم والتي من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى ببراءة الطاعن والمتهم الآخر تأسيساً على بطلان إجراءات الضبط والتفتيش وبمصادرة المضبوطات المكونة لجسم الجريمة. وبحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من عدم صلاحية المضبوطات للاستخدام في الأغراض التي خصصت لها ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من قول بأن المحكمة لم تعرض لما ساقه من قرائن على سلامة المضبوطات وعدم صحة التقارير المقدمة في الدعوى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يفصح عن عدم قبوله موضوعاً ويتعين التقرير بذلك ومصادرة الكفالة.