أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 44 - صـ 847

جلسة 19 من أكتوبر سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة ومصطفى عبد المجيد.

(130)
الطعن رقم 21074 لسنة 61 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
التقرير بالطعن في الميعاد دون تقديم الأسباب. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) إثبات "بوجه عام". "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام استخلاصها سائغاً.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده: إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(3) إثبات "بوجه عام". رشوة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(4) رشوة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة الرشوة. لا يؤثر في قيامها أن تقع نتيجة تدبير سابق أو أن يكون الراشي غير جاد في عرضه. متى كان الموظف قد قبل العرض منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته.
(5) رشوة. جريمة "أركانها".
تمام جريمة الرشوة بمجرد طلب الرشوة من جانب الموظف والقبول من جانب الراشي. تسليم مبلغ الرشوة بعد ذلك ليس إلا نتيجة للاتفاق.
(6) رشوة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
صدور إذن التفتيش لضبط جريمة رشوة وقعت. صحته؟
1 - من المقرر أن الطاعن الثاني وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ومن سلطتها وزن أقوال الشهود وتقديرها التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
3 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شاهدي الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدا بها وإلى ما حواه تقرير خبير الأصوات من أن الأصوات المسموعة بالشرائط المسجلة لبصمة أصوات المتهمين فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة أو في تصديقها لأقوال الشاهدين أو محاولة تجريحها أو تعويلها على ما حواه تقرير خبير الأصوات ينحل إلى جدل موضوعي في أدلة الثبوت التي عولت عليها محكمة الموضوع وهو ما لا تسوغ إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كان الحكم قد أثبت أن المتهمين - بصفتهما عضوين بلجنة شكلت لفصل الحدود بين أرض المبلغ وأرض أخرى مجاورة لها طلباً منه مبلغ من المال على سبيل الرشوة مقابل إيقاف عمل اللجنة لصالحه فكان أن أبلغ هيئة الرقابة الإدارية التي استأذنت النيابة العامة في ضبطهما في تسجيل اللقاءات التي تتم وتم ضبط المتهم الثاني عقب تقاضيه لمبلغ تقاضيه لمبلغ الرشوة من المبلغ والذي أبدى استعداده للمساعدة في ضبط المتهم الأول "الطاعن" وانتقل إلى مسكنه وسلمه مبلغ الرشوة حيث تم ضبطه وهو يحمل المبلغ فإن الحكم يكون بذلك قد دلل على توافر إمكان جريمة الرشوة في حكم المادة 104 من قانون العقوبات ولما كان ما قام به ضابطا الرقابة الإدارية في واقعة الدعوى لا يعد كونه من قبيل جمع الاستدلالات والكشف عن جريمة الرشوة التي ابلغوا بها وكان لا يؤثر في قيام أركانها أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وأن لا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي متى كان عرض الرشوة جدياً في ظاهره وكان الطاعن قد قبله على أنه جدي منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي.
5 - إن جريمة الرشوة طبقاً لما أورده الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى قد تمت بمجرد طلب الرشوة من جانب الطاعن والمتهم الآخر والقبول من جانب المبلغ ولم يكن تسليم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه بينهم.
6 - لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش المبدى من الطاعن ورد عليه في قوله بأن طلب المتهمين للرشوة كان بتاريخ 10/ 10/ 1990 وهو ما يتوافر به أركان جريمة الرشوة وأن الإجراءات التالية بما فيها إذن التفتيش يهدف إلى القبض على المتهمين وهما يتسلمان الرشوة وهي واقعة لاحقة لطلب الرشوة فإن ما أورده الحكم في شأن صحة إذن التفتيش سائغ ويستقيم به الرد على دفاع الطاعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: بصفتهما موظفين عموميين الأول معاون مساحة بهيئة الأوقاف والثاني مدير أملاك محافظة المنيا طلباً رشوة للإخلال بواجبات وظيفتهما بأن طلباً من.... مبلغ ثلاثة آلاف جنيه على سبيل الرشوة مقابل إصدار قرار لصالحه من اللجنة المنضمين لعضويتها والمشكلة لفصل الحدود بين أرضه وهيئة الأوقاف وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة أمن الدولة العليا بالمنيا قضت حضورياً في 10 سبتمبر سنة 1991 عملاً بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمهما متضامنين مبلغ ثلاثة آلاف جنيه.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الثاني وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن القرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
وحيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الارتشاء قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم استخلص واقعة الدعوى بما لا يطابق الحقيقة وعول على أقوال شهود الإثبات والمتهم الثاني مع أنها غير سائغة عقلاً ومنطقاً مما يشير إلى تلفيق التهمة كما عول على التسجيلات الصوتية مع أنه ليس فيها ما يدل على أنه شريك في الجريمة هذا إلى أن الحكم جاء قاصراً في بيانه لأركان الجريمة التي دانه بها وعلاوة على ذلك فقد دفع الطاعن ببطلان إذن النيابة الصادر بالتفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة لم تقع ولكن الحكم رد على ذلك بما لا يتفق والقانون وأخيراً فإن الجريمة وقعت بتحريض من المبلغ ورجال الرقابة الإدارية. وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أن المدعو.... يمتلك وأخوته قطعة أرض زراعية..... بزمام ماقوسه مركز المنيا وتجاورها القطعة..... ملك هيئة الأوقاف باعتبارها وقف أهلي و...... ونما إلى علمه أنه جاري تشكيل لجنة لاتخاذ فصل الحدود بينهما في محاولة لاستقطاع مساحة ستة قراريط من الأرض المملوكة له لصالح..... وفى مساء 29/ 10/ 1990 حضر إليه المتهم..... وأبلغه أنه عضو في تلك اللجنة المشكلة لفصل الحدود وطلب منه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه له وللمتهم...... "الطاعن" في مقابل إيقاف عمل اللجنة لصالحه فأبلغ هيئة الرقابة الإدارية التي استأذنت النيابة العامة في تسجيل اللقاءات والضبط وتم تدبير المبلغ المطلوب منه وتجهيزه فنياً حيث تم ضبط المتهم الأول عقب تقاضيه لمبلغ الرشوة والذي أبدى استعداده للمساعدة في ضبط المتهم الثاني وبالفعل انتقل إلى مسكنه وسلمه مبلغ الرشوة حيث تم ضبطه وهو يحمل مبلغ الرشوة بعد أن تقاضاه من المتهم الأول...... وساعد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال الشاهدين ومن تقرير خبير الأصوات بالإذاعة". لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ومن سلطتها وزن أقوال الشهود وتقديرها التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شاهدي الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدا بها وإلى ما حواه تقرير خبير الأصوات من أن الأصوات المسموعة بالشرائط المسجلة لبصمة أصوات المتهمين فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة أو في تصديقها لأقوال الشاهدين أو محاولة تجريحها أو تعويلها على ما حواه تقرير خبير الأصوات ينحل إلى جدل موضوعي في أدلة الثبوت التي عولت عليها محكمة الموضوع وهو ما لا تسوغ إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم - على ما سلف بيانه - قد أثبت أن المتهمين - بصفتهما عضوين بلجنة شكلت لفصل الحدود بين أرض المبلغ وأرض أخرى مجاورة لها طلباً منه مبلغ من المال على سبيل الرشوة مقابل إيقاف عمل اللجنة لصالحه فكان أن أبلغ هيئة الرقابة الإدارية التي استأذنت النيابة العامة في ضبطهما في تسجيل اللقاءات التي تتم وتم ضبط المتهم الثاني عقب تقاضيه لمبلغ الرشوة من المبلغ والذي أبدى استعداده للمساعدة في ضبط المتهم الأول "الطاعن" وانتقل إلى مسكنه وسلمه مبلغ الرشوة حيث تم ضبطه وهو يحمل المبلغ فإن الحكم يكون بذلك قد دلل على توافر إمكان جريمة الرشوة في حكم المادة 104 من قانون العقوبات ولما كان ما قام به ضابطا الرقابة الإدارية في واقعة الدعوى لا يعدو كونه من قبيل جمع الاستدلالات والكشف عن جريمة الرشوة التي ابلغوا بها وكان لا يؤثر في قيام أركانها أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وأن لا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي متى كان عرض الرشوة جدياً في ظاهره وكان الطاعن قد قبله على أنه جدي منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي هذا فضلاً عن أن جريمة الرشوة طبقاً لما أورده الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى قد تمت بمجرد طلب الرشوة من جانب الطاعن والمتهم الآخر والقبول من جانب المبلغ ولم يكن تسليم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه بينهم لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش المبدى من الطاعن ورد عليه في قوله بأن طلب المتهمين للرشوة كان بتاريخ 10/ 10/ 1990 وهو ما يتوافر به أركان جريمة الرشوة وأن الإجراءات التالية بما فيها إذن التفتيش يهدف إلى القبض على المتهمين وهما يتسلمان الرشوة وهي واقعة لاحقة لطلب الرشوة فإن ما أورده الحكم في شأن صحة إذن التفتيش سائغ ويستقيم به الرد على دفاع الطاعن لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.