أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 912

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي نواب رئيس المحكمة وعلي الصادق عثمان.

(174)
الطعن رقم 4147 لسنة 56 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات التسبيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "قرائن قانونية".
وجوب بناء الأحكام على الأدلة التي يقتنع بها القاضي عن عقيدة يحصلها بنفسه - عدم جواز ركونه إلى حكم لسواه في ذلك؟
(2) قوة الأمر المقضي. حكم "قوة الشيء المحكوم فيه". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات "بوجه عام". محكمة جنائية. محكمة مدنية.
أحكام المحاكم المدنية ليست لها قوة الشيء المقضي أمام المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها. المادة 457 إجراءات.
تعويل الحكم في الدعوى الجنائية في الإدانة على ما أورده حكم صادر من محكمة مدنية دون تحر أدلة الإدانة. يعيبه.
1 - من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته، صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقبلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه، لا يشاركه فيها غيره، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها، أو بعدم صحتها، حكماً لسواه.
2 - لما كانت المادة 457 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن الأحكام الصادرة من المحاكم المدنية ليست لها قوة الشيء المقضي أمام المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن مكتفياً في التدليل على ذلك بما أورده الحكم المستعجل الصادر برد الحيازة للمطعون ضدها دون أن تتحرى المحكمة بنفسها أدلة الإدانة ودون أن تقوم بتمحيص عناصر الدعوى وإجراء ما تراه من تحقيق موصل إلى ظهور الحقيقة في شأن الجريمة المسندة إلى الطاعن ومدى توافر أركانها في حقه، فإنها تكون قد أقامت قضاءها على عقيدة حصلها حكم آخر - لا حجية له - على عقيدة استقلت هي بتحصيلها بنفسها، مما يجعل حكمها كأنه غير مسبب مما يعيبه.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح قسم الجيزة ضد الطاعن بوصف أنه: استولى بطريق النصب على الحجرتين الواردتين تفصيلاً بصدر هذه العريضة وكذا كافة المنقولات الموجودة بالمكتب بما فيها من مبالغ نقدية وأوراق وأثار وخلافه وكذا الأشياء المبينة بصدر العريضة والمملوكة للمجني عليه، وأحدث إضراراً بها. وطلبت عقابه بالمادتين 396 و370 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ 101 جـ مائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه. ومحكمة الجيزة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة دخول عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يعول في إدانته إلا على حكم صدر من القضاء المستعجل برد الحيازة للمطعون ضدها رغم انعدام حجية هذا الحكم أمام القضاء الجنائي. مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن أشار في صدره إلى أن المدعي بالحقوق المدنية أقامت دعواها بطريق الادعاء المباشر ورد على دفع الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، اقتصر في التدليل على توافر الجريمة في حقه على ما ثبت من الحكم الصادر من قاضي الأمور المستعجلة من أن حيازة العين كانت للمدعي بالحقوق المدنية وقام الطاعن بالاستيلاء عليها بهدم الحوائط الفاصلة بينه وبينها لضمها لحيازته حتى صدر الحكم بردها لها، وخلص من ذلك إلى أن العين كانت في حيازة المطعون ضده عند اغتصاب الطاعن لها ورتب ذلك إدانته وإلزامه بالتعويض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته، صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه، لا يشاركه فيها غيره، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها، أو بعدم صحتها، حكماً لسواه، وكانت المادة 457 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن الأحكام الصادرة من المحاكم المدنية ليست لها قوة الشيء المقضي أمام المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن مكتفياً في التدليل على ذلك بما أورده الحكم المستعجل الصادر برد الحيازة للمطعون ضدها دون أن تتحرى المحكمة بنفسها أدلة الإدانة ودون أن تقوم بتمحيص عناصر الدعوى وإجراء ما تراه من تحقيق موصل إلى ظهور الحقيقة في شأن الجريمة المسندة إلى الطاعن ومدى توافر أركانها في حقه، فإنها تكون قد أقامت قضاءها على عقيدة حصلها حكم آخر - لا حجية له - لا على عقيدة استقلت هي بتحصيلها بنفسها، وهو ما يجعل حكمها كأنه غير مسبب مما يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن، مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.