أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 44 - صـ 891

جلسة 31 من أكتوبر سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى الشناوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي ومحمد عادل الشوربجي وأنس عماره نواب رئيس المحكمة وحسين الصعيدي.

(140)
الطعن رقم 17584 لسنة 59 القضائية

(1) نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". نيابة عامة.
الحكم الاستئنافي الغيابي الصادر بالبراءة. حق النيابة العامة في الطعن فيه بالنقض منذ صدوره. علة ذلك؟
(2) وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". بناء. تقسيم.
محكمة الموضوع غير مقيدة بالوصف الذي ترفع به الدعوى. عليها أن تبين حقيقة الواقعة المطروحة وأن تسبغ عليها الوصف الصحيح.
(3) بناء. تقسيم. ارتباط. وصف التهمة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
جريمتا إقامة بناء بغير ترخيص وإقامته على أرض لم يصدر قرار بتقسيمها. قوامهما. فعل مادي واحد. تبرئة المتهم من الأخيرة لا يعفي المحكمة من التعرض للأولى. ولو لم ترد بوصف الاتهام. أساس ذلك؟
جريمة إقامة بناء على أرض غير مقسمة. اقتصارها على المباني التي تقام على سطح الأرض فحسب.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده إلا أنه وقد قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة القاضي بالبراءة لا يعتبر أنه قد أضربه حتى يصح له أن يعارض فيه ومن ثم فإن طعن النيابة العامة فيه بالنقض من تاريخ صدوره جائز.
2 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى لا تتقيد بالواقعة في نطاقها المرسوم في وصف التهمة المحال عليها بل أنها مطالبة بالنظر إلى الواقعة الجنائية كما رفعت بها الدعوى على حقيقتها كما تتبينها من الأوراق.
3 - لما كانت جريمة إقامة بناء بغير ترخيص وجريمة إقامة البناء على أرض لم يصدر قرار بتقسيمها وإن كانت كل جريمة منهما تقوم على عناصر وأركان تختلف عن عناصر الجريمة الأخرى غير أن الفعل المادي المكون للجريمتين واحد وهو إقامة البناء سواء تم في أرض غير مقسمة أو أقيم عليها بدون ترخيص فالواقعة المادية التي تتمثل في إقامة البناء هي عنصر مشترك بين كافة الأوصاف القانونية التي يمكن أن تعطى لها والتي تتباين صورها بتنوع وجه المخالفة للقانون، ولكنها كلها نتائج متولدة عن فعل البناء الذي تم مخالفاً للقانون، ولما كانت واقعة إقامة بناء الدورين الثاني والثالث العلويين وإن كانت لا تنطبق عليها أحكام القانون رقم 3 لسنة 1982 في شأن التخطيط العمراني لأنه مقصور - بالنسبة إلى المباني على تلك التي تقام على الأرض ومن ثم فهو رهن بإقامة الطابق الأرضي ولا شأن له بالطوابق التالية غير المتصلة بها، إلا أنه لما كان ذلك الفعل ذاته يكون من جهة أخرى جريمة إقامة بناء بدون ترخيص وهي قائمة على ذات الفعل الذي كان محلاً للاتهام بذلك الوصف الأخر فقد كان يتعين على المحكمة قياماً بواجبها في تمحيص الواقعة بكافة كيوفها وأوصافها أن تضفي على الواقعة الوصف الصحيح وهو إقامة البناء بغير ترخيص أما وأنها لم تفعل وقضت بالبراءة في الواقعة المطروحة عليها برمتها فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون مما يوجب نقض الحكم المطعون فيه - ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن تقدير أدلة الدعوى فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أقام مباني على أرض غير مقسمة دون أن يتخذ بشأنها إجراءات التقسيم، وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 3 لسنة 1982 ومحكمة جنح مركز زفتى قضت غيابياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم استأنفت النيابة العامة ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده إلا أنه وقد قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة القاضي بالبراءة لا يعتبر أنه قد أضر به حتى يصح له أن يعارض فيه ومن ثم فإن طعن النيابة العامة فيه بالنقض من تاريخ صدوره جائز.
وحيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر بتبرئة المطعون ضده من تهمة إقامة بناء على أرض غير مقسمة قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أسس قضاءه على أن البناء المنشأ كان مقصوراً على الدورين الثاني والثالث العلويين وهو ما لا ينطبق عليه أحكام القانون رقم 3 لسنة 1982 في شأن التخطيط العمراني، في حين أن هذه الواقعة تكون بذاتها جريمة إقامة بناء بدون ترخيص مما كان يتعين على المحكمة توقيع العقوبة المقررة لها التزاماً منها بواجبها في تمحيص الواقعة المطروحة عليها بكافة كيوفها القانونية، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه برر قضاءه ببراءة المطعون ضده من "أن جريمة البناء على أرض غير مقسمة ولم يصدر بها قرار تقسيم لا تنصرف إلا إلى الدور الأرضي الملاصق للأرض، وأن البناء محل الاتهام حسبما يبين من محضر المخالفة هو الدورين الثاني والثالث العلويين". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى لا تتقيد بالواقعة في نطاقها المرسوم في وصف التهمة المحال عليها بل أنها مطالبة بالنظر إلى الواقعة الجنائية كما رفعت بها الدعوى على حقيقتها كما تتبينها من الأوراق، ولما كانت جريمة إقامة بناء بغير ترخيص وجريمة إقامة البناء على أرض لم يصدر قرار بتقسيمها وإن كانت كل جريمة منهما تقوم على عناصر وأركان تختلف عن عناصر الجريمة الأخرى غير أن الفعل المادي المكون للجريمتين واحد وهو إقامة البناء سواء تم في أرض غير مقسمة أو أقيم عليها بدون ترخيص فالواقعة المادية التي تتمثل في إقامة البناء هي عنصر مشترك بين كافة الأوصاف القانونية التي يمكن أن تعطى لها والتي تتباين صورها بتنوع وجه المخالفة للقانون، ولكنها كلها نتائج متولدة عن فعل البناء الذي تم مخالفاً للقانون، ولما كانت واقعة إقامة بناء الدورين الثاني والثالث العلويين وإن كانت لا تنطبق عليها أحكام القانون رقم 3 لسنة 1982 في شأن التخطيط العمراني لأنه مقصور - بالنسبة إلى المباني على تلك التي تقام على الأرض ومن ثم فهو رهن بإقامة الطابق الأرضي ولا شأن له بالطوابق التالية غير المتصلة بها، إلا أنه لما كان ذلك الفعل ذاته يكون من جهة أخرى جريمة إقامة بناء بدون ترخيص وهي قائمة على ذات الفعل الذي كان محلاً للاتهام بذلك الوصف الآخر فقد كان يتعين على المحكمة قياماً بواجبها في تمحيص الواقعة بكافة كيوفها وأوصافها أن تضفي على الواقعة الوصف الصحيح وهو إقامة البناء بغير ترخيص أما وأنها لم تفعل وقضت بالبراءة في الواقعة المطروحة عليها برمتها فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون مما يوجب نقضه الحكم المطعون فيه - ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن تقدير أدلة الدعوى فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإحالة.