أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 938

جلسة 20 من نوفمبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: حسن جمعة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة ومصطفى طاهر وحسن عميرة وحسن عشيش.

(178)
الطعن رقم 3935 لسنة 56 القضائية

(1) قتل خطأ. جريمة "أركانها". خطأ.
اعتبار مخالفة القوانين واللوائح والأنظمة خطأ في جريمة القتل الخطأ - مشروط بأن تكون المخالفة هي بذاتها سبب الحادث.
(2) قتل خطأ. حكم "بيانات التسبيب".
صحة الحكم قانوناً في جريمة القتل الخطأ تستوجب فيه بيان وقائع الحادث وكيفية حصوله وكنه الخطأ المنسوب إلى المتهم وما كان عليه موقفه وموقف المجني عليه حين وقوع الحادث.
(3) قتل خطأ. جريمة "أركانها". رابطة السببية. خطأ. دفوع "الدفع بانقطاع رابطة السببية". مسئولية جنائية.
رابطة السببية كركن من أركان جريمة القتل الخطأ تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما تتفق والسير العادي للأمور.
خطأ المجني عليه يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافياً لإحداث النتيجة.
الدفع بانقطاع رابطة السببية دفاع جوهري يترتب على ثبوته انتفاء مسئولية المتهم الجنائية والمدنية. مثال لتسبيب معيب في قتل خطأ.
(4) نقض "أثر الطعن".
تناول العيب الذي شاب الحكم مركز المسئول عن الحقوق المدنية. وجوب نقض الحكم بالنسبة إليه أيضاً ولو لم يطعن فيه. المادة 42 من القانون 57 لسنة 1959.
1 - لما كان عدم مراعاة القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة وإن أمكن اعتباره خطأ مستقلاً بذاته في جرائم القتل الخطأ إلا أن هذا مشروط أن تكون هذه المخالفة هي بذاتها سبب الحادث بحيث لا يتصور وقوعه لولاها.
2 - من المقرر أنه يجب قانوناً لصحة الحكم في جريمة القتل الخطأ أن يبين فيه وقائع الحادث وكيفية حصوله وكنه الخطأ المنسوب إلى المتهم وما كان عليه من موقف كل من المجني عليهم والمتهم حين وقوع الحادث.
3 - لما كانت رابطة السببية كركن من أركان هذه الجريمة تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما كانت تتفق والسير العادي للأمور، كما أنه من المقرر أن خطأ المجني عليه يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافياً بذاته لإحداث النتيجة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من مجرد ما قال به من قيادة الطاعن للسيارة مسرعاً ودون استعمال آلة التنبيه ومن عدم مراعاته قواعد وآداب المرور ما يوفر الخطأ في جانبه دون أن يستظهر قدر الضرورة التي كانت توجب عليه استعمال آلة التنبيه وكيف كان عدم استعماله لها مع القيادة السريعة سبباً في وقوع الحادث كما أغفل بحث موقف المجني عليه وكيفية سلوكه الطريق ليتسنى - من بعد - بيان مدى قدرة الطاعن في الظروف التي وقع فيها الحادث على تلافي وقوعه وإثر ذلك كله في قيام أو عدم قيام ركني الخطأ ورابطة السببية التي دفع الطاعن - على ما جاء بمدونات الحكم - بانقطاعها وهو دفاع جوهري يترتب على ثبوته انتفاء مسئولية الطاعن الجنائية والمدنية، فإنه لا يكون قد بين الواقعة وكيفية حصولها بياناً كافياً يمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى.
4 - لما كان العيب الذي شاب الحكم يتناول مركز المسئولين عن الحقوق المدنية الذين لم يطعنوا فيه لقيام مسئوليتهم على ثبوت الواقعة ذاتها المسندة إلى الطاعن مما يقتضي نقضه والإحالة بالنسبة إلى المسئولين عن الحقوق المدنية أيضاً عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأن (أولاً) تسبب خطأ في موت... وكان ذلك ناشئاً عن إهمال وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطأ فاصطدم بالمجني عليه سالف الذكر وأحدث إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي مما أدى إلى وفاته (ثانياً) قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر، وطلب عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 4، 77، 78، 79، 80 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل والمادتين 2، 116 من اللائحة، وادعت أرملة المجني عليه عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مدنياً قبل المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة ايتاي البارود الجزئية قضت حضورياً بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس وبإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية وشركة التأمين الأهلية متضامنين وشركة الشرق للتأمين بالتضامم مع المتهم بأن يدفعوا مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت للمدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها، فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً (أولاً) بقبول الاستئناف شكلاً (ثانياً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني (ثالثاً) وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الطعن بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل الخطأ وقيادة سيارة بحالة ينجم عنها الخطر قد شابه قصور في التسبيب ذلك بأنه لم يبين الواقعة وكيفية حصولها بياناً كافياً كما دفع الطاعن بانقطاع رابطة السببية بين الخطأ والضرر لأن السبب المباشر في وقوع الحادث هو خطأ المجني عليه وحده لعبوره عرض الطريق فجأة ممتطياً دابته واصطدامه بمؤخرة سيارته إلا أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري دون أن يبين عناصر الخطأ بياناً كافياً واتخذ من قيام الطاعن للسيارة بسرعة ومن عدم استعماله آلة التنبيه ما يوفر الخطأ في جانبه دون أن يستظهر كيف كان هذا الخطأ سبباً في وقوع الحادث مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أنه عقب الإبلاغ عن وقوع حادث اصطدام المجني عليه بالسيارة قيادة الطاعن ووفاته ونفوق دابته أنتقل محقق الشرطة وأجرى معاينة لمكان الحادث ووجد آثاراً لفرامل السيارة بطول عشرين متراً، وبسؤال... قرر أنه كان يسير خلف شقيقه المجني عليه الذي كان ممتطياً دابته وعليها كيس من القطن وعند عبوره الطريق فوجئ بقدوم سيارة مسرعة واصطدامها بالمجني عليه ودابته مما أدى إلى وفاته ونفوق الدابة وأضاف أنه لا يستطيع الجزم بأن شقيقه قد تأكد من خلو الطريق قبل عبوره له من عدمه وإذ سئل شيخ الخفراء قرر أنه علم بالحادث ولم يشاهده، وإذ سئل المتهم أنكر التهمة وقرر أنه فوجئ بالمجني عليه ممتطياً دابته عابراً الطريق ولم يكن لإرادته دخل في وقوع الحادث وقد قرر الشاهد... الذي سمعته المحكمة أن السيارة كانت تسير بسرعة كبيرة وأنوارها الصغيرة مضاءة ولم يستعمل قائدها آلة التنبيه وكانت الرؤية غير واضحة مما أدى إلى اصطدام السيارة بالمجني عليه، وبعد أن أورد الحكم إصابات المجني عليه التي أدت إلى وفاته من واقع التقرير الطبي خلص إلى إدانة الطاعن في قوله "وحيث إنه لما كان ما تقدم وبناء عليه وأخذاً به وإذ كان المتهم كان يسير بسرعة كبيرة ولم يستخدم آلة التنبيه ولم يراع قواعد وآداب المرور مما أدى إلى ارتكابه الحادث مما يتوافر معه ركن الخطأ الأمر الذي يتعين معه معاقبة المتهم بالعقوبة المقررة في القانون" لما كان ذلك، وكانت المادة الثانية عشرة من قرار وزير الداخلية رقم 291 لسنة 1973 بتنفيذ أحكام القانون رقم 66 لسنة 1973 بإصدار قانون المرور قد حظرت استعمال جهاز التنبيه أثناء سير السيارة إلا في حالة الضرورة فقط، وكان عدم مراعاة القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة وإن أمكن اعتباره خطأ مستقلاً بذاته في جرائم القتل الخطأ إلا أن هذا مشروط أن تكون هذه المخالفة هي بذاتها سبب الحادث بحيث لا يتصور وقوعه لولاها، وكان من المقرر أنه يجب قانوناً لصحة الحكم في جريمة القتل الخطأ أن يبين فيه وقائع الحادث وكيفية حصوله وكنه الخطأ المنسوب إلى المتهم وما كان عليه من موقف كل من المجني عليه والمتهم حين وقوع الحادث، وكانت رابطة السببية كركن من أركان هذه الجريمة تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما كانت تتفق والسير العادي للأمور، كما أنه من المقرر أن خطأ المجني عليه يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافياً بذاته لإحداث النتيجة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من مجرد ما قال به من قيادة الطاعن للسيارة مسرعاً ودون استعمال آلة التنبيه ومن عدم مراعاته قواعد وآداب المرور ما يوفر الخطأ في جانبه دون أن يستظهر قدر الضرورة التي كانت توجب عليه استعمال آلة التنبيه وكيف كان عدم استعماله لها مع القيادة السريعة سبباً في وقوع الحادث كما أغفل الحكم بحث موقف المجني عليه وكيفية سلوكه الطريق ليتسنى - من بعد - بيان مدى قدرة الطاعن في الظروف التي وقع فيها الحادث على تلافى وقوعه وإثر ذلك كله في قيام أو عدم قيام ركني الخطأ ورابطة السببية التي دفع الطاعن - على ما جاء بمدونات الحكم - بانقطاعها وهو دفاع جوهري يترتب على ثبوته انتفاء مسئولية الطاعن الجنائية والمدنية، فإنه لا يكون قد بين الواقعة وكيفية حصولها بياناً كافياً يمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور بما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة بالنسبة إلى الطاعن دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن. لما كان ما تقدم وكان العيب الذي شاب الحكم يتناول مركز المسئولين عن الحقوق المدنية الذين لم يطعنوا فيه لقيام مسئوليتهم على ثبوت الواقعة ذاتها المسندة إلى الطاعن مما يقتضي نقضه والإحالة بالنسبة إلى المسئولين عن الحقوق المدنية أيضاً عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.