أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 982

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة ومصطفى طاهر وحسن عميره وحسام الغرياني.

(187)
الطعن رقم 4030 لسنة 56 القضائية

حجز. تبديد. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
جريمة تبديد المحجوزات. شرط العقاب عليها: علم المتهم علماً حقيقياً باليوم المحدد للبيع وتعمده عدم تقديم المحجوزات في هذا اليوم بقصد عرقلة التنفيذ.
الدفع بعدم العلم بيوم البيع من الدفوع الموضوعية الجوهرية. على المحكمة تناوله بالرد وإلا كان حكمها قاصراً.
الدفاع المسطور في أوراق الدعوى. يكون مطروحاً دائماً على المحكمة في أية مرحلة تالية الالتفات عنه يوجب بيان العلة.
لما كان قضاء محكمة النقض مستقراً على أنه يشترط للعقاب على جريمة تبديد المحجوزات أن يكون المتهم عالماً علماً حقيقياً باليوم المحدد للبيع ثم يتعمد عدم تقديم المحجوزات في هذا اليوم بقصد عرقلة التنفيذ ومن ثم فإن الدفع بعدم العلم بيوم البيع يعد من الدفوع الموضوعية الجوهرية لما يستهدفه من نفي عنصر من عناصر الجريمة لا تقوم بدونه ويتعين على المحكمة أن تتناوله بالرد وإلا كان حكمها قاصراً. لما كان ذلك وكان هذا الدفاع وقد أثبت بمحاضر الجلسات أمام محكمة أول درجة، أصبح واقعاً مسطوراً بأوراق الدعوى، قائماً مطروحاً على المحكمة عند نظر موضوع معارضة الطاعن الاستئنافية وهو ما يوجب عليها إبداء الرأي بشأنه، وإن لم يعاود المعارض إثارته، ذلك بأن من المسلم به أن المحكمة متى رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فإن عليها تحقيقه ما دام ذلك ممكناً، وهذا بغض النظر عن مسلك المتهم في شأن هذا الدليل، لأن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهناً بمشيئة المتهم في الدعوى، فإن هي استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها أن تبين علة ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد المنقولات المبينة الوصف والقيمة بمحضر الحجز والمملوكة له والمحجوز عليها إدارياً والمسلمة إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها في اليوم المحدد لبيعها فاختلسها لنفسه بنية تملكها إضراراً بالجهة الحاجزة وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الدقي قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً. استأنف المحكوم عليه وقيد استئنافه برقم 8163 لسنة 1983. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض المحكوم عليه وقضى في معارضته الاستئنافية بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التبديد قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه تمسك أمام محكمة أول وثاني درجة بعدم علمه باليوم المحدد لبيع المحجوزات وطلب من المحكمة ضم محضر الحجز تحقيقاً لذلك، إلا أن المحكمة لم تجبه لطلبه والتفتت عن دفاعه رغم جوهريته. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
لما كان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن تمسك أمام محكمة أول درجة، بعدم علمه بيوم البيع وطلب ضم محضر الحجز المحدد به يوم البيع. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض مستقراً على أنه يشترط للعقاب على جريمة تبديد المحجوزات أن يكون المتهم عالماً علماً حقيقياً باليوم المحدد ثم يتعمد عدم تقديم المحجوزات في هذا اليوم بقصد عرقلة التنفيذ ومن ثم فإن الدفع بعدم العلم بيوم البيع يعد من الدفوع الموضوعية الجوهرية لما يستهدفه من نفي عنصر من عناصر الجريمة لا تقوم بدونه ويتعين على المحكمة أن تتناوله بالرد وإلا كان حكمها قاصراً. لما كان ذلك وكان هذا الدفاع وقد أثبت بمحاضر الجلسات أمام محكمة أول درجة، أصبح واقعاً مسطوراً بأوراق الدعوى، قائماً مطروحاً على المحكمة عند نظر موضوع معارضة الطاعن الاستئنافية وهو ما يوجب عليها إبداء الرأي بشأنه، وإن لم يعاود المعارض إثارته، ذلك بأن من المسلم به أن المحكمة متى رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فإن عليها تحقيقه ما دام ذلك ممكناً، وهذا بغض النظر عن مسلك المتهم في شأن هذا الدليل، لأن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهناً بمشيئة المتهم في الدعوى، فإن هي استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها أن تبين عله ذلك بشرط الاستدلال السائغ - وهو ما افتقده الحكم المطعون فيه وعابه بالإخلال بحق الدفاع. مما يتعين معه نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث الوجه الآخر من الطعن.