أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 44 - صـ 1004

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة ومصطفى عبد المجيد.

(155)
الطعن رقم 23081 لسنة 61 القضائية

(1) تزوير. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
فض المحكمة أحراز المستندات المزورة في حضور الطاعن والمدافع عنه. نعيه بعدم الاطلاع عليها. لا جدوى منه.
(2) تزوير. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". استدلالات. دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
الدفع ببطلان التفتيش. لا تجوز المجادلة فيه أمام النقض. علة ذلك؟
(3) إثبات "بوجه عام". تزوير. اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاشتراك في التزوير. تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. يكفي اعتقاد المحكمة بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها اعتقاداً سائغاً.
(4) إثبات "بوجه عام". اشتراك. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الاشتراك. يكون في الجريمة ذاتها. وجود علاقة مباشرة بين الشريك والفاعل الأصلي. غير لازم. المادة 40 عقوبات.
(5) تقليد. فاعل أصلى. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة التقليد المنصوص عليها بالمادة 206/ 3، 4 عقوبات. لا يشترط فيها أن يكون الجاني قد قلد بنفسه. كفاية أن يكون مساهماً فيها.
(6) تزوير. اشتراك. تقليد. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". ارتباط. عقوبة "العقوبة المبررة".
تعييب الحكم فيما تساند إليه في جرائم تقليد أختام بعض الجهات الحكومية. عدم جدواه. طالما أخذه بعقوبة تدخل في الحدود المقررة لجريمة الاشتراك في التزوير. إعمالاً للمادة 32 عقوبات.
(7) إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي.
1 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وفي محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة قامت بفض الإحراز المحتوية على المستندات المزورة في حضور الطاعن والمدافع عنه ومن ثم فقد كانت معروضة على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعن الاطلاع عليها إذا ما طلب من المحكمة ذلك فإن ما يثيره الطاعن بدعوى عدم اطلاعه على المستندات المزورة لا يكون له وجه.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة - قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فأنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولما كانت المحكمة - في الدعوى المطروحة - قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
3 - إن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه فإنه يكفي أن تكون المحكمة اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.
4 - إن المادة 40 من قانون العقوبات لا تشرط في الشريك أن يكون له علاقة مباشرة مع الفاعل الأصلي للجريمة إذ الشريك إنما هو في الواقع شريك في الجريمة ذاتها يستمد صفته من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ومن قصده منه ومن الجريمة التي وقعت بناء على اشتراكه.
5 - من المقرر أنه لا يشترط في جريمة التقليد المنصوص عليها في الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 206 من قانون العقوبات أن يكون الجاني قد قلد بنفسه ختماً من أختام المصالح الحكومية بل يكفي أن يكون التقليد قد تم بواسطة غيره طالما أنه كان مساهماً فيه.
6 - لا جدوى للطاعن من النعي بالقصور على ما أورده الحكم تدليلاً على جرائم تقليد أختام بعض الجهات الحكومية ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بعقوبة السجن لمدة خمس سنوات التي تدخل في الحدود المقررة لجرائم الاشتراك في تزوير المحررات الرسمية أثبتها الحكم في حقه.
7 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: - اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول ليس من أرباب الوظائف العمومية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو البطاقة العائلية رقم 36787 مطبوع ورقم 531274 ح والمنسوب صدورها إلى سجل مدني الأزبكية وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن اتفق معه على إنشائها على غرار المحررات الصحيحة التي تصدر من تلك الجهة والتوقيع عليها بتوقيعات مزورة على العاملين بها وساعده بأن زوده بالبيانات المراد إثباتها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: - اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول وليس من أرباب الوظائف العمومية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو "البطاقة الشخصية رقم 82349 مطبوع ورقم 413429. والمنسوب صدورها لمكتب سجل مدني عابدين" وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن اتفق معه على إنشائها على غرار المحررات الصحيحة التي تصدر من تلك الجهة والتوقيع عليها بتوقيعات مزورة على المختصين بها وساعده بأن أمده بالبيانات المراد إثباتها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثالثاً: - اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول ليس من أرباب الوظائف العمومية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو صورة قيد الميلاد رقم 258911 والمنسوب صدورها إلى مصلحة الضرائب العقارية وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن اتفق معه على إنشائها على غرار المحررات الصحيحة التي تصدر من تلك الجهة والتوقيع عليها بتوقيعات مزورة على المختصين بها وساعده بأن زوده بالبيانات المراد إثباتها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. رابعاً: - اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول ليس من أرباب الوظائف العمومية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو إشهار الطلاق رقم 244876 والمنسوب صدورها إلى وزارة العدل نيابة بندر إمبابة الجزئية للأحوال الشخصية للولاية على النفس وكان ذلك بطريق تغيير المحررات بأن اتفق معه على محو البيانات الواردة بذلك المحرر وساعده بأن قدم إليه البيانات المزورة المراد إثباتها بدلاً من البيانات الصحيحة فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. خامساً: - قلد بواسطة الغير خاتم شعار الجمهورية لوزارة المالية مصلحة الضرائب العقارية دار المحفوظات العمومية الخاتم الكودي لتلك الجهة بأن اصطنع على غراره خاتمين آخرين مزورين واستعملهما بأن بصم بهما على المحرر المزور موضوع التهمة الرابعة مع علمه بتقليدهما على النحو المبين بالأوراق. سادساً: - قلد بواسطة الغير خاتم شعار الجمهورية لوزارة الري مصلحة الميكانيكا والكهرباء إدارة الحسابات بأن اصطنع على غراره خاتماً آخر مزوراً واستعمله بأن بصم به على جواز سفر مصري عادي مع علمه بتقليده على النحو المبين بالأوراق. سابعاً: - قلد بواسطة الغير خاتم شعار الجمهورية لمحافظة القاهرة مديرية التربية والتعليم بأن اصطنع على غراره خاتماً مزوراً واستعمله بأن بصم به على طلب الحصول على جواز سفر مصري مع علمه بتقليده على النحو المبين بالأوراق، وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41/ 1، 206/ 3، 4، 211، 212 من قانون العقوبات مع أعمال المادة 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية وتقليد أختام بعض الجهات الحكومية بواسطة الغير قد عابه البطلان في الإجراءات وانطوى على قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأن محاضر الجلسات خلت مما يفيد اطلاع الطاعن على الأوراق المزورة وقد دفع الطاعن ببطلان أمر التفتيش لصدوره دون تحريات جدية مدللاً على ذلك بشواهد عددها إلا أن الحكم أطرح دفعه بتسبيب قاصر غير سائغ ولم يستظهر الحكم الدليل على اشتراكه في ارتكاب جرائم التزوير المسندة إليه ولا على أنه الذي قلد الأختام محل الجريمة واعتوره الغموض في بيان علاقته بالفاعل الأصلي والتفت عن دفاعه بنفي التهمة إيراداً له ورداً عليه. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاشتراك في تزوير المحررات الرسمية وتقليد الأختام التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة مستقاة من أقوال الشهود ومن اطلاع المحكمة على المستندات المزورة ومن تقرير شعبة فحص التزوير والتزييف بوزارة الداخلية وهي أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وفي محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة قامت بفض الإحراز المحتوية على المستندات المزورة في حضور الطاعن والمدافع عنه ومن ثم فقد كانت معروضة على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعن الاطلاع عليها إذا ما طلب من المحكمة ذلك فإن ما يثيره الطاعن بدعوى عدم اطلاعه على المستندات المزورة لا يكون له وجه لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة - قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فأنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولما كانت المحكمة - في الدعوى المطروحة - قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه فإنه يكفي أن تكون المحكمة اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم ولما كان الحكم قد دلل بأسباب معقولة على ما استنتجه من قيام الاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة مع فاعل أصلي مجهول في ارتكاب جرائم التزوير وكانت المادة 40 من قانون العقوبات لا تشرط في الشريك أن يكون له علاقة مباشرة مع الفاعل الأصلي للجريمة إذ الشريك إنما هو في الواقع شريك في الجريمة ذاتها يستمد صفته من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ومن قصده منه ومن الجريمة التي وقعت بناء على اشتراكه وكان لا يشترط في جريمة التقليد المنصوص عليها في الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 206 من قانون العقوبات أن يكون الجاني قد قلد بنفسه ختماً من أختام المصالح الحكومية بل يكفي أن يكون التقليد قد تم بواسطة غيره طالما أنه كان مساهماً فيه ولما كان الحكم قد دان الطاعن بهذه الجرائم بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة التي استخلص منها ثبوتها فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً كما أنه لا جدوى للطاعن من النعي بالقصور على ما أورده الحكم تدليلاً على جرائم تقليد أختام بعض الجهات الحكومية ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بعقوبة السجن لمدة خمس سنوات التي تدخل في الحدود المقررة لجرائم الاشتراك في تزوير المحررات الرسمية أثبتها الحكم في حقه لما كان ذلك وكان نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعاً.