أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 44 - صـ 1011

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نائبي رئيس المحكمة وعلي شكيب وعمر بريك.

(156)
الطعن رقم 23136 لسنة 61 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام النقض.
(2) مواد مخدرة. دفوع "الدفع بشيوع التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. أساس ذلك؟
عدم التزام المحكمة أن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اطمئنان المحكمة إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت إلى التحليل وأخذها بالنتيجة التي انتهى إليها. عدم جواز مجادلتها فيه. طالما قد أقامت اقتناعها على ما ينتجه.
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
(6) تحقيق. إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحقق في مباشرة بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم.
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن.
(7) مواد مخدرة. إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "خبرة". نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي. تحقيق. استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيجاب حلف الخبير يميناً أمام سلطة التحقيق.
لعضو النيابة. كرئيس للسلطة القضائية. الاستعانة بأهل الخبرة. بغير حلف يمين.
لمحكمة الموضوع الاستناد إلى تقرير خبير لم يحلف اليمين. أساس ذلك؟
(8) مواد مخدرة. إثبات "خبرة". جريمة "أركانها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تأثيم الشارع زراعة القنب الهندي بجميع أصنافه ومسمياته في أي طور من أطوار نموها. وإثبات أن المضبوطات شجيرات وأجزاء نباتيه بها سيقان وأوراق وقمم زهرية مثمرة لنبات الحشيش. نعى الطاعن بعدم إثبات تقرير التحليل وجود المادة المخدرة في المضبوطات. لا محل له.
(9) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهادة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
(10) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم. لا يعيب الحكم. متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
(11) دفوع "الدفع بنفي التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. لا يستلزم رداً.
(12) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة. بتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(13) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ارتباط. نقض "المصلحة في الطعن".
النعي بعدم قيام الطاعن بزراعة نبات الحشيش. لا جدوى منه. ما دام الحكم أوقع عليه عقوبة واحدة من جريمتي زراعة وحيازة النباتات المخدرة وأوقع العقوبة المقررة لكليهما.
1 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة. وكان ما انتهى إليه من نفي قصد الاتجار عن الطاعن لا يتعارض مع ما حصله الحكم من أقوال ضابطي الواقعة - الشاهدين الأول والثاني - حسبما هو ثابت من مدوناته - ومن ثم فقد انحسر عن الحكم قالة التناقض في التسبيب، ولا يعدو ما يثيره الطاعن في هذا الشأن أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة دفع موضوعي لا يستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى وهي في ذلك غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه متى كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في مسألة واقعية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها.
5 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق معين في شأن ما يثيره من مغايرة المضبوطات لما تم تحليله - فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها على إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى سلامة إجراءات الوزن والتحريز وإلى أن ما تم ضبطه هو الذي صار تحليله، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول.
6 - لما كان القانون قد أباح للمحقق أن يباشر بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم مع السماح لهؤلاء بالاطلاع على الأوراق المثبتة لهذه الإجراءات، وكان الطاعن لا يدعي أنه منع من الاطلاع على شهادة وزن المخدر وما أثبت بشأنها في التحقيقات، فأن ما يثيره في هذا الشأن يكون في غير محله، فضلاً عن أن ما ينعاه الطاعن من ذلك لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
7 - من المقرر أنه ولئن كان القانون قد أوجب على الخبراء أن يحلفوا يميناً أمام سلطة التحقيق، إلا أنه من المقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية، وكانت المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يستعينوا بأهل الخبرة وأن يطلبوا رأيهم شفاهة أو كتابة بغير حلف يمين، فإنه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بشهادة الوزن التي حررها من قام بإجرائه الذي ندبته النيابة ولو لم يحلف يميناً على أنها ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصر من عناصرها ما دامت مطروحة على بساط البحث تناولها الدفاع بالمناقشة.
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير المعامل الكيماوية أن المضبوطات عبارة عن شجيرات وأجزاء نباتية خضراء بها سيقان وأوراق وقمم زهرية مثمرة، وثبت أنها جميعاً لنبات الحشيش، وكان المشرع قد أثم زراعة نبات القنب الهندي بجميع أصنافه ومسمياته - ومنها الحشيش - في أي طور من أطوار نموها بمقتضى المادة 28 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل والبند 1 من الجدول رقم 5 الملحق. ومن ثم فإن ما يقوله الطاعن من أن تقرير التحليل لم يثبت وجود المادة المخدرة في المضبوطات يكون غير سديد. وإذا انتهى الحكم إلى إدانته بجريمتي زراعة وحيازة نبات القنب الهندي...... فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
9 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعة إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة من محكمة النقض.
10 - من المقرر أن التناقض في أقوال الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
11 - النعي بالتفات المحكمة عن دفاع الطاعن بأنه لم يقم بزراعة النباتات المضبوطة وأنها تنمو تلقائياً، مردوداً عليه بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
12 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع الطاعن في هذا الشأن وأطرحه في منطق سائغ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن ذلك لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
13 - من المقرر أنه لا جدوى للطاعن فيما يثيره بهذا الوجه من الطعن طالما أن الحكم قد أعمل في حقه نص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة للارتباط عن جريمتي الزراعة والحيازة للنباتات المخدرة المضبوطة وما دامت العقوبة المقررة لكليتهما هي عقوبة متماثلة في القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: - زرع نبات القنب الهندي "حشيش" المبين بالتحقيقات في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ثانياً: - حاز نبات القنب الهندي "حشيش" بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 28، 29، 38/ 1، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند 1 من الجدول رقم 5 الملحق بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة النباتات والبذور المضبوطة ونصيبه الشرعي المورث في الأرض المستزرعة بنبات الحشيش المضبوط وإنهاء حيازته بالنسبة لباقي الأرض الخاصة بمورثه باعتبار أن حيازة النبات كان بغير قصد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي زراعة وحيازة نبات القنب الهندي - الحشيش بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي - قد شابه التناقض والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والبطلان، ذلك أنه حصل أقوال الضابطين - الشاهدين الأول والثاني - بما يدل على توافر قصد الاتجار في حق الطاعن - ثم عاد ونفى عنه هذا القصد، وأطرح الدفع بشيوع التهمة بما لا يسوغ مستنداً في ذلك إلى بعض من أقوال الشاهدة..... دون البعض الآخر، كما أثار الطاعن دفاعاً بأن ما تم ضبطه يغاير ما تم تحليله، وقد رد الحكم على هذا الدفاع بما لا يصلح رداً، ودون أن تجري المحكمة تحقيقاً في هذا الشأن، هذا إلى أن عملية الوزن تمت في غيبة الطاعن ولم تقم النيابة بتحليف من قام بها اليمين القانونية، وفضلاً عن ذلك فقد استند الحكم في قضائه إلى تقرير المعامل الكيماوية رغم خلوه مما يثبت أن النباتات المضبوطة تحتوى على المادة المخدرة، كما عول على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها وتضاربها، والتفت عن دفاعه بأنه لم يقم بزراعة النباتات المضبوطة، وأنها تنمو تلقائياً مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة. وكان ما انتهى إليه من نفي قصد الاتجار عن الطاعن لا يتعارض مع ما حصله الحكم من أقوال ضابطي الواقعة - الشاهدين الأول والثاني - حسبما هو ثابت من مدوناته - ومن ثم فقد انحسر عن الحكم قالة التناقض في التسبيب، ولا يعدو ما يثيره الطاعن في هذا الشأن أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة دفع موضوعي لا يستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن وأطرحته في منطق سائغ، ولا على المحكمة إن هي عولت على أقوال شاهدة النفي فيما قررته - في جلسة المحاكمة - من أنها كانت بعيدة عن المنزل وقت الضبط وأطرحت باقي أقوالها، لما هو مقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى وهي في ذلك غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بأن ما تم ضبطه يغاير ما تم تحليله - وأطرحه اطمئناناً من المحكمة إلى سلامة إجراءات الوزن والتحريز وإلى أن ما تم ضبطه في منزل الطاعن والعينات التي أخذت من زراعته - هو ما صار تحليله وكان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن كافياً وسائغاً، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه متى كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في مسألة واقعية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق معين في شأن ما يثيره من مغايرة المضبوطات لما تم تحليله - فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى سلامة إجراءات الوزن والتحريز وإلى أن ما تم ضبطه هو الذي صار تحليله، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان القانون قد أباح للمحقق أن يباشر بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم مع السماح لهؤلاء بالاطلاع على الأوراق المثبتة لهذه الإجراءات، وكان الطاعن لا يدعي أنه منع من الاطلاع على شهادة وزن المخدر وما أثبت بشأنها في التحقيقات، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون في غير محله، فضلاً عن أن ما ينعاه الطاعن في ذلك لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، ولئن كان القانون قد أوجب على الخبراء أن يحلفوا يميناً أمام سلطة التحقيق، إلا أنه من المقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية، وكانت المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يستعينوا بأهل الخبرة وأن يطلبوا رأيهم شفاهة أو كتابة بغير حلف يمين، فأنه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بشهادة الوزن التي حررها من قام بإجرائه الذي ندبته النيابة ولو لم يحلف يميناً على أنها ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصر من عناصرها ما دامت مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالمناقشة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير المعامل الكيماوية أن المضبوطات عبارة عن شجيرات وأجزاء نباتية خضراء بها سيقان وأوراق وقمم زهرية مثمرة، وثبت أنها جميعاً لنبات الحشيش، وكان المشرع قد أثم زراعة نبات القنب الهندي بجميع أصنافه ومسمياته - ومنها الحشيش - في أي طور من أطوار نموها بمقتضى المادة 28 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل والبند 1 من الجدول رقم 5 الملحق. ومن ثم فإن ما يقوله الطاعن من أن تقرير التحليل لم يثبت وجود المادة المخدرة في المضبوطات يكون غير سديد. وإذا انتهى الحكم إلى إدانته بجريمتي زراعة وحيازة نبات القنب الهندي..... فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعة إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة من محكمة النقض، وكان التناقض في أقوال الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات المحكمة عن دفاع الطاعن بأنه لم يقم بزراعة النباتات المضبوطة وأنها تنمو تلقائياً، مردوداً عليه بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالماً كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم وبحسب الحكم فيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع الطاعن في هذا الشأن وأطرحه في منطق سائغ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن ذلك لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. هذا فضلاً عن أنه لا جدوى للطاعن فيما يثيره بهذا الوجه من الطعن طالما أن الحكم قد أعمل في حقه نص المادة 31 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة للارتباط عن جريمتي الزراعة والحيازة للنباتات المخدرة المضبوطة وما دامت العقوبة المقررة لكليتهما هي عقوبة متماثلة في القانون. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.