أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 52 - صـ 1051

جلسة 22 من أكتوبر سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ خالد يحيى دراز، أحمد إبراهيم سليمان. "نائبي رئيس المحكمة"، بليغ كمال ومجدي زين العابدين.

(205)
الطعن رقم 2077 لسنة 70 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن" "حقوق والتزامات طرفي عقد الإيجار: حقوق والتزامات المستأجر". عقد "فسخ عقد الإيجار".
الإخلاء لإخلال المستأجر بأحد التزاماته الناشئة عن عقد الإيجار. شرطه. أن يكون الإخلال راجعاً إلى تقصيره وليس إلى استعماله لحق مشروع أو إلى تقصير المؤجر في التزاماته المقابلة.
(2) مسئولية "المسئولية التقصيرية والمسئولية العقدية: الإعفاء منها". تعويض.
استعمال حق الدفاع الشرعي في حدوده. أثره. رفع المسئولية ولو نشأ عنه ضرر للغير. تجاوز هذه الحدود أو توافر حالة الضرورة. عذر شرعي موجب لتخفيف المسئولية. المادتان 166، 168 مدني.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها التقديرية".
السلطة التقديرية للقاضي المقررة له بحكم القانون. عدم جواز امتناعه عن إعمالها أو تنازله عنها. علة ذلك.
(4) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء: الإخلاء لإساءة المستأجر استعمال المكان المؤجر أو استعماله بطريقه ضارة". عقد. "فسخ العقد: فسخ عقد الإيجار".
الإخلاء لإساءة استعمال المستأجر المكان المؤجر أو استعماله بطريقة ضارة بسلامة المبنى. م 18/ د ق 136 لسنة 1981. عدم تعارضه مع المبادئ القانونية المقررة بالمواد 157، 166، 168 من القانون المدني. أثره. وجوب إعمال القاضي سلطته التقديرية في تقييم إخلال المستأجر بشروط العقد ومدى مناسبة الفسخ جزاء على ذلك الإخلال.
(5) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء: الإخلاء لإساءة المستأجر استعمال المكان المؤجر أو استعماله بطريقة ضارة". مسئولية "المسئولية التقصيرية والمسئولية العقدية: الإعفاء منها". تعويض. محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة للمنازعات الناشئة عن العقود في فسخ العقد". حكم "عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب".
تمسك الطاعن بأن ترميم الطابق الأرضي الذي قام به وباقي المستأجرين تم تحت إشراف مهندس نقابي تفادياً لانهيار العقار لتراخي الملاك في ترميمه وامتناع الجهة الإدارية عن الترخيص لهم بترميمه ورفض دعوى الملاك بإزالة الطوابق الثلاثة العليا لخطورتها وطلبهم إثبات حالة العقار وتدليله على ذلك بالمستندات. إطراح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وقضاؤه بالإخلاء للإضرار بسلامة المبنى استناداً إلى تقرير الخبير دون بحث أثر تراخي الملاك في تنفيذ قرار الترميم وخطورته وأثر ما قام به الطاعن وحده على سلامة المبنى وما حدث به من شروخ، خطأ وقصور.
1 - الإخلاء بسبب إخلال المستأجر بأحد التزاماته الناشئة عن عقد الإيجار هو من قبيل فسخ العقد - ويشترط للحكم به أن يكون إخلال المستأجر بالتزامه راجعاً إلى تقصيره وليس راجعاً إلى استعماله لحق مشروع ولا إلى تقصير المؤجر في التزاماته المقابلة.
2 - مفاد نص المادتين 166، 168 من القانون المدني - على ما جاء بالأعمال التحضيرية للقانون المدني - أن الدفاع الشرعي في حدوده يرفع المسئولية تماماً لأنه استعمال لحق - واستعمال الحق في حدوده لا يشكل خطأ ولا يرتب مسئولية حتى لو نشأ عنه ضرر للغير، أما تجاوز حدود الدفاع الشرعي أو توافر حالة الضرورة فكلاهما عذر شرعي موجب لتخفيف المسئولية.
3 - لا يجوز للقاضي أن يمتنع عن إعمال السلطة التقديرية المقررة له بحكم القانون أو أن يتنازل عنها لأنها سلطة لم تقرر لمصلحته وإنما لصالح المتقاضين حتى يقوم بواجبه في تقدير خصوصيات كل منازعة وظروفها وملابساتها واختيار الحل الأقرب إلى تحقيق العدالة باعتباره الحل القانوني المناسب الذي أوجب القانون إعماله.
4 - النص في المادة 18/ د من قانون إيجار الأماكن 136 لسنة 1981 جاء خلواً مما يتعارض مع المبادئ القانونية المقررة في نصوص القانون المدني 157، 166، 168 أو يعفي القاضي من واجب إعمال سلطته التقديرية في تقييم ما وقع من المستأجر من إخلال بشروط العقد وما إذا كان الفسخ هو الجزاء المناسب لهذه المخالفة.
5 - إذا كان الثابت أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بصدور القرار 13 لسنة 1982 المعدل بالحكم 513 لسنة 1982........ الابتدائية بإزالة الطابق العلوي للعقار تخفيفاً لأحماله وترميم باقي العقار - فلما تراخى ملاك العقار في تنفيذه حتى عام 1993 تقدم مستأجرو المحلات الخمسة إلى مجلس المدينة طالبين إصدار ترخيص لهم بترميم الطابق الأرضي فلما امتنع لعدم موافقة الملاك أقاموا الدعوى 88 لسنة 1993 مستعجل....... بطلب الحكم بالترخيص ولكن المحكمة رفضت فقام المستأجرون الخمسة بترميم الطابق الأرضي تحت إشراف مهندس نقابي مختص تفادياً لانهيار العقار وتعريض حياة الناس وشاغليه وأموالهم للخطر وقدم المستندات سالفة البيان فلم يمحص الحكم المطعون فيه هذا الدفاع واكتفى بما ورد بتقرير خبير دعوى المطعون ضدهم على مستأجري المحلات الخمسة من أنه استجدت نتيجة أعمال التدعيم والترميم التي قاموا بها زيادة شروخ بالمبنى يتكلف إصلاحها ألفين من الجنيهات وقضى بالإخلاء دون أن يبحث أثر عدم قيام ملاك العقار بتنفيذ قرار ترميمه أو تخفيف الأحمال عنه ولا مدى الخطر الناشئ عن عدم ترميم العقار ولا حتى أثر ما قام به الطاعن وحده على سلامة المبنى وما به من شروخ فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وران عليه القصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى...... لسنة...... إيجارات........ الابتدائية على الطاعن مستأجر المحل المبين بالأوراق بطلب الحكم بإخلائه لإضراره بسلامة المبنى على النحو الثابت بالدعويين 881، 884 لسنة 27 ق استئناف........، ومحكمة أول درجة حكمت بالإخلاء، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف....... لسنة...... ق المنصورة "مأمورية دمياط" وبتاريخ 21/ 6/ 2000 قضت المحكمة بالتأييد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه أقام قضاءه بإخلائه على أن أعمال التدعيم والترميم التي قام بها مع غيره من مستأجري المحلات الخمسة قد تمت بدون ترخيص وزادت في شروخ المبنى بحيث يتكلف إصلاحها ألفين من الجنيهات في حين أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بصدور القرار 13 لسنة 1982 المعدل بالحكم 513 لسنة 1982...... الابتدائية بإزالة الطابق العلوي للعقار تخفيفاً لأحماله وترميم باقي العقار - فلما تراخى ملاك العقار في تنفيذه حتى عام 1993 تقدم مستأجرو المحلات الخمسة إلى مجلس المدينة طالبين إصدار ترخيص لهم بترميم الطابق الأرضي فلما امتنع لعدم موافقة الملاك أقاموا الدعوى....... لسنة....... مستعجل....... بطلب الحكم بالترخيص ولكن المحكمة رفضت فقام المستأجرون الخمسة بترميم الطابق الأرضي تحت إشراف مهندس نقابي مختص تفادياً لانهيار العقار وتعريض حياة الناس وشاغليه وأموالهم للخطر - فلم يمحص الحكم هذا الدفاع ولا عني بتحديد أثر الأعمال التي قام بها كل مستأجر وحده على سلامة المبنى - مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الإخلاء بسبب إخلال المستأجر بأحد التزاماته الناشئة عن عقد الإيجار هو من قبيل فسخ العقد - ويشترط للحكم به أن يكون إخلال المستأجر بالتزامه راجعاً إلى تقصيره وليس راجعاً إلى استعماله لحق مشروع ولا إلى تقصير المؤجر في التزاماته المقابلة، وينص القانون المدني في المادة 166 على أنه "من أحدث ضرراً وهو في حالة دفاع شرعي عن نفسه أو ماله، أو عن نفس الغير أو ماله، كان غير مسئول، على ألا يجاوز في دفاعه القدر الضروري، وإلا أصبح ملزماً بتعويض تراعى فيه مقتضيات العدالة" وفي المادة 168 على أن "من سبب ضرراً ليتفادى ضرراً أكبر محدقاً به أو بغيره - لا يكون ملزماً إلا بالتعويض الذي يراه القاضي مناسباً" ومفاد هذين النصين على ما جاء بالأعمال التحضيرية للقانون المدني أن الدفاع الشرعي في حدوده يرفع المسئولية تماماً لأنه استعمال لحق - واستعمال الحق في حدوده لا يشكل خطأ ولا يرتب مسئولية حتى لو نشأ عنه ضرر للغير، أما تجاوز حدود الدفاع الشرعي أو توافر حالة الضرورة فكلاهما عذر شرعي موجب لتخفيف المسئولية - وتنص المادة 157 في فقرتها الثانية على أن "يجوز للقاضي..... أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة للالتزام في جملته ولا يجوز للقاضي أن يمتنع عن إعمال السلطة التقديرية المقررة له بحكم القانون أو يتنازل عنها لأنها سلطة لم تقرر لمصلحته وإنما لصالح المتقاضين حتى يقوم بواجبه في تقدير خصوصيات كل منازعة وظروفها وملابساتها واختيار الحل الأقرب إلى تحقيق العدالة باعتباره الحل القانوني المناسب الذي أوجب القانون إعماله، والنص في المادة 18 من قانون إيجار الأماكن 136 لسنة 1981 على أنه - "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية........ (د) - إذا ثبت بحكم قضائي نهائي أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو في أغراض منافية للآداب" - قد جاء خلواً مما يتعارض مع المبادئ القانونية المقررة في نصوص القانون المدني سالفة البيان.. أو يعفي القاضي من واجب إعمال سلطته التقديرية في تقييم ما وقع من المستأجر من إخلال بشروط العقد وما إذا كان الفسخ هو الجزاء المناسب لهذه المخالفة. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد تمسك بدفاعه المشار إليه بوجه النعي وقدم المستندات المشار إليها فيه، وكان قرار ترميم العقار قد صدر بتاريخ 16/ 1/ 1982 ولما طعن عليه ملاك العقار بالدعوى 513 لسنة 1982........ طلبوا إزالة الطوابق الثلاثة العليا لخطورتها - وبعد رفض دعواهم أقاموا الدعوى 84 لسنة 1993 مستعجل....... على رئيس مجلس المدينة يطلبون إثبات حالة العقار لأنها ساءت وباتت تمثل خطراً على المارة فلم تعد سوء حالة العقار محلاً لخلاف. ومع ذلك اكتفى الحكم المطعون فيه بما جاء بتقرير خبير دعوى المطعون ضدهم على مستأجري المحلات الخمسة من أنه استجدت نتيجة أعمال التدعيم والترميم التي قاموا بها زيادة شروخ بالمبنى يتكلف إصلاحها ألفين من الجنيهات - دون أن يمحص دفاع الطاعن ولا أن يبحث أثر عدم قيام ملاك العقار بتنفيذ قرار ترميمه أو تخفيف الأحمال عنه، ولا مدى الخطر الناشئ عن عدم ترميم العقار، ولا حتى أثر ما قام به الطاعن وحده على سلامة المبنى وما به من شروخ فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وران عليه القصور بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.