أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 44 - صـ 1049

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عماره نواب رئيس المحكمة.

(161)
الطعن رقم 3419 لسنة 62 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. عدم تقديمها".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم أسبابه. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) قتل عمد "اقتران". عقوبة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات. يكفي لتطبيقها ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما.
المصاحبة الزمنية. مقتضاها؟ تقدير تحققها. موضوعي.
(3) إثبات "اعتراف". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات وصدوره بطريق الإكراه من عدمه. موضوعي.
(4) مسئولية جنائية "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "الجنون وعاهة العقل". ظروف مخففة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر الظروف المخففة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
الجنون أو عاهة العقل دون غيرهما هما مناط الإعفاء من العقاب عملاً بالمادة 62 عقوبات.
الحالة النفسية والعصبية تعد من الأعذار القضائية المخففة التي يرجع الأمر فيها لتقدير محكمة الموضوع دون معقب.
(5) باعث. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الباعث على الجريمة ليس من أركانها. التفات الحكم عنه. لا يعيبه.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. وكالة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ندب المحكمة محامياً للمتهم لعدم توكيله محام عنه. عدم اعتراض المتهم على هذا الإجراء أو إبدائه طلباً ما في هذا الشأن. مؤداه. صحة إجراءات المحاكمة.
(7) إعدام. عقوبة "توقيعها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نص الحكم على نوع العقوبة المراد تطبيقها. كفايته. طريقة تنفيذ تلك العقوبة. من أعمال سلطة التنفيذ ولا شأن فيه لسلطة الحكم.
عدم ذكر الحكم طريقة تنفيذ الإعدام. لا يعيبه.
(8) إعدام. عقوبة. قتل عمد. سرقة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - إن المحكوم عليه..... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
2 - يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع.
3 - من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات - فلها بهذه المثابة - أن تقرر عدم صحة ما يدعيه الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله.
4 - إن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً على ما تقضى به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرها وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جريمته بغير وعي فإن دفاعه على هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقروناً بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في أعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض.
5 - لما كان تساؤل الدفاع عن سبب ارتكابه الجريمة لا يعدو أن يكون متعلقاً بالباعث على الجريمة والدافع لها وهماً ليسا من عناصرها القانونية فلا يعيب الحكم التفاته عنه.
6 - لما كان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً عنه فانتدبت المحكمة له محامياً استأجل الدعوى للاطلاع والاستعداد وسماع الشهود فأجابته المحكمة لطلبه وأجلت الدعوى لجلسات تالية ثم ترافع في الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ولم يثبت أن المحكوم عليه اعترض على ذلك أو أبدى طلباً ما في هذا الشأن ومن ثم فأن إجراءات المحاكمة تكون قد تمت صحيحة.
7 - يكفي أن ينص في الحكم على نوع العقوبة التي أرادت المحكمة تطبيقها أما طريقة تنفيذ تلك العقوبة فعمل من أعمال سلطة التنفيذ ولا شأن فيه لسلطة الحكم ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم نصه على ذكر طريقة الإعدام.
8 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعن بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً المادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل..... عمداً بأن طعنه بسكين في عدة مواضع مختلفة من جسده قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايات أربع أخريات هم أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر: 1 - قتل..... عمداً بأن طعنها بالسكين سالف الذكر في مواضع عدة من جسدها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. 2 - قتل.... عمداً بأن طعنها بالسكين في مواضع عدة من جسدها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. 3 - قتل..... عمداً بأن طعنه بسكين في مواضع مختلفة من جسده قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. 4 - سرق الحلي الذهبية والمنقولات الأخرى المبينة الوصف بالتحقيقات المملوكة للمجني عليها..... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليها وعلى باقي المجني عليهم بأن طعنهم بالسكين على النحو المبين سابقاً فأعدم بذلك مقاومتهم وتمكن بهذه الوسيلة القسرية من الاستيلاء على المسروقات. وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وأدعى..... "والد المجني عليه وآخرون" مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء رأيه فيها وحددت جلسة للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادتين 234/ 1 - 2 - 3، 317/ 1 - 4 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً وإلزامه بأن يدفع للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها (وقيد بجدول محكمة النقض برقم....... لسنة....... القضائية). وهذه المحكمة قضت بقبول عرض النيابة العامة للقضية وطعن المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الزقازيق لتفصل فيها من جديد مشكلة من هيئة أخرى.
ومحكمة الإعادة قررت بإجماع الآراء بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادة 234 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالإعدام.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه....... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه. وحيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه. وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد واقعة الدعوى في قوله: "إن المتهم..... سعياً وراء المال بأية وسيلة ولعلمه بأن المجني عليها.... تحتفظ بحلي ذهبية ومبالغ نقدية عن طريق زوجها المسافر لإحدى الدولة العربية. فقد هداه تفكيره إلى سرقتها وتسلل في حوالي العاشرة من مساء يوم 3/ 11/ 1988 إلى باب مسكنها الذي يفتح من الناحية الغربية على حديقة ووجده موارباً وعندما فتحه أحدث صوتاً خرج على أثره المجني عليه...... لاستطلاع الأمر فشاهد المتهم وتعرف عليه فخشي المتهم افتضاح أمره فأمسك به ودفعه أمامه وفي هذه الأثناء شاهد سكيناً معلقة بصالة المسكن بين أدوات المطبخ فانتزعها ولاحق بها المجني عليه..... والذي تمكن منه أمام باب الحديقة وانهال عليه طعناً بالسكين في أماكن قاتلة من جسمه قاصداً قتله فأحدث به إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ولحظة ذلك خرجت المجني عليها..... تنادي على شقيقها السابق وشاهدت المتهم فأسرع إليها وانهال عليها طعناً بالسكين في أماكن قاتلة من جسمها قاصداً قتلها فأحدث بها إصاباتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وبعد ذلك ترامى إلى سمعه نداء المجني عليها...... على شقيقيها السابقين فتوجه إليها بداخل المسكن ووجدها مستلقية بحجرة نومها على سريرها وبجوارها طفلها الرضيع...... - سبعة أشهر - فانهال عليها طعناً بالسكين قاصداً قتلها فأحدث بها جرحاً ذبحياً بأعلى العنق وجروح طعنية نافذة بجوار الصدر أدت لوفاتها وأثناء ذلك ظل الرضيع يصرخ بجوار أمه فصمم المتهم على قتله وإسكاته للأبد حتى لا يحضر أحد على صراخه فطعنه بالسكين في عنقه وصدره قاصداً قتله وسرعان ما فارق الحياة متأثراً بإصاباته بعد نحو أربعة أيام من وقت وقوع الحادث. ولم ترهبه الدماء التي تسبح فيها جثث المجني عليهم بل ظل بالمسكن يعبث بمحتوياته بحثاً عن النقود والحلي الذهبية وقام بخلع فردة قرط المجني عليها من أذنها كما استولى على قطعتين من قماش الستائر وعدد من أشرطة التسجيل. كما وجد منشار وسط عدة للنجارة فأخذه وقام بنشر رقبة المجني عليها...... حتى يتأكد من وفاتها. وفي نحو الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل وبعد أن تأكد المتهم من خلو الشوارع من المارة تسحب في جنح الليل حاملاً معه المسروقات بعد أن تخلص من السكين بإلقائها فوق سطح المنزل ومن المنشار بوضعه داخل صومعة أسفل السلم وأسرع لمسكنه وأخفى المسروقات بداخل دولاب خاص به بحجرة نومه وأحكم إغلاقه بالقفل". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق المتهم أدلة مستمدة من اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة وأمام قاضي المعارضات وأقوال والده.... وشقيقه..... و..... شقيق المجني عليها..... والمقدم..... الضابط بإدارة البحث الجنائي بالشرقية والرائد...... والنقيب..... رئيس مباحث مركز ديرب نجم بتحقيقات النيابة ومن تقارير الصفة التشريحية ومعاينة الشرطة والنيابة لمكان الحادث، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها وقد حصل الحكم مؤداها تحصيلاً وافياً له أصله الثابت في الأوراق، لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه في قوله: "وحيث إنه عن نية القتل فأنه لما كان قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. ولما كان المتهم قد اعترف بأنه قصد قتل المجني عليهم حتى لا ينكشف أمره ومن استعمال آلات حادة قاتلة بطبيعتها "سكين ومنشار" أخذ يكيل بها الطعنات لكل من المجني عليهم في أماكن قاتلة من أجسامهم سواء كانت الرقبة أو الصدر أو الظهر أو الوجه وكانت من الشدة بحيث نفذ بعضها إلى الأجزاء الداخلية لتجويف الصدر فضلاً عن قيامه بذبح المجني عليهم.... و.... و.... من أعناقهم وما ترتب على ذلك من نزيف غزير حاد وقطع القصبة الهوائية لأحدهم - ...... - حتى تنقطع عنهم سبل الحياة بل إن المتهم فعل ما يفصح بجلاء عن نيته في القتل وذلك بنشره رقبة المجني عليها..... بمنشار كان بالمنزل. كما طعن الطفل الرضيع بالسكين في مقتل من جسمه - رقبته وصدره - ولم يرحمه صغر سنة وحجمه وبكائه وتركه ينزف دمه بجوار والدته الذبيحة كل ذلك يفصح بجلاء عن توافر نية القتل وإزهاق روح المجني عليهم لدى المتهم فضلاً عن أن ما قرره المتهم من بقائه بالمسكن نحو الثلاث ساعات بعد ارتكابه الحادث يعبث بمحتوياته وحتى تخلو الطرق من المارة لا يكون إلا إذا كان متأكداً من قتله المجني عليهم وأنهم جثث هامدة لا حياة فيها حتى لا يترك مجالاً لأي منهم بأن يكون شاهداً عليه". كما دلل الحكم على توافر ظرف الاقتران بقوله: "وحيث إنه عن الاقتران فإنه يكفي لتطبيق الشطر الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات وقوع أي فعل مستقل عن الفعل المكون لجريمة القتل العمد متميزاً عنه ومكوناً بذاته لجناية أخرى من أي نوع كان حتى ولو كان جناية قتل مع قيام المصاحبة الزمنية بينهما. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق على النحو السابق بيانه أن المتهم قتل المجني عليهم.... ثم.... ثم.... ثم.... الرضيع..... وكان كل من أفعال القتل سالفة الذكر متميزة كل منها عن الأخرى ومستقلة عنها مع قيام المصاحبة الزمنية بين كل فعل وجمعتها جميعاً رابطة زمنية بما يتحقق معه معنى الاقتران المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما سالف يكفي في استظهار نية القتل لدى المحكوم عليه، فأنه يكون قد أصاب صحيح القانون. وكان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به توافر ظرف الاقتران كما هو معرف به في القانون وبالتالي تغليظ العقاب في جناية القتل العمد عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات، وأورد الأدلة السائغة على توافره فذلك حسبه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لاعتراف الطاعن بقوله: - "وكان اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة جاء تفصيلاً محدداً الأفعال التي صدرت منه بأسلوب اليقين الصادق الذي لا يشوبه احتمال الاختلاف أو الكذب ومعطياً صوراً متتابعة للأفعال الحادثة متطابقة مع تقرير الصفة التشريحية في أدق التفاصيل من استعماله للآلة الحادة المستعملة في ارتكاب الحادث ومكان إخفائها إلى مكان الاعتداء على كل من المجني عليهم ومكان سقوطه ومتفقاً مع المعاينة التي أجريت بمعرفة الشرطة والنيابة ومفصحاً عن الأشياء التي قام بسرقتها والإرشاد عن مكان إخفائها وقد تأيد اعتراف المتهم بأقوال والده وشقيقه..... فضلاً عن اعترافه أمام قاضي المعارضات بارتكابه الحادث. كما أن المتهم أو والده أو شقيقه لم يقرر بتحقيقات النيابة أن إكراهاً وقع عليه بل قام المتهم بتمثيل كيفية ارتكابه الحادث على وجه التفصيل في معاينة النيابة التصويرية ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إليه هذا الاعتراف وأنه صدر عن إرادة حرة طواعية واختياراً ويعد اعترافاً صريحاً باقتراف المهتم للجريمة ولا ينال منه عدوله عنه بجلسة المحاكمة والذي لا تعول عليه المحكمة إذ لا يعدو أن يكون دفعاً مرسلاً لما أسند إليه بقصد درء الاتهام عنه وإزاء أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها". وإذ كان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً في نفى أي صلة لاعتراف الطاعن بأي نوع من الإكراه، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات - فلها بهذه المثابة - أن تقرر عدم صحة ما يدعيه الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان ما أثاره المدافع عن الطاعن بجلسة المحاكمة من تعييب اعتراف الطاعن لصدوره في ظروف نفسية معينة وكان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً على ما تقضى به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرها وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جريمته بغير وعي فإن دفاعه على هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقروناً بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في أعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم رده على هذا الدفاع. لما كان ذلك، وكان تساؤل الدفاع عن سبب ارتكابه الجريمة لا يعدو أن يكون أمراً متعلقاً بالباعث على الجريمة والدافع لها وهما ليسا من عناصرها القانونية فلا يعيب الحكم التفاته عنه. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً عنه فانتدبت المحكمة له محامياً استأجل الدعوى للاطلاع والاستعداد وسماع الشهود فأجابته المحكمة لطلبه وأجلت الدعوى لجلسات تالية ثم ترافع في الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ولم يثبت أن المحكوم عليه اعتراض على ذلك أو أبدى طلباً ما في هذا الشأن ومن ثم فأن إجراءات المحاكمة تكون قد تمت صحيحة. لما كان ذلك، وكان يكفي أن ينص في الحكم على نوع العقوبة التي أرادت المحكمة تطبيقها أما طريقة تنفيذ تلك العقوبة فعمل من أعمال سلطة التنفيذ ولا شأن فيه لسلطة الحكم ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم نصه على ذكر طريقة الإعدام. لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعن بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً المادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.