أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 44 - صـ 1190

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ علي الصادق عثمان وإبراهيم عبد المطلب ومحمود دياب وحسين الجيزاوي نواب رئيس المحكمة.

(182)
الطعن رقم 680 لسنة 63 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
بيانات حكم الإدانة؟ المادة 310 إجراءات.
(2) اختلاس. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس. غير لازم. كفاية إيراد ما يدل على تحققه.
(3) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض الشهود في أقوالهم. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
(4) نقض "أسباب الطعن. تحديدها. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً محدداً.
(5) اختلاس. جريمة "أركانها". عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استعمال المحكمة حقها المنصوص عليه في المادة 118/ 1 مكررا بتوقيع عقوبة الحبس أو بواحد أو أكثر من التدابير المنصوص عليها. رهن بألا تزيد قيمة المال المختلس أو الضرر الناجم عن الجريمة على خمسمائة جنيه.
رد الجاني جزءاً من المال المختلس لا يؤثر في قيام الجريمة. علة ذلك؟
1 - أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم الإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه.
2 - لما كان ما أورده الحكم في مدوناته كافياً وسائغاً في بيان نية الاختلاس، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الشأن في الدعوى - فإن ما يدعيه الطاعن من قصور في التسبيب في هذا الخصوص غير سديد.
3 - تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات - وحصلت أقوالهما بما لا تناقض - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
4 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، ولما كان الطاعن لا يبين أوجه الدفاع التي أبداها المدافع عنه بالجلسة وأغفلها الحكم وذلك لمراقبة ما إذا كان هذا الدفاع جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أم هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل رداً بل يعتبر الرد عليه مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
5 - من المقرر أن نص المادة 118 مكرر ( أ ) من قانون العقوبات - قد أجاز للمحكمة من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع منه وفق ما تراه من ظروف الجريمة وملابساتها - إن كان المال موضوع الجريمة أو الضرر الناجم عنها لا تتجاوز قيمته خمسمائة جنيه - أن تقضي فيها بدلاً من العقوبات المقررة بعقوبة الحبس أو بواحد أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في المادة السابقة - ومفاد هذا النص أنه وضع شرطاً يتعين توافره حتى يمكن أن تستعمل المحكمة حقها في تطبيقه - وهو ألا تزيد قيمة المال المختلس أو الضرر الناجم عن الجريمة على خمسمائة جنيه. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المبلغ المختلس مبلغ 666.750 - فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى توقيع عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات على الطاعن عن جريمة الاختلاس التي دانه بها وفقاً لأحكام المادة 118 مكرر ( أ ) من قانون العقوبات يتفق وصحيح القانون، ولا ينال من ذلك قيام الطاعن برد كمية من البلاط المختلس إذ لا يؤثر في قيام جريمة الاختلاس رد الجاني جزءاً من المال موضوع الجريمة لأن الظروف التي تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفى قيامها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته موظفاً عاماً (.... بشركة المحمودية العامة للمقاولات) إحدى وحدات القطاع العام - اختلس كمية البلاط المبينة بالأوراق والبالغ قيمتها ستمائة وستة وستين جنيهاً وسبعمائة وخمسين مليماً والمملوكة للشركة سالفة الذكر حالة كونه أميناً على الودائع، وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1، 118، 119/ ب، 119 مكرر من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون نفسه بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ ستمائة وستة وستين جنيهاً وسبعمائة وخمسين مليماً وعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس، قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه اعتوره الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى، ولم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر نية الاختلاس في حق الطاعن وفاته أن العجز في العهدة يرجع إلى حداثة عهدة بالعمل، وعّول في قضائه بالإدانة على أقوال شاهدي الإثبات رغم ما شابها من تناقض بشأن قيمة البلاط المختلس، وأغفل - إيراداً ورداً - أوجه الدفاع التي أبداها المدافع عنه بالجلسة، كما أن القيمة الفعلية للمال موضوع الجريمة لا تجاوز خمسمائة جنيه بعد استبعاد ما تم إعادته بمعرفة الطاعن ورجال الشرطة مما كان يقتضي من المحكمة النزول بالعقوبة إلى عقوبة أخف، وكل هذا يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن المهندسة..... بشركة..... أبلغت المسئولين بالشركة بقيام الطاعن وهو أمين مخزن بالشركة المذكورة باختلاس 127 متراً مسطحاً من بلاط السيراميك من موقع عملية كلية الصيدلية التي نفذتها الشركة تقدر قيمتها 666.750، وقد أعاد المتهم ثلاثين متراً مسطحاً من كمية البلاط المختلس كما أعادت مباحث العطارين 13 متراً أخرى. وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها للطاعن أدلة استقاها من أقوال شاهدي الإثبات واعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة ومحضر الجلسة. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم الإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم - على السياق المتقدم - أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاختلاس التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وجاء استعراضها لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها الماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة مما يكون منعى الطاعن في هذا الصدد لا محل له. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في مدوناته كافياً وسائغاً في بيان نية الاختلاس، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الشأن في الدعوى - فإن ما يدعيه الطاعن من قصور في التسبيب في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك وكان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات - وحصلت أقوالهما بما لا تناقض فيه - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، ولما كان الطاعن لم يبين أوجه الدفاع التي أبداها المدافع عنه بالجلسة وأغفلها الحكم وذلك لمراقبة ما إذا كان هذا الدفاع جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أم هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل رداً بأن يعتبر الرد عليه مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكان نص المادة 118 مكرر ( أ ) من قانون العقوبات - قد أجاز للمحكمة في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع منه وفق ما تراه من ظروف الجريمة وملابساتها - إن كان المال موضوع الجريمة أو الضرر الناجم عنها لا تتجاوز قيمته خمسمائة جنيه - أن تقضي فيها بدلاً من العقوبات المقررة بعقوبة الحبس أو بواحد أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في المادة السابقة - ومفاد هذا النص أنه وضع شرطاً يتعين توافره حتى يمكن أن تستعمل المحكمة حقها في تطبيقه - وهو ألا تزيد قيمة المال المختلس أو الضرر الناجم عن الجريمة على خمسمائة جنيه. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المبلغ المختلس مبلغ 666.750 - فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى توقيع عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات على الطاعن عن جريمة الاختلاس التي دانه بها وفقاً لأحكام المادة 118 مكرر ( أ ) من قانون العقوبات يتفق وصحيح القانون، ولا ينال من ذلك قيام الطاعن برد كمية من البلاط المختلس إذ لا يؤثر في قيام جريمة الاختلاس رد الجاني جزءاً من المال موضوع الجريمة لأن الظروف التي تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، متعيناً رفضه موضوعاً.