أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 44 - صـ 1279

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمار إبراهيم فرج وأحمد جمال الدين عبد اللطيف نائبي رئيس المحكمة ومصطفى محمد صادق وأحمد عبد القوي خليل.

(196)
الطعن رقم 13914 لسنة 60 القضائية

(1) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". وكالة.
مجرد التوقيع على ظهر الشيك. اعتباره ناقلاً للملكية. ما لم يثبت صاحب الشأن أن المراد به يكون تظهيراً توكيلياً.
جريان العادة على قيام المستفيد بتظهير الشيك للبنك المتعامل معه. تظهيراً توكيلياً لتحصيله وقيده في حسابه.
مثال. للتدليل على اعتبار تظهير شيك توكيلياً.
(2) دعوى مباشرة. دعوى جنائية "تحريكها". دعوى مدنية "تحريكها". شيك بدون رصيد. وكالة. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر. شرطه. أن يكون من حركها قد أصابه ضرر شخصي ومباشر من الجريمة.
عدم قبول أي من شقي الدعوى المباشرة. أثره: عدم قبول الشق الآخر.
انتفاء صفة المضرور عن المدعي بالحقوق المدنية في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. أثره.
(3) نقض "الحكم في الطعن". طعن "الطعن لثاني مرة".
حق محكمة النقض أن تحكم في الطعن لثاني مرة بغير تحديد جلسة ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه.
1 - من المقرر أن مجرد التوقيع على ظهر الشيك يعتبر تظهيراً ناقلاً للملكية ما لم يثبت صاحب الشأن أنه أراد بالتوقيع أن يكون تظهيراً توكيلياً، وأن العادة جرت على أن المستفيد يظهر الشيك إلى البنك الذي يتعامل معه تظهيراً توكيلياً فيقوم بتحصيل قيمته ويقيدها في حساب العميل. لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات - أن المظهر - قد قرر في تحقيقات المدعي العام الاشتراكي أنه قدم الشيك للبنك المدعي بالحقوق المدنية لتحصيل قيمته لحسابه باعتباره أحد عملاء البنك، كما ثبت من الاطلاع على الشيك محل الدعوى أن البنك المظهر إليه قد أثبت قرين توقيع المظهر عبارة "وستقيد القيمة لحساب المستفيد الأول طرفنا"، ومن ثم فإن التظهير الوارد على الشيك موضوع الدعوى الماثلة يعد في وصفه الحق وتكييفه الصحيح تظهيراً توكيلياً قصد به المظهر أن ينيب عنه البنك المظهر إليه في قبض قيمة الشيك نيابة عنه ليس إلا، ولا يغير من ذلك أن يكون التظهير على بياض ما دام قد ثبت - حسبما سلف - أن المظهر أراد بالتوقيع أن يكون تظهيراً توكيلياً.
2 - يشترط في تحريك الدعوى بالطريق المباشر عملاً بمفهوم المادتين 27، 232 من قانون الإجراءات الجنائية أن يكون من تولى تحريكها قد أصابه ضرر شخصي ومباشر من الجريمة، وإلا كانت دعواه تلك غير مقبولة في شقيها المدني والجنائي، لما هو مقرر من أن عدم قبول أي من شقي الدعوى المباشرة يترتب عليه لزوماً وحتماً عدم قبول الشق الآخر منها، اعتباراً بأن الدعوى المدنية لا تنتج أثرها في تحريك الدعوى الجنائية إلا إذا كانت الأولى مقبولة، فإن لم تكن كذلك وجب القضاء بعدم قبول الدعوى المباشرة، وكذلك فإنه يتعين أن تكون الدعوى الجنائية مقبولة كيما تقبل الدعوى المدنية، بحسبان الأخيرة تابعة للأولى ولا تقوم بمفردها أمام القضاء الجنائي، لما كان ذلك، وكان المدعي بالحقوق المدنية "بنك مصر العربي الأفريقي" - على السياق المتقدم - ليس إلا وكيلاً في قبض قيمة الشيك لحساب المظهر "المستفيد" فإنه ينحسر عنه وصف المضرور في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد المقامة بها الدعوى الماثلة بالطريق المباشر، إذ يعد المستفيد هو من لحقه ذلك الضرر وليس البنك المدعي، وإذ كان ذلك، وكان البنك آنف الذكر - على ما يبين من المفردات المضمومة - قد أقام الدعوى بالطريق المباشر بوصفه أصيلاً منتصباً عن نفسه وليس وكيلاً عن المستفيد من الشيك، فإن دعواه في شقها المدني تكون غير مقبولة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وجرى في قضائه على قبول الدعوى المدنية وإلزام الطاعن بالتعويض، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب تصحيحه والقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية، وإلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.
3 - من المقرر أنه لا حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع باعتبار أن الطعن للمرة الثانية، ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح عابدين ضد الطاعن بوصف أنه أعطى له شيكاً بمبلغ مليون ومائة وثلاثين ألف جنيه مسحوباً على بنك مصر العربي الأفريقي لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك، وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن تؤدي له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية استأنف المدعي بالحقوق المدنية ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً وبإجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية وإلزام المستأنف ضده بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه مصري على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم....... لسنة 58 القضائية) وتلك المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لتحكم فيها في جديد هيئة استئنافية أخرى ومحكمة الإعادة "بهيئة أخرى" قضت حضورياً وبإجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية وإلزام المستأنف ضده بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه مصري على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية، وألزمه بالتعويض قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن تظهير الشيك من المستفيد للبنك المظهر إليه كان تظهيراً توكيلياً، بدلالة أن البنك المظهر إليه أثبت قرين التظهير عبارة "وستقيد القيمة لحساب المستفيد الأول طرفنا"، وبما ينفي صفة البنك المدعي بالحقوق المدنية في طلب التعويض، إلا أن الحكم المطعون فيه قد كيف التظهير بأنه ناقل للملكية، وقبل الدعوى المدنية التي أقامها البنك المظهر إليه، ومما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه من المقرر أنه مجرد التوقيع على ظهر الشيك يعتبر تظهيراً ناقلاً للملكية ما لم يثبت صاحب الشأن أنه أراد بالتوقيع أن يكون تظهيراً توكيلياً، وأن العادة جرت على أن المستفيد يظهر الشيك إلى البنك الذي يتعامل معه تظهيراً توكيلياً فيقوم بتحصيل قيمته ويقيدها في حساب العميل. لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات - أن المظهر - قد قرر في تحقيقات المدعي العام الاشتراكي أنه قدم الشيك للبنك المدعي بالحقوق المدنية لتحصيل قيمته لحسابه باعتباره أحد عملاء البنك، كما ثبت من الاطلاع على الشيك محل الدعوى أن البنك المظهر إليه قد أثبت قرين توقيع المظهر عبارة "وستقيد القيمة لحساب المستفيد الأول طرفنا"، ومن ثم فإن التظهير الوارد على الشيك موضوع الدعوى الماثلة يعد في وصفه الحق وتكييفه الصحيح تظهيراً توكيلياً قصد به المظهر أن ينيب عنه البنك المظهر إليه في قبض قيمة الشيك نيابة عنه ليس إلا، ولا يغير من ذلك أن يكون التظهير على بياض ما دام قد ثبت - حسبما سلف - أن المظهر أراد بالتوقيع أن يكون تظهيراً توكيلياً. لما كان ذلك، وكان يشترط في تحريك الدعوى بالطريق المباشر عملاً بمفهوم المادتين 27، 232 من قانون الإجراءات الجنائية أن يكون من تولى تحريكها قد أصابه ضرر شخصي ومباشر من الجريمة، وإلا كانت دعواه تلك غير مقبولة في شقيها المدني والجنائي، لما هو مقرر من أن عدم قبول أي من شقي الدعوى المباشرة يترتب عليه لزوماً وحتماً عدم قبول الشق الآخر منها، اعتباراً بأن الدعوى المدنية لا تنتج أثرها في تحريك الدعوى الجنائية إلا إذا كانت الأولى مقبولة، فإن لم تكن كذلك وجب القضاء بعدم قبول الدعوى المباشرة، وكذلك فإنه يتعين أن تكون الدعوى الجنائية مقبولة كيما تقبل الدعوى المدنية، بحسبان الأخيرة تابعة للأولى ولا تقوم بمفردها أمام القضاء الجنائي، لما كان ذلك، وكان المدعي بالحقوق المدنية "بنك مصر العربي الأفريقي" - على السياق المتقدم - ليس إلا وكيلاً في قبض قيمة الشيك لحساب المظهر "المستفيد" فإنه ينحسر عنه وصف المضرور في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد المقامة بها الدعوى الماثلة بالطريق المباشر، إذ يعد المستفيد هو من لحقه ذلك الضرر وليس البنك المدعي، وإذ كان ذلك، وكان البنك آنف الذكر - على ما يبين من المفردات المضمومة - قد أقام الدعوى بالطريق المباشر بوصفه أصيلاً منتصباً عن نفسه وليس وكيلاً عن المستفيد من الشيك، فإن دعواه في شقها المدني تكون غير مقبولة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وجرى في قضائه على قبول الدعوى المدنية وإلزام الطاعن بالتعويض، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب تصحيحه والقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية، وإلزام المطعون ضده المصاريف المدنية، وذلك دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع باعتبار أن الطعن للمرة الثانية، ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.