أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 57

جلسة 18 من يناير سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي وفتحي خليفة.

(10)
الطعن رقم 2711 لسنة 53 القضائية

مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. استئناف "نظرة الحكم فيه" حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات "بوجه عام".
مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع قوامها؟
انتفاء مسئولية التابع. أثره. انتفاء الأساس الذي تقوم عليه مسئولية المتبوع مسئولية التابع تحققها بتوافر الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما.
نفى الحكم المطعون فيه خطأ التابع. أثره: انتفاء مسئولية المتبوع بصفته أو بشخصه مخالفة الحكم ذلك وقضاؤه بمسئولية المتبوع الشخصية مخالفة القانون.
لما كانت مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع الواقع منه حال تأدية وظيفته أو بسببها بمقتضى المادة 174 من القانون المدني، قوامها وقوع خطأ من التابع مستوجب لمسئوليته هو، بحيث إذا انتفت مسئولية التابع فإن مسئولية المتبوع لا يكون لها أساس تقوم عليه، وإذ كانت مسئولية التابع لا تتحقق إلا بتوافر أركان المسئولية الثلاثة، وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر. وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه نفى الخطأ المنسوب إلى المتهم بوصفه تابعاً للمسئولين بالحقوق المدنية (الطاعنين) فإن ذلك يستتبع انتفاء مسئولية التابع - وهو ما انتهى إليه الحكم - وبالتالي انتفاء مسئولية وزير النقل ورئيس هيئة السكك الحديدية بوصفهما متبوعين له، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنين بالتعويض المدني المطلوب تأسيساً على خطئهما الشخصي، ولم يلتزم الأساس الذي أقيمت عليه الدعوى، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية والقضاء برفضها والتزام المطعون ضدهم (المدعين بالحقوق المدنية) المصاريف المدنية، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة.... في قضية الجنحة رقم 1246 جنح طلخا: بأنه في يوم 20 مايو سنة 1977 بدائرة مركز طلخا - محافظة الدقهلية.
1 - تسبب خطأ في موت كل من...... و....... و...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن ترك مزلقان السكة الحديد حراسته مفتوحاً لمرور السيارات وقت مرور القطار فاصطدم القطار بالسيارة التي كانت تقل المجني عليهم سالفين الذكر فحدثت بهم الإصابات المبينة بالتقارير الطبية والتي أودت بحياتهم.
2 - تسبب خطأ في إصابة...... بالإصابات المبينة بالتقرير الطبي وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفة القوانين واللوائح بأن ترك مزلقان السكة الحديد حراسته مفتوحاً لمرور السيارات أثناء مرور القطار فاصطدم بالسيارة التي كانت تقل المجني عليها سالفة الذكر.
3 - تسبب بغير عمد في حصول حادث لإحدى وسائل النقل العام وهو القطار رقم 801 وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن ترك مزلقان السكة الحديد حراسته مفتوحاً لمرور السيارات وقت مرور القطار فاصطدم بسيارة أخرى مما من شأنه تعريض حياة الأشخاص للخطر. وطلبت عقابه بالمادتين 238/ 1، 3، 244 من قانون العقوبات.
وادعى كل من...... والد المجني عليه السادس عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً على...... قصر المرحوم - أرملة المذكور - مدنياً قبل المتهم والمسئولين عن الحقوق المدنية بصفتها مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. كما ادعى مالك السيارة التي أتلفت في الحادث مدنياً قبل المتهم بمبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنح طلخا الجزئية قضت حضورياً في 21 مايو سنة 1980 عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لوقف التنفيذ وإلزام المدعى عليهم في الدعوى المرفوعة من ورثة/ المرحوم بأن يؤدوا متضامنين للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وإحالة الدعوى المدنية المرفوعة من مالك السيارة إلى محكمة طلخا الجزئية المختصة.
فاستأنف المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 8301 لسنة 1980.
ومحكمة المنصورة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً في 28 فبراير سنة 1982 أولاً: بقبول الاستئناف شكلاً... وثانياً: بإلغاء الحكم الصادر ضد المتهم وبإجماع الآراء في الدعويين الجنائية والمدنية وبراءته في الدعوى الجنائية ورفض الدعوى المدنية بالنسبة له وإحالة الدعوى المدنية المرفوعة من مالك السيارة إلى محكمة طلخا الجزئية وتأييد الحكم الصادر في الدعوى المدنية الأخرى بالنسبة لباقي المدعى عليهم عدا المتهم.
فطعنت إدارة قضايا الحكومة عن وزير المواصلات ورئيس مجلس إدارة هيئة السكة الحديد بصفتهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعنان (المسئولان بالحقوق المدنية) على الحكم المطعون فيه أنه إذ أيد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام وزارة المواصلات وهيئة السكك الحديدية بالتعويض، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية قد رفعت عليهما بوصفهما متبوعين للمتهم الذي قضي ببرائته من التهمة المسندة إليه لانتفاء الخطأ في جانبه، مما كان يوجب القضاء برفض الدعوى المدنية قبلهما، بيد أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامهما بالتعويض على أساس مسئولية الطاعنين الشخصية، مغيراً بذلك الأساس المرفوعة به الدعوى عليهما، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى وبين ظروفها عرض لمسئولية الطاعنين بقوله "إن الثابت أيضاً أن المزلقان الذي وقع عنده الحادث به ضلفة واحدة من الناحية البحرية، وليست له ضلفة أخرى من الجانب المقابل من مدة، بل يوجد سلك فقط، وأن المتهم يعتمد على الرؤية في قفل المزلقان وتحذير المارة عند اقتراب مرور القطار، وهذا خطأ من جانب هيئة السكة الحديد التابع لها المتهم، هذا الخطأ من جانبها ليس باعتبارها مسئولة عن أعمال تابعها، بل هو خطأ مباشر من جانبها إذ أخلت بالتزام قانون بأن تركت المزلقان بضلفة واحدة دون أن ترتكب الضلفة الثانية، كما اعتمدت على وسائل بدائية في التنبيه إذ أن المتهم يعتمد على الرؤية في إغلاق المزلقان، وهذا خطأ شخصي من جانب الهيئة ويجوز أن يسأل الشخص المعنوي عن خطئه، ومقياس تصرفه إلى شخص معنوي مجرد من الظروف الخارجية التي تتصرف فيها، فإذا انحرف عن هذا المقياس المادي، كان هناك خطأ وتحققت المسئولية ثم انتهى إلى القول أن المحكمة وقد انتهت إلى نفي ركن الخطأ عن المتهم وثبوته في حق هيئة السكة الحديد وقائد السيارة رقم 557، فإنه يتعين إلغاء الحكم الصادر بإدانة المتهم، إذ أن الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين، ويجب أن يثبت على وجه القطع أن خطأ المتهم هو الذي أدى إلى الحادث، وقد استقرت عقيدة المحكمة على أن المتهم كان حاضراً واتخذ ما يمكن له اتخاذه من إقفال ضلفة المزلقان.... وأنه بالنسبة للدعوى المدنية فقد انهار أساسها بالنسبة للمتهم فقط وبتعين إلغاء الحكم الصادر في الدعويين بالنسبة له فقط لعدم وجود خطأ في جانبه ولكن يوجد الخطأ في جانب هيئة السكة الحديد وفي جانب قائد السيارة 557 أجرة دقهلية لعبور المزلقان عند اقتراب القطار وعدم استجابته لتحذير المتهم وقائد القطار نفسه.... وأنه بالنسبة للدعوى المدنية المرفوعة من ورثة المرحوم.... ضد وزير المواصلات ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للسكك الحديدية بجمهورية مصر، فقد انتهت المحكمة إلى وجود خطأ في جانب هيئة السكك الحديدية وهو خطأ شخصي وليس باعتبارها مسئولة عن أعمال تابعها، وهذا الخطأ السابق بيانه يوجب التعويض لمن أصابه ضرر منه، والتعويض المطالب به من جانب المدعين بالحق المدني، دون التعويض المناسب ومن ثم يتعين تأييد الحكم الصادر في الدعوى المدنية بالنسبة لهيئة السكة الحديد ووزير المواصلات. لما كان ذلك وكانت مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع الواقع منه حال تأدية وظيفته أو بسببها بمقتضى المادة 174 من القانون المدني، قوامها وقوع خطأ من التابع مستوجب لمسئوليته هو، بحيث إذا انتفت مسئولية التابع فإن مسئولية المتبوع لا يكون لها أساس تقوم عليه، وإذ كانت مسئولية التابع لا تتحقق إلا بتوافر أركان المسئولية الثلاثة، وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه نفى الخطأ المنسوب إلى المتهم بوصفه تابعاً للمسئولين بالحقوق المدنية (الطاعنين) فإن ذلك يستتبع انتفاء مسئولية التابع - وهو ما انتهى إليه الحكم - وبالتالي انتفاء مسئولية وزير النقل ورئيس هيئة السكك الحديدية بوصفهما متبوعين له، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنين بالتعويض المدني المطلوب تأسيساً على خطئهما الشخصي، ولم يلتزم الأساس الذي أقيمت عليه الدعوى، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية والقضاء برفضها وإلزام المطعون ضدهم (المدعين بالحقوق المدنية) المصاريف المدنية، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.