أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 105

جلسة الأول من فبراير سنة 1984

برياسة السيد المستشار إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين: محمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي ومحمود بهي الدين وفتحي خليفة.

(21)
الطعن رقم 5997 لسنة 53 القضائية

(1) تزوير "أوراق رسمية" "استعمال أوراق مزورة". أحوال مدنية. اشتراك.
السجلات والبطاقات وكافة المستندات والوثائق والشهادات المتعلقة بتنفيذ القانون 260 لسنة 1960 للأحوال المدنية أوراق رسمية، التغيير فيها تزوير في أوراق رسمية. انتحال شخصية الغير واستعمال بطاقة ليست لحاملها يخضع للقواعد العامة في قانون العقوبات. خروجه عن نطاق المادة 59 من القانون 260 لسنة 1960.
اتفاق الطاعنة مع مجهول على تحرير بيانات استمارة طلب الحصول على بطاقة شخصية باسم المجني عليها. ووضعها هي صورتها عليها وتقدمها إلى السجل المدني منتحلة اسم المجني عليها. أثره: اشتراك في تزوير محرر رسمي.
(2) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم. موضوعي.
حق محكمة الموضوع في الأخذ بما تطمئن إليه من تقارير الخبراء والالتفات عما عداه.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب خبراء آخرين لإعادة المضاهاة ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشهود. مفاده. إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم إغفاله مستندات قدمها الطاعن ولم يبين مضمونها لتتضح مدى أهميتها وما إذا كانت تتضمن دفاعاً جوهرياً من عدمه. غير مقبول.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها. عدم قبوله.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من سائر عناصرها المطروحة على بساط البحث. وتطرح ما يخالفها ما دام سائغاً.
1 - لما كان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى على أن السجلات والبطاقات وكافة المستندات والوثائق والشهادات المتعلقة بتنفيذ القانون رقم 260 لسنة 1960 في شأن الأحوال المدنية تعد أوراقاً رسمية، فكل تغيير فيها يعتبر تزويراً في أوراق رسمية وانتحال شخصية الغير واستعمال بطاقة ليست لحاملها يخضع للقواعد العامة في قانون العقوبات ويخرج عن نطاق المادة 59 من القانون رقم 260 لسنة 1960. وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار ما وقع من الطاعنة - من اتفاقها مع مجهول على تحرير بيانات استمارة طلب الحصول على بطاقة شخصية باسم المجني عليها ووضعها صورتها هي عليها وتقدمها بها إلى موظف السجل المدني المختص منتحلة اسم المجني عليها فتمت الجريمة بناء على ذلك - اشتراكاً في تزوير محرر رسمي فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويكون ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن في غير محله.
2 - لما كان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير.
3 - إن المحكمة غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب خبراء آخرين لإعادة المضاهاة ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء ومن ثم يتعين الالتفات عما أثارته الطاعنة في هذا الشأن.
4 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ومتى أخذت بشهادة الشهود فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض.
5 - لما كانت الطاعنة لم تبين مضمون المستندات التي عابت على الحكم عدم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة، وهل تحتوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم لا، وكان من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة, فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
6 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة فضت إحراز الدعوى الأربعة واطلعت على محتوياتها في مواجهة النيابة والدفاع بالجلسة - وهو ما لا تمارى فيه الطاعنة - وكانت الطاعنة لا تدعي أنها طلبت من المحكمة تمكينها من الاطلاع على محتويات هذا الإحراز وأن المحكمة منعتها من ذلك، فإنه لا يكون لها النعي علي المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم تطلبه منها.
7 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
8 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها بدائرة قسم حلوان. محافظة القاهرة: 1 - اشتركت مع آخر بطريق الاتفاق والمساعدة فيما بينهما مع موظف عمومي حسن النية هو.... الموظف بسجل مدني حلوان في تزوير محرر رسمي هو طلب الحصول على بطاقة شخصية رقم.... سجل مدني حلوان حال تحريره المختص بوظيفته بأن قدمت المتهمة صورتها وانتحلت اسم.... وقام المتهم الآخر بملء بياناتها وتقدمت المتهمة به إلى الموظف العمومي سالف الذكر وتمكنا بهذه الطريقة من الحصول على البطاقة الشخصية سالفة الذكر وقد تمت تلك الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. 2 - استعملت المحرر المزور سالف الذكر بأن قدمته للموظف بقسم التوفير فرع مصطفى كامل بنك بور سعيد مع علمها بتزويره. 3 - توصلت إلى الاستيلاء على المبلغ النقدي المبين قدراً بالتحقيقات والمودع بحساب...... لدى قسم التوفير فرع مصطفى كامل بنك بور سعيد بأن كان ذلك باتخاذها اسماً كاذباً هو تسميتها باسم المجني عليها سالفة الذكر وتقدمها في ذلك بالبطاقة المزورة آنفة البيان والتي نسبتها إليها زوراً وتمكنت بهذه الطريقة من الاستيلاء على المبلغ النقدي المودع بتلك الجهة وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتها إلى محكمة الجنايات لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً.... عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 211، 212، 214، 236/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبتها بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عن التهم المسندة إليها.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجرائم الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله والنصب قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه عاقب الطاعنة بعقوبة التزوير في أوراق رسمية مع أن الواقعة المسندة إليها تعتبر جنحة طبقاً للقانون رقم 260 لسنة 1960 في شأن الأحوال المدنية كما أن الدفاع عن الطاعنة طلب في الجلسة ندب خبير آخر لإجراء المضاهاة إلا أن المحكمة التفتت عن تحقيق هذا الطلب وردت عليه بما لا يسيغ إطراحه، وعولت في الإدانة على شهادة..... موظف البنك و...... الممرضة التي حللت الدم لبيان فصيلته رغم أن الأوراق تشير إلى تواطئها وشقيقة المجني عليها في اغتيال أموالها، كما أن الطاعنة تقدمت بجلسة المحاكمة بثماني حوافظ طويت على العديد من أدلة النفي إلا أن المحكمة التفتت عنها إيراداً ورداً. هذا إلى أن المحكمة لم تمكن الدفاع عن الطاعنة من الاطلاع على إحراز الدعوى التي فضتها بالجلسة ولم يعرض الحكم لحرز المضبوطات التي تحتوي على مصوغات الطاعنة ولا للخطاب الموجه للمجني عليها من شقيقتها خديجة قبل انتحارها والذي يتضمن اعترافاتها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دينت الطاعنة بها وأقام عليها في حقها ما ينتجه من الأدلة المستمدة من أقوال الشهود ومن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير. لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى على أن السجلات والبطاقات وكافة المستندات والوثائق والشهادات المتعلقة بتنفيذ القانون رقم 260 لسنة 1960 في شأن الأحوال المدنية تعد أوراقاً رسمية، فكل تغير فيها يعتبر تزويراً في أوراق رسمية وانتحال شخصية الغير واستعمال بطاقة ليست لحاملها يخضع للقواعد العامة في قانون العقوبات ويخرج عن نطاق المادة 59 من القانون رقم 260 لسنة 1960 وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار ما وقع من الطاعنة - من اتفاقها مع مجهول على تحرير بيانات استمارة طلب الحصول على بطاقة شخصية باسم المجني عليها ووضعها صورتها هي عليها وتقدمها بها إلى موظف السجل المدني المختص منتحلة اسم المجني عليها فتمت الجريمة بناء على ذلك - اشتراكاً في تزوير محرر رسمي فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويكون ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير واستندت إلى رأيه الفني من أن الطاعنة هي المحررة للتوقيعات المنسوبة للمجني عليها على إيصالات السحب من البنك فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض وهي غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب خبراء آخرين لإعادة المضاهاة ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء ومن ثم يتعين الالتفات عما أثارته الطاعنة في هذا الشأن. لما كان ذلك وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ومتى أخذت بشهادة الشهود فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة من منازعة في القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يكون له محل لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تبين مضمون المستندات التي عابت على الحكم عدم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة، وهل تحتوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم لا، وكان من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة, فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة فضت إحراز الدعوى الأربعة واطلعت على محتوياتها في مواجهة النيابة والدفاع بالجلسة - وهو ما لا تمارى فيه الطاعنة - وكانت الطاعنة لا تدعي أنها طلبت من المحكمة تمكينها من الاطلاع على محتويات هذا الإحراز وأن المحكمة منعتها من ذلك، فإنه لا يكون لها النعي علي المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم تطلبه منها - لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وكانت الطاعنة لا تدعي أن مصوغاتها - بفرض صحة ما تدعيه بشأن تحريزها - من أدلة الدعوى فإنه لا على الحكم إن لم يعرض لهذه المصوغات ولا يكون لما تثيره الطاعنة في هذا الشأن محل. لما كان ذلك. وكان النعي بالتفات الحكم عن الخطاب الموجه إلى المجني عليها من شقيقتها قبل وفاتها - متضمناً اعترافاتها بارتكاب الجريمة - مردوداً بما هو مقرر أن من حق محكمة الموضوع في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.