أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 131

جلسة 9 من فبراير سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمد يونس ثابت نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح وعوض جادو ومصطفى طاهر ومحمد لبيب الخضري.

(26)
الطعن رقم 6041 لسنة 53 القضائية

(1) نيابة عامة. دعوى جنائية. جمارك. تهريب جمركي. ارتباط. مواد مخدرة.
قيام النيابة العامة بتحقيق واقعة تصدير مخدر لا يتوقف على صدور إذن مدير الجمارك ولو اقترنت بجريمة من جرائم التهريب الجمركي. أساس ذلك؟
(2) مواد مخدرة. تصدير. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تصدير المخدر. معناه؟
متى يلزم التحدث عن القصد من تصدير المخدر استقلالاً؟
3 - جريمة "أركانها". قصد جنائي. مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام".
ثبوت علم الجاني بأن ما يحرزه مخدراً. يتوافر به القصد الجنائي. استظهار هذا القصد موضوعي.
1 - لما كان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا باستثناء من نص الشارع, وقد أقامت النيابة العامة الدعوى ضد الطاعن بوصف أنه صدر إلى خارج جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة المختصة وطلبت عقابه بالقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977، وقد دان الحكم الطاعن على مقتضى أحكام هذا القانون الذي خلا من أي قيد على حرية النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية عن واقعة تصدير المخدر أو غيرها من الجرائم الواردة به، وهي جرائم مستقلة ومتميزة بعناصرها القانونية عن جرائم التهريب الجمركي المنصوص عليها في القانون رقم 66 لسنة 1963، وعلى هذا فإن قيام النيابة بتحقيق واقعة تصدير المخدر المنسوبة للطاعن ومباشرة الدعوى الجنائية بشأنها لا يتوقف على صدور إذن من مدير الجمارك ولو اقترنت هذه الجريمة بجريمة من جرائم التهريب الجمركي ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير سند.
2 - من المقرر أن القانون رقم 182 لسنة 1960 إذ عاقب في المادة 33 منه على تصدير المواد المخدرة فقد دلل على أن المراد بتصدير المخدر هو تصديره بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس شأنه في ذلك شأن المستقر عليه في جلب المخدر - سواء أكان المصدر قد صدره لحساب نفسه أو لحساب غيره متجاوزاً بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي - وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه استقلالاً إلا إذا كان الجوهر المصدر لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام حالة التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له, يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ التصدير أن المشرع نفسه لم يقرن نصه على التصدير بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذلك يكون تزويداً للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ التصدير بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه.
3 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحوزه أو يحرزه من الجواهر المخدرة, ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ما دام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره توافراً فعلياً وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء العلم, وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وملابساتها كافياً في الدلالة على علم الطاعن بوجود المخدر بالصندوق الذي أودعه في حقيبة عند مغادرته البلاد فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم علمه بما حواه الصندوق من مخدر ونعيه على الحكم بالفساد في الاستدلال وقصور في التسبيب في إثبات هذا العلم يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية...... بأنه في يوم...... صدر إلى خارج جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً (حشيشاً) وذلك دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة. وإحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في....... عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 7/ 1، 33/ أ، 36، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند 57 من الجدول الأول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تصدير جوهر مخدر إلى خارج أراضي جمهورية مصر العربية دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة قد بني على إجراءات باطلة وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأن الواقعة موضوع الاتهام تشكل جريمة أخرى هي التهريب الجمركي التي لا يجوز اتخاذ أية إجراءات فيها أو رفع الدعوى الجنائية عنها إلا بناء على طلب كتابي من مدير عام مصلحة الجمارك أو من ينيبه إعمالاً للمادة 34 من القانون رقم 66 لسنة 1963 غير أن النيابة العامة قامت بتحريك الدعوى على الرغم من عدم صدور الطلب المشار إليه مما يعدم الحكم المطعون فيه الصادر بها هذا ولم يستظهر الحكم القصد الخاص بالتصدير والعناصر الدالة عليه ودلل على علم الطاعن بما يحويه الصندوق من مخدر بما قرره شاهدا الإثبات من ضبطه بحقيبة الطاعن وهو ما لا يؤدي إلى توافره كل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه في صباح يوم 3/ 1/ 1982 وبعد تجاوز المتهم الخط الجمركي بميناء القاهرة الجوي ووجوده بصالة السفر رقم 2 ومعه زوجته وعند تفتيشه بمعرفة المساعد الإداري بالجمرك..... وجد بحوزته حقيبة من الجلد الأصفر ولاحظ أن المتهم في حالة ارتباك فأبلغ ذلك لنائب رئيس تفتيش قسم سادس السيد..... الذي أيد الاشتباه وأمر بتشكيل لجنة قامت بفحص أمتعة الراكب - المتهم - وبتفتيش الحقيبة الخاصة بالمتهم عثر بداخلها على صندوق بداخله كمية من البسكويت أسفله أربعة لفافات بفضها وجدت تحوي مخدر الحشيش ويبلغ وزنها كيلو وتسعمائة وخمسين جراماً". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية وهي أدلة كافية وسائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا باستثناء من نص الشارع, وقد أقامت النيابة العامة الدعوى ضد الطاعن بوصف أنه صدر إلى خارج جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة المختصة وطلبت عقابه بالقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977، وقد دان الحكم الطاعن على مقتضى أحكام هذا القانون الذي خلا من أي قيد على حرية النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية عن واقعة تصدير المخدر أو غيرها من الجرائم الواردة به، وهي جرائم مستقلة ومتميزة بعناصرها القانونية عن جرائم التهريب الجمركي المنصوص عليها في القانون رقم 66 لسنة 1963، وعلى هذا فإن قيام النيابة بتحقيق واقعة تصدير المخدر المنسوبة للطاعن ومباشرة الدعوى الجنائية بشأنها لا يتوقف على صدور إذن من مدير الجمارك ولو اقترنت هذه الجريمة بجريمة من جرائم التهريب الجمركي ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير سند، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر قصد التصدير لدى الطاعن بقوله "وحيث إنه من المقرر أن جريمة تصدير المخدر هو إخراج المخدر من الحدود الإقليمية للدولة بأية وسيلة وأن يكون الشيء المصدر يفيض عن حاجة الشخص واستعماله الشخصي ملحوظاً فيه طرحه للتداول بين الناس ويعتبر الفعل تاماً بمجرد تجاوز المتهم الخط الجمركي لصالة السفر، وقد ضبط المخدر المصدر داخل حقيبة المتهم بعد تجاوزه الخط الجمركي لصالة السفر رقم 2". وكان من المقرر أن القانون رقم 182 لسنة 1960 إذ عاقب في المادة 33 منه على تصدير المواد المخدرة فقد دلل على أن المراد بتصدير المخدر هو تصديره بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس شأنه في ذلك شأن المستقر عليه في جلب المخدر - سواء أكان المصدر قد صدره لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي - وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه استقلالاً إلا إذا كان الجوهر المصدر لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام حالة التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له, يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ التصدير أن المشرع نفسه لم يقرن نصه على التصدير بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذلك يكون ترديداً للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ التصدير بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه. وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المخدر المصدر يزن 1.950 كيلو جراماً من الحشيش وقد أخفاه الطاعن في حقيبة داخل صندوق أسفل كمية من البسكويت فإن ما انتهى إليه الحكم فيما تقدم من التدليل على توافر جريمة التصدير في حق الطاعن يكون كافياً وصحيحاً ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد من قالة القصور في التسبيب غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحوزه أو يحرزه من الجواهر المخدرة, ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ما دام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره توافراً فعلياً وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء العلم, وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وملابساتها كافياً في الدلالة على علم الطاعن بوجود المخدر بالصندوق الذي أودعه في حقيبة عند مغادرته البلاد فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم علمه بما حواه الصندوق من مخدر ونعيه على الحكم بالفساد في الاستدلال وقصور في التسبيب في إثبات هذا العلم يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.