أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 52 - صـ 205

جلسة 28 من يناير سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ عزت البنداري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ كمال عبد النبي، يحيى الجندي نائبي رئيس المحكمة، محمد نجيب جاد وماهر جمعه.

(43)
الطعن رقم 5459 لسنة 66 القضائية

(1) قانون "سريانه". عمل "ترقية: أقدمية". محاماة "إدارات قانونية".
أحكام القوانين. سريانها على ما يقع من تاريخ نفاذها. عدم سريانها بأثر رجعي إلا بنص. أثره. عدم بدء العمل بإدماج وظائف الإدارات القانونية إلا اعتباراً من اليوم التالي لنشر القانون رقم 1 لسنة 1986. مؤداه. تحديد أوضاع شاغلي وظائف الإدارات القانونية وترتيب أقدمياتهم في الوظائف المدمجة بحسب الوظائف التي كانوا يشغلونها في ذلك التاريخ. عدم ارتداد إعمال أثارها بأثر رجعي.
(2) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
القضاء النهائي في مسألة أساسية. مانع للخصوم أنفسهم من التنازع فيها بأية دعوى تالية تكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين قبل الأخر من حقوق مترتبة عليها.
(3) عمل "ترقية: سلطة صاحب العمل".
الترقية ليست حقاً مكتسباً للعامل. خضوعها لتقدير جهة العمل. عدم التزامها بشغل الوظيفة الخالية في تاريخ معين.
1 - المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف أثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك والنص في المادتين 2 و 3 من القانون رقم 1 لسنة 1986 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 30/ 1/ 1986 مفاده أن العمل بإدماج وظائف الإدارات القانونية لا يبدأ إلا اعتباراً من 31/ 1/ 1986 اليوم التالي لتاريخ نشر القانون رقم 1 لسنة 1986 وأن أوضاع شاغلي وظائف الإدارات القانونية وترتيب أقدمياتهم في الوظائف المدمجة تتحدد بحسب الوظائف التي كانوا يشغلونها في ذلك التاريخ دون أن يرتد إعمال آثارها بأثر رجعي إلى قبله.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 101 من قانون الإثبات يدل على أن المسألة الواحدة بعينها متى كانت أساسية وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي يترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو انتفائه فإن هذا القضاء يحوز قوة الشيء المحكوم به في تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق آخر يتوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم أنفسهم أو على انتفائها.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الترقية ليست حقاً مكتسباً للعامل بحيث يتحتم على جهة العمل أن تجريها متى حل دوره في الترقية بل هي صاحبة الحق في تقدير الوقت المناسب لإجرائها حسبما تقضي به المصلحة العامة، ولا إلزام عليها في شغل الوظيفة الخالية في تاريخ معين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين الدعوى رقم.... لسنة.... المنيا الابتدائية انتهى فيها إلى طلب الحكم بتعيينه في وظيفة محام رابع اعتباراً من 31/ 12/ 1987 وترقيته إلى وظيفة محام أول في 8/ 6/ 1987 وإلى وظيفة محام ممتاز في 27/ 12/ 1992 وإلزام البنك بصرف جميع البدلات والفروق المالية والعلاوات والحوافز المترتبة على ذلك، وقال بياناً لدعواه إنه التحق بالعمل لدى الطاعن الثاني - بنك التنمية والائتمان الزراعي بمحافظة المنيا - في 27/ 12/ 1964 بمؤهل دبلوم المدارس الثانوية التجارية ثم حصل على ليسانس حقوق عام 1977 وعُين محامياً لديه، وإذ تم قيده بجداول نقابة المحامين بالجدول العام في 6/ 11/ 1978 والابتدائي في 30/ 4/ 1980 والاستئناف في 3/ 8/ 1985 ولم يقم الطاعنان بتسوية حالته وفقاً لدرجة قيده فقد أقام الدعوى بالطلبات سالفة البيان، ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريريه قضت بتاريخ 29/ 6/ 1995 بأحقية المطعون ضده في نقله إلى وظيفة محام من تاريخ قيده أمام المحاكم الابتدائية في 3/ 4/ 1980 وأحقيته في الترقية إلى وظيفة محام أول في حركة ترقيات 1987 ووظيفة محام ممتاز في حركة ترقيات 1992 وإلزام الطاعنين بصرف جميع البدلات والفروق المالية والعلاوات والحوافز المترتبة على هذه الترقيات، استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف - مأمورية المنيا - بالاستئناف رقم.... لسنة.... ق، أعادت المحكمة المأمورية للخبير، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 26/ 3/ 1996 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن القانون رقم 1 لسنة 1986 الذي عدل بعض أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية والذي أدمج وظائف محام رابع وثالث وثان في وظيفة محام بالدرجة الثالثة وأدمج وظيفتي محام أول وممتاز في وظيفة محام ممتاز بالدرجة الثانية لا يعمل به إلا اعتباراً من 30/ 1/ 1986 وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعمل القانون رقم 1 لسنة 1986 بأثر رجعي وطبق إدماج الوظائف قبل سريانه على المطعون ضده فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه لما كان المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. لما كان ذلك وكان القانون رقم 1 لسنة 1986 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 30/ 1/ 1986 قد نص في مادته الثانية على أن "تدمج وظائف محام رابع ومحام ثالث ومحام ثان في وظيفة محام وتعادل بالدرجة الثالثة من الجدول، وتدمج وظيفتا محام أول ومحام ممتاز في وظيفة محام ممتاز وتعادل بالدرجة الثانية من الجدول... وينقل شاغلوا وظائف الإدارات القانونية إلى الدرجات المعادلة لوظائفهم بالجدول الجديد مع احتفاظهم بصفة شخصية بالأجور التي كانوا يتقاضونها ولو تجاوزت نهاية الأجر المقرر لهذه الدرجات - ويكون ترتيب الأقدمية بين المنقولين إلى درجة واحدة بحسب أوضاعهم السابقة" كما نص في المادة الثالثة على أن "ينشر هذا القانون بالجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره" ومفاد ذلك أن العمل بإدماج وظائف الإدارات القانونية لا يبدأ إلا اعتباراً من 31/ 1/ 1986 اليوم التالي لتاريخ نشر القانون رقم 1 لسنة 1986 وأن أوضاع شاغلي وظائف الإدارات القانونية وترتيب أقدمياتهم في الوظائف المدمجة تتحدد بحسب الوظائف التي كانوا يشغلونها في ذلك التاريخ دون أن يرتد إعمال آثارها بأثر رجعي إلى قبله، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وبني قضاءه على تقرير الخبير الذي طبق القانون رقم 1 لسنة 1986 على المطعون ضده قبل سريانه وأعمل قاعدة دمج الوظائف الواردة به عليه اعتباراً من 31/ 12/ 1986 مخالفاً الأثر الفوري له ورتب على ذلك القضاء بأحقيته في النقل إلى وظيفة محام اعتباراً من 3/ 4/ 1980 فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن محكمة النقض أصدرت في الطعن رقم.... لسنة.... ق حكمها القاضي برفض دعوى المطعون ضده بطلب أحقيته لوظيفة محام ثالث اعتباراً من 1/ 3/ 1981 وتسوية حالته على وظيفة محام ثان اعتباراً من 24/ 5/ 1984 وعلى وظيفة محام أول اعتباراً من 8/ 6/ 1987 تأسيساً على أنه لم يتم التفتيش على نشاطه بمعرفة إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل قبل 29/ 1/ 1986 ومن ثم لا تجوز ترقيته إلى أي من تلك الوظائف، وهو حكم بات حائز لقوة الأمر المقضي وله حجيته فيما فصل فيه إلا أن الحكم المطعون فيه خالف تلك الحجية وقضى بترقية المطعون ضده إلى وظيفة محام أول في حركة ترقيات 1987 وإلى وظيفة محام ممتاز في حركة ترقيات 1992 ورفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي - بالنسبة لطلب الترقية إلى درجة محام أول عام 1987 - في محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 101 من قانون الإثبات على أن "الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً، وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها" يدل على أن المسألة الواحدة بعينها متى كانت أساسية وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي يترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو انتفائه فإن هذا القضاء يحوز قوة الشيء المحكوم به في تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق آخر يتوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم أنفسهم أو على انتفائها. لما كان ذلك وكان البين من الحكم الصادر في الطعن بالنقض رقم.... لسنة.... ق أن المطعون ضده كان قد أقام على الطاعنين الدعوى رقم.... لسنة.... مدني المنيا الابتدائية بطلب الحكم بأحقيته لوظيفة محام ثالث اعتباراً من 1/ 3/ 1981 ومحام ثان اعتباراً من 24/ 5/ 1984 ومحام أول اعتباراً من 8/ 6/ 1987 وقد أجابته المحكمة لطلباته وتأيد حكمها استئنافياً في الاستئناف رقم.... لسنة.... ق بني سويف - مأمورية المنيا - إلا أن محكمة النقض قضت بتاريخ 18/ 11/ 1993 في الطعن السالف الذكر بنقض الحكم وقضت في موضوع ذلك الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وأسست قضاءها على أن المطعون ضده لم يتم التفتيش على عمله بمعرفة إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل قبل 29/ 1/ 1986 وبالتالي لا يجوز ترقيته إلى وظيفة محام ثالث اعتباراً من 1/ 3/ 1981 ولا يستحق بالتالي وظيفة محام ثان اعتباراً من 24/ 5/ 1984 ومحام أول اعتباراً من 8/ 6/ 1987، وإذ عاد المطعون ضده فأقام دعواه الحالية وهي بحسب حقيقتها ومرماها وطلباته فيها تستهدف معاودة طرح النزاع حول أحقيته في الترقية إلى وظيفة محام أول (الدرجة الثانية) في حركة الترقيات الصادرة عام 1987 بإضافة طلب تسوية حالته على الدرجة الثالثة بوظيفة محام في 6/ 11/ 1987 فإنها لا تعدو أن تكون امتداداً لخصومة الدعوى السابقة التي تردد فيها النزاع بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات المحل والسبب، وكان الحكم الصادر في الدعوى السابقة قد فصل في مسألة أساسية وهي عدم جواز الترقية لعدم سابقة التفتيش على أعمال المطعون ضده بمعرفة إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل وهو حكم بات حائز لقوة الأمر المقضي يتعين على المحكمة في الدعوى الحالية الالتزام بما فصل فيه في هذه المسألة نزولاً على حجيته وعدم مخالفته في النزاع المعروض عليها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص، والنعي بالنسبة لطلب الترقية في عام 1992 إلى وظيفة محام ممتاز في غير محله ذلك أنه لما كان هذا الطلب لم يسبق عرضه في الدعوى السابقة وبالتالي لا يجوز الحكم حجية الأمر المقضي ولا يحول دون بحث هذا الطلب في الدعوى الحالية ومن ثم يكون النعي في هذا الشق على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان إنه لما كان لا يجوز إجبار جهة العمل على إجراء حركة ترقيات في تاريخ معين، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بترقية المطعون ضده إلى درجة محام ممتاز في عام 1992 في حين أن الطاعن الثاني لم يجر حركة ترقيات في ذلك العام بل حركة انتدابات فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الترقية ليست حقاً مكتسباً للعامل بحيث يتحتم على جهة العمل أن تجريها متى حل دورة في الترقية بل هي صاحبة الحق في تقدير الوقت المناسب لإجرائها حسبما تقضي به المصلحة العامة، ولا إلزام عليها في شغل الوظيفة الخالية في تاريخ معين، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بأحقية المطعون ضده في الترقية إلى وظيفة محام ممتاز في حركة ترقيات 1992 على ما سجله الخبير من إجراء الطاعن حركة ترقيات في 17/ 12/ 1992 في حين أن الثابت من القرار رقم 122 الصادر عن الطاعن الثاني بذلك التاريخ أنه لم يتضمن سوى ندب لبعض أعضاء الإدارة القانونية بالبنك على وظيفة محام ممتاز ووظائف أخرى فلا يصلح سنداً لترقية المطعون ضده فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم تعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم.... لسنة.... ق بني سويف - مأمورية المنيا - بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.