أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 52 - صـ 219

جلسة 29 من يناير سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد مصباح شرابية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الحميد الحلفاوي، ناجي عبد اللطيف نائبي رئيس المحكمة، أمين فكري غباشي ومحمد فوزي.

(46)
الطعن رقم 108 لسنة 66 القضائية "أحوال شخصية"

(1، 2) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: المسائل المتعلقة بالأجانب". قانون "القانون الواجب التطبيق". أجانب. دعوى.
(1) الدعاوى التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية. خضوعها للائحة ترتيب هذه المحاكم والقوانين الخاصة بها. خلو هذه اللائحة من تنظيم الإجراءات في تلك الدعاوى. أثره. اتباع إجراءات قانون المرافعات. المادتان 5، 6/ 1 ق 462 لسنة 1955 والمادة 280 لائحة شرعية.
(2) اختصاص المحاكم الشرعية بنظر مسائل الأحوال الشخصية للأجانب المسلمين قبل إلغائها بالقانون 462 لسنة 1955. ثبوت أن الطرفين مسلمان. مؤداه. عدم سريان الإجراءات الخاصة بالأجانب بالكتاب الرابع من قانون المرافعات. تمتع الطاعن بالجنسية الفلسطينية. لا أثر له. إقامة المطعون ضدها المصرية دعواها بصحيفة أودعت قلم الكتاب. صحيح.
(3) أحوال شخصية. اختصاص "الاختصاص النوعي".
تشكيل دوائر لنظر قضايا الأحوال الشخصية. دخوله في نطاق التنظيم الداخلي لكل محكمة مما تختص به الجمعية العمومية. عدم تعلقه بالاختصاص النوعي.
(4) نقض "أسباب الطعن: الأسباب غير المقبولة (النعي غير المنتج)".
نعي لا يحقق سوى مصلحة نظرية بحتة ولا يعود على الطاعن منه أية فائدة. غير منتج. غير مقبول.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود وعناصر الضرر". حكم "عيوب التدليل: ما لا يعد عيباً".
محكمة الموضوع. لها السلطة في تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها والترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها وعناصر الضرر الموجب للتطليق. شرطه. إقامة قضائها على أسباب سائغة. عدم إيراد الحكم نص أقوال الشهود. لا يعيبه طالما أشار إلى مضمونها.
(6) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: رأي النيابة العامة". دعوى "الطلبات في الدعوى: الإثبات في الدعوى". نقض "أسباب الطعن (السبب الموضوعي)".
إطراح الحكم رأي النيابة بإحالة الدعوى للتحقيق من جديد لا يعيبه. علة ذلك. النعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - إذ كانت الدعوى قد رفعت وصدر فيها حكم نهائي قبل صدور القانون رقم 1 لسنة 2000 وسريانه، وكان النص في المادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمجالس الملية على أن "تتبع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية والمجالس الملية عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين الأخرى المكملة لها"، والنص في المادة 6/ 1 من القانون المذكور على أن "تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف والتي كانت أصلاً من اختصاص المحاكم الشرعية طبقاً لما هو مقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم المذكورة"، والنص في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن "تصدر الأحكام طبقاً للمدون في هذه اللائحة وأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة ما عدا الأحوال التي ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة فيجب أن تصدر الأحكام طبقاً لتلك القواعد" تدل هذه النصوص جميعاً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الدعاوى التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية، تظل خاضعة للائحة ترتيب هذه المحاكم والقوانين الأخرى الخاصة به، وإن خلت هذه اللائحة وتلك القوانين من تنظيم الإجراءات في الدعاوى المذكورة، فعندئذ تتبع الإجراءات المبينة بقانون المرافعات.
2 - المحاكم الشرعية - وعلى ما هو مقرر - في قضاء هذه المحكمة - صاحبة الولاية العامة بمنازعات الأحوال الشخصية قبل إلغائها بالقانون رقم 462 لسنة 1955 فلا يخرج عن ولايتها إلا ما أسند الاختصاص به لجهة من جهات القضاء الأخرى، فكانت تختص بنظر مسائل الأحوال الشخصية الخاصة بالأجانب المسلمين باعتبارهم ينتسبون إلى ديانة لها محاكم مصرية للأحوال الشخصية وعلى هذا وقد ثبت أن المطعون ضدها مصرية مسلمة، فإنه وحتى وإن كان الطاعن فلسطيني الجنسية، فإن الطرفين مسلمان، بما لازمه الأخذ بذات الإجراءات التي تتبع في شأن المصريين، فلا تسري الإجراءات الخاصة بالأجانب الواردة بالكتاب الرابع من قانون المرافعات، وإذ أقامت المطعون ضدها دعواها الماثلة بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة، فإنها تكون قد رفعت طبقاً لما يوجبه القانون.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تشكيل دوائر لنظر قضايا الأحوال الشخصية يدخل في نطاق التنظيم الداخلي لكل محكمة مما تختص به الجمعية العمومية بها ولا يتعلق بالاختصاص النوعي.
4 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان النعي لا يحقق سوى مصلحة نظرية بحتة ولا يعود على الطاعن منه أية فائدة فإنه يكون غير مقبول؛ لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى القواعد الموضوعية والإجرائية الصحيحة على نحو ما سلف على سند من أن الطاعن يدين بالإسلام، فإنه يستوي في ذلك أن يكون فلسطيني الجنسية أو مزدوج الجنسية بتمتعه بجانب ذلك بالجنسية المصرية، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يحقق له سوى مصلحة نظرية بحتة، فإن النعي يكون غير منتج، ومن غير مقبول.
5 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها والترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها وعناصر الضرر الموجب للتطليق، ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، ولا على الحكم من بعد إن لم يورد نص أقوال الشهود متى أشار إلى مضمونها.
6 - لا يعيب الحكم إطراحه لما طلبته النيابة من إحالة الدعوى للتحقيق من جديد إذ أن رأيها لا يقيد المحكمة، وهي غير ملزمة بإجابة طلب التحقيق متى رأت من ظروف الدعوى والأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين عقيدتها، ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم.... لسنة...... كلي أحوال شخصية شمال القاهرة على الطاعن بطلب الحكم بعدم الاعتداد بإنذار الطاعة الموجه منه إليها بتاريخ 29/ 3/ 1993 وتطليقها عليه، وقالت بياناًً لدعواها، إنها زوج له وأنه غير أمين عليها لاعتدائه عليها بالسب والضرب كما أن مسكن الطاعة غير شرعي، ومن ثم أقامت الدعوى، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن استمعت إلى شاهدي المطعون ضدها حكمت بتاريخ 25/ 2/ 1995 بالتطليق وعدم الاعتداد بإنذار الطاعة، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم..... لسنة..... ق القاهرة، وبتاريخ 28/ 12/ 1995 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول، إنه دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني إذ أنه فلسطيني الجنسية ذلك أن الدعوى رفعت بصحيفة ولم ترفع بعريضة، كما دفع بعدم اختصاص المحكمة نوعياً باعتباره أجنبياً إذ تختص بنظرها دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة جنوب القاهرة، إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه رفض هذين الدفعين.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأنه لما كانت الدعوى قد رفعت وصدر فيها حكم نهائي قبل صدور القانون رقم 1 لسنة 2000 وسريانه، وكان النص في المادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمجالس الملية على أن "تتبع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية والمجالس الملية عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين الأخرى المكملة لها"، والنص في المادة 6/ 1 من القانون المذكور على أن "تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف والتي كانت أصلاً من اختصاص المحاكم الشرعية طبقاً لما هو مقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم المذكورة"، والنص في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن "تصدر الأحكام طبقاً للمدون في هذه اللائحة وأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة ما عدا الأحوال التي ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة فيجب أن تصدر الأحكام طبقاً لتلك القواعد" تدل هذه النصوص جميعاً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الدعاوى التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية، تظل خاضعة للائحة ترتيب هذه المحاكم والقوانين الأخرى الخاصة بها، وإن خلت هذه اللائحة وتلك القوانين من تنظيم الإجراءات في الدعاوى المذكورة، فعندئذ تتبع الإجراءات المبينة بقانون المرافعات، والأصل المقرر في المادة 63 منه أن الدعوى ترفع بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة، وكانت المحاكم الشرعية - وعلى ما هو مقرر - في قضاء هذه المحكمة - صاحبة الولاية العامة بمنازعات الأحوال الشخصية قبل إلغائها بالقانون رقم 462 لسنة 1955 فلا يخرج عن ولايتها إلا ما أسند الاختصاص به لجهة من جهات القضاء الأخرى، فكانت تختص بنظر مسائل الأحوال الشخصية الخاصة بالأجانب المسلمين باعتبارهم ينتسبون إلى ديانة لها محاكم مصرية للأحوال الشخصية، وعلى هذا وقد ثبت أن المطعون ضدها مصرية مسلمة، فإنه حتى وإن كان الطاعن فلسطيني الجنسية، فإن الطرفين مسلمان، بما لازمه الأخذ بذات الإجراءات التي تتبع في شأن المصريين، فلا تسري الإجراءات الخاصة بالأجانب الواردة بالكتاب الرابع من قانون المرافعات، وإذ أقامت المطعون ضدها دعواها الماثلة بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة، فإنها تكون قد رفعت طبقاً لما يوجبه القانون؛ لما كان ذلك، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تشكيل دوائر لنظر قضايا الأحوال الشخصية يدخل في نطاق التنظيم الداخلي لكل محكمة مما تختص به الجمعية العمومية بها ولا يتعلق بالاختصاص النوعي، وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد انتهى إلى قضاء صحيح، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل نعي الطاعن بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول، إنه فلسطيني الجنسية إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم فيه لأسبابه انتهى إلى مزدوج الجنسية فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان النعي لا يحقق سوى مصلحة نظرية بحتة ولا يعود على الطاعن منه أية فائدة فإنه يكون غير مقبول؛ لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى القواعد الموضوعية والإجرائية الصحيحة على نحو ما سلف على سند من أن الطاعن يدين بالإسلام، فإنه يستوي في ذلك أن يكون فلسطيني الجنسية أو مزدوج الجنسية بتمتعه بجانب ذلك بالجنسية المصرية، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يحقق له سوى مصلحة نظرية بحتة، فإن النعي يكون غير منتج، ومن غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول، إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أخذ بأقوال شاهدي المطعون ضدها رغم أنها مرسلة ومجهلة ولا تتفق مع الواقع في الدعوى، فضلاً عن أنه لم يبين ماهية تلك الأقوال، مما حدا بالنيابة العامة إلى طلب إحالة الدعوى للتحقيق من جديد، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها والترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها وعناصر الضرر الموجب للتطليق، ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، ولا على الحكم من بعد إن لم يورد نص أقوال الشهود متى أشار إلى مضمونها، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد أقام قضاءه على ما استقاه من بينة المطعون ضدها الشرعية من أن الطاعن اعتدى عليها بالضرب ولم ينفق عليها بما يستحيل معه دوام العشرة بينهما، ويتحقق به الضرر الموجب للتطليق، وهذه أسباب سائغة لها معينها من الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وفيها الرد الضمني لما أثاره الطاعن ولا يعيب الحكم إطراحه لما طلبته النيابة من إحالة الدعوى للتحقيق من جديد إذ أن رأيها لا يقيد المحكمة، وهي غير ملزمة بإجابة طلب التحقيق متى رأت من ظروف الدعوى والأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين عقيدتها، ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.