أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 71

جلسة 16 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار محمد عبد الواحد الديب نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: الدكتور أحمد رفعت خفاجي، ومحمد أحمد حمدي، وممدوح مصطفى حسن، ومحمد ممدوح سالم.

(15)
الطعن رقم 1408 لسنة 49 القضائية

(1) قانون "تطبيقه". اختصاص. "الاختصاص الولائي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ارتكاب أمين شرطة جريمة لا تتعلق بخدمته. اختصاص القضاء العادي بها.
(2) محكمة الجنايات. "نظرها الدعوى والحكم فيها". إجراءات. "إجراءات المحاكمة".
حق محكمة الجنايات في نظر الدعوى المعروضة عليها في دور انعقادها حتى تنتهي منها. ولو جاوز ذلك التاريخ المحدد لنهاية الدور.
(3) إجراءات. "إجراءات التحقيق". اختصاص. "الاختصاص المكاني". تحقيق. نيابة عامة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". خطف. هتك عرض. ارتباط.
بدء المتهم تنفيذ جريمة الخطف في دائرة قصر النيل واصطحابه المجني عليها وزوجها إلى الجيزة حيث أتم جريمة الخطف وهتك عرض المحني عليها. اختصاص نيابة قصر النيل بتحقيق الجريمتين لارتباطهما. التفات الحكم عن الدفع بعدم اختصاصها لا عيب.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن ما لا يقبل منها". إثبات. "بوجه عام". "شهود".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها. وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام سائغاً.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
إدانة الطاعن. استناداً إلى أقوال شهود الإثبات. مفاده إطراح الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
حق محكمة الموضوع في الاقتناع من أي دليل تطمئن إليه. والتعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة. دون بيان العلة.
تناقض أقوال الشاهد. لا يعيب الحكم. متى استخلص الحقيقة استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
(5) خطف. جريمة. "أركانها". إكراه. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". هتك عرض. قصد جنائي. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة خطف أنثى يزيد عمرها على ست عشرة سنة. بالتحيل والإكراه. تحققها بإبعادها عن مكان خطفها. أياً كان. بقصد العبث بها. باستعمال طرق احتيالية. من شأنها التغرير بها. وحملها على مرافقة الجاني لها. أو بأية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها. المادة 290 عقوبات.
تقدير توافر ركن التحيل والإكراه. موضوعي. ما دام سائغاً.
الركن المادي في جريمة هتك العرض. تحققه بأي فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليها. ويستطيل إلى جسمها. ويخدش عاطفة الحياء عندها. لا يلزم لتوافره أن يترك أثراً بجسمها.
تحقق القصد الجنائي في جريمة هتك العرض. بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل ونتيجته لا عبرة بما دفع الجاني إلى الفعل أو بالغرض من ذلك.
ركن القوة في جريمة هتك العرض. توافره. بارتكاب الفعل ضد إرادة المجني عليها. وبغير رضاها.
تحدث الحكم استقلالاً عن ركن القوة في جريمة هتك العرض غير لازم.
ما دام ما أورده من وقائع وظروف. كافياً للدلالة على قيامه.
1 - متى كان القانون رقم 109 لسنة 1971 في شأن هيئة الشرطة قد أخضع أمناء الشرطة لقانون الأحكام العسكرية في كل ما يتعلق بخدمتهم، وكانت مدونات الحكم قد أفصحت عن أن الواقعة التي دين بها الطاعن لا تتعلق بخدمته - ومن ثم فإن النعي على الحكم بصدوره من محكمة غير مختصة ولائياً بمحاكمته يكون على غير سند من القانون.
2 - من المقرر في حكم المادة 371 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمحكمة الجنايات أن توالي عملها في نظر الدعاوى المعروضة عليها في دور الانعقاد حتى تنتهي منها ولو جاوز ذلك التاريخ والمحدد لنهايته، ومن ثم فإن المحكمة في الدعوى المطروحة - إذ واصلت نظرها حتى أصدرت حكمها المطعون فيه بعد انقضاء الدور لا تكون قد خالفت القانون في شيء.
3 - لما كان البين من مدونات الحكم أن جريمة الخطف بالتحيل والإكراه قد بدأ تنفيذها في ميدان التحرير التابع لقسم قصر النيل حين اعترض الطاعن المجني عليها وزوجها زاعماً أنه من أمناء الشرطة بقسم قصر النيل ومدعياً بأن المجني عليها من الساقطات إلى أن اصطحبهما بدعوى الاطلاع على وثيقة زواجهما إلى الجيزة حيث اكتملت وقائع هذه الجريمة، فإن الاختصاص بتحقيقها يكون قد انعقد لنيابة قصر النيل هي وجريمة هتك العرض التي ارتبطت بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ويكون منعى الطاعن لذلك في غير محله ولا تثريب على محكمة الموضوع إن هي التفتت عن الرد عليه طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب.
4 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، ولما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وكان مؤدى قضاء محكمة الموضوع بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال شهود الإثبات هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، لما كان ذلك وكان من المقرر أيضاً أن للمحكمة أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه وأن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليها ودون أن تبين العلة في ذلك، وأنه لا يعيب الحكم تناقض أقوال الشاهد - بفرض حصوله - طالما قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعن في شأن رضاء المجني عليها وزوجها باصطحابه في سيارة أجرة لاطلاعه على وثيقة زواجهما أو دعوى التناقض في أقوال المجني عليها واختلاقها للواقعة وعدم عودتها إلى منزل الزوجية عقب الحادث، لا يعدو كل ذلك أن يكون دفاعاً موضوعياً مما لا تلتزم محكمة الموضوع بمتابعته في مناحيه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها المتهم على استقلال إذ الرد عليها يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي ساقها الحكم بما لا يجوز معه معاودة التصدي له والخوض فيه لدى محكمة النقض.
5 - جريمة خطف الأنثى التي يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالتحيل والإكراه المنصوص عليها في المادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها، وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مرافقة الجاني لها أو باستعمال أي وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركني التحيل والإكراه والقصد الجنائي في هذه الجريمة، وكان تقدير توفر ركن التحيل أو الإكراه في هذه الجريمة مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب، ما دام استدلالها سليماً، وكان من المقرر أن الركن المادي في جريمة هتك العرض يتحقق بأي فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليها ويستطل على جسمها ويخدش عاطفة الحياء عندها من هذه الناحية ولا يشترط لتوافره قانوناً أن يترك أثراً بجسمها كما أن القصد الجنائي يتحقق في هذه الجريمة بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل ونتيجته ولا عبرة بما يكون قد دفع الجاني إلى فعلته أو بالغرض الذي توخاه منه، ويكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليها وبغير رضائها ولا يلزم أن يتحدث عنه الحكم متى كان ما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. وهو الحال في الدعوى المطروحة - على ما سلف بيانه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: خطف بنفسه....... التي تبلغ من العمر أكثر من ست عشرة سنة كاملة وكان ذلك بطريق التحيل والإكراه بأن زعم أنه من رجال المباحث واحتجزها من زوجها وهددها بفضح أمرها واقتادها إلى أحد المساكن حيث هتك عرضها. ثانياً: هتك عرض المجني عليها سالفة البيان بالقوة والتهديد بأن اعتدى عليها بالضرب وهددها وأمسكها من ذراعها وتمكن من رفع ملابسها وجذب سروالها حتى خلعه عنها فكشف عن عورتها ولامس بذكره فخذها. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 268/ 1، 290 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32/ 2 منه بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة خمس سنين.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي الخطف بالتحيل والإكراه وهتك العرض بالقوة والتهديد قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه صدر من محكمة غير مختصة ولائياً بمحاكمة الطاعن إذ هو من أمناء الشرطة الذين جعل القانون رقم 109 لسنة 1971 الاختصاص بمحاكمتهم للمحاكم العسكرية دون القضاء العادي كما أن المحكمة استمرت في نظر الدعوى حتى يوم 18 ديسمبر سنة 1977 بعد انقضاء الدور المحدد لها والذي ينتهي في 15 ديسمبر سنة 1977 بما يبطل حكمها، ولم يعرض الحكم لدفاع الطاعن في شأن ما أثاره من عدم اختصاص نيابة قصر النيل بإجراء التحقيق ولم يعن بالرد على دفاعه بشأن رضاء المجني عليها واختلاق المجني عليها لروايتها والتناقض بين أقوالها في محضر الشرطة التي نفت فيها واقعة هتك العرض وبين ما قررته بتحقيقات النيابة وبالجلسة في شأن هذه الواقعة، هذا إلى عدم وجود آثار مقاومة بجسم المجني عليها وعدم الإرشاد عن المسكن الذي وقعت فيه الجريمة وعدم توجهها إلى منزل الزوجية بعد الحادث، فضلاً عن أن الحكم لم يستظهر أركان الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ووسيلته في جريمة الخطف وغايته منها وبيان القصد من المساس بجسم المجني عليها إن كان مجرد الإيذاء أم لخدش الشرف والحياء، كل ذلك يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه يبين واقعة الدعوى بقوله "إن المجني عليها...... كانت تقف في حوالي الساعة 10.12 دقائق صباح يوم 14 من أكتوبر سنة 1975 هي وزوجها...... بمحطة الأتوبيس المواجهة لمجمع التحرير بميدان التحرير انتظار السيارة الأتوبيس التي تنقلهما إلى منزلهما بالهرم بعد أن أمضيا السهرة في أحد المسارح، وكانا آنئذ ما زالا عروسين في بداية حياتهما الزوجية فتقدم منها المتهم وهو أمين شرطة من قوة قسم عابدين ومنتدب آنئذ بغرفة عمليات الدفاع المدني ولم يكن يرتدي زيه الرسمي بل كان يرتدي الزي المدني المكون من بلوفر وبنطلون وزعم للزوجين أنه أمين شرطة بقسم قصر النيل وأرى الزوج بطاقته العسكرية المثبتة لصفته كأمين شرطة وقال للزوج أنه يعرف أن من تصاحبه - أي الزوجة المجني عليها - هي إحدى الساقطات فنفى الزوج ذلك وقال إنها زوجته وأنها مثبتة ببطاقته، ولكن المتهم أصر على أخذ الاثنين إلى مقر الشرطة فاقترح الزوج أن يصحبهما المتهم إلى منزلهما بالهرم ليطلع على وثيقة زواجهما فوافق المتهم على هذا الاقتراح وركب معهما السيارة رقم..... أجرة جيزة قيادة السائق...... وعند نفق الهرم طلب المتهم من السائق أن يوقف السيارة ليهبط منها ذاهباً في ذلك إلى القول بأن عند هذا المكان - بداية نفق شارع الهرم - ينتهي اختصاصه المكاني فوقف السائق ونزل هو - المتهم - وطلب أن تظل الزوجة معه في هذا المكان ريثما يذهب الزوج بالسيارة ليحضر وثيقة الزواج، ولما انصرف الزوج بالسيارة تاركاً زوجته - المجني عليها - مع المتهم أكره هذا الزوجة على اصطحابه متوسلاً في ذلك بضربها وإغلاظ القول لها وتهديدها بأنه سوف يجمع عليها المارة في هذا الوقت المتأخر ويخبرهم بأنها من الساقطات وأنه أمين شرطة وأخذها عنوة إلى منزل بالجيزة حيث يسكن أحد أصدقائه وأنزل سروالها عنها عنوة وانسابت يداه إلى فخديها ومواضع العفة منها وجعل من فخدها مكاناً لذكره حتى أمنى، وبعد أن ارتدت ملابسها أخذها إلى ميدان الجيزة وتركها وعاد الزوج وسائق السيارة فلم يجدا بالطبع المتهم والمجني عليها بالمكان الذي تركاها فيه فذهبا لشرطة قصر النيل وأبلغا بما كان من اختفاء الزوجة والمتهم من المكان الذي تركاها فيه عند بداية نفق شارع الهرم وسار التحقيق بعدئذ فكشف عن الواقعة بوصفها السالف". وقد أورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من شهادة المجني عليها وزوجها وسائق السيارة الأجرة وبعضاً من الأقوال التي أدلى بها الطاعن في التحقيقات، وهي أدلة كافية وسائغة لا يجادل الطاعن في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وتؤدي إلى ما رتبه الحكم. عليها لما كان ذلك وكان القانون رقم 109 لسنة 1971 في شأن هيئة الشرطة قد أخضع أمناء الشرطة لقانون الأحكام العسكرية في كل ما يتعلق بخدمتهم، وكانت مدونات الحكم قد أفصحت عن أن الواقعة التي دين بها الطاعن لا تتعلق بخدمته - ومن ثم فإن النعي على الحكم بصدوره من محكمة غير مختصة ولائياً بمحاكمته يكون على غير سند من القانون. لما كان ذلك وكان من المقرر في حكم المادة 371 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمحكمة الجنايات أن توالي عملها في نظر الدعاوى المعروضة عليها في دور الانعقاد حتى تنتهي منها ولو جاوز ذلك التاريخ المحدد لنهايته، فإن المحكمة في الدعوى المطروحة - إذ - واصلت نظرها حتى أصدرت حكمها المطعون فيه بعد انتهاء الدور لا تكون قد خالفت القانون في شيء. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم أن جريمة الخطف بالتحيل والإكراه قد بدأ تنفيذها في ميدان التحرير التابع لقسم قصر النيل حين اعترض الطاعن المجني عليها وزوجها زاعماً أنه من أمناء الشرطة بقسم قصر النيل ومدعياً بأن المجني عليها من الساقطات إلى أن اصطحبهما بدعوى الاطلاع على وثيقة زواجهما إلى الجيزة حيث اكتملت وقائع هذه الجريمة، فإن الاختصاص بتحقيقها يكون قد انعقد لنيابة قصر النيل هي وجريمة هتك العرض التي ارتبطت بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ويكون منعى الطاعن لذلك في غير محله ولا تثريب على محكمة الموضوع إن هي التفتت عن الرد عليه طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وكان مؤدى قضاء محكمة الموضوع بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال شهود الإثبات هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، لما كان ذلك وكان من المقرر أيضاً أن للمحكمة أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه وأن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليها ودون أن تبين العلة في ذلك، وأنه لا يعيب الحكم تناقض أقوال الشاهد - بفرض حصوله - طالما قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعن في شأن رضاء المجني عليها وزوجها باصطحابه في سيارة أجرة لاطلاعه على وثيقة زواجهما أو دعوى التناقض في أقوال المجني عليها واختلاقها للواقعة وعدم عودتها إلى منزل الزوجية عقب الحادث، لا يعدو كل ذلك أن يكون دفاعاً موضوعياً مما لا تلتزم محكمة الموضوع بمتابعته في مناحيه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها المتهم على استقلال إذ الرد عليها يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي ساقها الحكم بما لا يجوز معه معاودة التصدي له والخوض فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك وكانت جريمة خطف الأنثى التي يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالتحيل والإكراه المنصوص عليها في المادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها، وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مرافقة الجاني لها أو باستعمال أي وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركني التحيل والإكراه والقصد الجنائي في هذه الجريمة مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب، ما دام استدلالها سليماً، وكان من المقرر أن الركن المادي في جريمة هتك العرض يتحقق بأي فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليها ويستطيل على جسمها ويخدش عاطفة الحياء عندها من هذه الناحية ولا يشترط لتوافره قانوناً أن يترك أثراً بجسمها كما أن القصد الجنائي يتحقق في هذه الجريمة بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل ونتيجته ولا عبرة بما يكون قد دفع الجاني إلى فعلته أو بالغرض الذي توخاه منه، ويكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليها وبغير رضائها ولا يلزم أن يتحدث عنه الحكم متى كان ما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. وهو الحال في الدعوى المطروحة - على ما سلف - بيانه - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله ويكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.