أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 205

جلسة 28 من فبراير سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحيم نافع وحسن غلاب ومحمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري.

(42)
الطعن رقم 5801 سنة 53 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم. موضوعي.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد الأخذ بأقوال شاهد؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
(2) سرقة بإكراه. حكم. "بياناته" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إكراه. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحدث الحكم عن ركن الإكراه في السرقة استقلالاً. غير لازم. ما دامت مدوناته تكشف عنه وعن وقوع السرقة ترتيباً عليه.
تحقق الإكراه في السرقة بكل وسيلة قسرية من شأنها تعطيل مقاومة المجني عليه. مثال.
(3) سرقة. سرقة بالإكراه. سلاح. جريمة. مسئولية جنائية. فاعل أصلي. شريك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم أن الطاعن اقترف جريمتين مع آخرين حالة كون أحدهم يحمل سلاحاً ما. كاف في بيان توافر ظرف حمل السلاح وتعدد الجناة.
حمل السلاح في السرقة مثل ظرف الإكراه. ظروف مادية عينية متصلة بالفعل الإجرامي يسري حكمهما على كل من أسهم في الجريمة الفاعل أو الشريك ولو لم يعلم بهذين الظرفين، ولو كان وقوعهما من بعضهم دون الباقين.
ظرف التعدد المنصوص عليه في المادة 316 عقوبات. تحققه طالما وقعت الجريمة من شخصين فأكثر.
(4) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة.
القانون لا يمنع من تولي محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جريمة واحدة. ما دام لا يوجد تعارض حقيقي بين مصالحهم.
1 - لما كان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها تلك الأدلة, واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم آخر. كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها, وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه للأدلة التي دان الطاعن على مقتضاها, فلا يعيبه من بعد - أن يقضي ببراءة المتهم الآخر استناداً إلى عدم اطمئنان المحكمة لأقوال شهود الإثبات في حقه للأسباب التي أوردها. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن في شأن القوة التدليلية لأقوال الشاهدين...... ولا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أن محكمة الموضوع لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاؤها - فإن في عدم تعرض المحكمة لما أدلى به الشاهد.... بمحضر الجلسة ما يفيد إطراحها له اطمئناناً منها لأدلة الثبوت التي أوردتها وعولت عليها في حكمها.
2 - لما كان لا يلزم أن يتحدث الحكم عن ركن الإكراه في السرقة استقلالاً ما دامت مدوناته تكشف عن توافر هذا الركن وترتب جريمة السرقة عليه, وكان الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة - وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن مساهمته بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها شل مقاومة المجني عليه أثناء ارتكاب السرقة فإنه يكون قد بين ظرف الإكراه والرابطة بينه وبين فعل السرقة.
3 - إن ما أثبته الحكم من أن الطاعن اقترف جريمته مع آخرين حالة كون أحدهم يحمل سلاحاً ما يكفي في بيان توافر ظرف حمل السلاح وتعدد الجناة - لما هو مقرر من أن حمل السلاح في السرقة مثل ظرف الإكراه هما من الظروف المادية العينية المتصلة بالفعل الإجرامي ويسري حكمها على كل من قارف الجريمة أو أسهم فيها فاعلاً كان أو شريكاً ولو لم يعلم بهذين الظرفين ولو كان وقوعهما من بعضهم دون الباقين. كما أنه يكفي لتوافر ظرف تعدد الجناة المنصوص عليه في المادة 316 من قانون العقوبات أن تقع السرقة من شخصين فأكثر, لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن من قالة القصور في بيان توافر أركان الجريمة التي دان الطاعن بها لا يكون له محل.
4 - لما كان الطاعن لا يدعي في أسباب طعنه بتعارض مصلحته مع مصلحة المتهم الآخر الذي قضي ببراءته وليس في مدونات الحكم ما يومئ إلى هذا التعارض وكان القانون لا يمنع من أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جريمة واحدة ما دامت ظروف الواقعة على نحو ما استخلصه الحكم - وكما هو الحال في الدعوى المطروحة - لا يؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم - وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المحامي الذي ترافع في الدعوى قد تناول أوجه الدفاع التي عنت له عن الطاعن وعن المتهم الآخر وطلب في ختام مرافعته القضاء ببراءتهما فإنه يكون قد حضر عنهما معاً، ولا تثريب من بعد أن سقط من محضر الجلسة إثبات ذلك، بما يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ولا محل له.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1) ..... (الطاعن) (2) .... بأنهما في ليلة.... سرقا وآخرين سبق الحكم عليهم ومجهولين كمية حديد البناء المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق، المملوكة للمجني عليه.... وذلك بطريق الإكراه الواقع عليه...... وذلك بأن كبلوه بالحبال وتمكنوا بذلك من شل مقاومته حالة كون المتهمين أكثر من ثلاثة أشخاص ويحملون أسلحة ظاهرة "مدية" المتهم الأول: .... سرق المبالغ والمستندات المبينة وصفاً وقدراً بالأوراق، والمملوكة لـ.... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن اشترك مع باقي المتهمين ومجهولين في شل مقاومته بأن كبلوه بالحبال واعتدوا عليه ضرباً محدثين إصابته المبينة بالتقرير الطبي المرفق وتمكن بتلك الوسيلة من الإكراه من سرقة المبلغ والمستندات سالفة الذكر.
وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للمواد 314، 316 من قانون العقوبات.
ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بمعاقبة أولاً: المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما أسند إليه.
ثانياً: ببراءة...... مما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة السرقة بالإكراه مع التعدد وحمل السلاح - فقد شابه التناقض والفساد في الاستدلال واعتراه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع, وذلك بأنه قد عول في إدانته على أقوال كل من الرائد..... والشاهد.... ولم يعمل أثر هذا الدليل في حق المتهم الآخر الذي قضي ببراءته, وتساند إلى أقوال كل من.... و...... مع أنها بما تضمنته لا تصلح دليلاً على ثبوت التهمة, كما التفت عما ذكره الشاهد.... بجلسة المحاكمة من أقوال تنتفي بها التهمة عن الطاعن. هذا إلى أنه لم يستظهر ظروف الإكراه والتعدد وحمل السلاح في الجريمة التي دان الطاعن بها - كذلك فقد خلا محضر الجلسة مما إذا كان المحامي الذي ترافع عنه في الدعوى قد مثله وحده أم ناب أيضاً عن المتهم الآخر المقضى ببراءته. وكل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بالإكراه مع التعدد وحمل السلاح - التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة كافية مستمدة من أقوال كل من..... و.... و.... وهي أدلة سائغة ولها موردها من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها تلك الأدلة, واطمئنانها إليها. بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم آخر. كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها, وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه للأدلة التي دان الطاعن على مقتضاها, فلا يعيبه من بعد - أن يقضي ببراءة المتهم الآخر استناداً إلى عدم اطمئنان المحكمة لأقوال شهود الإثبات في حقه للأسباب التي أوردها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن في شأن القوة التدليلية لأقوال الشاهدين..... و.... لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أن محكمة الموضوع لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاؤها - فإن في عدم تعرض المحكمة لما أدلى به الشاهد..... بمحضر الجلسة ما يفيد إطراحها له اطمئناناً منها لأدلة الثبوت التي أوردتها وعولت عليها في حكمها. لما كان ذلك كان لا يلزم أن يتحدث الحكم عن ركن الإكراه في السرقة استقلالاً ما دامت مدوناته تكشف عن توافر هذا الركن وترتب جريمة السرقة عليه, وكان الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة - وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن مساهمته بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها شل مقاومة المجني عليه أثناء ارتكاب السرقة فإنه يكون قد بين ظرف الإكراه والرابطة بينه وبين فعل السرقة كما أن ما أثبته الحكم من أن الطاعن اقترف جريمته مع آخرين حالة كون أحدهم يحمل سلاحاً ما يكفي في بيان توافر ظرف حمل السلاح وتعدد الجناة - لما هو مقرر من أن حمل السلاح في السرقة مثل ظرف الإكراه هما من الظروف المادية العينية المتصلة بالفعل الإجرامي ويسري حكمها على كل من قارف الجريمة أو أسهم فيها فاعلاً كان أو شريكاً ولو لم يعلم بهذين الظرفين ولو كان وقوعهما من بعضهم دون الباقين. كما أنه يكفي لتوافر ظرف تعدد الجناة المنصوص عليه في المادة 316 من قانون العقوبات أن تقع السرقة من شخصين فأكثر, لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن من قالة القصور في بيان توافر أركان الجريمة التي دان الطاعن بها لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان الطاعن لا يدعي في أسباب طعنه بتعارض مصلحته مع مصلحة المتهم الآخر الذي قضي ببراءته وليس في مدونات الحكم ما يومئ إلى هذا التعارض، وكان القانون لا يمنع من أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جريمة واحدة ما دامت ظروف الواقعة على نحو ما استخلصه الحكم - وكما هو الحال في الدعوى المطروحة - لا يؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم - وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المحامي الذي ترافع في الدعوى قد تناول أوجه الدفاع التي عنت له عن الطاعن وعن المتهم الآخر وطلب في ختام مرافعته القضاء ببراءتهما فإنه يكون قد حضر عنهما معاً ولا تثريب من بعد أن سقط من محضر الجلسة إثبات ذلك، بما يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ولا محل له. لما كان ذلك فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.