أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 52 - صـ 342

جلسة 20 من فبراير سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد شعلة، سيد الشيمي، عبد المنعم محمود ومدحت سعد الدين نواب رئيس المحكمة.

(70)
الطعن رقم 3370 لسنة 61 القضائية

(1 - 5) إثبات "طرق الإثبات: الأوراق العرفية، الإقرار". التزام. تنفيذ "تنفيذ الالتزام". ملكية. بطلان "بطلان التصرفات". محكمة الموضوع "سلطتها بشأن: فهم الواقع، تفسير الإقرارات والمحررات". تجزئة "تجزئة الإقرار". دعوى "دعوى صحة ونفاذ الإقرارات". عقد "بطلان التصرفات". تسجيل. شهر عقاري. نقض "أسباب الطعن: أسباب يخالطها واقع، الأسباب الموضوعية". حكم "عيوب التدليل: مخالفة الثابت بالأوراق، مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
(1) الإقرار بالملكية حُجة على المقر. شرطه. صدوره منه عن إرادة غير مشوبة بعيب. عدم أحقيته في التنصل مما ورد فيه بمحض إرادته إلا بمبرر قانوني. مؤداه. سريان أثره فيما بينه والمقر له. ليس للمقر الدفع باستحالة تنفيذ التزامه بنقل الملكية ولو تبين أن محل الإقرار كله أو بعضه مملوك للغير. علة ذلك. الإقرار بملكية ثابتة للغير تصرف قابل للإبطال لمصلحة المقر له وليس لمصلحة المقر. للمالك الحقيقي إقرار التصرف صراحة أو ضمناً. عدم نفاذه في حقه إذا لم يقره. النعي أمام محكمة النقض من المقر بوقوعه في غلط جوهري. عدم قبوله. علة ذلك. مخالطته واقعاً لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع.
(2) محكمة الموضوع. لها سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتفسير الإقرارات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها دون رقابة من محكمة النقض. شرطه. عدم خروجها في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر.
(3) محكمة الموضوع. لها إخضاع الإقرار غير القضائي لتقديرها قوته في الإثبات وتجزئته والأخذ ببعضه دون البعض الآخر. علة ذلك. خضوعه للقواعد العامة في الإثبات.
(4) تمسك الطاعن في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن إقراره بملكية المطعون ضده لجزء من عقار النزاع موصوف غير قابل للتجزئة التزم فيه الأخير بمسئوليته تضامنياً معه عن ديون ومستحقات العقار مما كان يوجب قبل الحكم بصحة ونفاذ الإقرار الاستيثاق من وفائه بهذا الالتزام. مواجهة الحكم المطعون فيه هذا الدفاع باستخلاص سائغ ليس فيه خروج عن المعنى الذي تحتمله عبارات الإقرار. النعي عليه بمخالفة الثابت بالأوراق. جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة محكمة النقض. أثره. عدم قبوله.
(5) الإقرار بالملكية في ورقة عرفية. لا تنتقل به الملكية ولا يصلح سنداً لرفع دعوى بتثبيت هذه الملكية. علة ذلك. عدم انتقالها في العقار إلا بالتسجيل وانطواء طلب الحكم بصحة ونفاذ الإقرار على التسليم بثبوت الملكية للمقر والرغبة في الحصول على حماية قضائية غايتها اطمئنان المقر له إلى عدم استطاعة المقر بعد الحكم بذلك المنازعة فيما أقر به. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر مُتْبِعاً قضاءه بصحة ونفاذ الإقرار موضوع النزاع باعتباره سنداً للملكية صالحاً للتسجيل والشهر. مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه.
1 - الإقرار بالملكية حجة على المقر طالما صدر منه عن إرادة غير مشوبة بعيب من عيوب الإرادة، فلا يحق له أن يتنصل مما ورد فيه بمحض إرادته إلا بمبرر قانوني، ومن ثم فإنه ينتج أثره فيما بينه والمقر له، وليس له أن يدفع باستحالة تنفيذ التزامه بنقل الملكية، ولو تبين أن محل الإقرار كله أو بعضه مملوك للغير، إذ الإقرار بملكية ثابتة للغير تصرف قابل للإبطال لمصلحة المقر له، وليس لمصلحة المقر، أما بالنسبة للمالك الحقيقي فيجوز له أن يقر التصرف صراحة أو ضمناً، فإذا لم يقره كان غير نافذ في حقه. والنعي - في شقه الثاني - ومبناه أن الطاعن (المقر) وقع في غلط جوهري - غير مقبول لمخالطته واقعاً لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة (محكمة النقض).... أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى، وتفسير الإقرارات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها دون رقابة لمحكمة النقض عليها، ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر.
3 - لها (محكمة الموضوع) أن تخضع الإقرار غير القضائي لتقديرها، وتقدير قوته في الإثبات، وتجزئته، والأخذ ببعضه دون البعض الآخر، إذ الأمر بشأنه متروك للقواعد العامة في الإثبات.
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد واجه دفاع الطاعن (دفاعه بأن إقراره موضوع النزاع بملكية المطعون ضده لربع العقار موصوف غير قابل للتجزئة التزم فيه الأخير بمسئوليته تضامنياً معه عن كافة الديون والمستحقات الخاصة بالعقار مما كان يوجب على محكمة الموضوع قبل الحكم بصحة ونفاذ الإقرار الاستيثاق من أن المطعون ضده أوفى بهذا الالتزام).... بأن ما جاء في الإقرار من "أنه في حالة تعلية العقار عن الدور الحالي يلزم الطرفان في حدود حق كل منهما بتكاليف البناء، وفي حالة عدم سداد المستأنف (المطعون ضده) تكاليف البناء، واضطرار المستأنف ضده (الطاعن) إلى سداده نيابة عنه، فإنها تكون ديناً على المستأنف - وهذا الشق ليس محل منازعة من المستأنف - فليس بالإقرار ما يدل على أن هناك ديناً في ذمة المستأنف يتعلق بالإقرار، إذ أن الإقرار تم تحريره في عام 1983 والدعوى تم رفعها في عام 1988، ولم يدع المستأنف عليه بوجود أية مديونية في ذمة المستأنف سواء قبل تحرير الإقرار أو بعده، إذ أنه ولو أنه لو كان دائناً له بشيء قبل الإقرار لما حرر هذا الإقرار ولو أنه مدين له بشيء بعد كتابة هذا الإقرار لتقدم به للمحكمة" وإذ كان هذا الذي استخلصه الحكم سائغاً، وليس فيه خروج عن المعنى الذي تحتمله عبارات الإقرار، فإن النعي (نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت بالأوراق) ينحل إلى مجرد جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة (محكمة النقض)، ومن ثم يكون غير مقبول.
5 - الإقرار بالملكية في ورقة عرفية لا تنتقل به الملكية، ولا يصلح سنداً لرفع دعوى بتثبيت هذه الملكية، لأنها لا تنتقل في العقار إلا بالتسجيل، ولما ينطوي عليه طلب الحكم بصحة ونفاذ الإقرار من التسليم بثبوت الملكية للمقر، والرغبة في الحصول على حماية قضائية غايتها أن يطمئن المقر له إلى أن المقر لا يستطيع - بعد الحكم بصحة الإقرار ونفاذه في حقه - أن ينازع فيما أقر به. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأَتْبَع قضاءه بصحة ونفاذ الإقرار موضوع النزاع باعتباره سنداً للملكية صالحاً للتسجيل والشهر، فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى.... لسنة.... مدني شمال القاهرة الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بصحة ونفاذ ما أقر به في 14/ 6/ 1983 من ملكيته لحصة شائعة مقدارها الربع في أرض وبناء العقار المبين في صحيفة الدعوى. ومحكمة أول درجة حكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة...... ق القاهرة. وبتاريخ 14/ 4/ 1991 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ الإقرار، واعتباره سنداً صالحاً للتسجيل والشهر. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الثاني وبالوجه الثاني من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه لا يملك في العقار محل الإقرار سوى حق الانتفاع، وبالتالي لا يملك الإقرار بملكية المطعون ضده لحصة فيه، وقدم تأييداً لذلك صورة لم يجحدها الأخير من الحكم الصادر في الدعوى..... لسنة..... كلي شمال القاهرة بصحة ونفاذ عقد شراء زوجه وأولاده للرقبة. الأمر الذي ينبئ عن أن إرادته كانت مشوبة بغلط جوهري يؤدي إلى بطلان الإقرار، ويجيز له الرجوع فيه، وإذ أطرح الحكم هذا الدفاع فإن ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه في شقه الأول مردود بأن الإقرار بالملكية حجة على المقر طالما صدر منه عن إرادة غير مشوبة بعيب من عيوب الإرادة، فلا يحق له أن يتنصل مما ورد فيه بمحض إرادته إلا بمبرر قانوني، ومن ثم فإنه ينتج أثره فيما بينه والمقر له، وليس له أن يدفع باستحالة تنفيذ التزامه بنقل الملكية، ولو تبين أن محل الإقرار كله أو بعضه مملوك للغير، إذ الإقرار بملكية ثابتة للغير تصرف قابل للإبطال لمصلحة المقر له، وليس لمصلحة المقر، أما بالنسبة للمالك الحقيقي فيجوز له أن يقر التصرف صراحة أو ضمناً، فإذا لم يقره كان غير نافذ في حقه. والنعي - في شقه الثاني - ومبناه أن الطاعن وقع في غلط جوهري - غير مقبول لمخالطته واقعاً لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث وبالوجه الثالث من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول بأن الإقرار موضوع النزاع إقرار موصوف غير قابل للتجزئة، إذ التزم فيه المطعون ضده بأن يكون مسئولاً عن كافة الديون والمستحقات الخاصة بالعقار بملكيته لربعه مسئولية تضامنية مع الطاعن مما كان يوجب على محكمة الموضوع - قبل الحكم بصحة ونفاذ الإقرار - الاستيثاق من أن المطعون ضده أوفي بهذا الالتزام. وإذ لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى، وتفسير الإقرارات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها دون رقابة لمحكمة النقض عليها، ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر، كما أن لها أن تخضع الإقرار غير القضائي لتقديرها، وتقدير قوته في الإثبات، وتجزئته، والأخذ ببعضه دون البعض الآخر، إذ الأمر بشأنه متروك للقواعد العامة في الإثبات، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد واجه دفاع الطاعن في هذا الصدد بأن ما جاء في الإقرار من "أنه في حالة تعلية العقار عن الدور الحالي يلزم الطرفان في حدود حق كل منهما بتكاليف البناء، وفي حالة عدم سداد المستأنف تكاليف البناء واضطرار المستأنف ضده إلى سداده نيابة عنه، فإنها تكون ديناً على المستأنف - وهذا الشق ليس محل منازعة من المستأنف - فليس بالإقرار ما يدل على أن هناك ديناً في ذمة المستأنف يتعلق بالإقرار، إذ أن الإقرار تم تحريره في عام 1983 والدعوى تم رفعها في عام 1988، ولم يدع المستأنف عليه بوجود أية مديونية في ذمة المستأنف سواء قبل تحرير الإقرار أو بعده، إذ أنه لو كان دائناً له بشيء قبل الإقرار لما حرر هذا الإقرار ولو أنه مدين له بشيء بعد كتابة هذا الإقرار لتقدم به للمحكمة" وإذ كان هذا الذي استخلصه الحكم سائغاً، وليس فيه خروج عن المعنى إلى تحتمله عبارات الإقرار، فإن النعي ينحل إلى مجرد جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ومن ثم يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول وبالوجه الأول من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم بعد أن قضى بصحة ونفاذ الإقرار المؤرخ 14/ 6/ 1983 اعتبره سنداً للملكية صالحاً للتسجيل والشهر، مع أن الإقرار ليس سبباً للملكية، وإنما هو مجرد دليل عليها، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد - ذلك أن الإقرار بالملكية في ورقة عرفية لا تنتقل به الملكية، ولا يصلح سنداً لرفع دعوى بتثبيت هذه الملكية، لأنها لا تنتقل في العقار إلا بالتسجيل، ولما ينطوي عليه طلب الحكم بصحة ونفاذ الإقرار من التسليم بثبوت الملكية للمقر، والرغبة في الحصول على حماية قضائية غايتها أن يطمئن المقر له إلى أن المقر لا يستطيع - بعد الحكم بصحة الإقرار ونفاذه في حقه - أن ينازع فيما أقر به. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأَتْبَع قضاءه بصحة ونفاذ الإقرار موضوع النزاع باعتباره سنداً للملكية صالحاً للتسجيل والشهر، فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ تطبيقه مما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص.