أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 213

جلسة 28 فبراير سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندي نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين: أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة، محمد عبد المنعم البنا ومحمد حسين لبيب، مقبل شاكر.

(44)
الطعن رقم 6727 لسنة 53 القضائية

(1) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". استئناف.
التفات المحكمة الاستئنافية عن طلب المستأنف سماع شهود لم يتمسك بسماعهم أمام محكمة أول درجة. لا إخلال بحق الدفاع. أساس ذلك؟
(2) مرور. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه - طالما كان له مأخذه الصحيح من الأوراق. لها وزن أقوال الشهود وتقديرها. المجادلة في ذلك أمام النقض غير مقبولة.
(3) قانون "سريانه من حيث الزمان". القانون الأصلح. مرور.
قاعدة شرعية الجريمة والعقاب في القانون الجنائي؟ الأصل هو أن يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها. إعمال القانون الأصلح استثناء من الأصل العام. وجوب الأخذ في تفسيره بالتضييق. المادة 5/ 1، 2 عقوبات.
عقاب المتهم بالحبس لمدة ثلاثة أشهر وتغريمه خمسون جنيهاً عن تهمة الامتناع عن توصيل راكب عملاً بالقانون 210 لسنة 1980 المعدل - بالرغم من أن القانون رقم 66 لسنة 1973 والذي حدثت الواقعة في ظله قد جعل الحد الأقصى للغرامة خمسة وعشرين جنيهاً. خطأ في تطبيق القانون.
(4) نقض. الحكم في الطعن "حالات الطعن". قانون "تفسيره".
تصحيح الحكم دون نقضه في حالة الخطأ في تطبيق القانون. المادة 39 من القانون 57 لسنة 1959.
1 - لما كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعن لم يطلب سماع شاهد الإثبات وكان من المقرر أن نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 لسنة 1957 يخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك - يستوي في هذا الشأن أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه - وأن محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه ولا تلتزم بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم وكان المدافع عن الطاعن وأن أبدى طلب سماع أقوال الشاهد أمام المحكمة الاستئنافية فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسبق سكوت المتهم عن التمسك به أمام محكمة أول درجة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
2 - لما كان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت كل الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم على أقوال شاهد الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - لما كان مقتضى قاعدة شرعية الجريمة والعقاب أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه وهي ما تقننه الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات بنصها على أن "يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها" وكان الثابت من الأوراق أن التهمة التي أسندت إلى الطاعن هي أنه في يوم 13/ 8/ 1980 امتنع عن توصيل أحد المواطنين دون مبرر ودانته المحكمة بمواد الاتهام 1، 2، 3، 4، 70/ 1، 75/ 8، 79 من القانون رقم 210 لسنة 1980 وكان هذا القانون الذي عمل به من تاريخ نشره في 28 من أكتوبر سنة 1980 قد عدل نص المادتين 70، 75 من القانون رقم 66 لسنة 1973 بإصدار قانون المرور بحيث أصبحت العقوبة المقررة لكل سائق سيارة أجرة امتنع بغير مبرر عن نقل الركاب هي الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين بينما كانت العقوبة المقررة لهذه الجريمة بمقتضى المادتين 70، 75 من القانون رقم 66 لسنة 1973 - المعمول به في تاريخ الواقعة المسندة إلى الطاعن وقبل تعديله على النحو السالف بيانه - هي الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على خمسة وعشرين جنيهاً أو إحدى هاتين العقوبتين ومن ثم فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه تطبيق نص المادتين 70, 75 من القانون رقم 66 لسنة 1973 قبل تعديله أما وأنه لم يفعل ودان الطاعن بمقتضى التعديل الذي نص عليه القانون رقم 210 لسنة 1980 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
4 - لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون فإنه يتعين عملاً بالمادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون 57 لسنة 1959 أن تصحح هذه المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون بجعل عقوبة الغرامة المقضى بها خمسة وعشرين جنيهاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: امتنع عن توصيل أحد المواطنين دون مبرر. وطلبت معاقبته بالمواد 1، 2، 3، 4، 70/ 1 و75/ 8، 79 من القانون رقم 210 لسنة 1980.
ومحكمة مرور القاهرة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات وغرامة مائة جنيه ووقف رخصة القيادة لمدة سنة.
فاستأنف، ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهراً مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ..... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الامتناع دون مبرر عن نقل راكب قد انطوى على بطلان في الإجراءات وإخلال بحق الدفاع وشابه قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه لم يجب الطاعن إلى طلب سماع شاهد الإثبات الذي عول في إدانته على شهادته وحدها دون أن يساندها دليل آخر وهي لا تنهض على أنه قائد السيارة الأجرة المعني بالاتهام، كما أن الحكم دانه بمقتضى القانون رقم 210 لسنة 1980 رغم أن الواقعة المنسوبة إليه سابقة على تاريخ العمل بهذا القانون في 28 من أكتوبر سنة 1980 مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الامتناع بغير مبرر عن نقل الركاب التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال المجني عليه بمحضر الشرطة.
لما كان ذلك وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعن لم يطلب سماع شاهد الإثبات وكان من المقرر أن نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 113 لسنة 1957 يخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك - يستوي في هذا الشأن أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه - وأن محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه ولا تلتزم بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم وكان المدافع عن الطاعن وإن أبدى طلب سماع أقوال الشاهد أمام المحكمة الاستئنافية فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسبق سكوت المتهم عن التمسك به أمام محكمة أول درجة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت كل الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم على أقوال شاهد الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض لما كان ذلك وكان مقتضى قاعدة شرعية الجريمة والعقاب أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه وهي ما تقننه الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات بنصها على أن "يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها" وكان الثابت من الأوراق أن التهمة التي أسندت إلى الطاعن هي أنه امتنع عن توصيل أحد المواطنين دون مبرر ودانته المحكمة بمواد الاتهام 1، 2، 3، 4، 70/ 1، 75/ 8، 79 من القانون رقم 210 لسنة 1980 وكان هذا القانون الذي عمل به من تاريخ نشره في 28 من أكتوبر سنة 1980 قد عدل نص المادتين 70، 75 من القانون رقم 66 لسنة 1973 بإصدار قانون المرور بحيث أصبحت العقوبة المقررة لكل سائق أجرة امتنع بغير مبرر عن نقل الركاب هي الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين بينما كانت العقوبة المقررة لهذه الجريمة بمقتضى المادتين 70، 75 من القانون رقم 66 لسنة 1973 - المعمول به في تاريخ الواقعة المسندة إلى الطاعن وقبل تعديله على النحو السالف بيانه - هي الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن عشر جنيهات ولا تزيد على خمسة وعشرين جنيهاً أو إحدى هاتين العقوبتين ومن ثم فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه تطبيق نص المادتين 70, 75 من القانون رقم 66 لسنة 1973 قبل تعديله أما وأنه لم يفعل ودان الطاعن بمقتضى التعديل الذي نص عليه القانون رقم 210 لسنة 1980 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك وكان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون فإنه يتعين عملاً بالمادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون 57 لسنة 1959 أن تصحح هذه المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون بجعل عقوبة الغرامة المقضى بها خمسة وعشرين جنيهاً.