أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 52 - صـ 353

جلسة 20 من فبراير سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد شعلة، عبد الباسط أبو سريع، عبد المنعم محمود نواب رئيس المحكمة وعز العرب عبد الصبور.

(72)
الطعن رقم 5452 لسنة 63 القضائية

(1 - 3) دعوى "المستندات فيها" "الدفاع الجوهري". محكمة الموضوع "سلطتها بشأن: المستندات في الدعوى، الدفاع الجوهري". استئناف. بطلان "بطلان الأحكام". حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً" "بطلان الحكم".
(1) إغفال الحكم بحث دفاع الخصم. أثره. بطلانه. شرطه. أن يكون الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها الحكم.
(2) تقديم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات من شأنها التأثير في الدعوى مع تمسكه بدلالتها. التفات الحكم عنها كلها أو بعضها أو إطراحه دلالتها المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن يبين في أسبابه ما يُبرر ذلك. قصور.
(3) تمسك الطاعن لأول مرة في صحيفة استئنافه بأنه يضع يده على أطيان النزاع باعتباره مستأجراً لها بعقود إيجار مودعة لدى الجمعية التعاونية الزراعية وبأنه يسدد الأجرة المستحقة عنها مؤيداً دفاعه بمستندات طرحها على محكمة الدرجة الثانية لأول مرة وبعد إيداع الخبير المندوب من محكمة أول درجة تقريره. دفاع جوهري. التفات المحكمة عن تلك المستندات وعدم عنايتها بتمحيص هذا الدفاع في ضوء ما يكون لها من دلالة مؤثرة ومواجهة الحكم له بما لا يصلح رداً عليه على سند من أن الطاعن لم يقدم جديداً يستحق الرد عليه بأكثر مما جاء بتقرير الخبرة السالف وأسباب الحكم الابتدائي. قصور مبطل.
(4، 5) دعوى "من شروط قبولها: المصلحة". نقض "من شروط قبول الطعن: المصلحة" "من أسباب الطعن: السبب غير المنتج". إيجار. إصلاح زراعي.
(4) قبول الخصومة أمام القضاء. مناطه. المصلحة القائمة التي يقرها القانون. ماهيتها. أن تعود على المدعي منفعة من الحكم على المدعى عليه بالطلب المطروح في الدعوى. م 3 مرافعات. سريان ذلك على الطعن بالنقض. مؤداه. تخلف شرط المصلحة أو كونها مصلحة نظرية بحته. أثره. صيرورة النعي على الحكم غير منتج. عدم قبوله.
(5) تخطئة الطاعن الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزامه بتسليم المطعون ضدهم الأطيان الزراعية المؤجرة له حين أن الحكم حقق غرض الشارع بتسليمها لمالكيها طبقاً لما جاء في الفقرة الأولى من المادة 33 مكرراً (ز) ق 96 لسنة 1992 بتعديل بعض أحكام المرسوم بق 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي. نعي لا يحقق له سوى مصلحة نظرية صِرْف. عَدم الاعتداد بها أياً كان وجه الرأي فيه.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - إن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراًَ في النتيجة التي انتهى إليها.
2 - متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات من شأنها التأثير في الدعوى، وتمسك بدلالتها، فالتفت الحكم عنها كلها أو بعضها، أو أطرح دلالتها المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن يبين في أسبابه ما يبرر هذا الإطراح، فإنه يكون مشوباً بالقصور.
3 - إذ كان الثابت في الأوراق - وحصله الحكم المطعون فيه - أن الطاعن تمسك في صحيفة استئنافه وأمام محكمة الدرجة الثانية بدفاعه الوارد في سبب الطعن (دفاعه بأنه يضع يده على أطيان النزاع باعتباره مستأجراً لها بموجب عقود إيجار مودعة لدى الجمعية التعاونية الزراعية، وبأنه يقوم بسداد الأجرة المستحقة عنها)، وشفعة بحافظة مستندات أوردت المحكمة محتوياتها تفصيلاً في مدونات حكمها، وأن الحكم واجه ذلك الدفاع الجوهري بما لا يصلح رداً عليه، إذ أقام قضاءه (قضاؤه بتأييد الحكم الابتدائي الصادر بإلزام الطاعن بالريع مع التسليم) على أن الطاعن لم يقدم جديداً يستحق الرد عليه بأكثر مما جاء بتقرير الخبير المندوب من محكمة أول درجة، ومما أورده الحكم الابتدائي من أسباب، وذلك على الرغم مما هو ثابت في الأوراق من أن الطاعن قدم لمحكمة الاستئناف: (1) صورة من عقد الإيجار المبرم بينه وبين والده في.... (2) صورة إقرار مؤرخ.... منسوب صدوره إلى المطعون ضدها الرابعة وآخرين بأن أعيان النزاع مؤجرة للطاعن من والده، وأنهم يتنازلون عن قيمتها الإيجارية للأخير مدى حياته (3) إيصالاً مؤرخاً.... يفيد استلام المؤجر المذكور مبلغ.... من الطاعن (4) إيصالاً مؤرخاً.... منسوب صدوره إلى المطعون ضدها الثالثة عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها الطاعنين الأول والثاني - يفيد استلامها أجرة السنة الزراعية... من الطاعن، وإقرارها بأن نصيبها وولديها المشمولين بوصايتها من الأرض المخلفة عن مورثهم مؤجرة له. وإذ كانت هذه المستندات قد طرحت على محكمة الدرجة الثانية لأول مرة، وبعد أن أودع الخبير المندوب من محكمة أول درجة تقريره، فالتفت عنها المحكمة، ولم تعن بتمحيص دفاع الطاعن في ضوء ما قد يكون لها من دلالة مؤثرة في النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه فإنه يكون مشوباً بقصور يبطله.
4 - إذ كان المناط في قبول الخصومة أمام القضاء أن تعود على المدعي منفعة من الحكم على المدعي عليه بالطلب المطروح في الدعوى، وهو ما وصفته المادة الثالثة من قانون المرافعات بأنه المصلحة القائمة التي يقرها القانون، وكان الطعن بالنقض لا يخرج عن هذا الأصل العام، فإن تخلف شرط المصلحة أو كونها مصلحة نظرية بحته - لا يجني الطاعن من ورائها منفعة، أو فائدة يقرها القانون - يصبح معه النعي على الحكم غير منتج، ومن ثم غير مقبول.
5 - إذ كانت الفقرة الأولى من المادة 33 مكرراً (ز) من القانون رقم 96 لسنة 1992 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي تنص على أن "تنتهي عقود إيجار الأراضي الزراعية نقداً أو مزارعة السارية وقت العمل بأحكام هذا القانون بانتهاء السنة الزراعية 1996 - 1997 ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك فإنه لا يجدي الطاعن تخطئة الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزامه بتسليم المطعون ضدهم الأطيان الزراعية المؤجرة له، إذ لا يحقق له النعي في هذا الصدد - وأياً كان وجه الرأي فيه - سوى مصلحة نظرية صرف لا يعتد بها بعد أن حقق الحكم غرض الشارع بتسليم تلك الأعيان لمالكيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى.... لسنة.... مدني الزقازيق الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع إليهم مبلغ سبعة آلاف جنيه قيمة ريع مساحة فدانين قالوا إنها مملوكة لهم، وأن الطاعن وضع يده عليها بطريق الغصب في المدة من عام 1978 حتى 1989، وبتسليمهم هذه الأرض. ندبت محكمة أول درجة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره، حكمت بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدهم قيمة الريع الذي قدرته وبالتسليم. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة..... ق المنصورة (مأمورية الزقازيق). وبتاريخ 14/ 4/ 1993 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه، القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه يضع يده على أطيان النزاع باعتباره مستأجراً لها بموجب عقود إيجار مودعة لدى الجمعية التعاونية الزراعية، ويقوم بسداد الأجرة المستحقة عنها، وقدم بجلسة 16/ 2/ 1993 تأييداً لدفاعه حافظة مستندات احتوت على تلك العقود، وثلاث بطاقات زراعية، وما يفيد قبض الأجرة إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع الجوهري، الذي أبدى لأول مرة أمام محكمة الدرجة الثانية مكتفياً بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه، الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراًَ في النتيجة التي انتهى إليها، وأنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات من شأنها التأثير في الدعوى، وتمسك بدلالتها، فالتفت الحكم عنها كلها أو بعضها، أو أطرح دلالتها المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن يبين في أسبابه ما يبرر هذا الإطراح، فإنه يكون مشوباً بالقصور. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق - وحصله الحكم المطعون فيه - أن الطاعن تمسك في صحيفة استئنافه وأمام محكمة الدرجة الثانية بدفاعه الوارد في سبب الطعن، وشفعه بحافظة مستندات أوردت المحكمة محتوياتها تفصيلاً في مدونات حكمها، وأن الحكم واجه ذلك الدفاع الجوهري بما لا يصلح رداً عليه، إذ أقام قضاءه على أن الطاعن لم يقدم جديداً يستحق الرد عليه بأكثر مما جاء بتقرير الخبير المندوب من محكمة أول درجة، ومما أورده الحكم الابتدائي من أسباب، وذلك على الرغم مما هو ثابت في الأوراق من أن الطاعن قدم لمحكمة الاستئناف: (1) صورة من عقد الإيجار المبرم بينه وبين والده في 13/ 3/ 1977 (2) صورة إقرار مؤرخ 28/ 5/ 1979 منسوب صدوره إلى المطعون ضدها الرابعة وآخرين بأن أعيان النزاع مؤجرة للطاعن من والده، وأنهم يتنازلون عن قيمتها الإيجارية للأخير مدى حياته (3) إيصالاً مؤرخاً 3/ 7/ 1979 يفيد استلام المؤجر المذكور مبلغ 120 جنيهاً من الطاعن (4) إيصالاً مؤرخاً 30/ 11/ 1978 منسوب صدوره إلى المطعون ضدها الثالثة عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها الطاعنين الأول والثاني - يفيد استلامها أجرة السنة الزراعية 1978/ 1979 من الطاعن، وإقرارها بأن نصيبها وولديها المشمولين بوصايتها من الأرض المخلفة عن مورثهم مؤجرة له - وإذ كانت هذه المستندات قد طرحت على محكمة الدرجة الثانية لأول مرة، وبعد أن أودع الخبير المندوب من محكمة أول درجة تقريره، فالتفتت عنها المحكمة، ولم تعن بتمحيص دفاع الطاعن في ضوء ما قد يكون لها من دلالة مؤثرة في النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه فإنه يكون مشوباً بقصور يبطله، ويوجب نقضه نقضاً جزئياً فيما قضى به من ريع عن الغصب المدعي به.
وحيث إنه لما كان المناط في قبول الخصومة أمام القضاء أن تعود على المدعي منفعة من الحكم على المدعى عليه بالطلب المطروح في الدعوى، وهو ما وصفته المادة الثالثة من قانون المرافعات بأنه المصلحة القائمة التي يقرها القانون، وكان الطعن بالنقض لا يخرج عن هذا الأصل العام، فإن تخلف شرط المصلحة أو كونها مصلحة نظرية بحتة - لا يجني الطاعن من ورائها منفعة، أو فائدة يقرها القانون - يصبح معه النعي على الحكم غير منتج، ومن ثم غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة 33 مكرراً (ز) من القانون رقم 96 لسنة 1992 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي تنص على أن "تنتهي عقود إيجار الأراضي الزراعية نقداً أو مزارعة السارية وقت العمل بأحكام هذا القانون بانتهاء السنة الزراعية 1996 - 1997 ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك" فإنه لا يجدي الطاعن تخطئة الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزامه بتسليم المطعون ضدهم الأطيان الزراعية المؤجرة له، إذ لا يحقق له النعي في هذا الصدد - وأياً كان وجه الرأي فيه - سوى مصلحة نظرية صرف لا يعتد بها بعد أن حقق الحكم غرض الشارع بتسليم تلك الأعيان لمالكيها.