أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 179

جلسة 4 من فبراير سنة 1980

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: شرف الدين خيري، وفوزي المملوك، وفوزي أسعد، وهاشم قراعة.ض

(36)
الطعن رقم 1546 لسنة 49 القضائية

(1) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". جريمة. "أركانها". حريق حكم الإدانة. بياناته؟ مثال لتسبيب معيب في جريمة حريق بإهمال.
(2) جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". رابطة السببية.
سلامة الحكم بالإدانة في الجرائم غير العمدية. مشروط ببيان ركن الخطأ والتدليل عليه. مثال. لتسبيب معيب.
1 - أوجب قانون الإجراءات في المادة 310 منه في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً.
2 - من المقرر أن الخطأ في الجرائم غير العمدية هو الركن المميز لهذه الجرائم ويجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة الحريق بإهمال أن يبين فضلاً عن مؤدى الأدلة التي اعتمد عليها في ثبوت الواقعة عنصر الخطأ المرتكب وأن يورد الدليل عليه مردوداً إلى أصل ثابت في الأوراق، وكان ما أورده الحكم في مدوناته لا يبين فيه عناصر الخطأ الذي وقع من الطاعن وكيف أنه كان سبباً في حدوث الحريق فإن الحكم يكون قاصراً قصوراً يعيبه ويوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: تسبب بإهماله في حدوث حريق بالرافعتين 42 و94 المملوكتين للهيئة العامة لمياه الشرب (مرفق مياه قنا - سفاجا) وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه بأن لم يقوم بتنظيف أرضية الرافعتين من الزيوت والشحومات والسولار وألقى جسماً مشتعلاً دون احتراس منه عليها مما أدى إلى حدوث الحريق بالرافعتين المذكورتين. وطلبت عقابه بالمادة 360 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح سفاجا قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهم عشرة جنيهات. عارض وقضي بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. ومحكمة قنا الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الحريق بإهمال قد شابه قصور في التسبيب، ذلك أن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه بالحكم الاستئنافي لم يورد مؤدى محضر ضبط الواقعة وعول في إدانة الطاعن على ما جاء بتقارير اللجان الفنية في شأن سبب الحريق دون بيان مضمونها ووجه استناده إليها فضلاً عن أنه لم يقم الدليل على توافر الخطأ في جانبه مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى والأدلة على ثبوتها في حق الطاعن في قوله: إن الواقعة تخلص في أنه بتاريخ 14/ 5/ 1974 نشب حريق بالرافعة 42 كما نشب حريق آخر بتاريخ 5/ 6/ 1974 بالرافعة رقم 94 بنفس الطريقة. وجاء بتقرير اللجان الفنية التي شكلت لبحث سبب الحريق في الحالتين أن سبب اشتعال الحريق فيهما يرجع إلى إلقاء عود ثقاب مشتعل على الأرض الملوثة بشحومات وزيوت عقب إشعال سيجارة وأن الحريق ليس بسبب الدائرة الكهربائية وأن الماكينتين كانتا في حالة توقف عن العمل، وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهم مما جاء بمحضر ضبط الواقعة والذي تأيد بتقرير اللجنة الفنية المشكلة لبيان سبب الحريق ومن عدم حضور المتهم ليدفع التهمة عن نفسه بدفاع، ومن ثم يتعين الحكم بإدانته عملاً بمادة الاتهام.
لما كان ذلك، وكان الحكم قد اكتفى في بيان الدليل بالإحالة إلى محضر ضبط الواقعة دون أن يورد مضمونه أو يبين وجه استدلاله بها جاء بتقرير اللجان الفنية على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية كافة، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 310 منه في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الجرائم غير العمدية هو الركن المميز لهذه الجرائم ويجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة الحريق بإهمال أن يبين - فضلاً عن مؤدى الأدلة التي اعتمد عليها في ثبوت الواقعة - عنصر الخطأ المرتكب وأن يورد الدليل عليه مردوداً إلى أصل ثابت في الأوراق. وكان ما أورده الحكم في مدوناته لا يبين منه عناصر الخطأ الذي وقع من الطاعن وكيف أنه كان سبباً في حدوث الحريق فإن الحكم يكون قاصراً قصوراً يعيبه ويوجب نقضه والإحالة.