أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 246

جلسة 17 من فبراير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار أحمد فؤاد جنينة نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد حلمي راغب، وجمال منصور؛ وأحمد محمود هيكل، ومحمد محمود عمر.

(48)
الطعن رقم 1532 لسنة 49 القضائية

(1) إثبات "اعتراف". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تسمية الحكم الإقرار اعترافاً. لا يعيبه. ما دام لم يرتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف.
(2) مسئولية جنائية "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب. ظروف مخففة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر الظروف المخففة". ضرب "ضرب أحدث عاهة".
الجنون أو عاهة العقل دون غيرهما هما مناط الإعفاء من العقاب عملاً بالمادة 62 عقوبات.
الحالة النفسية والعصبية تعد من الأعذار القضائية المخففة التي يرجع الأمر فيها لتقدير محكمة الموضوع دون معقب.
(3) رابطة السببية. ضرب "ضرب أحدث عاهة". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
توافر رابطة السببية بين الخطأ وحصول العاهة. شرط للحكم بالإدانة. مثال.
1 - إذ كان خطأ الحكم في تسمية إقرار الطاعن بجلسة المحاكمة اعترافاً لا يقدح في سلامة الحكم طالما أن الإقرار قد تضمن من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى وما دامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف فإن ما يثيره الطاعن بقالة الخطأ في الإسناد لا يكون له محل.
2 - متى كان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرها وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جريمته تحت تأثير ما كان يعانيه من حالة نفسية وعصبية فإن دفاعه على هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقروناً بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم رده على هذا الدفاع.
3 - متى كان الحكم قد نقل عن التقرير الطبي الشرعي وصف إصابات المجني عليه بيديه وأنه تخلف لديه بسببها عاهتان مستديمتان الأولى بيده اليمنى وهي إعاقة بنهاية حركة ثني معصمها للأمام والثانية بيده اليسرى تجعل الإصبعين الوسطى والبنصر في حالة ثني جزئي مما تعجزه عن أعماله بنحو 15% - فإنه يكون بذلك قد دلل على توافر رابطة السببية بين خطأ الطاعن وحصول العاهتين مما ينفي عنه قالة القصور في التسبيب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب....... فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائهما عاهتان مستديمتان يستحيل برؤهما هما إعاقة في نهاية حركة ثني معصم اليد اليمنى وحركة وضعه للخلف وإعاقة في نهاية بسط الإصبعين الوسطى والبنصر لليد اليسرى مما يقلل من كفاءته للعمل بنحو 15 في المائة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالحبس مع الشغل لمدة سنتين. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهتين مستديمتين قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد وشابه قصور في التسبيب ذلك أنه عول في إدانته على ما أسند إليه من اعتراف في حين أن إقراره بجلسة المحاكمة لا يعد اعترافاً لعدم استجوابه تفصيلاً ولم يعن الحكم بالرد على ما أثاره المدافع عنه بجلسة المحاكمة من أنه مصاب بمرض عصبي تنتفي معه مسئوليته كما لم يستظهر رابطة السببية بين فعل الضرب وتخلف العاهتين بالمجني عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مجمله أنه بينما كان المجني عليه - وهو مفتش بوزارة التربية والتعليم - يقوم بمراقبة الطلبة أثناء تأديتهم الامتحان لاحظ أن الطاعن يجلس بحالة تنبئ عن رغبته في الغش ولما نهوه أخرج من طيات ملابسه سكيناً اعتدى بها عليه فأصابه في يديه بعدة إصابات تخلف عنها عاهتان مستديمتان. وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من شهادة المجني عليه وشهوده ومن إقرار الطاعن تفصيلاً بتحقيقات النيابة وبالجلسة وما ورد بالتقرير الطبي الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن سئل عن التهمة المسندة إليه فأقر بها مبدياً أسفه لما بدر منه وتناول الدفاع عنه هذا الاعتراف في مرافعته فأقره ملتمساً في ختامها استعمال الرأفة معه مراعاة لظروفه ولصغر سنه، لما كان ذلك وكان خطأ الحكم في تسمية إقرار الطاعن بجلسة المحاكمة اعترافاً لا يقدح في سلامة الحكم طالما أن الإقرار قد تضمن من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى وما دامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف فإن ما يثيره الطاعن بقالة الخطأ في الإسناد لا يكون له محل - لما كان ذلك وكان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرها وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جريمته تحت تأثير ما كان يعانيه من حالة نفسية وعصبية فإن دفاعه على هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقروناً بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم رده على هذا الدفاع. لما كان ذلك وكان الحكم قد نقل عن التقرير الطبي الشرعي وصف إصابات المجني عليه بيديه وأنه تخلف لديه بسببها عاهتان مستديمتان الأولى بيده اليمنى وهي إعاقة بنهاية حركة ثني معصمها للأمام والثانية بيده اليسرى تجعل الإصبعين الوسطى والبنصر في حالة ثني جزئي مما تعجزه عن أعماله بنحو 15% - فإنه يكون بذلك قد دلل على توافر رابطة السببية بين خطأ الطاعن وحصول العاهتين مما ينفي عنه قالة القصور في التسبيب. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.